السياقات الإيرانية لصواريخ حزب الله في مزارع شبعا اللبنانية

السياقات الإيرانية لصواريخ حزب الله في مزارع شبعا اللبنانية


07/08/2021

في خطوة غير معزولة عن تطورات التصعيد بين إيران وإسرائيل، وأبرزعناوينها استئناف حرب الناقلات في خليج سلطنة عمان، بالتزامن مع تسلّم الرئيس الإيراني الجديد المحسوب على التيار المتشدد في إيران، إبراهيم رئيسي، رئاسة الجمهورية، أعلن حزب الله اللبناني مسؤوليته عن إطلاق عشرات الصواريخ على مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة قرب الجولان السوري المحتل، وقد جاء في بيان حزب الله أنّ العملية جاءت "ردّاً على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراضٍ مفتوحة في منطقتيّ الجرمق والشواكير".

لقد جاءت عملية حزب الله محسوبة بدقة من حيث التوقيت والهدف، في ظل سياقات تطورات التصعيد في معركة "عضّ الأصابع" بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، فهذه العملية:

 أولاً: لم تذهب الصواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية شمال إسرائيل ضد أهداف مدنية، بل استهدفت منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان وسوريا، وهو ما أراد حزب الله من خلاله أن يبرئ نفسه من أيّ ردود فعل دولية باتهامه باستهداف مدنيين إسرائيليين، لا سيّما أنّ مزارع شبعا تحظى بإجماع حول ضرورة استرجاعها بالنسبة إلى اللبنانيين.

جاءت عملية حزب الله محسوبة بدقة من حيث التوقيت والهدف، في ظل سياقات تطورات التصعيد في معركة "عضّ الأصابع" بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى
 

ثانياً: العملية غير معزولة عن التصعيد الإيراني مع إسرائيل على خلفية استهداف باخرة تجارية إسرائيلية في خليج سلطنة عمان الأسبوع الماضي، وما تعرّضت له سفن تجارية أخرى من عمليات قرصنة، تشير أصابع الاتهام الغربية "الأمريكية والبريطانية" إلى مسؤولية الحرس الثوري الإيراني عنها، وهو ما أكدته أوساط في إعلام الحرس الثوري الإيراني.

ثالثاً: عملية حزب الله تتضمن جملة رسائل تؤكد تغير قواعد الاشتباك "الإيرانية وليس اللبنانية- الإسرائيلية"، بعد فوز التيار المتشدد برئاسة الجمهورية، وإعلان المرشد الأعلى سيطرته على مفاصل الدولة "رئاسة الجمهورية، والحكومة، والبرلمان، والحرس الثوري وذراعه الضاربة فيلق القدس في المنطقة"، والعودة إلى المرحلة التي كان عنوانها قاسم سليماني قائد فيلق القدس، وهو ما يطرح تساؤلات فيما إذا كان هذا التصعيد سيمتد إلى قطاع غزة من خلال تجديد حركتي حماس والجهاد الإسلامي إطلاق الصواريخ على إسرائيل، واستئناف الهجمات الصاروخية على القواعد الأمريكية "أو ما تبقى منها في العراق" من خلال الحشد الشعبي العراقي، وفيما إذا ستشهد تصعيداً حوثياً ضد أهداف سعودية.

رابعاً: تصعيد حزب الله عبر هذه العملية، بالإضافة إلى كونه يؤكد حقيقة أنّ فعل مقاومة حزب الله وصواريخه هي في خدمة القيادة الإيرانية، رغم شعارات تحرير فلسطين، إلا أنه يعكس تجديد الاستراتيجية الإيرانية بإعادة التوتر إلى المنطقة، ولكن عبر البوابة الإسرائيلية بالدرجة الأولى، في ظل مفاوضات لإنجاز صفقة نووية جديدة مع الولايات المتحدة، بإدراك عميق من القيادة الإيرانية لغياب "ترامب- نتنياهو" وتغير القيادتين الأمريكية- الإسرائيلية.

 

العملية غير معزولة عن التصعيد الإيراني مع إسرائيل على خلفية استهداف باخرة تجارية إسرائيلية في خليج سلطنة عمان الأسبوع الماضي، وما تعرّضت له سفن تجارية أخرى من عمليات قرصنة

 

خامساً: تصعيد إيران والأوامر التي صدرت لحزب الله بتوجيه ضربة محدودة لإسرائيل، تطرح سيناريو آخر تخطط له إيران، وهو استفزاز إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما لتوجيه ضربات قاسية لإيران ولوكلائها، لا تصل إلى مستوى تهديد النظام وإسقاطه، في ظل أزمات حادة تعانيها إيران عبر عنوانين، وهما: الانتفاضات الداخلية التي تشمل محافظات إيرانية، بما فيها المحسوبة تاريخياً على قيادة الثورة، والأوضاع الاقتصادية المتفاقمة التي تشكل تداعياتها قاسماً مشتركاً لدى الشعوب الإيرانية، فيما يتم تحميل مسؤولية الانهيارات الاقتصادية لوكلاء إيران في سوريا ولبنان واليمن والعراق.

سادساً: رغم أنّ احتمالات التصعيد بين إيران ووكلائها من جهة، مع الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائها من جهة ثانية، تبقى احتمالات واردة، إلا أنّ الأرجح أن يبقى هذا التصعيد محدوداً ولن يصل إلى حرب شاملة في المنطقة، فالقيادة الإيرانية تختار أهدافها بدقة محسوبة، وبما يجعل استمرار الرهانات الغربية والأمريكية على إمكانية تنازلات إيرانية إمكانية واردة، لا سيّما أنّ القيادة الإيرانية تدرك أنه بعد العملية التي استهدفت سفينة تجارية مملوكة لإسرائيلي، نجحت إسرائيل في تشكيل رأي عام دولي، وفي تقارب أمريكي ـ أوروبي، يدين إيران ويمهد لتسويغ أيّ ضربة عسكرية توجه للقيادة الإيرانية.   



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية