العدالة والتنمية وادّعاءات المثالية في بيئة سياسيّة ملوّثة

العدالة والتنمية وادّعاءات المثالية في بيئة سياسيّة ملوّثة


25/05/2021

إلى أيّ حدّ يمكن لحزب العدالة والتنمية الحاكم أن يواصل ادّعاءاته المثالية بأنّه يخدم تركيا ويعيد أمجادها المتخيلة؟ هل ينجح في التعمية على أعين الأتراك المنتقدين لسياساته التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه من تشتّت وتأزيم؟ كيف تمكن مواجهة هذه الادّعاءات في بيئة سياسية قام هذا الحزب بتلويثها – بحسب معارضيه - على مدار عقدين من حكمه؟

في هذا السياق، أشار الكاتب مصطفى كارالي أوغلو في مقال منشور له في صحيفة قرار التركية، إلى أنّ حزب العدالة والتنمية يزعم أنّه مثاليّ لدرجة أنه لا ينتقده إلّا خائن أو عميل، ولفت إلى أنّ الحزب الحاكم يجب أن يستيقظ من أوهامه، وهو ليس مثالياً وخسر معظم مزاياه على مر السنين، حيث تم استنفاد رأس مال التبادل والتجديد في السنوات القليلة الماضية. لهذا يزداد عنف الشعار مع تنامي المشاكل..

وقال إنّ الحكومة ترتكب أخطاء واضحة في العديد من المجالات، وهي مخطئة في العديد من قراراتها، وغالبًا ما تصبح غير مقبولة. وكلما ازدادت الأخطاء ووقع الناس في الأخطاء، يفقد الاحتماء بحجة عملية الإدراك معناها، لأن تصور القوة هو، بالضبط كما ينعكس اليوم، متعب ومشتت وعاجز أمام المشاكل المتزايدة.

وأكّد الكاتب على أنّ تحويل إصبعك إلى أعداء غامضين بدلاً من شرح الحقيقة وإنتاج المزيد من الشعارات بدلاً من حل المشكلات هو أمر عديم الجدوى ويعمق الوضع الحالي غير السار، وبدون حل الأزمة أو دحض الادعاء أو التعامل مع قضية ملتهبة، تصبح الكلمات الكبيرة والجمل المسكونة فارغة.

ونوّه إلى أنّه جرّاء ذلك، فإن الدفاع عن "القوى الأجنبية، والمتعاونين المحليين"، والحجج والاتّهامات الأخرى التي تمّ استخدامها في كل نقد لسنوات، لم يعد لها أي معنى. وأكّد أيضاً أنّ هذا الدفاع غير العقلاني وغير المنطقي شوّه تصور الحزب الحاكم الذاتي لدرجة أنه حتى أولئك الذين ينوون القيام بعمليات الإدراك لا يمكنهم تحمل الوضع الحالي إلى أبعد من ذلك، وإن القول بأن البلد هو الهدف وليس إعطاء إجابة منطقية على الاتهامات يثير الشكوك، ناهيك عن المصداقية.

ولفت الكاتب مصطفى كارالي أوغلو أنّه إلى جانب ذلك، لا أحد ينتقد الحكومة أكثر من حزب العدالة والتنمية نفسه بهدوء وسرية، ولم تتمكن أي "عملية إدراك" حتى الآن من تجاوز الاستجواب والنقد وراء الكواليس لأعضاء الحزب أنفسهم، ولكن مع مخاوف كبيرة..

بدلاً من الرد على الانتقادات والادعاءات، فقد انتهى تصنيف الجميع على أنهم خائنون أو أعضاء سرّييون في منظمات متّهمة بالإرهاب.. لقد وصل الأمر إلى حد أنه عندما لا يكون هناك المزيد من الرجال الذين يجب إلقاء اللوم عليهم، فقد وصل الأمر إلى حد اختراع أعداء مفترضين وتحميلهم المسؤولية.

وشدّد الكاتب أنّه لا توجد طريقة لمواصلة هذه السياسة، إلا أن نكون صادقين في مواجهة الحقائق، وأنّ من لا يستطيع تحمل ما يحدث، ولا يمكنه التحدث إلى ضميره، ووضع العلامات على أولئك المتمردين، لن يتمكّ، من السير في هذا الطريق على أي حال. كما شدّد على أنّه في بلد لا يوجد فيه قانون، لا يمكن لأي عمل أن يسير على ما يرام، الفساد والمخالفات والمافيا والمخدرات تدخل إلى الفضاء الذي يخليه القانون. لذلك حدث ذلك.

وقال مصطفى كارالي أوغلو إنّ الفساد موجه في إدارة الدولة حيث ينخفض ​​المستوى ويتم التخلي عن الكفاءة والجدارة. في حالة عدم وجود سيطرة أو رادع، يجد أي نوع من عدم الشرعية الشجاعة ويصبح متهورًا بشكل متزايد. الشر يتنافس مع الشر. من ناحية أخرى، فإن الخير يغرق، ويصبح بائسًا، وحتى مدانًا. يضيف الرجال الضعفاء والمطيعون والانتهازيون والأنانيون جميع أنواع القيم إلى قوة الدولة من أجل استمرار النظام وجر البلاد إلى كارثة؛ إنهم لا يهتمون حتى بالضرر الذي يتسبّبون فيه.

وختم مقاله بالقول إنّه لم يعد ما يفكر فيه حزب العدالة والتنمية في نفسه أمرًا مهمًا للغاية، لكن من الضروري أن يتصدّى لكل واقع سيواجهه دون التسبب في أي أمر أسوأ على سلامة البلاد، ودون التسبب في شيء يصعب إصلاحه. وأضاف إنّ القضية مؤلمة للغاية لدرجة أن مرحلة حساب الأصوات قد مرت. كان الأمر نفسه قبل اتهامات بيكر، وقبل ذلك من أحداث واستقالات وانشقاقات، وأنّ الفرق هو أن كل يوم بدون مواجهة يفاقم القانون الذي سيأتي إلى تركيا.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية