الخميني وزواج المتعة مع الغرب

الخميني وزواج المتعة مع الغرب


28/04/2020

كانت أوضاع إيران الاقتصادية والسياسية، تمرّ في اسوأ حالاتها خلال حقبة الستينيات والسبعينيات، في عهد الشاه محمد رضا بهلوي؛ حيث بلغ التضخم درجة مرتفعة أدّت إلى حدوث فجوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء، نتج عنها تذمر متسارع من كافة طبقات وشرائح المجتمع الإيراني، كما كان لتغول جهاز السافاك (المخابرات الإيرانية) على الشعب الإيراني، وقمعه لمعارضين الشاه بعنف لا مثيل له، الأثر الكبير في رفع منسوب الكراهية لنظام الشاه عند الإيرانيين.

نجح الخميني وبدعم الغرب في اختطاف ثورة الشعب لصالح مشروعه الإسلاموي الذي ماثل مشروع جماعة الإخوان

وقد تصدّرت المشهد السياسي آنذاك بعض القوى الحزبية الفاعلة التي قادت الحراك الجماهيري للشعب الإيراني، وكان في طليعتها: حزب "توده" الشيوعي الذي تأسس عام 1941، وحركة "مجاهدي خلق" اليسارية التي تأسست عام 1965؛ حيث كان لهذين الحزبين نفوذ كبير في صفوف مثقفي إيران، وأبناء الطبقة الوسطى؛ حيث ساهما في إنجاح الثورة الإيرانية التي اختطفها الخميني لاحقاً لصالح تياره الإسلاموي، الذي كان أحد أطراف المعارضة الإيرانية.

اقرأ أيضاً: الثورات الكاذبة.. الخميني نموذجاً

أصبح الوضع السياسي في إيران ملبّداً بغيوم الثورة التي ستندلع في أيّة لحظة ضدّ الشاه؛ لذلك تخوف المعسكر الغربي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، من استيلاء اليسار الإيراني على الحكم، وبالتالي وقوعها في أحضان المعسكر الشرقي الذي يقوده الاتحاد السوفيتي؛ فوجدت أمريكا ضالتها في التيار الديني الذي يتزعمه الخميني، الذي يدعو إلى اقامة حكومة الله في الأرض، التي يتزعمها الولي الفقيه في قيادة الأمة الاسلامية نيابة عن الإمام الغائب. وهو ما تم في نهاية المطاف حين نجح الخميني، وبدعم الغرب، في اختطاف ثورة الشعب الإيراني لصالح مشروعه الإسلاموي، الذي ماثل مشروع جماعة الإخوان المسلمين، فكلاهما من السلالة الشريرة نفسها (أَتْباعُ الشيطان الأكبر).

اقرأ أيضاً: نشأت الخمينية.. فانتشرت الطائفية

تحركت الولايات المتحدة لتحقيق إستراتيجيتها، القائمة على الإحاطة بالاتحاد السوفياتي، والضغط عليه عن طريق ما سُمّي بـ "الأحزمة المتعاقبة"، وذلك بتطويقه عبر ما يُعرف في الفقه الإستراتيجي الأمريكي بـ "قوس الأزمات"؛ أي القوس الذي يتيح لأميركا أن تعزل الاتحاد السوفياتي وتحاصره، بدءاً من بحر البلطيق شمالاً، مروراً بأوروبا ثم تركيا وإيران، ومنها شرقاً حتى الصين.

كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى الإسلام السياسي بعد ضعف الشاه لتوظيفه في مقارعة الشيوعية

فوجدت ضالتها في الإسلام السياسي الذي يقوده الخميني ليحقق هدفها في إقامة حكم ديني يضرب القوى اليسارية الموالية للسوفييت في الداخل الإيراني، ومن ثم يشكل دولة حاجزة أو دولة وظيفية، تمنع وصول السوفييت إلى البحار الدافئة، ومصادر الطاقة في الخليج العربي والمحيط الهندي؛ فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية في حاجة إلى أيديولوجيا الإسلام السياسي، بعد ضعف الشاه، لتوظيفها  في مقارعة الأيديولوجية الشيوعية، كما أرادت تجييش الشعور الديني في نفوس مسلمي آسيا الوسطى، الذين هم جزء من جمهوريات الاتحاد السوفييتي، حتى ينتفضوا ضدّ السلطة السوفيتية هناك.

اقرأ ايضاً: هواجس أصدقاء الخمينية!

إذاً، كان الخميني الأداة المثلى لتنفيذ نظرية مستشار الأمن القومي الأمريكي، والمرشد الأعلى لجماعات الجهاد الإسلاموية، زبغنيو بريجينسكي، التي تتمثل في ضرورة  توظيف الإسلام والإسلامويين؛ السنّة والشيعة، في المعركة ضدّ الأيديولوجيا الشيوعية وحلفائها؛ فبريجينسكي كان عرّاب سياسة تطويق الاتحاد السوفييتي بأحزمة، منها الإسلام السياسي؛ حيث ذهب بنفسه إلى أفغانستان بعد الاجتياح السوفييتي، ليضع الخطط هناك لإنهاك السوفييت، وجعلهم ينزفون إلى أقصى حد ممكن، بحسب تعبيره، فقد وقف على الجبهات خطيباً ومُحرَّضاً لجماعات الإسلام السياسي على الجهاد ضدّ أعداء الدين!

اقرأ أيضاً: الدوحة تستضيف احتفالاً إيرانياً بثورة الخميني

وكان الخميني يدرك جيداً حاجة الغرب إلى مشروع ديني في إيران؛ لذلك بادر بالاتصال بالولايات المتحدة؛ فحسب وثائق الـ "سي آي إيه"، التي نشرتها إذاعة "بي بي سي فارسي"، بعنوان "الإسلام في إيران": "أنّ الخميني كان قد أجرى عام 1963، من سجنه في طهران، اتصالات مع الأمريكيين، من خلال رسالة إلى الحكومة الأمريكية  في عهد كيندي، عبر أستاذ جامعي إيراني عبر فيها الخميني، عن ضرورة الوجود الأمريكي لإحداث توازن ضدّ الاتحاد السوفيتي، كما تواصل مرة أخرى من منفاه في فرنسا مع الرئيس جيمي كارتر، عام 1979 قبل قيام الثورة الإيرانية بقليل، وقد وعد فيها بعدم قطع إيران للنفط عن الغرب، وعدم تصدير الثورة إلى دول المنطقة، وإقامة علاقات ودية مع أمريكا، وضمان مصالحها في إيران، مقابل أن تقنع أمريكا قادة الجيش الإيراني بالتخلي عن الشاه ليفوز الخميني بالحكم في إيران.

أرادت أمريكا تجييش الشعور الديني في نفوس مسلمي آسيا الوسطى حتى ينتفضوا ضدّ السلطة السوفيتية

كذلك، تواصل مع فرنسا، التي كان يقيم فيها آنذاك، ودول أوروبا؛ حيث تكفل الأوروبيون، من خلال إعلامهم وأجهزتهم المختلفة بالترويج للخميني، وتسويقه، وتلميع صورته، كمناضل يسعى إلى حرية الشعب الإيراني، أثناء وجوده في خلوته الباريسية (التي أطلق عليها زوراً: منفى، لتلميع صورته وتسهيل التواصل معه استخبارياً)، عندما كان يخطط لإقامة حكم الله في إيران!!

وقد نجحت مساعي الخميني هذه؛ حيث وافق قادة الجيش على تسليمه السلطة في طهران، ورغم ذلك كان قد أضمر في نفسه الغدر بهم، وبالأحزاب والجماعات السياسية اليسارية والليبرالية، التي شاركت في قيام الثورة الإيرانية؛ فبعد أن استتبّ له الأمرُ نكّل بهم جميعاً.

اقرأ ايضاً: حلف الإمامية والخمينية في اليمن: حاجة حوثية أم استراتيجية إيرانية؟

وأقام في طهران حكماً ثيوقراطياً مستبداً، ما يزال جاثماً على صدر الشعب الإيراني حتى الآن. وكي يغطي على تاريخ خيانته لشركائه في الثورة، افتعل مسرحية أزمة الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران، لتبييض صفحته في عيون مريديه، وليسكت المشككين في دوره الذي لعبه كمحامٍ للشيطان الأكبر.

 

 

الصفحة الرئيسية