"الطفيل" بلدة لبنانية بيد دويلة "حزب الله".. خطف وتهديد وامتلاك قسري لربع مساحتها

"الطفيل" بلدة لبنانية بيد دويلة "حزب الله".. خطف وتهديد وامتلاك قسري لربع مساحتها


14/09/2020

فرض "حزب الله" اللبناني، خلال العقدين الأخيرين، سيطرته بقوة السلاح على لبنان ومؤسساته الدستورية، وتحكم بقرار السلم والحرب ومفاصل الدولة وحتى المعابر الحدودية، ومع اندلاع الحرب السورية ومشاركته العسكرية فيها انقض الحزب على قرية طفيل اللبنانية، المحاذية للأراضي السورية، بسبب موقعها الاستراتيجي بين البلدين وعمل على تهجير أهلها بحجة العمليات العسكرية، وأعقب ذلك عمليات شراء قسرية وتملك مشكوك بقانونيته، فضلاً عن خطف وتهديد شبابها.

الطفيل، بلدة نائية، تقع بعمق السلسلة الشرقية للبنان وتتداخل فيها الاراضي السورية، مساحتها 52 كيلومتر مربع، وعلى بعد 57 كيلومتراً من العاصمة السورية، دمشق.

يعاني أهالي هذه البلدة، من سيطرة "حزب الله" الكاملة، منذ تهجيرهم في المرة الأولى عام 2014، عندما قام بتحويلها إلى منطقة عسكرية، بحجة محاربة المسلحين بالمناطق المحاذية للحدود السورية في منطقة القلمون.  

مزاعم بإمتلاك كامل البلدة 

ويبدو أنّ المعاناة عادت بشكل مختلف هذه المرة، حيث يزعم أحد المقربين للحزب، ويدعى حسن دقو، إمتلاكه لكافة الأراضي، طالباً من سكانها دفع الخوات أو الخروج من القرية، لكي يتمكن من تنفيذ أجندة سياسية وأمنية، بحسب متابعين.

وأوضحت مصادر خاصة لموقع "الحرة"، أنّ "قرية الطفيل تضم 27 عقاراً أميرياً غير ممسوح، كل عقار 2400 سهم، تعود ملكية 600 سهم في كل عقار لشخص يدعى محمود أحمد خنافر، وهو من الجنوب اللبناني ولا أحد يعلم مكان وجوده منذ فترة طويلة، ومصرف لبنان الذي امتلك 1800 سهم في كل عقار، بعد إفلاس بنك مبكو الذي كان مالكاً لها عام 1980. 

وأضافت المصادر أنّ "الأهالي يعملون منذ الوجود التركي في تلك الأراضي (أكثر من مئة عام)، وأتى الانتداب الفرنسي، وبقوا في أراضيهم التي كانت لأحد الاقطاعيين الذي باعها لبنك مبكو (أفلس لاحقاً)".

وكالات وإفادات "كاذبة ومزورة"

وفي الخامس عشر من شهر يونيو الماضي، دخل إلى القرية شخص يدعى حسن دقو، زاعماً أنه اشترى القرية بأكملها من المدعو محمود أحمد خنافر ، ومصرف لبنان، بموجب وكالات غير قابلة للعزل، مسجلاً أصولاً في السجلات العقارية، باسم شركة "سيزر" التي تعود ملكيتها لقرابته، بحسب المصادر نفسها.

وفي هذا السياق، قال أحمد محمد (اسم مستعار)، أحد شبان القرية، في حديث لموقع "الحرة"، إنّ "مجموعة من أهالي القرية تحرّت عن الموضوع، وتواصلت مع إدارة مصرف لبنان، لتبيّن أنّ دقو اشترى 600 سهم في كل عقار من أحد وكلاء خنافر، بموجب وكالات غير قابلة للعزل، سجلت لدى أمانة السجل العقاري".

وأضاف محمد أنّ "دقو اشترى هذه الأسهم بتسهيل وإفادة كاذبة من مختار المحلة السيد علي الشوم، المقرب من حزب الله، مفادها أنّ هذه العقارات خالية من أي إنشاءات ولا أبنية أو شجر عليها لكي يتمكن الأول من تسجيلها رسمياً".

وحصل موقع "الحرة"، على عقد البيع الممسوح واحدى الإفادات العقارية التي تؤكد امتلاك شركة دقو "سيزر" لـ 600 سهم فقط من كل عقار، أي الربع، بإفادة من المختار، وليس بملكيته كافة العقارات.

معابر لتهريب الأسلحة والمخدرات

كما كشف "أبو علي" (اسم مستعار)، وهو أحد أهالي القرية، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "دقو شريك مسؤول الأمن في حزب الله، وفيق صفا، وشقيقه، في أنشطة تجارية عدّة، وجميع سيارات موكبه مسجلة بإسم احد الوزراء اللبنانيين، وهو تاجر مخدرات يصّدر الكبتاغون لدول عدة أبرزها إيطاليا واليونان".

وأضاف أنّ "هذه المنطقة تعتبر استراتيجية للحزب وحليفيه الإيراني والسوري، وهناك معابر وأنفاق لتهريب أسلحة ومخدرات، أبرزها نفق يربط محافظة البقاع بمنطقة الزبداني في ريف دمشق الغربي"، مضيفاً "من الطبيعي أنّ يكون الهدف من تهجرينا هو العمل براحة أكبر وبعيداً عن الأنظار".

خطف وتهديد أهالي الطفيل

وفي السادس عشر من شهر يونيو الماضي، باشرت شركة "سيزر" بأعمال الحرف جارفة منازل بعد إجبار سكانها على الإخلاء واقتلاع أكثر من 400 ألف شجرة مثمرة، ما دفع مجموعة من الأهالي أبرزهم منصور وأحمد شاهين، للتقدم بدعوى أمام القضاء المختص، واستحصلوا على قرار بوقف الأعمال من قاضي العجلة ومحافظ بعلبك، السيد بشير خضر، ولكن لم يتم الالتزام به، بحسب المصادر نفسها.

وفي آواخر يونيو الماضي، تم خطف المدعو منصور شاهين، من منزله وأمام أعين الجميع، من قبل عناصر تابعة لـ"حزب الله" والفرقة الرابعة في الجيش السوري، وأخرجوه عارياً في محاولة لإذلاله وزرع الذعر في نفوس أهالي القرية، بحسب شهود عيان. وسلّم المدعو أحمد شاهين لعناصر من الجيش السوري، لوجود مذكرات توقيف بحقه، بحسب مزاعم موالين للحزب في المنطقة.

"تقصير قضائي واضح"

من جهتهم، تقدم ذوو المخطوفين بدعوى أمام النيابة العامة المختصة، بجرم الخطف والتهديد، إلا أنّ التحقيق لم يأخذ مجراه، بحجة وجود مذكرات توقيف سورية بحق الشخصين.

وأكّد أحد أصدقاء المختطفين، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "لا صحة لوجود أي مذكرات قضائية بحق المخطوفين، وقد وعد دقو بإعادتهم سالمين خلال 24 ساعة، في حال تم إخلاء القرية من آل شاهين"، سائلاً "هل يعقل توقيف أحد بهذا الشكل ودون مراعاة سيادة واختصاص القضاء اللبناني، ما هذا التقصير والاستهتار؟".

"كل شيء بيد حزب الله"

وفي سياق متصل، يروي "أبو مصطفى" (اسم مستعار)، احد أهالي القرية، لموقع "الحرة"، معاناة أهالي الطفيل مع سطوة الحزب، قائلاً: "كل شيء بيد مسلحي حزب الله والنظام السوري، حتى أنّ الجيش اللبناني فرع مخابرات الحدود البرية، يحدد وقت لدخول القرية وخروجها، مانعاً إدخال أكثر من 10 ربطات خبز، في الوقت الذي يفتح لغيرنا".

وأوضح أنّ "الدخول إلى الطفيل كان غير ممكن عبر الأراضي اللبنانية،  فالطريق الوحيد للوصول إلينا كان معبر المصنع الحدودي مع سوريا، إلى أن فتحت الدولة اللبنانية طريقا واسعة ومعبدة عام 2018".

وأضاف أبو مصطفى "لا نستطيع القيام بأي شيء، تهديد بالقتل وابتزاز مالي  لكي تبقى القرية منطقة عسكرية آمنة للحزب، الذي جعل من بعض أراضيها معملاً لصناعة المخدرات وتحديداً البنتاغون".

أكثر من شهرين ونصف على خطف شابين لبنانيين من قرية الطفيل، دون أنّ يصدر عن الدولة اللبنانية أي بيان رسمي توضيحي،وسط تزايد مخاوف أهالي القرية من تهجيرهم نهائيا من أرضهم.

عن "الحرة"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية