القاضي الأديب أشرف العشماوي: نجيب محفوظ أهدى رواياته لمن حاولوا قتله

القاضي الأديب أشرف العشماوي: نجيب محفوظ أهدى رواياته لمن حاولوا قتله


30/08/2018

أجرى الحوار: سامح فايز


"قل لهم ياحضرة الوكيل؛ أن يقرؤوا هذه الروايات لمصلحة المجتمع أيضاً"، بهذه العبارة توجه نجيب محفوظ إلى وكيل النائب العام أثناء التحقيق معه في قضية محاولة اغتياله من قبل الجماعة الإسلامية، تشرين الأول (أكتوبر) 1994، أصرّ نجيب أن يهدي قاتليه نسخاً موقعةً من أعماله، ربما أدركوا حجم الخطأ الذي ارتكبوه، لكن اللافت للانتباه أيضاً في ذلك الموقف؛ أنّ المحقّق في القضية، المستشار أشرف العشماوي، اتجه هو أيضاً لكتابة الرواية، بعد قضية محفوظ بأعوام، لينشر أولى رواياته عام 2012، تحت عنوان "تويا"، وزاد على ذلك أنّها نافست على الجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر"، ضمن القائمة الطويلة.

أشرف العشماوي: والدتي أكثر من شجّعني على مسألة الكتابة وأخبرتني أنّ والدي كان يقرأ رواياتي سراً

15 عاماً قضاها أشرف العشماوي وكيلاً للنائب العام بنايبة أمن الدولة العليا، بدأها أوائل التسعينيات، فترة ذروة العمل المسلح للجماعات الدينية المتطرفة في مصر، وساهم ذلك في عمل العشماوي على أشهر قضايا الإرهاب ومحاولات الاغتيال، بداية من محاولة اغتيال وزير الإعلام المصري صفوت الشريف، مروراً بمحاولة اغتيال نجيب محفوظ، ومحاولات اغتيال الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، وصولاً إلى حادثَي طابا وشرم الشيخ.

وبين رحلة القاضي والأديب، كان لـ "حفريات" هذا الحوار مع الكاتب والمستشار أشرف العشماوي:

التحقت بالعمل في نيابة أمن الدولة العليا في ذروة صعود خطاب العنف الديني، ومحاولات الجماعة الإسلامية للسيطرة، فما هي أهم القضايا التي حققت فيها، وكان الطرف المدان عضواً بالتنظيمات الدينية المتطرفة؟

لا يمكنني حصر عدد القضايا التي عملت بها في مجال الإرهاب، فقد استمرّ عملي بالنيابة قرابة 15 عاماً تقريباً متصلة، حققت في كلّ قضايا الرأي العام وقتها؛ حققت في أغلب قضايا الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد المصرية، استجوبت كثيراً ممن قاموا بارتكاب حوادث إرهاب؛ سواء قتل ضباط، أو قتل سائحين أجانب، أو محاولات اغتيال مسؤولين كبار، مثل: عاطف صدقي، وصفوت الشريف، وحسن الألفي، وغيرهم، كنت أعمل 14 ساعة يومياً، وتقريباً لا إجازات، اللهم أسبوعاً في العام لو أمكن، حققت مع عبود الزمر في السجن لاتهامه بتكوين خلية من داخل سجن "طرة" لمن سيفرج عنهم قريباً، لن أنسى يومها لما رأيت عشرات الشباب من المسجونين والتابعين لجماعة الجهاد يصطفون أمام شبابيك العنابر لرؤية زعيمهم وقائدهم، وهو يتريّض بفناء السجن لمدة نصف ساعة، شعبية طاغية وقوة تأثير هائلة، للأسف، لم توجّه في الاتجاه الصحيح، لأسباب كثيرة، ربما لم يحن بعد ذكرها بالتفصيل.

رواية "البارمان"

التحقيق في عملية انتحارية

معظم التنظيمات الإرهابية في سيناء بعد 2011 هي امتدادت لمنظّمي تفجيرات طابا وشرم الشيخ، ما هي ذكرياتك عن تلك القضية؟

في قضايا طابا وشرم الشيخ؛ كانت المرة الأولى التي أتولّى التحقيقات في عمليات انتحارية، كان فكراً جديداً بعد تحوّل الإرهاب إلى مجرد أفكار منثورة على شبكة الإنترنت، كلّ من يريد أن يجاهد فليتفضل، شباب يحملون أفكاراً مغلوطة مشوشة، ودولة غضّت البصر عن تعليمهم وصحّتهم ومعيشتهم، أو تظاهرت وقتها أنّها تفعل، فانحرفوا عن المسار، ووجّهوا طاقتهم كلّها في اتجاه عدائيّ شرس، لديّ حكايات عن تفجيرات طابا والمتهمين فيها تحتاج إلى كتاب منفصل؛ فقد تولّيت التحقيق فيها على مدار شهور بمفردي تماماً، وأذهلتني الاعترافات التي أدلوا بها، لا يمكنني أن أنسى المتهم الأول فيها؛ الذي وضع سيارة أسطوانات الغاز أمام فندق "هيلتون طابا"، وضبط المفجّر بعد 15 دقيقة، وهو يعلم أنّ أمه بالداخل تعمل في خدمة الغرف، ومع ذلك تركها تموت، قائلاً ببرود: فلتبعث على نيّاتها!

بدأت الكتابة من باب القصة القصيرة، وهي عشق خاص، وكتبت بالفعل قصة بعنوان "كلب الرجل العجوز"

العبارة نفسها، التي قالها أحد أعضاء تنظيم الجهاد، لما قتلوا شيماء الصغيرة في إحدى المدارس أثناء محاولة اغتيال عاطف صدقي، رئيس الوزراء، وبعدها قتلوا السيد يحيى، الشاهد الوحيد الذي رآهم، لـمّا أدلى بأوصافهم وبيانتهم، وساهم في ضبطهم، قتلوه وهو يجلس بمعرض سيارات يملكه بالقليوبية قرب النيل، أتوا إليه من النهر محملين بالأسلحة الآلية، وأمطروه بوابل من الرصاص، عقاباً على شهادته ضدّ زملائهم.

العنف الآن، من تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الجديدة، أكثر وحشية، معدوم الإنسانية تماماً؛ حادث قتل المصلين في العريش كارثي، لم أرَ مثله طوال حياتي، مشاهد الذبح التي بثّها التنظيم، ربما لم تحدث إلا في مقتل الشيخ الذهبي، وزير الأوقاف، في قضية الفنية "العسكرية" عام 1974، وبعدها لم يتكرر.

صعوبة الإرهاب الآن، في رأيي، أنّك تواجه شبحاً، شخصاً لا تعرفه، لا معلومات عنه، لا توجد تنظيمات وكوادر مثلما كان يحدث قديماً، فيسهل ضبطها لو عرفت مسؤول التنظيم، أو أمير الجماعة، أو قائد الجناح العسكري بها، الخلايا صارت عنقودية، خمسة أو أربعة من العناصر في كلّ مجموعة، بأسماء حركية، واستعداد للانتحار بسهولة إطفاء سيجارة، هذا أمر يصعب على الشرطة ضبطه بسهولة، ومن ثم تحقيقه أيضاً يكون صعباً.

تعرّض الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك لعدة محاولات اغتيال قمت بالتحقيق فيها، ماذا تذكر من تفاصيل تلك المحاولات؟

ذكرياتي عن حوادث اغتيال مبارك كثيرة، لكنّني لم أدوّنها بالتفصيل في وقتها، فنسيت أغلبها للأسف، أذكر منها تفخيخ قوائم إعلانات الشوارع الكبيرة بشارع صلاح سالم، لتفجير الموكب، منتصف التسعينيات، وأيضاً محاولة اغتياله في بورسعيد لما اقترب منه شخص يحمل وروداً بداخلها مطواة، سألت اللواء حامد شعراوي، قائد الحرس بالتحقيقات، وهو الحرس المرافق للرئيس بالسيارة، وهو الذي أمسك بالورود ونزعها من يد المتهم، فقطعت المطواه أوتار كفّه اليمني، كانت هناك محاولات أخرى، لكنّني لا أتذكرها الآن بالتفصيل.

عشماوي: لم أربط الحادث بروايته "أولاد حارتنا" ربّما لأنّها لم تصدر في طبعة مصرية

محاولة اغتيال نجيب محفوظ

كنت المحقّق في محاولة اغتيال الراحل نجيب محفوظ، عام 1995، هل تذكر تفاصيل تلك القضية؟

بالطبع، في هذا اليوم المشؤوم، الثامن عشر من تشرين الأول (أكتوبر) 1995؛ انفعلت وتأثرت، وكأنها الحادثة الإرهابية الأولى، وغضبت وكأنّ المجني عليه أحد أقاربي، كنت في مستهلّ عامي الرابع في النيابة العامة، وتواجدت في مكتبي بالتزامن مع الحادث بالمصادفة، عندما أبلغني ضابط بمديرية أمن الجيزة باغتيال نجيب محفوظ، هكذا كان الخبر في بادئ الأمر قبل تصحيحه بعدها بقليل إلى محاولة اغتيال، في البداية لم أصدق، رغم أنّ دماء فرج فوده لم تبرد بعد، لكنّ السؤال الذي قفز إلى ذهني وقتها: لماذا نجيب محفوظ؟!

اقرأ أيضاً: في حي شبرا برفقة نجيب محفوظ

لم أربط الحادث بروايته الأشهر "أولاد حارتنا"؛ ربّما لأنّها لم تصدر في طبعة مصرية، ولم يكن يعرفها إلّا المهتمون بالقراءة، وكانوا قلّة وقتها، مع أنّ هذه الرواية من أهم حيثيات المحرّضين والقتلة في حادث نجيب محفوظ، رويداً رويداً، بدأت الصورة تتضح، وخلال أيام قليلة كنا نستعد  لاستجواب عشرات المتهمين؛ ما بين منفذين ومخططين ومحرضين، وأعضاء في تنظيم الجماعة الإسلامية؛ التي أفتى أميرها، عمر عبد الرحمن، وقتها بإهدار دم نجيب محفوظ، بسبب رواية "أولاد حارتنا"، التي أكاد أجزم عن يقين بعد التحقيقات، أنّ أحداً منهم لم يقرأ سطراً واحداً منها، بل ربما لم يقرأ أيّ منهم لمحفوظ أصلاً.

ما هي اعترافات المتهمين في الأيام الأولى من التحقيقات؟ وهل بالفعل المتهم بمحاولة اغتيال نجيب لا يقرأ ولا يكتب؟

في الأيام الأولى للتحقيقات؛ كنت أتولّى استجواب أحد المتهمين المنفّذين، ومحرّض، ومتهم ثالث كان عضواً عادياً في الجماعة الإسلامية، الأخيران كانا قد أنكرا تماماً التهم الموجهة إليهما، فالتفت عنهما، وولّيت وجهي شطر الأول، الذي نفّذ الحادث، كان شاباً نحيلاً أصفر الوجه، أمرد، في بدايات العقد الثالث من عمره، قصير القامة، توحي ملامحه بالبؤس، وتشي جبهته بضيق الأفق، كان قليل الحديث، لكن لما تكلّم أيقنت أنّني أمام شخص أجهل من دابة، ضحل وفارغ حتى في أصول الفقه؛ بل وفي الدقائق التي يدركها كلّ عضو في تنظيم الجماعة الإسلامية في خطواته الأولى نحو التطرّف، وهو ما جعلني أعتقد أكثر في شكوكي، بأنّ تلك الجماعة لا تضحي بأعضائها البارزين في هذه النوعية من العمليات.

اقرأ أيضاً: أسامة عثمان: الاعتقال أنقذني من محاولة اغتيال نجيب محفوظ

روى لي المتهم؛ أنّه لم يحضر الاجتماع التنظيمي الذي تقرر به إهدار دم نجيب محفوظ؛ إنما تلقّى التكليف بالاغتيال من خلال أميره المباشر، المسؤول عنه في مجموعته العنقودية، الذين لا يعرف سواهم، حدّد له الأمير في التكليف مَن سيشاركه، والوسيلة المستخدمة في القتل، ووسيلة الانتقال، وخطة ومكان التنفيذ والهروب بعد ذلك، استغرق رصد تحركات نجيب محفوظ أقلّ من شهر؛ فهو شديد الانضباط، روتينيّ للغاية، تكاد تضبط ساعتك على تحركاته، فلمّا تيقنوا من معاد الندوة الثابت، وعدم وجود أشخاص بصحبته عند مغادرة منزله سوى فتحي هاشم، اختاروا أن يكون التنفيذ عند مدخل بيته بالعجوزة، في موعد خروجه للندوة، كانت الوسيلة سلاحاّ نارياً (مسدساً)، لكن يومها ارتبك القاتل بسبب زحام المطعم الملاصق لمدخل بيت نجيب محفوظ، فتردّد في إطلاق النار، فأخرج مطواه قرن غزال لا تفارق جيبه، واقترب من محفوظ وذبحه وهو ينطق الشهادتين بعد البسملة.

لماذا نطق الإرهابي بالشهادتين؟

استوقفني نطق الإرهابي للشهادتين بعد البسملة أثناء ذبح محفوظ، هل هناك تفسير لذلك التصرف؟

استوقفتني تلك النقطة من أقواله، وسألته عن مغزى نطق الشهادتين هنا: هل لأنّه خاف أن يقتله المارة، فيكون قد نطقها، أم كان يلقنها لمحفوظ باعتباره كافراً في نظرهم؟! فكانت إجابته بالثانية، هذا الشاب المغيّب اعتقد أنّه يحمل صكوك غفران؛ فتلا الشهادتين على مسامع محفوظ في اللحظة نفسها التي كانت يده تذبح رقبة الأديب العالمي، وكأنّه حتى لا يريد منحه تلك الفرصة الأخيرة للتوبة، ومضى هارباً مع زميله على دراجة نارية، مقتنعاً أنّه قتل الرجل.

واكتشفت من خلال التحقيقات؛ أنّ القاتل يعمل نجاراً مسلحاً، إن لم تخنّي الذاكرة، وكان لا يعرف القراءة أو الكتابة، وخلال جلسة التحقيق الأولى كان يخطئ في اسم المجني عليه قائلاً: محفوظ نجيب! لم يكن يعرف أيّة معلومات عن أديبنا الكبير، سوى أنّه كفر وكتب كتاباً يصف فيه الله بالبشر.

رواية "تذكرة وحيدة للقاهرة"

بخصوص حديث النيابة مع نجيب محفوظ في المستشفى، ماذا كانت اعترافاته، وهل فعلاً أهدى المتهمين نسخاً من رواياته بتوقيعه؟

بعدها بأسبوع، وربما أكثر قليلاً، كلّفني المحامي العام للنيابة بالانتقال إلى مستشفى الشرطة، لسؤال المجني عليه "نجيب محفوظ"، بعد أن أخطرتنا المستشفى بإمكانية سؤاله لمدة ساعة ونصف فقط، حتى لا يجهد، في ذلك اليوم كان بصحبته في الغرفة الأستاذ رجاء النقاش، ويوسف القعيد، ومحمد سلماوي.

في البداية؛ جلست أتحدث مع محفوظ في أمور عادية، عن صحته وأحواله وكتبه وجائزة "نوبل"، شعرت أنّ الكلام يهرب منّي، وأنّني أريد أن أستمع لا أن أتحدث، كان محفوظ واهناً ضعيفاً، لكنّه مع ذلك ظلّ محتفظاً بابتسامته المشهورة، ربما كانت متوارية قليلاً، لكنها موجودة، شعرت يومها برغبة جامحة في ألّا أضيّع الوقت معه في التحقيق، خاصة أنني عرفت منه شفوياً، أنه لم يرَ القاتل، ولا يتذكر أيّ شيء، لكن بعد مرور ساعة تقريباً، شعرت بتأنيب ضمير، وأنّه لا بدّ لي من أن أسجّل شهادته في التحقيقات، حتى لا أرهقه بزيارة ثانية.

فلما وجدني أتأهب لإعداد أوراقي، قطع عليّ الطريق، وفاجئني قائلاً على استحياء ممزوج بمكر: "هو أنا ممكن أسأل حضرتك سؤال ياحضرة الوكيل، ولا أنت بس اللي بتسأل هنا؟"، قالها وضحك، اقتربت منه وقلت له مبتسماً: "إذا أردت أن تسأل وأنا أجيب، حتى فى المحضر الرسمي، فلا مانع عندي على الإطلاق"، فبدأ يستفسر مني عن سبب محاولة قتله.

اقرأ أيضاً: سيد قطب.. بشّر بنجيب محفوظ ثم أمر بقتله!

في البداية، راوغت وحاولت أن أستخدم تعبيرات إنشائية، مثل التي تستخدمها الصحف الحكومية وقتها؛ من نوعية الإرهاب الأسود، واليد الغاشمة، ...إلخ، لكن مع إصراره قلت له: "بسبب رواية أولاد حارتنا"، لم يندهش محفوظ، ربما لأنّه كان يعلم من وسائل الإعلام وأصدقائه بأنّ ذلك هو السبب الظاهري، أو الشكلي، إنّما بادرني بسؤال آخر: وماذا قرأ المتهمون لي أو لغيري بخلاف تلك الرواية؟

أسقط في يدي بالطبع، لأنّني لم أجرؤ نفسياً وإنسانياً أن أقول له إنّ المتهم لا يعرف القراءة أو الكتابة، لا أعرف إذا ما كنت على صواب أو خطأ، هل لأنني شعرت بعظمة وشموخ محفوظ، فرأيت ألا أخبره بحقيقة المتهمين الأمّيين؟! لا أدري، لكن هذا ما حدث، لكن الرجل كان مصرّاً على معرفة الحقيقة، فظلّ يسألني، ليجد سبباً منطقياً، من وجهة نظره، لمحاولة قتله، فلم يكن مقتنعاً بأنّ الرواية وحدها هي السبب، فأخبرته بما قاله المتهم في التحقيقات عن الدافع لارتكاب الجريمة؛ بأنها لمصلحة المجتمع في الخلاص من كافر حتى يرتدع غيره من الكافرين، فكان ردّ محفوظ على ذلك الكلام، أن أعطاني بعض رواياته، وطلب مني أن أهديها باسمه للمتهمين قائلاً: "قل لهم، يا حضرة الوكيل، أن يقرؤوا هذه الروايات لمصلحة المجتمع أيضاً"، وأعتقد أنه طلب من رجاء النقاش أن يكتب إهداءً على إحداها، ووقّعه باسم نجيب محفوظ.

12 عاماً هي المدة الفاصلة بين تحقيقك كوكيل للنائب العام في محاولة اغتيال محفوظ، وتوجهك أنت أيضاً للكتابة كوسيلة للتعبير والبوح، ونشرت أولى رواياتك عام 2012، حدثنا عن ذلك..

بدأت الكتابة تحديداً؛ في نهايات عام 1997، واستمرت عملية الكتابة دون النشر حتى عام 2010، أي قضيت 12 عاماً أكتب دون الإقدام على خطوة النشر، أول رواية كتبت كانت "تويا"، ثم رواية "زمن الضباع" ثم المرشد، ثم "البارمان" عام 2010، وبدأت مشوار النشر مع الدار المصرية اللبنانية.

نشر أولى رواياته عام 2012، تحت عنوان "تويا"

"زمن الضباع"

في حوارات صحافية تحدثت عن دور الكتابة في تفريغ شحنات غضب بداخلك، كيف ذلك، ولماذا اخترت وسيلة الكتابة تحديداً؟

النموذج الأمثل لذلك رواية "زمن الضباع"، لم يكن لديّ نيّة الرواية حين كتبتها، كانت أقرب إلى شحنة غضب داخلية، وضيق، وشخصيات عرفتها وتعاملت معها على مدار أعوام كثيرة جداً، جميعها شخصيات عامة، لها صورة معينة وانطباع لدى الناس، وهي في الحقيقة مختلفة عن ذلك الانطباع تماماً، وأردت كتابة تلك الحكايات، أردت كتابته بحسٍّ صحفي، مثل التحقيق الصحفي الكاشف، الذي نكشف به الحقيقة، وذلك لأنّ وظيفة وكيل النيابة قريبة جداً من الصحفي الذي ينفّذ تحقيقات صحافية، ومع بداية رغبتي في إخراج تلك الشحنة الغاضبة؛ لجأت للرمزية، وذلك هو الأسلوب الذي يتخفى خلفه أي كاتب بسهولة، وكان الأنسب بالنسبة إلى تلك الشخصيات العامة التي تعاملت معها، البحث عن سبب غضبي من كلّ شخصية، ثم أردّ ذلك إلى الحيوان المناسب لها، فقام البناء على وجود غابة افتراضية تعيش بداخلها مجموعة من الحيوانات، وعند استيقاظها صباحاً اكتشفت أنّ الأسد غاب عن عرينه، وتنازل عن الحكم، أو تم اقصاؤه، فحكم بدلاً عنه خرتيت.

اقرأ أيضاً: نجيب محفوظ يفوز بكرة القلم

لماذا الكتابة تحديداً، مسألة لها أسبابها؛ عندما بدأت في الكتابة كنت في العقد الرابع، قبل ذلك كنت مجرّد قارئ مستمتع بما يقرأ حبّاً في المعرفة، بمرور الوقت، أصبحت القراءة جزءاً من روتين الحياة اليومية، ولم يخطر لي ببال أن أتحوّل إلى الكتابة، وحدث نتيجة تلك القراءة؛ أنني كنت أقدّم ملخصات للقضايا التي نعمل عليها، تسمى قائمة بأدلة الثبوت، نضع فيها الشهود وما قالوه، وأقوال المتهم، وأيضاً المجني عليه، وما أسفرت عنه تقارير النيابة أثناء معاينة مكان الحادث، وأيضاً ما أسفر عنه تقرير الطبّ الشرعيّ، مسألة أشبه بالمقدّمة نضعها في ملفّ القضية، حتى يقرأها القاضي لتكوين فكرة مبدئية عمّا هو مقدم عليه، ثمّ يقرأ القضية بعد ذلك بالتفصيل، وفي أحد الأيام بعد إرسالي ذلك الملخص، طلبني رئيس النيابة وقال: "نحن نرسل القضايا للمحكمة من أجل الحكم فيها، وليس لتسلية القضاة بحكي الحكايات".

واستكمل رئيس النيابة: "أنت في ملخصك تصف المكان، وتصف الحالة النفسية للمتهم، والوصف بأسلوب سرديّ ووضع صور جمالية".

في الحقيقة، لم أكن أقصد الكتابة الأدبية عندما كتبت تلك الملخصات، ربما سردتها بتلك الطريقة الأدبية، نظراً إلى القراءة المستمرة، ربما كان إحساس الكتابة داخلي، ولم أكن قد أدركته بعد، في تلك اللحظة بدأت أنتبه للكتابة داخلي.

رواية "المرشد"

بدأت الكتابة من باب القصة، وليس الرواية، علماً بأنّك لم تنشر سوى روايات.

بدأت الكتابة من باب القصة القصيرة، وهي عشق خاص، وكتبت بالفعل قصة بعنوان "كلب الرجل العجوز"؛ "عن شخص مات كلبه، وخانته زوجته رغم ثقته الكبيرة فيها، فأصيب باكتئاب، فأحضرت زوجته كلباً شبيهاً بكلبه الميت، فأدرك أنّ ذلك ليس كلبه، رغم التشابه بينهما"، وتقدّمت بها في مسابقة نادي القصة، في ذلك الوقت كنت وكيل نيابة بمكتب النائب العام، فأدركت في تلك اللحظة أنّه ربما تتمّ مجاملتي بحكم منصبي، واختيار قصتي ضمن القصص الفائزة، لذلك أرسلتها باسم مستعار، واخترت أن يكون شريفة كمال، طالبة بالفرقة الثانية بكلية الآداب، وأنشأت بريداً إلكترونياً بالاسم نفسه، وبالفعل فازت القصة بالمركز الثالث، وتحدّد موعد لإعلان النتيجة وتسليم الجوائز، قبل إعلان النتيجة أرسل لي أحد النقّاد الكبار، عبر البريد الإلكتروني؛ أنّ القصة رائعة، وأثنى عليها بشدة، فشكرته على كلماته فبدأ يتمادى في رسائله بشكل مبتذل، واستحال إلى عجوز متصابي يحاول الإيقاع بفتاة.

لا يمكنني حصر عدد القضايا التي عملت بها في مجال الإرهاب فقد استمرّ عملي بالنيابة قرابة 15 عاماً تقريباً

يوم إعلان الجائزة، ذهبت إلى نادي القصة، وحين استدعاء أصحاب القصص الفائزة، لم أرد والتزمت الصمت، ثم حدث أنني بعد أعوام من تلك القصة، بعد نشري لرواياتي الأولى، وعرفني الناس ككاتب روائي، التقيت بذلك الناقد، وعرضت عليه القصة نفسها التي منحها المركز الثالث سابقاً، عندما أرسلتها باسم مستعار لفتاة، فقال: "إنّها قصة ضعيفة وسيئة جداً، ولا تصلح، وأنصحك بعدم كتابة قصص مرة أخرى".

أما بخصوص نشري للروايات فقط؛ ذلك لأنه لم تستهوني في ذلك الوقت القصص القصيرة، رغم أنّني كتبت 21 قصة، لم تنشر، وذلك لأنّ فنّ القصة القصيرة صعب جداً؛ فنّ الومضة والتكثيف الشديد، وهي مسألة غير موجودة في فنّ الرواية، فحتى لو كثفت الكتابة في الرواية؛ فهي قماشة عريضة بطبيعتها.

حين قررت النشر

رغم أنّ بدايات الكتابة كانت عام 1997 إلا أنّ قرار النشر تأخّر حتى عام 2012، لماذا قررت النشر في ذلك الوقت تحديداً؟

عام 2005؛ شعرت أنّني في حاجة ملحة إلى النشر، فاستشرت زميلاً في النيابة، فرفض بشكل قاطع، ونبّهني إلى إمكانية رفض النائب العام، علماً بأنّه لا يوجد قانون يمنع ذلك، فقررت الذهاب للنائب العام، وعندما أخبرته برغبتي في الكتابة ظنّ أنّني أطلب الإذن بالكتابة في أحد فروع القانون، فأوضحت له أنني أكتب قصصاً، وليس كتابة أكاديمية في فروع القانون، فقال: "بالطبع لا، ذلك كلام فارغ، أبعد فكرة النشر تلك عن ذهنك، أنت رجل نيابة متميز، ركّز في عملك".

بعد ذلك الموقف بعامين؛ تركت النيابة، والتحقت بسلك القضاء، فقررت البدء في خطوة النشر، في تلك الفترة كنت أواظب على حضور الندوات الأدبية في بعض الملتقيات، مثل: "ورشة الزيتون"، و"إتيليه القاهرة"، وحدث أنني في أحد الأيام رأيت كاتباً يناقش كتابه، ويومها تعامل معه النقّاد بشكل حادٍّ جداً لم أستسغه، فوضعت نفسي مكان ذلك الكاتب، ورأيتني، وأنا وكيل نائب عام وقاض، وأحدهم يوجه لي السباب، معتقداً أنّه بذلك ينتقد روايتي، فجنبت الفكرة عن ذهني لمدة عام تقريباً.

بعد ذلك بفترة، قابلت أنيس منصور، وأخبرته بمخاوفي من الكتابة، وسردت له حكاية "الإتيليه"، فأخبرني بأنّ الله نفسه اختلف عليه الناس، وطلب أن يقرأ مسوّدة رواية "زمن الضباع"، وبعد 25 يوماً هاتفني أنيس منصور من مكتبه في الأهرام، وسألني عن عملي، فارتبكت من سؤاله، فقلت له: "أنا قاضٍ في محكمة بني سويف"، فطلب مني ترك القضاء ونشر الرواية والتركيز في الكتابة، بعد ذلك بأربعة أيام كتب عنها في عموده اليومي بجريدة الأهرام، وقد عنون مقاله بــ "زمن الضباع"، وبعدها بأيام هاتفتني أكبر ثلاث دور نشر في القاهرة لنشر الرواية، واتفقت مع الدار التي تنشر أعمالي حالياً على توقيع عقد لمدة خمسة أعوام، بنشر جميع الروايات التي كتبتها خلال الأعوام السابقة.

"تويا"؛ كانت روايتك الأولى فى عالم الكتابة، ورغم الانطباع السائد عن أخطاء العمل الأول، إلّا أنّها تمّكّنت من المنافسة على القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر"، كيف ترى ذلك، وكيف تلقّى النقّاد في القاهرة العمل؟

"تويا"؛ أول رواية كتبتها، هي العمل الأول، بكلّ أخطائه وعيوبه، كتبتها عام 1997، ونشِرت عام 2012، وعند وصولها للجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر"، لم أصدق الخبر، حتى تلقيت مكالمة من إنجلترا، من أحد أعضاء مجلس أمناء الجائزة.

أما بخصوص تلقّي النقّاد الخبر؛ فيجب أن تعرف بداية: أنّه من أول "زمن الضباع" إلى ما قبل وصول رواية "تويا" لقائمة البوكر بيوم، كتِب عني حوالي 200 مقال جميعها إشادة، فحتى ما قبل الجائزة لم ألتق ناقداً أو صحفياً انتقد العمل، ولم أقرأ مقالاً يتضمن انتقاداً لما أكتب، وهي مسألة لا أفضّلها؛ فالنقد الموضوعي، سواء السلبي أو الإيجابي، مفيد، لكن وبمجرد ظهور الرواية في قائمة "البوكر" الطويلة، تلقيت سيلاً من الشتائم، واتهامات بأنني لا أعرف الكتابة، واتهامات بأنني من خارج الصندوق الأدبي، ولا أعلم حتى الآن ما التهمة في أنّني بدأت الكتابة بعيداً عن المسارات المعتادة للمشهد الثقافي في القاهرة، التي تعتمد على الخروج من رحم أجيال سابقة.

الناقد الوحيد الذي لم يتبدّل موقفه، الدكتور صلاح فضل، كتب مقالاً يثني على الرواية في جريدة "الأهرام"، قبل الجائزة، ومقالاً في جريدة "المصري اليوم" بعد الجائزة.

"رواية "سيدة الزمالك

لماذا مدحني جابر عصفور ثم هاجمني؟

كيف تفسّر موقف النقّاد والصحافة الثقافة من وصول رواياتك "تويا" إلى قائمة "البوكر" الطويلة؟

في الحقيقة، موقف النقّاد والصحافة الثقافية في القاهرة لم أجد له تفسيراً؛ فأنا لا أفهم الوسط الثقافي، ذلك أنّني أراهم بحال عندما يلتقون، وحال مغاير عندما يفترقون، وأراهم في مواقف معينة يسلكون اتجاهاً، وفي مواقف مشابهة يسلكون اتجاهاً مخالفاً، في اعتقادي هم منشغلون بمسائل أخرى غير الثقافة والكتابة.

أيضاً، كانت لي تجربة سيئة جداً مع الدكتور جابر عصفور، عندما قرأ روايتي "البارمان" مسوّدة، عن طريق دار النشر، فأنا لا أعرفه شخصياً، فأمسك بالقلم وكتب على المسوّدة: "أشرف العشماوي، خلال خمسة أعوام من الآن، سيكون أفضل روائي في العالم العربي"، لكن حدث أن طلب دكتور جابر بعض التغييرات في الرواية، لكنني لم أستجب لتلك التغييرات، فلست من الشخصيات السلسة في طلبات التغيير في مسار رواياتي، وحدث أن صدرت الرواية بكلمة للدكتور علاء الأسواني على غلافها، بجوار بعض الكلمات لأدباء آخرين، والأسواني صديق أعتز بصداقته، وتقدّم الناشر برواية غير روايتي لجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب دورة عام 2013، وكان رئيساً للجنة التحكيم الكاتب والروائي جمال الغيطاني، ومن أعضاء لجنة التحكيم الدكتور حسين حمودة، وقامت اللجنة باستبعاد الروايات المقدَّمة، واستخدمت صلاحياتها طبقاً للائحة الجائزة، واستدعت روايتي، التي لم أكن قد تقدمت بها للجائزة، وكانت الرواية قبل ذلك بأيام قد باعت ثلاثة آلاف نسخة في يوم واحد، وأحدثت صخباً كبيراً لفت انتباه الجميع.

لم أربط حادثة اغتيال نجيب محفوظ بروايته الأشهر "أولاد حارتنا"؛ ربّما لأنّها لم تصدر في طبعة مصرية

إلى جانب ذلك، فازت رواية "البارمان" بجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب، وأثناء استلامها قال لي جمال الغيطاني: "مبروك، لكن يجب أن تعلم أن تلك بداية وليست نهاية، وإن كنت فرحاً بالجائزة، وتظنّ أنّ ذلك نهاية المطاف فسوف تفشل"، قالها وتركني واقفاً مكاني.

بعد حصولي على الجائزة بأيام، تلقيت مكالمة صباحية من صديق، يخبرني فيها أنّ الدكتور جابر عصفور كتب مقالاً في "الأهرام"، على مساحة نصف صفحة بعنوان "الرواية الرائجة"، وأنّه أعلن عن جزء ثانٍ من المقال ينشر قريباً، وانتقد فيه رواية "البارمان"، وقال: "إننا في زمن الرواية الرائجة وزمن أشرف العشماوي"، والمقال بأكمله ضدّ الرواية، فلم أعلّق على المقال، وتلقيت مكالمة من الناشر يخبرني فيها أنّ عصفور أخبره بأنّه غاضب من كلمة علاء الأسواني على غلاف روايتي، وأنّني لم أستجب لطلباته بالتغييرات المطلوبة في الرواية، وطلب مني مهاتفة عصفور في محاولة لإصلاح الموقف، لكنّني رفضت مكالمته؛ فمن وجهة نظري: ما الذي يمكن قوله لشخص يسبّني؟ بالنسبة إليّ الدكتور جابر قيمة وقامة وناقد كبير في مجاله، لكن لدي قناعة؛ أنه، أولاً وأخيراً، قارئ قال رأيه في العمل.

بعد يومين من نشر مقال "زمن الرواية الرائجة"، تلقيت مكالمة من الدكتور جابر عصفور، يسألني فيها إن كنت قرأت المقال؟ فقلت: "نعم"، فقال: "وأغضبك بالطبع!"، فاندهشت من المكالمة، ثم عاد وقال: "تلك معركة أدبية والمفترض أن تردّ على مقالي"، فقلت: "في الحقيقة، أنا غير مهتم بمسألة المعارك الأدبية تلك، ولك الحقّ في كتابة ما تريد كتابته، وأظنّ أنّ هناك جزءاً ثانياً، سوف ينشر من مقال زمن الرواية الرائجة"، فقال: "نعم، هناك جزء ثان، لكن يمكن الانتظار حتى نقرأ ردّك على ما كتبت"، فقلت: "حضرتك لكَ الاستمرار في الكتابة كما تريد، فذلك رأيك أولاً وأخيراً".

اقرأ أيضاً: وفاة شيخ الرواية حنا مينه

ثم حدث أنّ المقالة الثانية كانت أسوأ من الأولى، وكانت تحتوي شبه تطاول على شخصي، وحتى مع ذلك لم أصدر أيّ ردّ فعل على ما كتب.

الغريب؛ أنّه كتب مقالاً ممتازاً عن روايتي "تذكرة وحيدة للقاهرة"، محتفياً بشدة بالعمل في مقالتين، وانتقد الرواية في مقال ثالث، حتى أصبحت غير مستوعب لما يحدث.

رغم موقف النقاد فقد كتب عنّي آخرون بشكل إيجابي وداعم بقوة، مثل: الناقد صلاح فضل، والروائيين إبراهيم عبد المجيد، والراحل مكاوي سعيد، إلى جانب أنّ هناك رسالة دكتوراة عن أعمالي بجامعة الأزهر، ورسالة ماجستير في جامعة الدمام بالسعودية، والثالثة في الدار البيضاء بالمغرب، وهناك أيضاً رواية "تويا"، تدرَّس في كلية الآداب في جامعة قناة السويس.

رواية "كلاب الراعي"

هل رحّبت أسرة القاضي أشرف العشماوي بقرار الكتابة أم كانت هناك معارضة لتلك الخطوة؟

والدي لم يكن مرحّباً بمسألة كتابتي للروايات، ولم يكن مرحّباً بمسألة النشر بداية، وأذكر اليوم الذي استلمت فيه النسخة الأولى من رواية كتبتها، أول شيء فعلته هو أنني ذهبت إلى والدي لأعطيه نسخة من الرواية، ووقّعت الرواية بأنّ ذلك مولودي الأول، وأنّه حفيدك، ويجب أن تفتخر به، وكنت أحدثه وأنا منفعل بشدة، فما كان من والدي إلّا أن طوى الرواية ووضعها جانباً، غير أنّ والدتي أكثر من شجّعني على مسألة الكتابة، أخبرتني أنّ والدي كان يقرأ رواياتي سراً، لكنّه لم يكن يظهر ذلك في العلن، وطلب مني أن أقطع له وعداً بألّا أترك القضاء، وكان ذلك الوعد أحد أسباب استمراري في القضاء إلى جانب الكتابة حتى الآن، ورغم أنّ الكتابة تحتاج إلى تفرّغ تامّ كنت أتمنى الحصول عليه، إلا أنّني فخور بأنّني قاضٍ.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية