الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. هل يصلح بايدن ما أفسده ترامب؟

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. هل يصلح بايدن ما أفسده ترامب؟


27/01/2021

أعلن القائم بأعمال سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ريتشارد ميلز، عزم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إعادة تجديد العلاقة مع الفلسطينيين، واستئناف برامج المساعدات، وذلك بعد أكثر من عامين على قيام الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي انتهج سياسة أكثر ميلاً لإسرائيل، بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الفلسطينيين.

اقرأ أيضاً: لماذا أحكم الرئيس الفلسطيني قبضته على القضاء قبيل الانتخابات؟

وأشار ميلز، في كلمته التي ألقاها خلال اجتماع مجلس الأمن الذي ترأسته تونس يوم أمس الثلاثاء، إلى تطلّع بايدن لاجتماع افتراضي رفيع المستوى لمجلس الأمن، مضيفاً أنّ الإدارة الأمريكية الجديدة تعتقد أنّ هذه "أفضل طريقة لضمان مستقبل إسرائيل كدولة ديموقراطية ويهودية مع الحفاظ على تطلعات الفلسطينيين المشروعة من أجل دولة خاصة بهم وأن يعيشوا بكرامة وأمن".

ريتشارد ميلز

ووصف مايز نهج الرئيس الديمقراطي فيما يتعلّق بالصراع العربي الإسرائيلي بـ "النهج الأكثر عدالة"، لافتاً: "في ظل الإدارة الجديدة، ستكون سياسة الولايات المتحدة هي دعم حل الدولتين المتفق عليه بشكل متبادل، حل تعيش فيه إسرائيل بسلام وأمن إلى جانب دولة فلسطينية قائمة ذاتها".

وأضاف: "من أجل تحقيق هذه الأهداف، ستعيد إدارة بايدن المشاركة الأمريكية الموثوقة مع الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.. سيشمل ذلك تجديد العلاقات الأمريكية مع القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني".

تعتزم إدارة بايدن استعادة برامج المساعدات الأمريكية التي تدعم مشاريع التنمية الاقتصادية والمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني واتخاذ خطوات لإعادة العلاقات الدبلوماسية 

وأوضح أنّ بايدن كان واضحاً منذ البداية في أنّه يعتزم استعادة برامج المساعدات الأمريكية التي تدعم مشاريع التنمية الاقتصادية والمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، واتخاذ خطوات لإعادة العلاقات الدبلوماسية التي أغلقتها الإدارة الأمريكية السابقة.

وخلال فترته الرئاسية، شنّ دونالد ترامب حرباً سياسية واقتصادية على الفلسطينيين، تضمنت نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة واعتبارها عاصمة لإسرائيل، وشرعنة بناء المستوطنات في الضفة الغربية وضمها من قبل إسرائيل، كما قامت الإدارة الأمريكية بوقف الدعم الذي تقدّمه لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وللسلطة الفلسطينية، وإغلاق مقر منظمة التحرير في واشنطن وملاحقة النشاط الفلسطيني بتهمة معاداة السامية، فضلاً عن طرحه صفقة القرن التي تنتقص من الحقوق الفلسطينية.

صفقة القرن وحل الدولتين

ومن أجل تحقيق حل الدولتين، دعا ميلز الجانبين إلى بناء الثقة بالآخر لخلق بيئة مناسبة، مشيراً إلى أهمية تجنّب الخطوات الأحادية التي قد تعرقل الجهود الرامية إلى حل الدولتين، مثل "ضم الأراضي وبناء المستوطنات وعمليات الهدم والتشجيع على العنف وتوفير التعويضات للأفراد المسجونين في قضايا إرهابية".

خلال فترته الرئاسية، شنّ دونالد ترامب حرباً سياسية واقتصادية على الفلسطينيين

من جهته، رحّب وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، بدعوات الإدارة الأمريكية الجديدة لتحسين العلاقات.

ودعا المالكي إلى إعادة إحياء "اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط"، التي تتضمن الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، كما أعاد التأكيد على دعوة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بعقد مؤتمر دولي للسلام، مشيراً إلى أنّ ذلك قد يساهم في تشكيل "نقطة تحوّل في هذا الصراع".

ويتوقع الخبراء أن تدفع إدارة بايدن عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن من غير المتوقع أن يعمل بايدن على إحداث أي تغيير جذري في الصراع القائم منذ ما يزيد عن 70 عاماً.

 رحّب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، بدعوات الإدارة الأمريكية الجديدة إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الفلسطينيين

 

وفي هذا السياق يقول الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي عمر الرداد، في تصريحات لـ "حفريات": يبدو أنّ السلطة الفلسطينية تلقّت وعوداً بهذا الاتجاه (إحياء عملية السلام) وهو ما يُبرّر عودتها عن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل بعد نجاح بايدن، والذهاب لإجراء انتخابات فلسطينية في أيار (مايو) القادم، تشارك فيها حركة حماس، ومن المتوقع أن تكون نتائجها منسجمة مع إعادة إحياء عملية السلام واستئناف المفاوضات، بإعادة تثبيت شرعية القيادة الفلسطينية الحالية".

وفيما يتعلق بصفقة القرن، يقول الرداد: "لن تبقى صيغة صفقة القرن كما أعلن عنها ترامب وكوشنير، وستكون هناك تراجعات شكلية من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة".

اقرأ أيضاً: سياقات الانتخابات الفلسطينية ومآلاتها

ويتابع الخبير الاستراتيجي موضحاً أنّ هذه التراجعات "لن تضرب أسس الانحياز الأمريكي إلى جانب إسرائيل". 

وتتصور "صفقة القرن" التي كشف عنها ترامب، قبل عام، قيام دولة فلسطينية مُفكّكة تسلم أجزاء رئيسية من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وتقف إلى جانب إسرائيل في القضايا الخلافية الرئيسية بما في ذلك الحدود ووضع القدس والمستوطنات اليهودية، وهو ما رفضه الفلسطينيين بشدة.

الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي عمر الرداد

الاستيطان

وقلب فوز بايدن الأمور رأساً على عقب في رام الله؛ إذ إنّ القيادة الفلسطينية تُعلّق آمالاً كبيرة على إدارة بايدن لإعادة إحياء عملية السلام وإجبار إسرائيل على وقف التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة عام 1967.

وسارعت القيادة الفلسطينية عقب تنصيب بايدن إلى مطالبته بوضع حد للاستيطان الإسرائيلي، ودعا نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، الإدارة الأمريكية الجديدة إلى اتخاذ موقف واضح من سياسة التوسّع الاستيطاني الإسرائيلية.

وصادف يوم تنصيب بايدن طرح حكومة نتنياهو عطاءات لبناء ما يزيد عن 2500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.

 يتوقّع الخبير الاستراتيجي عمر الرداد أن تعارض إدارة بايدن الاستيطان، على مستوى الإعلام دون أن تأخذ إجراءات جادة تمنع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها

وقال أبو ردينة، في تصريحات لوكالة "رويترز": "ندعو الإدارة الأمريكية الجديدة لاتخاذ موقف واضح من السياسة الإسرائيلية الاستيطانية المنفلتة إذا أرادت تحقيق الأمن أو الاستقرار في المنطقة"، وأضاف: "الحكومة الإسرائيلية تعمل على قتل ما تبقى من أي إمكانية لحل الدولتين وتحاول وضع المزيد من العقبات والعراقيل أمام الإدارة الأمريكية الجديدة وأي جهد ستقوم به لاستئناف عملية السلام المُتعثرة منذ أعوام".

ويرى الرداد أنّ الإدارة الجديدة "ستتعامل مع الاستيطان بوصفه غير شرعي ويتعارض مع قرارات الشرعية الدولية، ويبدو أنّ الحكومة الإسرائيلية تدرك ذلك لذا توسعت في تسمين المستوطنات القائمة مع رئاسة نتنياهو للحكومة منذ أكثر من 10 أعوام وسيطرة اليمين الإسرائيلي على الحكم".

اقرأ أيضاً: نتخابات فلسطينية كي لا يغدو محمود عباس رئيساً إلى الأبد

وفي 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو أنّ الإدارة الأمريكية ما عادت تعدّ المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية مخالفة للقانون الدولي.

قلب فوز بايدن الأمور رأساً على عقب في رام الله

لكنّ وينسلر حذّر أمس من التوسّع الاستيطاني، معتبراً ذلك "تطوراً مقلقاً"، لأنّ "المستوطنات غير شرعية وتقوّض حلّ الدولتين"، وحثّ إسرائيل على وقف الاستيطان.

ويتوقع الرداد، أن "تعارض إدارة بايدن الاستيطان، على مستوى الإعلام دون أن تأخذ إجراءات جادة تمنع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها".

إعادة الدعم للأونروا

ويأتي قرار الإدارة الجديدة، عكس قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تخفيض المساعدات التي تقدمها واشنطن للفلسطينيين، ومنها المساعدات المقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة المعروفة باسم "الأونروا" والتي تأسست لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا أو أجبروا على ترك منازلهم خلال حرب عام 1948. 

اقرأ أيضاً: محلّلون فلسطينيون لـ "حفريات": بقاء نتنياهو سيزيد الفوضى في إسرائيل

و"الأونروا" توفر التعليم والرعاية الصحية والغذاء، وتعمل على تقديم المساعدة لحوالي 5.5 مليون لاجئ وذويهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك في الأردن وسوريا ولبنان، وتُعد الولايات المتحدة مانحاً رئيسياً للأونروا، وأدى فقدان الأموال إلى أزمة مالية للوكالة.

ماذا عن القدس؟ 

وأكّد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال جلسة استماع عقدها مجلس الشيوخ أنّ جو بايدن لن يعود عن قرار إدارة سلفه دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأنّه سيُبقي على السفارة الأمريكية في القدس.

اقرأ أيضاً: هل تكفي الانتخابات لإنهاء الانقسام الفلسطيني؟

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها، خلال إجابته عن أسئلة أعضاء مجلس الشيوخ في جلسة للجنة العلاقات الخارجية، من أجل المصادقة على ترشيح جو بايدن له، لتولي حقيبة الخارجية في إدارته المقبلة.

وكان مجدلاني، قد صرّح أيضاً بأنّ السلطة ستناقش مسألة الاعتراف الأمريكي بالقدس وإبقاء السفارة فيها، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية.

 وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن

لكنّ حركة حماس، انتقدت تصريحات بلينكن، حول الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبقاء السفارة الأمريكية فيها، معتبرة تلك التصريحات "مخالفة للقانون والقرارات الدولية، وإنكاراً لحقوق الشعب الفلسطيني".

وفي 6 كانون الأول (ديسمبر ) 2017، أعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب رسمياً، اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في خطوة لاقت إدانات وانتقادات عربية ودولية واسعة.

اقرأ أيضاً: هذا ما قاله قرقاش عن مخرجات قمة العلا والقضية الفلسطينية والأزمة اليمنية

الجدير بالذكر أنّ المفاوضات بين الجانبين انهارت عام 2014 أثناء محاولات إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، التوصل إلى اتفاق حول مسائل مُحدّدة، من بينها الحدود.

ويقول المسؤولون الفلسطينيون إنّهم مستعدون للعودة إلى المفاوضات ضمن اقتراحات واضحة، مثل قيام دولة محدودة التسلّح، وأنّهم يقبلون بوجود طرف ثالث مُفوّض (من الأمم المتحدة)، من أجل ضمان احترام اتفاق السلام فيما يتعلّق بالأمن والحدود، كما أنّهم مستعدون لتعديلات طفيفة على الحدود، على أساس حدود 5 حزيران (يونيو) 1967، وهو التاريخ الذي بدأت فيه إسرائيل باحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية، ويعتبر المجتمع الدولي المنطقتين أراضٍ محتلة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية