القول ‬الرنان ‬في ‬فشل ‬مشروع ‬أردوغان

القول ‬الرنان ‬في ‬فشل ‬مشروع ‬أردوغان


05/09/2020

إميل أمين

يتساءل‎ ‬المراقب ‬عما ‬يحلم ‬به أردوغان‬:«هل ‬مشروعه ‬لإحياء ‬تركيا ‬الكبرى ‬محكوم عليه ‬بالفشل ‬داخلياً ‬وخارجياً»؟ السبب‎ ‬الرئيس ‬في ‬طرح ‬علامة ‬الاستفهام ‬المتقدمة ‬مرتبط ‬بالخرائط ‬التي ‬نشرتها ‬تركيا ‬منذ ‬عام ‬2016، ‬وتحتوي ‬على ‬الحلم ‬الخاص ‬بالعثمانية ‬الجديدة، ‬وفيها ‬تمتد ‬الأذرع ‬الأردوغانية ‬إلى ‬خارج ‬الحدود ‬الإقليمية ‬للدولة ‬العثمانية ‬، ‬لتشمل ‬أجزاء ‬من ‬اليونان ‬وبلغاريا ‬في ‬الجانب ‬الأوروبي، ‬والعراق ‬وسوريا ‬في ‬الشرق ‬الأوسط، ‬عطفاً ‬على ‬جورجيا ‬وأرمينيا ‬في ‬آسيا.
والشاهد‎ ‬أن ‬تركيا ‬بقيادة ‬«حزب ‬العدالة ‬والتنمية»، ‬وبأوهام ‬السيطرة، ‬مضت ‬بالفعل ‬في ‬محاولة ‬محكومة ‬بالفشل، ‬في ‬طريق ‬تنفيذ ‬مثل ‬تلك ‬الخطة، فأرسلت ‬جنودها ‬إلى ‬سوريا ‬والعراق‬، ‬وها ‬هي ‬تتحرش ‬باليونان ‬جواً ‬وبحراً، ‬كما ‬تفعل ‬مع ‬قبرص ‬، ‬أما ‬في ‬أفريقيا ‬السمراء، ‬حيث ‬شواهد ‬اضمحلال ‬العثمانية ‬القديمة ‬قائمة ‬تسبب ‬الأحزان ‬والأسى ‬لأردوغان‬، ‬يسعى ‬جاهداً ‬لقلب ‬الموازين ‬في ‬ليبيا.
لا‎ ‬تتوقف ‬الأوهام ‬عند ‬هذا ‬الحد، ‬ولهذا ‬يقيم ‬الرجل ‬قاعدة ‬عسكرية ‬تسمى ‬معسكر «‬تركسوم» ‬في ‬الصومال، لمراقبة ‬مجريات ‬الأمور ‬في ‬البحر ‬الأحمر.
والثابت‎ ‬أن أردوغان ‬عندما ‬يفعل ‬ذلك ‬ينسى ‬أو ‬يتناسى ‬حقيقة ‬تاريخية ‬مهمة، ‬وهي ‬أن ‬القوى ‬الكبرى ‬والعظمى ‬فقط، ‬سواء ‬عسكرياً ‬أو ‬اقتصادياً، ‬هي ‬من ‬تقوى ‬على ‬فعل ‬ذلك، ‬أي ‬إرسال ‬جيوشها ‬خارج أراضيها، ‬وفتح ‬جبهات ‬صراع ‬في أكثر ‬من ‬موضع ‬وموقع ‬حول ‬العالم، ‬الأمر ‬الذي ‬فات ‬بعض ‬زعماء ‬المنطقة ‬الشرق ‬أوسطية ‬في ‬ستينات ‬القرن ‬الماضي، ‬وكانت ‬أكلافه ‬عالية، ‬إلى ‬حد ‬أنها ‬ذهبت ‬بمشاريعهم‬، ‬لكن ‬يبدو أن أردوغان ‬لا ‬يقرأ ‬التاريخ.

سياسات تركيا ‬اليوم وتدخلاتها ‬العسكرية، باتت ‬داعمة ‬للإرهاب ‬في ‬جميع ‬أنحاء ‬المنطقة ‬من«‬القاعدة» ‬إلى ‬«داعش» ‬، ‬ومن ‬«حماس» ‬إلى «‬الجهاد»، ‬والمرور ‬بكافة ‬الفصائل ‬التي ‬خرجت ‬من ‬رحم ‬جماعة ‬«الإخوان»، ‬تلك ‬التي ‬تنعم ‬أطرافها ‬بحماية ‬ولو ‬إلى ‬حين ‬تحت ‬سماوات ‬تركيا.
القول‎ ‬الرنان ‬في ‬فشل أردوغان ‬مرتبط ‬بأمرين: ‬الأول ‬داخلي ‬والآخر ‬خارجي.‎ ‬في الداخل ‬لا ‬يجد ‬أروغان ‬أي ‬دعم ‬من ‬الشباب ‬التركي. ‬وآخر ‬استطلاعات ا‬لرأي ‬تشير ‬إلى ‬أن ‬أغلبيتهم ‬لن ‬ينتخبوه ‬في ‬اقرب ‬اقتراع، ‬إذ ‬يدرك ‬هؤلاء ‬أن ‬عجلة ‬التاريخ ‬لا ‬تتوقف ‬ولا ‬تعود ‬إلى ‬الوراء‬، ‬ولأنه ‬غير ‬قادر ‬على ‬قراءة ‬خارطة ‬العالم ‬الجيوبوليتيكية ‬المحدثة، ‬لهذا ‬فإنه ‬يغازل ‬كبار ‬السن ‬ومن ‬لديهم ‬بعض ‬من ‬حنين ‬للعثمانية ‬توارثوها ‬من ‬الأجيال ‬الغابرة. عطفا‎ً ‬على ‬ذلك ‬فإن ‬أحلام ‬أردوغان ‬قد ‬كلفت ‬تركيا ‬حتى ‬الساعة ‬قرابة ‬170 ‬مليار ‬دولار ‬ديون، ‬غير ‬خدمة ‬هذا ‬الدين، ‬ما ‬دعا ‬مؤسسات ‬التمويل ‬الدولي ‬لتخفيض ‬درجة ‬الائتمان ‬التركي، ‬وترجمة ‬ذلك ‬تعني ‬مستوى ‬حياة ‬اقتصادية متعثرة، واقع ‬لا ‬تعوضه ‬التصريحات ‬الجوفاء ‬عن ‬غاز ‬البحر ‬الأسود، ‬أو ‬الأطماع ‬في ‬نظيرتها ‬في ‬البحر ‬المتوسط ‬وبحر إيجه.
أما‎ ‬الخارج ‬فلا ‬يدرك ‬أردوغان أنه ‬ليس ‬أكثر ‬من ‬بيدق ‬يتلاعب ‬به ‬ساكن ‬البيت ‬الأبيض ‬من ‬الغرب، ‬وصاحب ‬الحصن ‬الأحمر ‬المعروف ‬بـ«‬الكرملين»، ‬من ‬الشرق. الخلاصة‎..أحلام ‬أردوغان ‬مقضي ‬عليها ‬بالإخفاق ‬الذريع‬، ‬فانظر ‬ماذا ‬ترى‬.
*كاتب مصري

عن "الاتحاد" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية