الراعي يوبّخ الفرقاء اللبنانيين ويدعو الله أن يصحّي ضمائرهم

الراعي يوبّخ الفرقاء اللبنانيين ويدعو الله أن يصحّي ضمائرهم


21/06/2021

قدر لبنان أن يبقى فوق صفيح ساخن. لكنه في الآونة الأخيرة أخذ يصبح صفيحاً متفجّراً، أو على الأقل يؤذن بانفجار وشيك، ما جعل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، يدعو الله "أن يصحّي ضمائر المسؤولين ليبقى لبنان رسالةً في المنطقة والعالم".

باسيل مخاطباً نصرالله: يا سيد حسن، أعرف أنك لا تخذل الحق. أنا جبران باسيل، من دون أن أحملك أي عبء، أقبل بما تقبل به أنت لنفسك

المراقبون للشأن اللبناني يلاحظون سخونة الحديث الذي لا يخلو من التهديد والوعيد، وفي مجمله يتركز حول تشكيل الحكومة، واستحقاقات الفرقاء؛ وهي استحقاقات بطبيعتها طائفية وحزبية، ولا يخفي السياسيون في اللعبة هذا الأمر، فقد صرح رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، عن ذلك مباشرة، بلغة مستلّة من أروقة الشارع، لا من أدبيات السياسة ومصطلحاتها، فهو يخطاب المسيحيين بمنطق تخويفي "لن يبلعونا"، مشيراً إلى أنّ أزمة تشكيل الحكومة أظهرت أنّ "المشكلة ليست بالنصوص الملتبسة للدستور الذي يفتقد للمهل، بل للأسف بالنوايا الدفينة التي تفضح أصحابها بلحظة تأزم أو غضب... وبهذه اللحظة تسقط كل معاني الشراكة والعيش المشترك ووقف العد، ويحل محلها التذكير بالعدد". وقال: "واضح أن هناك من لم يبلع استعادتنا للدور الذي شلّحونا إياه بين 1990 و2005، واليوم يعتبرون أنّ عندهم فرصة جديدة ليستعيدوا زمن التشليح والتشبيح".

باسيل يعتصم بحسن نصرالله

وفي سياق التطورات السياسية ذاتها، وجّه باسيل نداء إلى الأمين العام لـحزب الله، حسن نصر الله، على خلفية استمرار المأزق السياسي الذي يحول دون اكتمال عملية تشكيل الحكومة.

وأعرب باسيل في كلمة متلفزة، ألقاها أمس الأحد، عن رفضه لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري القاضية بمنح المسيحيين (المتمثلين في الرئيس ميشال عون وصهره باسيل) الحق في تعيين ثمانية وزراء في الحكومة، مقابل 16 وزيراً من بري نفسه ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري.

وشدد رئيس "التيار الوطني الحر" على أنّ مبادرة بري "مثالثة ومرفوضة"، مبدياً قناعته بأنّ المناصفة الفعلية تكمن في منح كل من المسيحيين والمسلمين الحق في تعيين 12 وزيراً، وفق موقع "التيار الوطني الحر".

وشن باسيل هجوماً حاداً على مؤيدي مبادرة بري، مخاطباً إياهم بالقول: "أنتم منزعجون من الشراكة، ولا تريدون احترام الصلاحيات، ولا تريدون كذلك إصلاحات. ماذا تريدون غير أن تخلصوا منا؟".

في الوقت نفسه، أكد باسيل أنّ تأليف الحكومة "يبقى على عاتق الرئيس المكلف بالاتفاق مع رئيس الجمهورية".

باسيل: نصرالله يعرف أننا مستهدفون

وفي ندائه إلى الأمين العام لـحزب الله، قال باسيل: "أريد اليوم أن استعين بصديق هو سماحة السيد حسن نصر الله، لا بل أكثر من ذلك، أريده حكماً وأميناً على الموضوع، لأنني أثق به وبصدقه وأئتمنه على موضوع الحقوق. هو يعرف أننا مستهدفون، وكل ما يحصل هو للنيل منا، ويعرف أننا تنازلنا بموضوع الحكومة عن أمور كثيرة".

وخاطب باسيل نصر الله بالقول: "يا سيد حسن، أعرف أنك لا تخذل الحق. أنا جبران باسيل، من دون أن أحملك أي عبء، أقبل بما تقبل به أنت لنفسك. هذا آخر كلام لي بالحكومة".

وقال باسيل إنّ أزمة تشكيل الحكومة كشفت عن أزمات أخطر وأعمق في لبنان، منها أزمة النظام والدستور والممارسة والنوايا، مشدداً على أنّ هناك "معركة بمستوى الوجود" للدفاع عن الحقوق الأساسية "من باب حماية وجودنا الحر".

اقرأ أيضاً: احتجاجات وإضراب: الرئاسة اللبنانية محاصرة من الشارع والساسة... فهل تتراجع عن جمودها؟

وعملياً لم يقدم باسيل، وفق التحليلات، أي جديد في كلامه، إنما استعاد فيه مواقفه السابقة، مع رفعه شعار عدم التنازل، لأنّ التنازل حالياً وخسارة ما تم تحقيقه، وستؤدي إلى عدم القدرة على استعادته لاحقاً. وصحيح أنه كرر مواقفه بأنّ تياره يريد تشكيل حكومة برئاسة الحريري، وجدد اتهام الرئيس المكلف بأنه لا يريد تشكيل الحكومة، لكنه عملياً ضرب كل المحاولات التي يبذلها الحريري في سبيل تشكيل الحكومة، من خلال إصراره على عدم التنازل، مؤكداً أنّ الهدف الأكبر من الكلام يستهدف البيئة المسيحية انتخابياً. وذلك بتصويبه على القوات اللبنانية وسمير جعجع باتهامه بالتخاذل عن الدفاع عن صلاحيات المسيحيين.

البطريرك الراعي موبّخاً النخبة السياسية: تتصرفون وكأنكم في حقل الفوضى وتسلّمون الدولة إلى اللا دولة. نحن لا نشكو من قلة الصلاحيات بل من قلة المسؤولية

وقال باسيل خلال كلمته مخاطباً المسيحيين: "وجودنا مرتبط بدورنا، ودورنا يجب أن يكون كاملاً، وليس طائفياً بل وطني. وهذا ما يجعل لبنان صاحب رسالة فريدة، تماماً كما أراده الآباء المؤسسون. ولذلك المعركة هي بمستوى الوجود". وتابع: "هم يستعملون ضيقة الناس ليكسرونا ويستعينون كالعادة بالخارج، ويخيّروننا بين جوع الناس وخسارة وجودنا السياسي، وطالما ناسنا صامدون نحن صامدون".

ورأى أنّ أزمة تشكيل الحكومة "كشفت أزمات أخطر وأعمق. كشفت أزمة النظام والدستور والممارسة والنوايا، وهذا الأبشع. وكشفت أنّ معركة الدفاع عن الحقوق التي نقوم بها، ليست من باب المزايدة ولا العرقلة، بل من باب حماية وجودنا الحر".

المثالثة مرفوضة

وشدد باسيل على أنّ "المثالثة مرفوضة وربما البعض معتادون على السكوت نتيجة الخضوع والخوف على مدى 30 سنة". وتوجه إلى القوات اللبنانية بالقول: "أنا أقول لكم: إنتو ساكتين وبتفرحوا لمّا الناس بتسبّنا! ليش إنتو لولانا كنتوا حصّلتوا يلّي عندكم؟".

وفي تعليقه على التصريحات السياسية الأخيرة المتسمة بالعنف اللغوي، قال الكاتب اللبناني منير الربيع إنّ الاستعصاء اللبناني يستمرّ على إيقاع البازار المفتوح والانهيار المتسارع، بحسب موقع "المدن"، مردفاً: في البازار، مواقف شعبوية طائفية، ومبادرات يحكى أنها لن تجمّد ولن تتعرقل، وأنها مستمرة، لا سيما مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي. وفي المقابل، رئيس الجمهورية ميشال عون "يدرس أفكاره" للقيام بخطوة جديدة، إما بمصارحة اللبنانيين حول آخر المعوقات التي تحول دون تشكيل الحكومة، أو بالدعوة إلى "طاولة حوار"، كي لا تبقى المبادرة في يد رئيس مجلس النواب، خصوصاً أنّ الصراع تفاقم بين الطرفين في الأيام الماضية، ولا يزال مستمراً.

اقرأ أيضاً: الراعي يجدد هجومه على المسؤولين اللبنانيين.. ماذا قال؟

 أما الرئيس سعد الحريري فلا يزال متمسكاً بتكليفه، ويؤكد أنّ الأولوية هي للتشكيل مع إبقاء خيار الاعتذار مطروحاً على الطاولة، وإن أبقاه معلّقاً بتطورات سياسية قد تضطره لهكذا خطوة، ومرهوناً طبعاً بالاتفاق مع رئيس المجلس النيابي.

الراعي: الجماعة السياسية أفلست

وعلى إيقاع الاشتعالات السياسية المتواصلة، دعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي "الشعب اللبناني إلى اليقظة ولجعل الاستحقاقات الانتخابية في أيار المقبل (2022) مناسبة فريدة من نوعها، لتقديم نخب حاكمة جديدة تتولى قيادة النهضة الجديدة في لبنان".

وشدد البطريرك خلال عظته الأسبوعية، من بكركي أمس الأحد، على أنّ "رؤية الجماعة السياسية تعطي أبشع صورة عن لبنان، وهي أسطع دليل على إفلاسها وعدم أهليتها لحكم الشعب والبلاد".

وأشار إلى أنّ "المسؤولين يعطّلون تشكيل الحكومة بحجة الصلاحيات"، وتساءل: "عن أية صلاحيات تبحثون؟ هل عن إيجاد فرص عمل والحد من الهجرة وتأمين حقوق الشعب من الصلاحيات؟".

وتوجه الراعي إلى المسؤولين قائلاً: "تتصرفون وكأنكم في حقل الفوضى وتسلّمون الدولة إلى اللا دولة. نحن لا نشكو من قلة الصلاحيات بل من قلة المسؤولية".

وأكد أنّ "جيشنا حاضر في كلّ لحظة للتصدي لأي إخلال بالأمن، وحان الوقت لأن تحسم الدولة موقفها وتحصر اعترافها بالجيش مسؤولاً شرعياً وحيداً عن أمن وسيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه".

وأضاف الراعي: "المؤسسة العسكرية التي تفرض الأمن في الداخل والخارج، هي عنصر أساسي في حياد لبنان الناشط"، خاتماً الطلب من "الله أن يصحّي ضمائر المسؤولين ليبقى لبنان رسالةً في المنطقة والعالم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية