الفلسطينيون يحرّرون عين الساكوت في الأغوار الفلسطينية

الفلسطينيون يحرّرون عين الساكوت في الأغوار الفلسطينية


18/04/2021

على الحدود الأردنية الفلسطينية، وفي داخل منطقة الأغوار، شرق الضفة الغربية المحتلة، تتربع قرية عين الساكوت، التي تشكّل أهمية بيئية كبيرة، باعتبارها الضفة الأخرى لنهر الأردن، والذي يجعلها من الأراضي الخصبة لزراعة المحاصيل الزراعية المختلفة، وممراً للطيور المهاجرة، إلا أنّ القرية التي لا تبعد سوى 150 متراً عن نهر الأردن، تتعرض لعمليات المصادرة الإسرائيلية لأراضيها، في محاولة لتهجير ما تبقى من السكان والسيطرة عليها بشكل كامل.

إسرائيل تعمدت فصل الأغوار الفلسطينية عن بقية أرجاء الضفة الغربية المحتلة، لتهويد القرية برمتها، لتنفيذ مخطط الضمّ الإسرائيلي، والذي وعد نتنياهو خلال الانتخابات الإسرائيليين به

وقبل عدة أعوام، وضع مجلس مستوطنات الضفة الغربية أسلاكاً شائكة وكاميرات مراقبة حول القرية، وسيطر على عين المياه الوحيدة، كما نصبت قوات الاحتلال بوابتين إلكترونيَّتين لمنع الفلسطينيين من الوصول لأراضيهم، إضافة لزراعة الأراضي الحدودية للقرية بالألغام، حتى بات الوصول لما تبقى من أراضيها أمراً محفوفاً بالمخاطر، إلى أن استطاع الفلسطينيون كسر عزلتها عبر الجولات السياحية والبيئية، التي تضمّ المئات من السياح من مختلف أنحاء الضفة الغربية.

سكان القرية استطاعوا التقدم بقضية لدى المحكمة العليا الإسرائيلية لاستعادة أراضيهم المصادرة عام 2016

وتمتدّ الأغوار الفلسطينية، التي تشكّل نحو 30% من أراضي الضفة الغربية، من بيسان حتى صفد شمالاً، ومن عين جدي حتى النقب جنوباً، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غرباً، وتبلغ مساحتها نحو 1.6 مليون دونم (الدونم ألف متر مربع)، ويقطن فيها نحو 13 ألف مستوطن إسرائيلي في 38 مستوطنة، في حين يسكن نحو 65 ألف فلسطيني في 34 تجمعاً.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تحوّل أقدم مطار فلسطيني إلى أضخم حيّ استيطاني

واحتلت إسرائيل المنطقة عام 1967، ومنذ ذلك الحين سارعت قوات الاحتلال إلى نهب خيراتها وأراضيها وتهميش الوجود الفلسطيني فيها، لا سيما بعد مفاوضات أوسلو، عندما تمت الموافقة على أن يكون 91% من أراضي الأغوار ضمن مناطق "ج"، أي تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، ولا يستطيع الفلسطينيون بناء المنشآت السكنية أو إقامة بنية تحتية إلا بموافقة سلطات الاحتلال، مما دفع كثيرين منهم إلى السكن في بيوت متهالكة أو الهجرة إلى مناطق أخرى.

مسؤول ملفّ الاستيطان في الأغوار، معتز بشارات، لـ "حفريات": بقيت قرية الساكوت تحافظ على تراثها المعماري ببيوتها التي تم تشييدها من الطين الأحمر

وكانت دراسة أجراها البنك الدولي بالشراكة مع وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية، قد أشارت إلى أنّ خسائر الفلسطينيين في المناطق (ج) تزيد على 3.4 مليار دولار سنوياً، في المقابل تظهر دراسات أخرى أجرتها الوزارة أنّ خسائر الفلسطينيين بسبب استمرار الاحتلال عموماً تزيد على 9.8 مليار دولار، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ 87% من المياه الجوفية موجودة في المناطق (ج)، و90% من الموارد الطبيعية موجودة فيها أيضاً. 

اقرأ أيضاً: بتير .. جنة فلسطينية يسعى الاستيطان الإسرائيلي لجعلها جحيماً

وتنتج أراضي الأغوار نحو 50% من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة الغربية، و60% من إجمالي الخضراوات و40% من الحمضيات، و100% من التمور والموز، ما يعني أنّ وزنها يتعدّى الأهمية الجغرافية، فهي تمثل السلة الغذائية للأراضي المحتلة، لكن سياسات الاحتلال حولتها إلى منطقة صحراوية عسكرية مغلقة تحت حجج وذرائع أمنية واهية.

مسارات سياحية وبيئية

بدوره، يقول رئيس مجلس قروي المالح والمضارب البدوية، مهدي دراغمة؛ إنّ "المسارات السياحية والبيئية استطاعت الوصول إلى العديد من أراضي القرية التي تزيد مساحتها عن 13 ألف دونم، وتعيش فيها قرابة 20 عائلة، بعد أن احتلتها إسرائيل من أصحابها الفلسطينيين بعد عام 1967م، تحت ذريعة وقوعها ضمن منطقة عسكرية مغلقة، أو السيطرة عليها بحجة كونها محمية طبيعية".

مهدي دراغمة

ويضيف دراغمة، خلال حديثه لـ "حفريات": "سكان القرية استطاعوا التقدم بقضية لدى المحكمة العليا الإسرائيلية لاستعادة أراضيهم المصادرة عام 2016، وبعد معركة قانونية داخل أروقة المحاكم الإسرائيلية، استمرت لسنوات، تمّ استرجاع 3 آلاف و500 دونم فقط من الأراضي، ليتواصل مسلسل معاناة سكانها بعد القرار الإسرائيلي، بتنفيذ مجموعات المستوطنين في البؤر الاستيطانية المجاورة، بالسيطرة والاستيلاء على مساحات جديدة من الأراضي لإقامة مشاريع زراعية عليها".

اقرأ أيضاً: الزحف البطيء.. كيف بدأ المشروع الصهيوني الاستيطاني في العهد العثماني؟

ولفت إلى أنّ "السلطات الإسرائيلية تستولي على أكثر من 85% من مساحة القرية، ويرفض الاحتلال السماح للسكان بالوصول إلى أراضيهم لممارسة مهنتهم الأساسية في الزراعة ورعي الأغنام"، مبيناً أنّه "خلال عام 2005، أنشأت قوات الاحتلال بوابات عسكرية تعلوها كاميرات مراقبة على بعد 150 متراً فقط من نبع عين الساكوت، والذي يستخدمه سكان القرية للشرب والزراعة وسقاية مواشيهم".

خطة الضمّ الصهيونية

وأكّد "البوابات العسكرية ووضع الأسلاك الشائكة حول المنطقة ينذر بالسيطرة على النبع والأراضي المحيطة به، تحت مسمى "محمية طبيعية"، لتسهيل الاستيلاء على الأراضي، للمضي في تنفيذ خطة الضم الصهيونية التي أعلنها رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، خلال العام الماضي، والتي تهدف إلى ضمّ 30% من أراضي الضفة الغربية، وتحديداً في منطقة الأغوار وضمّها للأراضي المحتلة عام 1948م".

تنتج أراضي الأغوار نحو 50% من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة الغربية

وأوضح رئيس المجلس القروي؛ أنّ "القرية في حاجة إلى المزيد من الدعم الشعبي والرسمي الفلسطيني إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني والأهلي، للوقوف إلى جانب سكانها عبر تنظيم المزيد من المسارات السياحية والبيئة، لإدراك الاحتلال بالآثار السلبية لتلك المسارات عليه، والتي من شأنها تعريف الفلسطينيين بأرضهم وتوثيق ارتباطهم بها، بالإضافة لكونها تحدياً لإجراءات الاحتلال العنصرية".

كسر عزلة القرية

ويرى مسؤول ملفّ الاستيطان في الأغوار، معتز بشارات، خلال حديثه لـ "حفريات": "المسارات السياحية التي يجريها ناشطون من مختلف أنحاء الضفة الغربية يومَي الجمعة والسبت من كل أسبوع، ساهمت في كسر عزلة القرية بعد أن سيطر الاحتلال ومستوطنوه على معظم أراضيها، والتي تعدّ من أكثر المناطق الفلسطينية تنوعاً في الغطاء النباتي، لاحتوائها على العديد من العيون والآبار المائية التي استولت عليها شركة "ميكروت" الصهيونية".

معتز بشارات

وتابع: "تحيط بالقرية مستوطنتا "ميخولا" و"شدموت ميخولا" الإسرائيليتان، اللتان تتمددان وتستوليان على المزيد من الأراضي بغرض استخدامها في زراعة بعض النباتات العشبية النادرة؛ لخصوبة أراضي القرية واحتوائها على عين المياه، التي تخرج من جوف الأرض على مدار العام، حيث وضع الاحتلال لافتات تحذيرية على مساحات واسعة من الأرض، تنذر وتحذر السكان من الاقتراب منها، بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة".

فصل الأغوار عن الضفة

ولفت بشارات إلى أنّ "قوات الاحتلال تمنع سكان القرية من البناء أو تطوير مساكنهم؛ حيث بقيت القرية تحافظ على تراثها المعماري ببيوتها التي تم تشييدها من الطين الأحمر"، مشيراً إلى أنّ "الاحتلال يسيطر على 60% من مساحة الأغوار، ويمنع دخول الفلسطينيين لهذه المناطق لممارسة أنشطتهم المختلفة، بعد أن أنشأ الاحتلال أكثر من 90 موقعاً عسكرياً بداخلها".

اقرأ أيضاً: مشروع استيطاني جديد في قلب الخليل المحتلة.. ما تفاصيله؟

وأكّد مسؤول ملفّ الاستيطان؛ أنّ "إسرائيل تعمدت فصل الأغوار الفلسطينية عن بقية أرجاء الضفة الغربية المحتلة، لتهويد القرية برمتها، لتنفيذ مخطط الضمّ الإسرائيلي، والذي وعد نتنياهو الشعب اليهودي به في حال فوزه بالانتخابات الثالثة، وذلك بعد السيطرة على منطقة الأغوار وشمال البحر الميت".

الصفحة الرئيسية