الحكومة اللبنانية والانسدادات المتفاقمة!

الحكومة اللبنانية والانسدادات المتفاقمة!


07/11/2021

رضوان السيد

عاد رئيس الحكومة اللبنانية من مؤتمر المناخ الدولي باسكتلندا بدعمٍ لفظيٍ من المشاركين الدوليين وبعض العرب الحاضرين. لكنه عندما عاد ما كان الموقف قد تغير قيد أنملة.

فهناك مقاطعة أربع دولٍ خليجية للبنان على رأسها المملكة العربية السعودية. وهناك الأزمات الثلاث المتراكمة على كاهلي ميقاتي الشامخين: أزمة القاضي العدلي في جريمة المرفأ والذي يطالب الثنائي الشيعي بعزله ومن أجله عطّل اجتماعات الحكومة. والتحقيق في أحداث الطيونة- عين الرمانة والتي سقط فيها سبعة قتلى، والافتراق حول التحقيقات يتزايد.

والأزمة الثالثة التي فجرتها تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، والتي استولدت سخطاً خليجياً متزايداً، والوزير العظيم مصرّ على عدم الاستقالة، وفي كل يومٍ بل ساعة يزداد تأييد «حزب الله» له ومنعه من الاستقالة التي لا يريدها هو على أي حال!  

  الرئيس ميقاتي بعد عودته واجتماعه برئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، ألقى خطاب تظلُّمٍ عالي النبرة: الحكومة لا علاقة لها بعزل القاضي أو تثبيته، فلماذا يجري تعطيلها؟ والوزير «المتحوث» لا يراعي الضمير والمصلحة الوطنية ويستقيل، والعمل الحكومي معطَّل لتعذر اجتماع مجلس الوزراء.  

  بيد أنّ السخط هذا ليس ديدن ميقاتي فقط، بل وديدن الحزب المسلَّح أيضاً. فقد خطب زعيم الحزب ثلاث مرات خلال أسبوعين مطالباً بإقصاء القاضي العدلي دونما فائدة. الحزب (الذي عنده مائة ألف مقاتل في لبنان فقط) لا يستطيع عزل قاضٍ، بينما يخضع لسطوته السوريون والعراقيون واليمنيون.. واللبنانيون: فما العمل؟

    ميقاتي لا يستطيع الاستمرار إلاّ إذا استقال القرداحي.

لكنْ حتى لو استقال القرداحي فإنّ مجلس الوزراء لن ينعقد لأنّ الحزب المسلَّح مُصرٌّ على «قلع» البيطار الذي لا يصغي ولا يرعوي!

    ينصحه زملاؤه من وجهاء السنّة بالاستقالة للخروج من الاستضعاف. وهو إذا استقال فقد «يعطف» عليه الخارج. ثم إنه حتى لو استقال سيبقى رئيساً لحكومة تصريف أعمال، ويظل قادراً على العمل عند الضرورة أو في ظروف الاستثناء.

بينما يقول له آخرون، ومنهم وزير الخارجية الذي ظهر أنه يكاد يكون أسوأ من القرداحي، إنّ عليه أن لا يأبه لسخط العرب ويبقى في منصبه. وهو يخشى هذا المصير أيضاً، لأنّ الإجراءات الخليجية قد تتصاعد فتستحيل الحياة على اللبنانيين الذين يكاد فقراؤهم يموتون جوعاً الآن. ثلثا مصالح اللبنانيين مرتبطة بدول الخليج.

لكنّ الحزب المسلَّح مرتبط بإيران، ويفضّل أن لا تكون للبنان علاقات بالخليج ولا بالعرب!     والطريف أنّ الحزب المسلَّح يتحدث عن الاستقلال والسيادة ويعتبر استقالة القرداحي مساساً بهما! أما تبعيته لإيران فلا يعتبرها مخلّةً بالاستقلال ولا بالسيادة.

ومن هو رمز السيادة؟ القرداحي الذي ما كان أحدٌ يراه في العير ولا في النفير حتى وزّره ميقاتي؟     تركيبة ميقاتي الوزارية ليس فيها عجيبة قرداحي فقط، بل فيها أيضاً عجائب وغرائب أُخرى مثل وزير الخارجية ووزير الطاقة ووزير الاقتصاد.. إلخ.

وهكذا فحكومته اليوم مثل حكومته عام 2011 والتي سمّيناها وقتها: حكومة اللون الواحد!     لا أدري كيف يحرص الفرنسيون والأميركيون على حكومةٍ كهذه، وكيف ستذهب لصندوق النقد الدولي وتجري الإصلاحات المطلوبة وهي لا تستطيع الاجتماع، ولا تملك أقلّ الصلاحيات التي يعطيها إياها الدستور، ويأباها عليها وعلى رئيسها الحزب ووزراؤه!     من الذي يعلّق الجرس؟ كان الوسطاء في أزمات لبنان دائماً من العرب، لكنّ العرب الآن هم الساخطون لاستمرار العدوان عليهم. فمن أين يأتي المخرج؟

عن "الاتحاد" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية