الصواريخ فائقة السرعة: سباق تسلح جديد يشهده العالم

الصواريخ فائقة السرعة: سباق تسلح جديد يشهده العالم


11/04/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

الإعلان عن انضمام المملكة المتّحدة إلى كلّ من الولايات المتّحدة وأستراليا في تطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصّوت قد يبشّر ببدء سباق تسلّح ربما يكون أكثر خطورة على نحو لا حدّ له من تنافس الحرب الباردة بين قوى العالم الكبرى لتطوير أسلحة نوويّة.

تُعدّ الصّواريخ فائقة السّرعة، التي يمكنها السّفر بأكثر من خمسة أضعاف سرعة الصّوت، سلاحاً جديداً نسبيّاً يتسبّب في إثارة الذّعر في دوائر الأمن العالميّة، بالنّظر إلى قدرته على إيصال رؤوس حربيّة نوويّة بين القارات في غضون دقائق.

ازدادت المخاوف بشأن التّهديد الذي يمكن أن تشكّله هذه الصّواريخ على الأمن العالميّ منذ أن أكّدت واشنطن العام الماضي أنّ الصّين اختبرت سلاحاً تفوق سرعته سرعة الصّوت. وادّعاء روسيا أنّها أطلقت سلاحها الفرط صوتيّ "كينزال" في أوكرانيا قبل أسبوعين، زاد المخاوف بشأن التّأثير الذي يمكن أن تُحدِثه مثل هذه الأسلحة على الحرب الحديثة.

أطلقت أمريكا رأساً حربياً أسرع من الصوت من مرفق مدى الصواريخ في المحيط الهادئ في هاواي، عام 2020

هذه المخاوف بالتّحديد هي التي دفعت المملكة المتّحدة إلى التّعاون مع كلّ من الولايات المتّحدة وأستراليا - وتشارك الدّولتان بالفعل في مبادرة تسمّى "تجربة أبحاث الطّيران المتكاملة عبر الجنوب".

تعمل الولايات المتّحدة بمفردها على تطوير صواريخ تفوق سرعة الصّوت يمكنها ضرب أهداف على مدى يصل إلى حوالي 2,775 كيلومتراً وقادرة على السّفر بسرعة تصل إلى ثمانية أضعاف سرعة الصّوت. على النّقيض من ذلك، فإنّ المملكة المتّحدة وأستراليا في المراحل الأولى من تطوير هذه التّكنولوجيا.

تمتلك هذه الأسلحة المتطوّرة القدرة على استخدام الجوّ أثناء الطّيران بحيث لا يمكن اعتراضها من قِبل أيّ قدرات دفاع صاروخيّ متوفّرة حالياً في الغرب

بعد التّوقيع على الاتّفاقية الأمنيّة التّاريخيّة "أوكوس" بين الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة وأستراليا العام الماضي، تتّفق الدّول الثّلاث الآن على توسيع نطاق تعاونها ليشمل تطوير أسلحتها عالية السّرعة مثل الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت والأسلحة المضادّة للأسلحة التي تفوق سرعة الصّوت، فضلاً عن بناء قدرات الحرب الإلكترونيّة.

توسيع شروط اتّفاقيّة "أوكوس"

بعد محادثات دارت هذا الأسبوع بين قادتها، وافقت الدّول الثّلاث على توسيع شروط اتّفاقيّة "أوكوس" والتي كانت تهدف في الأصل إلى دعم أستراليا في تطوير جيل جديد من الغواصات النّووية المصمّمة لمواجهة ما ترى هذه الدّول أنه تهديد الصّين المتزايد للأمن في منطقة آسيا-المحيط الهادئ. تشمل الاتّفاقيّة أيضاً العمل معاً على تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ و"الكوانتم" وحماية الكابلات الحيويّة الموجودة تحت البحر.

اقرأ أيضاً: لماذا لا تقتل الصواريخ الإيرانية الأمريكيين؟

كرّرت الدّول الثّلاث "التزامها الرّاسخ" بنظام دوليّ "يحترم حقوق الإنسان". وقالت في بيان مشترك: "أكّدنا مجدّداً التزامنا باتفاقيّة (أوكوس) وبحرّيّة وانفتاح المحيطين الهنديّ والهادئ". وصرّح مستشار الأمن القوميّ البريطانيّ، ستيفن لوفجروف، عند إعلانه عن خطّة تطوير الأسلحة، أنّه في أعقاب الصّراع في أوكرانيا، "أصبح من المهمّ الآن أكثر من أي وقت مضى" أن يعمل الحلفاء معاً للدّفاع عن الدّيمقراطيّة والحرّيّة في أنحاء العالم كافّة.

رئيس الوزراء الأسترالي موريسون ووزير الدفاع الأمريكي أوستن يسيران بجوار حرس الشرف العسكري قبل اجتماعهما في البنتاغون في سبتمبر الماضي

بالنّظر إلى أنّ تطوير الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصّوت في الغرب لا يزال في مرحلة النّشوء، فإنّ أحد التّحدّيّات الأكثر إلحاحاً هو معرفة كيفيّة منع الصّواريخ التي يُطلقها الخصوم من إصابة أهدافها. تمتلك هذه الأسلحة المتطوّرة القدرة على استخدام الجوّ أثناء الطّيران بحيث لا يمكن اعتراضها من قِبل أيّ قدرات دفاع صاروخيّ متوفّرة حالياً في الغرب.

اقرأ أيضاً: بعد الـ 100 ألف مقاتل.. حزب الله يحوّل لبنان لمصنع للصواريخ الدقيقة

يساور أستراليا القلق بشكل خاصّ بشأن التّهديد الذي يمكن أن تشكّله هذه الأسلحة على أمنها القوميّ. وكما أوضح نائب رئيس الوزراء، بارنابي جويس، هذا الأسبوع، فإنّ صاروخاً يفوق سرعة الصّوت ومزوّد برأس حربيّ نوويّ من المحتمل أن يكون قادراً على ضرب بلاده في غضون دقائق من إطلاقه من الصّين، ممّا يمنح العاصمة الأستراليّة كانبيرا القليل من الوقت الثّمين للرّدّ.

تهديد وجودي لأستراليا

مع خلق الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصّوت "تهديداً وجوديّاً" بالنّسبة إلى أستراليا، حذّر جويس أنّه من الضّروريّ لبلاده بناء دفاعاتها في أسرع وقت ممكن، قائلاً لشبكة "سكاي نيوز": "يمكن لهذه الأسلحة تغيير المسار، ممّا يجعل من الصّعب للغاية اكتشافها وحتّى ضربها. يمثّل هذا تهديداً وجوديّاً لأستراليا. بعد حوالي 14 دقيقة من إطلاقها، قد تكون قادرة على الوصول إلى هنا... ولذلك، علينا التّأكّد من أنّنا في قمّة لعبتنا".

بعد التّوقيع على الاتّفاقية الأمنيّة التّاريخيّة "أوكوس" بين الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة وأستراليا، تتّفق الدّول الثّلاث الآن على توسيع نطاق تعاونها ليشمل تطوير أسلحتها عالية السّرعة

قال جويس إنّ أستراليا بحاجة إلى أن تكون جزءاً من برنامج تطوير الصّواريخ الأسرع من الصّوت في الولايات المتّحدة، وهو البرنامج الذي يسعى أيضاً إلى تطوير تقنيات جديدة قادرة على اعتراض مثل هذه الأسلحة. وكما أضاف، فإنّ "هذا يُظهِر قوّة اتفاقيّة (أوكوس) ويعطي أيضاً أضواء وامضة كبيرة وواضحة بأنّه يجب علينا أن نصبح أقوياء قدر الإمكان، وفي أسرع وقت ممكن".

كلّف وزير الدّفاع الأمريكيّ، لويد أوستن، البنتاغون بتسريع أنظمة الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصّوت، بينما تتسابق أمريكا لمواكبة كلّ من الصّين وروسيا.

نائب رئيس الوزراء الأسترالي، بارنابي جويس، قلِقٌ من ضربة محتملة من الصين

أثار إعلان هذا الأسبوع انتقادات من بكين، التي حذّرت من أنّ هذه الخطوة قد تثير سباق تسلّح جديداً. وردّاً على سؤال حول الاتّفاقيّة، قال سفير الصّين لدى الأمم المتّحدة، تشانغ جون: "يجب على أيّ شخص لا يريد أن يرى الأزمة الأوكرانيّة أن يمتنع عن القيام بأشياء قد تؤدّي بأجزاء أخرى من العالم إلى أزمة مثل هذه. وكما يقول مثل صينيّ، إذا كنت لا تحبّ ذلك، فلا تفرضه على الآخرين".

اقرأ أيضاً: برنامج الصواريخ الإيرانية: هل تغير أمريكا وأوروبا من لهجتها حيال التهديدات؟

ومع ذلك، مع تقدّم دول مثل الصّين وروسيا بالفعل في جهودها لتطوير تكنولوجيا صاروخية متطوّرة تفوق سرعة الصّوت، فإنّ الأمر مجرّد مسألة وقت قبل أن يكون لدى الغرب القدرة على نشر قدرات مماثلة - وهو تطوّر لن يؤدّي إلّا إلى جعل العالم مكاناً أكثر خطورة.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

كون كوغلين، ذي ناشونال، 7 نيسان (أبريل) 2022

https://www.thenationalnews.com/opinion/comment/2022/04/07/the-west-is-testing-hypersonic-weapons-this-should-worry-the-world/

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية