المفاوضون الأفغان في الدوحة: الاتفاق سيفكك "طالبان"

المفاوضون الأفغان في الدوحة: الاتفاق سيفكك "طالبان"


28/08/2019

في مقال نشرته أمس صحيفة "التايمز" البريطانية بقلم كلّ من هيو توملينسون وهارون جانجوا، وجاء بعنوان (متشددو "طالبان" يفضلون اللجوء لـ "تنظيم الدولة الإسلامية" على عقد صفقة سلام مع الولايات المتحدة الأمريكية)، أشارت الصحيفة إلى ظهور علامات الانقسام داخل حركة "طالبان"؛ إذ يستعد آلاف المقاتلين للانشقاق إلى "دولة إسلامية ناشئة" بسبب محادثات السلام التي تجريها الحركة مع الولايات المتحدة في الدوحة.

صحيفة التايمز: إذا أدى استعجال الأمريكيين بالخروج من أفغانستان لحدوث فوضى في البلد فإنّ داعش مستعد لملء الفراغ

وكان المسؤولون الأمريكيون، كما أورد موقع "بي بي سي" في عرضه لما جاء في الصحيفة، استأنفوا المحادثات التي يجرونها مع حركة "طالبان" في دولة قطر لمحاولة إنهاء الحرب، الأطول في التاريخ الأمريكي، التي دامت 18 عاماً. ولايزال يتعين حل التفاصيل الرئيسية للصفقة، بما في ذلك توقيت الانسحاب الأمريكي ووقف إطلاق النار من جانب "طالبان".
ويبدو أنّ الحركة، بحسب المقال، تبدو واثقة؛ إذ تشير التقارير إلى أنّ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حريص على التخلص من الاضطرار إلى التعامل مع أفغانستان، ما يعني أنّ إنهاء "الاحتلال" الأجنبي يلوح في الأفق.
خطر الانشقاق وتبديد المكاسب
وعلى الرغم من ذلك فإنّ الأحداث على أرض الواقع، كما ترى الصحيفة، تشير إلى أنّ "طالبان" معرّضة لخطر الانشقاق، نتيجة غضب معسكر المتشددين في الحركة من قرار قادتها الجلوس والتفاوض مع الأمريكيين في الدوحة.
وقد عزز ذلك إعلان المنشقين من "طالبان" مسؤوليتهم عن محاولة الاغتيال التي تعرض لها زعيم الحركة المولوي هبة الله أخند زاده.

هبة الله أخند زاده
وتخشى قيادة الحركة من أنّ أي اختلاف في الوقت الحالي قد يبدد مكاسبها التي تحققت بشق الأنفس في ساحة المعركة، حيث قال أحد قادتها في إقليم قندوز شمال أفغانستان في لقاء مع الصحيفة إننا "نقاتل منذ سنوات، ونحن على وشك هزيمة القوات الأجنبية وطرد دميتها الحكومة الأفغانية".

اقرأ أيضاً: طالبان تهدّد الشعب الأفغاني.. لماذا؟!
وأضاف، بحسب الصحيفة البريطانية: "العديد من القادة العسكريين للحركة يريدون الاستمرار في القتال، لأنّ هذا الاتفاق يحفظ ماء الوجه بالنسبة للأمريكيين ويجنبهم الظهور بمظهر الذل".
وبحسب المقال، فقد كان لإعلان تنظيم داعش عودته إلى أرض المعركة في أفغانستان، بعد حادث تفجير عرس في كابول في 17 آب (أغسطس) الجاري، الدور الكبير في استمالة القادة المتشددين للانشقاق من الحركة.

اقرأ أيضاً: هل تحقق جولة المحادثات الجديدة بين واشنطن وطالبان تقدماً؟
وعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة تشترط على الحركة، إخراج تنظيم "القاعدة" وعدم السماح له باستخدام الأراضي الأفغانية لتنفيذ هجمات على الغرب، لإبرام أي اتفاق سلام، فإنّ الصحيفة تعتقد أنّ الوعود والضمانات التي تقدمها الحركة تبقى غير كافية، في الوقت الذي يبدو من المرجح أن تبقى أفغانستان ملاذاً آمناً للإرهاب، إذ يسعى تنظيم داعش إلى أن يحل محل تنظيم "القاعدة".

زلماي خليل زاد: دعوني أتحدث بوضوح سندافع عن القوات الأفغانية الآن وبعد إبرام أي اتفاق مع طالبان

وقد عبر المفاوضون من جميع الأطراف في قطر في حديث لصحيفة "التايمز" عن قلقهم من أنّ الاتفاق قد يفكك حركة "طالبان"، في ظل انشقاق المقاتلين المتشددين لتنظيم داعش.
وفي الوقت الذي تقدم فيه حركة "طالبان" نفسها كبديل مستقبلي للحكومة الأفغانية الحالية، فإنّ هناك تخوفاً من أنّها اذا انتصرت في الحرب لربما تدخل في أتون حرب أهلية أخرى.
وعلى الرغم من أنّ الحرب الطويلة في أفغانستان قد أضعفت التنظيم إلا أنّه لا يزال يشكل خطراً على المدن الكبيرة؛ حيث يقدم نفسه كمدافع عن الشريعة الإسلامية والجهاد، في الوقت الذي تفاوض فيه حركة "طالبان" على حل وسط مع "الصليبيين" الأمريكيين، كما ورد في الصحيفة البريطانية.
ويخلص المقال إلى أنّه إذا أدى استعجال الأمريكيين بالخروج من أفغانستان إلى حدوث فوضى في البلد، فإنّ تنظيم داعش مستعد لملء الفراغ.
غضب معسكر المتشددين في الحركة من قرار قادتها الجلوس والتفاوض مع الأمريكيين في الدوحة

"رويترز": توقعات بإنجاز اتفاق خلال أيام
في السياق ذاته، وبرغم ما نقلته "التايمز"، أشار تقرير لوكالة "رويترز" للأنباء، أول من أمس، إلى أنّه من المحتمل أن يتم توقيع اتفاق في قطر بين "طالبان" والولايات المتحدة، خلال أيام. وأضافت الوكالة أنّه في الوقت الذي يسعى فيه المفاوضون من الولايات المتحدة وحركة "طالبان" لإنجاز المحادثات الرامية إلى الاتفاق على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، تقول مصادر من الحركة إنّ أي اتفاق لن يعني وقف القتال مع الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة.
ويتفاوض الطرفان في قطر منذ العام الماضي، ويضغط المفاوضون الأمريكيون على "طالبان" للموافقة على الدخول في محادثات مع الحكومة ووقف إطلاق النار، غير أنّ قائداً كبيراً في الحركة قال لـ"رويترز" إنّ هذا لن يحدث. وأضاف، مشترطاً عدم الكشف عن اسمه: "سنواصل القتال ضد الحكومة الأفغانية وننتزع السلطة بالقوة".

اقرأ أيضاً: طالبان تشنّ هجوماً مسلحاً على منظمة أمريكية.. هذه مبرراتها
ويسعى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، جاهداً لسحب قوات بلاده من أفغانستان لإنهاء الحرب المستمرة، التي بدأت بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على الولايات المتحدة.
وقال قائد آخر في "طالبان"، فضّل عدم الكشف عن اسمه أيضاً، إنّ من المتوقع أن يتم هذا الأسبوع توقيع اتفاق تتوقف بموجبه القوات الأمريكية عن مهاجمة الحركة كما يوقف المسلحون قتال القوات الأمريكية.
وذكر المسؤولان بالحركة، تضيف "رويترز"، أنّ الاتفاق يقضي أيضاً بأن توقف الولايات المتحدة دعم الحكومة الأفغانية. وقال المسؤول الأول: "لن يقدم الأمريكيون المساعدة للحكومة الأفغانية وقواتها في حربهم ضدنا".
لكن الدبلوماسي الأمريكي المخضرم زلماي خليل زاد، الذي يقود الجانب الأمريكي في المفاوضات، رفض هذه الإشارة إلى أنّ القوات الأمريكية لن تدعم حكومة كابول بعد الآن. وقال "ينبغي ألا يتم ترهيب أحد أو خداعه بالدعاية". وكتب على "تويتر"، رداً على تقرير "رويترز": "دعوني أتحدث بوضوح: سندافع عن القوات الأفغانية الآن وبعد إبرام أي اتفاق مع طالبان".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية