"المقاتلون الأجانب".. هل ستبقى مسؤولية قوات قسد وحدها نيابة عن المجتمع الدولي؟‎

"المقاتلون الأجانب".. هل ستبقى مسؤولية قوات قسد وحدها نيابة عن المجتمع الدولي؟‎


17/02/2022

أظهر الهجوم الدموي، الذي شنّه تنظيم داعش على سجن الصناعة في الحسكة الذي يضم 3000 مقاتل من داعش بتاريخ 20 كانون الثاني (يناير) الماضي، الجانب المأساوي من جبل الجليد الذي يمثله الإرهاب العالمي وتنظيم داعش ومعضلة المقاتلين الإرهابيين الأجانب.

هذا الجانب المأساوي من قصة الإرهاب في سوريا يتمثل بمعضلة آلاف "المقاتلين الإرهابيين الأجانب" المحتجزين في السجون والمخيمات المُدارة من قبل "قسد"، ويبلغ عددهم 12 ألف معتقل من تنظيم داعش يمثلون 80 دولة موزعين على (27) سجناً ومخيماً حسب تأكيد مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد). 

هؤلاء لا يزالون يشكلون خطراً أمنياً على "قسد" والمجتمع الدولي. ولا يوجد من يتحمل عبء التعامل معهم إلا "قسد" التي ضاقت ذرعاً في إدارة هذا الملف المعقد وسط حالة من الإنكار من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

ولعلّ هذا ما دفع مظلوم عبدي، قائد "قوات سوريا الديمقراطية"، في "مقابلة خاصة" في الحسكة مع قناة العربية بتاريخ 12 شباط (فبراير) 2022، وأخرى موسعة نشرتها وكالة "أسوشيتد برس" بتاريخ 11 شباط (فبراير) 2022، إلى التأكيد على أنّ "المجتمع  الدولي يتقاسم هذا العبء ويتعين عليه تحمل المسؤولية عن آلاف الأجانب المحتجزين في السجون والمخيمات المدارة من قبل "قسد" والذين لا يزالون يشكلون خطراً أمنياً".

حذر عبدي من أنّ الخطر الناجم عن تنظيم داعش لا يزال قائماً على الرغم من تصفية زعيمه، أبو إبراهيم القرشي، جراء عملية خاصة نفذتها الولايات المتحدة في محافظة إدلب

عبدي أكد في مقابلة قناة "العربية" أنّ "هناك تقصيراً كبيراً من قبل كافة الأطراف، وأنّ الأمم المتحدة ومؤسساتها مقصرة وتجاوبها بطيء مع مطالبهم، كما أنّ الدول المعنية لا تستقبل مواطنيها من الدواعش"، مشيراً إلى أنّ "المطالبة بتشكيل محاكمة دولية لهم خرجت من أولويات المجتمع الدولي". 

 

اقرأ أيضاً: الكُرد السوريون.. مُعارضون أم موالون للنظام؟

وأضاف عبدي، في مقابلته مع‏ وكالة "أسوشيتد برس"، أنّ إجراءات أمنية فورية اتخذت بغية القضاء على الخلايا "الداعشية" النائمة بعد هجوم الحسكة، وأنّ هذه الإجراءات العاجلة شملت إخلاء مراكز الاعتقال المعيبة المعرضة لهجمات مماثلة، بينما لا تزال عمليات التمشيط الأمنية مستمرة، وأنه تم إخلاء 3 سجون ونقل نزلائها إلى منشآت أخرى يقع 2 منها قرب الحدود التركية، بالإضافة إلى اكتشاف سجن آخر لديه أوجه قصور مماثلة لتلك التي كانت في سجن الصناعة.

اقرأ أيضاً: تركيا والنظام و"قسد".. مَن الأقرب إلى كسب العشائر السورية؟

وحذر عبدي من أنّ الخطر الناجم عن تنظيم داعش "لا يزال قائماً على الرغم من تصفية زعيمه، أبو إبراهيم القرشي، جراء عملية خاصة نفذتها الولايات المتحدة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا الأسبوع الماضي، لافتاً إلى أنّ التنظيم يعتمد على اللامركزية ويغير سلوكه وفقاً للظروف والديناميكيات المحلية".

لكن، ورغم كل هذه التحذيرات الصريحة من قيادت "قسد" من استمرارية خطورة التنظيم؛ إلا أنّ رد المجتمع الدولي جاء باهتاً، ولم يرق لمستوى الحدث والمعضلة المتمثلة بضرورة إعادة هؤلاء المقاتلين إلى بلادهم التي جاءوا منها، أو السماح بمحاكتهم ضمن منطقة صلاحية قوات سوريا الديمقراطية في محاكمات عادلة وضمن شروط دولية.

من المعلوم لدى كافة الأطراف الفاعلة في الملف السوري أنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي اللاعب الأكثر أهمية حتى لا نقول الأقوى، وهي أحد أهم محددات قوة الحليف "قوات قسد". وأمريكا والمجتمع الدولي اليوم يبدو مقتنعاً بضرورة "الحل السياسي" للصراع في سوريا وهذا يعني بقاء ملف المقاتلين الأجانب معلقاً على سلم الأولويات حتى الوصول إلى هذا الحل السياسي الذي يبدو بعيد المنال حالياً، وربما في ذيل اهتمامات المجتمع الدولي رغم المطالبات الأمريكية المتكررة منذ فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بضرورة إعادة المقاتلين الأجانب إلى بلادهم.

رغم كل هذه التحذيرات الصريحة من قيادات قسد من استمرارية خطورة التنظيم؛ إلا أنّ رد المجتمع الدولي جاء باهتاً، ولم يرق لمستوى الحدث والمعضلة المتمثلة بضرورة إعادة هؤلاء المقاتلين إلى بلادهم

وقد كان هذا واضحاً في إجابة مظلوم عبدي على سؤال للباحث براء صبري (كاتب وباحث من سوريا، مقيم في إقليم كردستان العراق) في مقابلة نشرت في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يوم 6 كانون الثاني (يناير) 2022، "ماذا تريدون من بقاء الجيش الأمريكي في سوريا؟".

أجاب عبدي "بالمُختصر: نحن لا نقول إنّ على الجيش الأمريكي البقاء هنا للأبد ولا أن يقوموا بحمايتنا. لكن، نقول إنهم لا بد أن يبقوا حتى الوصول إلى حل سياسي. نعم هزمنا داعش، ولكن الحرب ضده ما زالت مُستمرة. للوقوف في وجه داعش نحتاج إلى الوصول إلى حل سياسي. بالمختصر، نريد أن نحول بقاء أمريكا هنا إلى أرضية للوصول إلى حل سياسي".

 

اقرأ أيضاً: جدار حول عفرين .. ماذا تفعل تركيا في الشمال السوري؟

بناءً على ذلك؛ فإنّ معضلة "المقاتلين الأجانب" ومخاطر التعامل مع تنظيم داعش الإرهابي ستبقى تثقل كاهل قوات "قسد" وحدها إلى أجلٍ غير مسمى. وستبقى "قسد" ضمن إمكانياتها الذاتية وبدعم خاص من الولايات المتحدة الأمريكية، تقاتل تنظيم داعش، وتتعامل نيابة عن المجتمع الدولي، والأمم المتحدة ومؤسساتها مع معضلة "المقاتلين الأجانب".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية