العدالة والتنمية وتجديد لعبة استغلال الدين كأداة سياسية

العدالة والتنمية وتجديد لعبة استغلال الدين كأداة سياسية


14/09/2021

نوّه الكاتب التركي محمد أوجاكتان في مقال له في صحيفة قرار التركية، يوم الاثنين، أنّ حزب العدالة والتنمية بدأ برفض استخدام القيم الدينية كأداة للسياسة والصراع على السلطة، وأنّه في الفترة الأولى من سلطته، اتبع خطًا حساسًا للغاية في هذا الصدد وحرص على احتضان جميع الهويات المختلفة في البلاد.

وأكّد الكاتب أنّه في واقع الأمر، حظي هذا الفهم للسياسة بموافقة جزء كبير من المجتمع وقدم قصص نجاح جادة لحكومات حزب العدالة والتنمية. ومع ذلك، لسبب ما، فضل العدالة والتنمية التحول في اتجاه مختلف تمامًا، من خلال إنكار قصة النجاح هذه التي كتبها بنفسه، منذ عام 2013.

كما أكّد أنّه في السنوات الخمس الماضية، تسبّب إدخال القيم الدينية في الحقل السياسي، بإلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالديمقراطية التركية، فضلاً عن كونها غير عادلة للدين والمتدينين. ومع ذلك، شدد حزب العدالة والتنمية في مبادئه التأسيسية على أنه لن يحبذ "الاتجار بالأديان" ووعد بنهج إدارة ديمقراطي يعطي الأولوية لسيادة القانون والحريات. لكن لسوء الحظ، يستخدم حزب العدالة والتنمية نفسه اليوم الدين كأداة راعية للسياسة.

وتأسف الكاتب محمد أوجاكتان أنّه عندما تتحول القيم الدينية إلى أداة للنضال من أجل هزيمة أولئك في الجوار على الطرف الآخر، أو الصراع على السلطة السياسية، أصبح من الحتمي تضمين الدين مباشرة في القتال. وقال إنّه يجب أن نعلم أن الدين ليس أداة أيديولوجية للحشود الغاضبة، ولا هو جهاز يستخدم لكسب الحكومات أو هزيمتها.

وأشار الكاتب إلى أنّ الجميع يعرف الآن أن حكومة حزب العدالة والتنمية تستغلّ الدين في السياسة، وتسيّس الدين، وتهدد خصومها علانية باستخدام الدين كدرع، وتعد "اللعبة السياسية" التي تهدف إلى استفزاز شرائح مختلفة من المجتمع، خاصة من خلال ديانت، أخطر مؤشر على هذا الطيش السياسي.

واستدرك الكاتب قائلاً إنّه تجدر الإشارة إلى أن البديل عن حزب العدالة والتنمية، الذي يستخدم الدين كأداة للسياسة، هو بالتأكيد ليس "علمانية متشددة"، لأن تركيا عانت من آلام كبيرة بسبب الدمار الذي سببته ممارسات "العلمانية المتشددة" التي ظهرت في فترات مختلفة، خاصة في فترة 28 فبراير، ونجحت أخيرًا في إغلاق هذه الصفحات المظلمة.

وقال لذلك، فإن هذا المجتمع لا ينوي الوقوع في شرك محور "العلمانية المتاجرة بالدين". وأكّد أنّه سيكون من المفيد الكشف عن خطر هذا المحور ثنائي القطب قليلاً. وأعرب عن اعتقاده أن المناقشات التي بدأت بافتتاح مبنى المحكمة العليا الأخير بصلاة رئيس الشؤون الدينية علي أرباش وتصريحات رئيس الجمهورية التي تشير إلى أن القوانين ستكون مبنية على أساس الدين، قد انتقلت إلى مرحلة مقلقة على أرض الواقع.

وشدّد الكاتب على أنّ جميع قادة المعارضة، وخاصة زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، بحاجة إلى استخدام اللغة بحذر شديد، خاصة فيما يتعلق بالدين، لأن هذا فخ واضح جدا للخصم. لا يوجد مخرج آخر للحكومة، التي لا تستطيع أن تفسر إلى أين تذهب 128 مليار دولار، ولا تستطيع منع ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، ولا تستطيع إيجاد حل للتضخم والعاطلين عن العمل، الذي يصل إلى 10 ملايين، وهي في حالة يأس في مواجهة كوارث الحرائق والفيضانات، ولا يمكنها التخلص من الفساد، بخلاف تسويق القيم الدينية.

ولفت إلى أنّه مع العلم أن هذه الطريقة غير عادلة للدين بشكل واضح، فلن يتردد في استخدامها.

ويتوقع أن يقوم حزب الشعب الجمهوري، الذي يعتقد أن لديه نقاط ضعف خاصة في "لغة الدين"، بمعارضة قوية بشأن هذه القضية. وهكذا، تكرر الحكومة حفظها لقولها "هذا هو حزب الشعب الجمهوري، إنهم أعداء الدين" وتحسب للحصول على ميزة كبيرة. لحسن الحظ، يدرك كليجدار أوغلو الخطر، حيث أظهر حساسيته في البيان الذي أدلى به الأسبوع الماضي بقوله: "هذا فخ، لن نقع في هذا الفخ".

وقال محمد أوجاكتان إنّه مع ذلك، من الصعب القول إن بعض المؤسسات الإعلامية اليسارية لديها نفس الحساسية. وذكر أنّه بينما ينتقدون خطاب رئيس الشؤون الدينية، أرباش، فإن الآراء التي عبر عنها بعض العلمانيين المتشددين على التلفزيونات تحمل للأسف خطر الإساءة للقيم الدينية والفئات الدينية المحافظة.

وأكّد على أنّ هذا بالضبط هو السبب الذي يجعل إثارة موضوع الدين أكثر من اللازم يعني الدعم المباشر للحكومة، وهذا ما تتوقعه الحكومة. كما أعرب عن اعتقاده أيضاً أنه من غير المجدي أخذ رئيس الشؤون الدينية، علي أرباش، على محمل الجد ومناقشته، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الدينية، لأنه ليس لديه عمق في مجال العلوم الإسلامية، كما أن حساسيته تجاه الإسلام، وهو دين الرحمة، أمر مشكوك فيه.

وأكّد الكاتب محمد أوجاكتان في خاتمة مقاله على أنّه يجب على كل شخص غير مرتاح لاستخدام الحكومة للدين أن يعرف ذلك؛ ما لا يقل عن 65 في المئة من هذا المجتمع لديه طابع ديني محافظ، لذا فإن أي حركة تسيء إليهم ليس لديها فرصة للنجاح، لذلك، هناك فوائد عديدة للشرائح "العلمانية" لاتباع خط تغيير كليجدار أوغلو.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية