الغاز المصري الى لبنان: أي شروط وأي خيارات؟

الغاز المصري الى لبنان: أي شروط وأي خيارات؟


08/09/2021

سابين عويس

فيما بلغ التضييق المعيشي ذروته في الشارع اللبناني مع استمرار الشّح في المحروقات لزوم توليد الكهرباء وارتفاع أسعارها نتيجة التهريب من جهة وتراجع دعم المصرف المركزي من جهة أخرى، سلكت بعض الخيارات البديلة للنفط الإيراني الذي فرض نفسه خياراً وحيداً وحصرياً للخروج من الأزمة، طريقها مع قرار واشنطن تخفيف القيود عن لبنان.

ففي الوقت الذي أعلن فيه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله عن وصول البواخر الإيرانية المحملة بالمازوت والبنزين، تحركت واشنطن في اتجاه منح لبنان خياراً آخر تمثل بإعلانها عن الموافقة على استجرار الغاز المصري الى الأردن من أجل انتاج الكهرباء وصولاً الى لبنان عبر سوريا.

وفي حين شكل هذا الإعلان انتصاراً لمحور الممانعة بقيادة طهران، خصوصاً أنه تزامن مع بدء الانسحاب الأميركي من أفغانستان، شككت أوساط هذا المحور بإمكان ذهاب واشنطن بهذا الخيار حتى النهاية، معتبرة أن الإعلان سيقتصر على الموقف السياسي، ولن يترجم بخطوات أو إجراءات عملانية تؤمن وصول الغاز في الوقت المطلوب، فيما اللجوء الى البواخر الإيرانية يشكل حلاً سريعاً. وربما فورياً للأزمة الحادة في لبنان.

في المقابل، رأت أوساط اقتصادية في القرار متنفساً إقتصادياً للبنان، يوسّع مروحة الخيارات الى جانب خيار الاعتماد على النفط العراقي، كحل موقت، معولة على الاستجابة السريعة اللبنانية التي تؤشر الى أن القرار الأميركي جدي وليس مناورةً.

ففي أول خطوة عملانية في هذا الاتجاه، برزت زيارة وفد وزاري لبناني الى سوريا بعد انقطاع رسمي لنحو عشر سنوات، خلصت الى موافقة سوريا على مرور أنابيب الإمدادات في أراضيها. تعقب هذه الخطوة، زيارة يقوم بها وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال اللبناني ريمون غجر الى الأردن للمشاركة في الاجتماع الرباعي لدول الربط الكهربائي سوريا ولبنان والأردن ومصر. ويحمل غجر الى الاجتماع ملفات تقنية تتضمن مجموعة من النقاط التي سيطرحها لبنان ومن أبرزها وأهمها إعادة تفعيل الاتفاقية الموقعة بين دول خط الغاز العربي، المعلق منذ العام 2012. كما سيطرح المشاكل المتصلة بإعادة تأهيل الخط ومدى جاهزية البنية التحتية لنقل الغاز الطبيعي إن في الدول التي سيمر فيها أو في لبنان. وعلم أن غجر سيستوضح خطة العمل والجدول الزمني والمتطلبات اللوجستية والتقنية فضلاً عن الكلفة المالية وما سيترتب على لبنان دفعه. وينتظر أن يخلص الاجتماع الى تشكيل لجنة فرعية تقنية للمتابعة.

لم يقف التسهيل الأميركي عند هذا الحد وإنما ذهب أبعد عبر إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أمس أنه خوّل وزير خارجيته بسحب مبلغ 47 مليون دولار لتقديم مساعدات فورية للقوات المسلحة اللبنانية وفق مادتين من قانون المساعدة الخارجية. وهذا يعكس بحسب مراقبين تأكيد واشنطن على استمرارها في دعمها الجيش اللبناني ومنع الانزلاق التام نحو المحور الإيراني أو السماح لطهران باستعمال الورقة اللبنانية في مفاوضات فيينا المرتقب استئنافها قريباً.

ولكن هل ستكون طريق الغاز المصري معبدة الى لبنان؟ وماذا عن الألغام المزروعة فيها بسبب المعوقات والعثرات؟ وهل هذا الخيار كافٍ أو قادر على معالجة الأزمة النفطية في لبنان؟

الأكيد أن هذا الخيار يفتح ثغرة في جدار الأزمة الخانقة، وإن كان الحل ليس قريباً ويحتاج الى بعض الوقت، كما يحتاج الى التمويل. والسؤال المطروح في هذا السياق من اين سيتوافر الدعم لتأمين البنية التحتية أولاً ومن ثم ما هي الكميات التي يمكن لمصر أن تزودها للبنان في ظل عدم وجود فائض كبير لديها. وما هي الشروط التي ستفرضها سوريا لإعطاء حق المرور، مع العلم أن الخط قد تعرض لأضرار كبيرة. وقد كشف وزير الطاقة السوري غسان الزامل أن كلفة إصلاح خط الكهرباء الذي يربط بين الأردن وسوريا وصولاً الى لبنان تصل الى 12 مليار ليرة سورية، موضحاً أن تنفيذ أعمال التأليف تحتاج الى ما بين شهرين الى أربعة أشهر من لحظة بدء العمل الفعلي لأعمال إعادة التأهيل، مبيناً ان الأضرار التي لحقت بالخط شملت تدمير نحو 80 برجاً تتجاوز كلفتها 7 مليارات ليرة سورية.

ويذكر أن عقد تبادل الطاقة الكهربائية بين الأردن ومصر وسوريا قد تم تحديده في العام 2012. وقدرة الخط تصل الى 550 ميغاواط. والأسئلة عينها التي تصح لمصر تصح أيضاً للأردن، لا سيما في الجانب التقني بقطع النظر عن الدعم السياسي الذي تقدمه الدولتان للبنان، ولكن بالنسبة إليهما لا يمكن إغفال مسألة العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر، خصوصاً أن الضوء الأخضر الأميركي للبنان لإيفاد وفد وزاري الى سوريا لا يعني بعد أن واشنطن قد أصدرت قراراً عملياً باستثناء الدول المعنية ومعها سوريا من موجبات العقوبات. وهذا يطرح السؤال عن الموقع الذي ستتخذه واشنطن في السياسة ليحدد على أساسه مدى نجاح المشروع بحيث تصبح الجوانب التقنية واللوجستية وحتى المالية مجرد تفاصيل!

عن "النهار" العربي


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية