الغزيّون بعد حادثة السفير القطري: أين ذهبت حماس بأموال الدعم؟

قطر وحماس

الغزيّون بعد حادثة السفير القطري: أين ذهبت حماس بأموال الدعم؟


21/02/2018

أثارت حادثة السفير القطري محمد العمادي في مدينة غزة، ومحاولة الاعتداء عليه الإثنين الماضي عاصفة من الجدل في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي استعاد بعضها الدور القطري في غزة، والتمويل القطري لمشاريع "إعادة الإعمار والدعم" فيها، وتم طرح تساؤلات مختلفة حول تاريخ العلاقة بين دولة قطر وحركة حماس، والأسباب الكامنة وراء هذا الدعم.

 السفير القطري محمد العمادي

وعود قطرية

حادثة السفير القطري لم تكن عادية؛ إذ نقلت شاشات التلفزة العربية مشاهد لمواطنين غزيين غاضبين، أحاطوا بمدخل مجمع الشفاء الطبي في القطاع، وحالة من الهياج تنتشر بينهم، وهم يحيطون بالسفير الذي خرج مسرعاً تحت الحماية الأمنية المشددة؛ حيث سرعان ما أنزلوا علم دولة قطر من فوق مبنى المجمع الطبي، وأخذوا يتحدثون إلى وسائل الإعلام، مطالبين بتحقيق ما أسموه "الوعود الكاذبة" حول توفير الدواء والمأوى والمساعدات.

نقلت شاشات التلفزة مشاهد لمواطنين غزيين غاضبين يحيطون السفير القطري الذي خرج مسرعاً تحت الحماية الأمنية المشددة

ولم تتمكن قوات الأمن المتواجدة في محيط المنطقة من حماية السفير الذي خرج مسرعاً من المكان تقريباً، غير أنّ الحادث، يشير إلى أزمة تشوب موضوع المساعدات المالية القطرية إلى غزة، والتي طالتها الشبهات من قبل وفقاً لتعليقات مراقبين من داخل غزة، حول إن كانت موجهة بالكامل إلى القطاع وأهله، أم أنها تستهدف  دعم حركة حماس وقياداتها ومؤيديها على وجه الخصوص؟

دعم أم استثمار سياسي؟

من المعروف، أنّ العديد من قيادات حماس، تواجدوا في دولة قطر منذ سنوات، من أبرزهم خالد مشعل، وسامي خاطر، غير أنّ تاريخ العلاقة مع دولة قطر قديم، بدأ فعلياً منذ العام 1999؛ أي بعد إغلاق مكاتب حركة حماس في الأردن وترحيل قادتها؛ حيث توسّط أمير قطر آنذاك حمد بن خليفة آل ثاني للمصالحة بين الطرفين.

وبحلول العام 2006، ظهرت العلاقة بين حماس ودولة قطر بصورة علنيةٍ قوية بعد فوز الحركة بالانتخابات التشريعية؛ حيث استقبلت الدوحة رئيس حماس إسماعيل هنية، ولم تتوقّف عن دعم قطاع غزة بعد الانقسام والمناوشات التي اندلعت بين حركتي فتح وحماس العام 2007.

وفي كتابه "قطر وتغير السياسة الخارجية"، الصادر عن دار العربي، يوثق المؤلف عرفات جرغون علاقة قطر بحماس متحدثاً عن "دعم قطري ممنهج وكبير منذ العام 2011 للحركة بالتنسيق مع تركيا، وذلك بتقديم 50 مليون دولارٍ للحركة، بعد تجميد أمريكا وأوروبا مساعداتها للسلطة الوطنية الفلسطينية".

تحدث غزيون إلى وسائل الإعلام مطالبين بتحقيق ما أسموه الوعود الكاذبة حول توفير الدواء والمأوى والمساعدات

ويضيف المؤلف، "تصادف صعود حركة حماس مع بحث قطر عن دورٍ إقليمي".

وكان أمير قطر السابق، زار غزة العام 2012، وقدم مبلغ "400 مليون دولار لإعادة إعمار غزة"، بحسب جرغون.

لكن الكاتب، يعود تحت فصل بعنوان "العلاقات القطرية الإسرائيلية القطرية ليقول "تعد دولة قطر من أول الدول الخليجية في علاقاتها مع إسرائيل، والتي بدأت خلال استضافة قطر لاجتماعات لجنة ضبط التسلح الإقليمي العام 1994 بحضورٍ إسرائيلي".

ويتحدث جرغون عن استمرار العلاقات القطرية الإسرائيلية بالتطور، بهدف تقرب قطر من أمريكا، وبالتالي، يستنتج الكاتب وجود "تناقضات في سياسات قطر تجاه فلسطين، بسبب علاقاتها مع إسرائيل".

الحادث يشير إلى أزمة تشوب موضوع المساعدات المالية القطرية إلى غزة التي طالتها الشبهات من قبل

ومن الجدير بالذكر، أنّ شهر كانون الثاني (يناير) شهد زيارة "صهيوني أمريكي رفيع المستوى إلى الدوحة، ضمن محاولة قطرية للتقرب من أمريكا؛ إذ جاءت زيارة مورت كلاين كونه شخصية صهيونية أمريكية بارزة"، بحسب ما أوردته صحيفة "the forward" الأمريكية في صفحاتها بتاريخ 31 كانون الثاني (يناير) 2018.

وتشير سياسات قطر تجاه فلسطين ضمن ما ذكره جرغون، ودعمها لحركة حماس بالخصوص مترافقاً مع علاقات قديمة مع إسرائيل، إلى تناقض غير نزيه، نتج عنه ربما تعزيز للانقسام الفلسطيني بعد دعم قطر لحماس في غزة، واستضافة قياداتها في قطر، واستثمارها غالباً في السياسة الخارجية القطرية، التي تعتمد على الترويج لجماعة الإخوان المسلمين، ولعب دورٍ يبدو داعماً للمقاومة، لكسب الرأي العام العربي.

التساؤل الأساسي الذي يطرح نفسه بعد حادثة السفير القطري، هو: أين ذهبت نقود إعمار غزة ودعم أهلها؟

أين بدأ الصدع؟

إن التساؤل الأساسي الذي يطرح نفسه بعد حادثة السفير القطري، هو: أين ذهبت نقود إعمار غزة ودعم أهلها؟ أو على الأقل، أين ذهبت معظم هذه المبالغ؟ هل تم توظيفها في خدمة إعلام وسياسة حركة حماس وقياداتها فقط؟ أم في مجالات أخرى؟

هذه الأسئلة، تعود بنا إلى بداية الأزمة الخليجية منتصف العام 2017، التي بحسب مراقبين ومواقع إعلامية، أدت بدايةً إلى تقليص دعم دولة قطر لحركة حماس مالياً ولوجستياً، بدءاً من مغادرة بعض قياداتها أرض الدوحة، وليس انتهاءَ بحادثة أول من أمس، ومن ثم زيارة مورت كلاين.

جرغون: تصادف صعود حركة حماس مع بحث قطر عن دورٍ إقليمي

كما أنّ يوم 21 تشرين الأول (أكتوبر) شهد تناقل وكالات الأنباء قول رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار "إنّ قطر لا تؤيد التقارب بين حركة حماس ومصر، خاصة في جهود ملف المصالحة، كما أنّ الدوحة حاولت التدخل في هذا الملف؛ لإفشاله دون أن تكلل مساعيها بالنجاح" بحسب ما نشره موقع "العربية" في التاريخ المذكور.

المصالحة التي تكللت بالنجاح مبدئياً بين الحركتين وبصورة فعلية بعد ذلك التاريخ، ورفض قطر لها مثلما تم نشره في ذلك الحين مؤشر كبير آخر، على خدمة الانقسام لمصالح دولة قطر ربما، ولعل الدراسة المنشورة للباحثة مي غيث، ضمن ملف الأهرام الإستراتيجي للأبحاث في العدد 221، حول الدعم القطري القوي لحماس، توضح هذا الجانب.

وتستنتج غيث من دراستها، أنّ "الدعم القطري خدم المخطط الأمريكي الإسرائيلي لجعل الشقاق الفلسطيني مؤسساتياً عن طريق وضع الدعائم الدبلوماسية لكيان فلسطيني يقتصر على قطاع غزة".

وبناءً على كل ما ذكر آنفاً، فإنّ العلاقات القطرية الفلسطينية المتمثلة بدعم حركة حماس، تبدو قائمة على خدمة مصالح دولة قطر لا أكثر.

وكان موقع التواصل الاجتماعي تويتر، شهد انتشار هاشتاغ "فلسطينيون يطردون سفير قطر" على نطاق واسع، تحدث البعض من خلاله عن "مؤامرة قطرية ضد الشعب الفلسطيني"، وتطرقت تغريدات أخرى لـ "فشل السياسة القطرية في تعزيز الانقسام بعد سنوات من الدعم المشبوه". فيما ركز مغردون على "إرهاق في الخزينة القطرية بسبب وقوفها بتزمت تجاه الأزمة الخليجية" ودعمها "لمؤسساتٍ وجهات كجماعة الإخوان وغيرها، من أجل التملص من استحقاقات سياساتها الخارجية طوال عقودٍ ماضية".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية