الموتى الأحياء.. أحدث طرق "داعش" لشنّ الهجمات الإرهابية

الموتى الأحياء.. أحدث طرق "داعش" لشنّ الهجمات الإرهابية


20/05/2019

ترجمة: علي نوار


إنّها القصة التي لا يرويها أحد حول المقاتلين الإسبان السابقين في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي الذين يزيّفون وفاتهم كي يختفوا، ثم يعودون للحياة بهوية جديدة مختلفة. هم 8 أفراد. كشف عز الدين فارس، وهو من منطقة "بيلانويبا إي لا جيلترو" في شمال شرق إسبانيا، أنّ جثمانه "تعرّق" في فيديو تصوير جنازته كشهيد.

يكشف ضابط استخبارات إسباني عن تكتيك تستخدمه عناصر الجماعات المسلحة وهو الاختفاء حيث يزيّفون وفاتهم ثم يولدون من جديد

يشير فارس إلى مقطع فيديو تبلغ مدته بالكاد 35 ثانية وتظهر فيه مجموعة من الرجال يلتفّون في دائرة رافعين أياديهم إلى الأعلى بينما يهتفون، كما يحمل بعضهم بنادق هجومية من طراز (إم16)، ويوجد هناك أطفال ونساء في الصفّ الأول أيضاً.

وفي قلب الدائرة بالضبط، يتبيّن وجود 3 جثامين على الرمال، 3 شهداء في سبيل القضية التي يدافعون عنها. تركّز كاميرا الهاتف المشوّشة قليلاً على الوجه المخضّب بالدماء لأحد الجثامين، وتوحي اللافتات الظاهرة في المقطع بأنّ القتيل هو شخص إسباني عضو في تنظيم جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا.

وصلت هذه الصور، التي يُعتقد أنّها التقطت داخل أحد المخيمات بالقرب من منطقة البريكات شمال شرقي سوريا، عام 2015 إلى بيلانويبا إي لا جيلترو، المدينة الواقعة على بعد 50 كلم من برشلونة. هناك تعيش عائلة عز الدين فارس، الجهادي الذي يحمل جواز سفر إسباني والذي انضمّ إلى تنظيم القاعدة عام 2012. "نعم هذا الجثمان يخصّه"، هكذا أكّد أحد أبناء عمومته حين شاهد الفيديو على صفحة بموقع (فيسبوك) للتواصل الاجتماعي، بكت والدته المسنّة وأشقاؤه على وفاة فارس، لم يفهموا مطلقاً جنونه ولا اتّفقوا معه فيه.

يزيّفون وفاتهم كي يختفوا، ثم يعودون للحياة بهوية جديدة مختلفة

اعترضت الشرطة الفيديو، وعكف فريق من أفراد الأمن والمستشارين المتخصصين في الإرهاب على دراسة الصور، لكنّهم وقفوا كثيراً أمام نقطة أثارت ارتيابهم ومكمنها وجه فارس، "جثمان يتعرّق؟ هذا مستحيل. ذلك الرّجل يدّعي مقتله"، هكذا هتف أحد الخبراء وكان الصواب إلى جانبه، فقد ظهر فارس من جديد على رادار (المركز الوطني الإسباني للاستخبارات) قبل عامين في مدينة إدلب السورية.

اقرأ أيضاً: داعشيون يرتكبون أعمال شغب في سجن.. تفاصيل

لاحقاً سيتّضح أنّ عز الدين فارس ليس الجهادي الإسباني الوحيد الذي يزيّف مصرعه. ففي العام 2014، خرج يوسف محمد من منطقة خوميا بمدينة مورسيا، وبكت أسرته على وفاته 3 مرات، فقد انتشرت عدة مقاطع فيديو ورسائل بين عامي 2015 و2016 عبر منصات التواصل الاجتماعي تؤكّد مصرعه، لكن أجهزة الاستخبارات تعرّفت على يوسف بفضل مقطع فيديو نُشر قبل فترة قريبة من جانب "داعش".

اقرأ أيضاً: آخر معارك الجيش الليبي ضدّ داعش وميليشيات طرابلس

يكشف ضابط استخبارات إسباني أُرسل إلى عدة بلدان حيث ينشط الإرهابيون "يستخدمون تكتيك الاختفاء. إرهابيون يزيّفون وفاتهم ثم يولدون من جديد، ويزعم بعضهم أنّهم لقوا حتفهم أثناء المعارك كي يتمكّنوا من العودة إلى أوروبا بشكل أسهل وبأوراق هوية جديدة وبالتالي شنّ هجمات. البعض الآخر، الذين ندموا على ما اقترفوه، يلجؤون لتلك الحيلة كي يفرّوا من قبضة التنظيمات الجهادية ويبدأوا حياة جديدة في مكان آخر".

اقرأ أيضاً: ولاية جديدة لداعش.. أين هي؟ ومن يقف وراءها؟

لا يعلم أحد أين يتواجد الآن عز الدين فارس، الإرهابي المنحدر من "بيلانويبا إي لا جيلترو" الذي عاد للحياة قبل عامين. ما نعرفه هو أنّه سافر في 2010 لمدة عامين للعيش في لندن، ثم عاد إلى برشلونة أصولياً وتستحوذ عليه فكرة الذهاب لسوريا من أجل القتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وبينما كان عمره 22 عاماً وعلى الرغم من معارضة أسرته، استقلّ طائرة إلى تركيا ومنها توجّه لمدينة اللاذقية السورية حيث انخرط في صفوف تنظيم جبهة النصرة.

اقرأ أيضاً: الشرطة الألمانية تعتقل مموّلين لتنظيم داعش

بعد اختفائه التام لمدة عامين، وردت أنباء عن فارس، كان ذلك عن طريق رسالة مليئة بأخطاء إملائية كثيرة بثها عبر حسابه على شبكة (فيسبوك) الاجتماعية، كتب الشاب في رسالته "مللنا من إخفاء حقيقة هويتنا، أنا الآن رجل حر، لا أحد يستوقفك في منتصف الطريق كي يطلب الاطلاع على أوراق هويتك، لا أحد ينظر إليك بريبة لأنّك تمتلك لحية أو أنّ لك مظهراً مختلفاً، تركنا حياة العبودية هذه، أنا الآن عبد لله وحده وليس أحداً آخر، لا وجود للحكومة هنا، لا وجود لقوات الأمن، ولا محاكمات، ولا أي شكاوى من منغصات لأن شريعة الله تطبّق، نحن الشرطيون هنا".

واحد من القليلين الذين استطاعوا الحديث مع فارس في تلك الفترة كان "تشيما جيل جاري" المحلّل ومؤسس (المرصد الدولي للأمن)، والذي يراقب ويتتبّع منذ ثمانية أعوام تحرّكات الجهاديين الذين خرجوا من إسبانيا للقتال.

تتعامل السلطات الإسبانية بالقدر الأكبر من الاهتمام مع احتمالية عودة بعض هؤلاء المقاتلين الجهاديين العائدين للحياة

س. ما الذي تفعله عادة في سوريا؟ (يسأله جيل جاري)
ج. اضطلع بمهمة الحراسة في مخيمات إيواء اللاجئين، استخدمت السلاح إلّا أنّني لم أفعل ذلك أبداً في وجه أشخاص عُزّل، أنا في ضواحي اللاذقية، إنّها منطقة آمنة رغم تعرّضها للقصف أحياناً. أتيت إلى هنا لأنّني لم أعد أحتمل كوني جباناً لا يستطيع فعل أي شيء من أجل المسلمين الأبرياء، لو لم أكن هنا كنت لأصاب بالجنون حتماً.

س. ألا تفكّر في العودة إلى أسرتك؟
ج. لا أستطيع. أودّ ذلك بالطبع لكنّني أحرقت جواز سفري (الإسباني)، رغم أنّه بوسعي العبور إلى تركيا في أي وقت أشاء، إذا عُدت فسيُزجّ بي إلى السجن لخمس سنوات على الأرجح، أفضّل البقاء هنا، وسأتزوّج. كرّست نفسي لخدمة وحماية أناسي وديني، أنا عبد لله وإذا قُتلت فسأكون شهيداً، لم أعد انتمي لهذه الحياة.

اقرأ أيضاً: تحولات "داعش" ما بعد الهزيمة

يذكّر جيل جاري بأنّ فارس "لطالما كان يراوده قدر كبير من القلق حيال عودة تنظيم داعش وإنّ عناصر التنظيم انتابهم الجنون لدرجة قتل أشقائهم، رغم أنّه كانت لديه في الوقت ذاته فرضية مضادة، فقد قال إنّه يريد العودة إلى إسبانيا رغم أنّ ذلك سيعني جعله محل سخرية لا سيما وأنّ مهمّته هناك لم تنته بعد". وأنهى فارس حواره مع المحلّل بعبارة لفتت انتباه الأخير "أنت تتحدّث إلى رجل ميت"، بعدها بعام ظهر الفيديو الذي لفّق فيه الجهادي وفاته والذي كشف زيفه عرقه.

كان أفراد الشرطة الإسبانية يتقفّون أثر فارس

قبل أشهر من ظهور فيديو وفاة فارس المزعومة ووصوله إلى أسرته، كان أفراد الشرطة الإسبانية يتقفّون أثر فارس بالفعل، وعن طريق تقنية تحديد المواقع، توصّلوا إلى أنّه يتواجد حقيقة في مدينة غازي عنتاب التركية.
يضيف جيل جاري "نجح فارس في العودة قبل نهاية التنظيم في سوريا (لذا حدّد المركز الوطني الإسباني للاستخبارات) موقعه عام 2017 في شمال شرقي سوريا، وتحديداً في إدلب). ربما يكون قد عاد بالفعل إلى أوروبا وأصبح أحد الجهاديين العائدين".

اقرأ أيضاً: العراق يحبط مخططاً لإعادة تشكيل خلايا داعش.. تفاصيل

لا يعرف أحد بدقة عدد الوفيات الزائفة، التي تشمل حالات ادعاء الوفاة، تلك التي يُعلن فيها مصرع جهادي حتى ترصده من جديد القوات الكردية أو الأمريكية أو الإسبانية، التي تتابع عملية تفكيك خلافة أبو بكر البغدادي في سوريا. لكن المعلومات المتوافرة تشير إلى كشف أمر 7 موتى أحياء آخرين خلافاً لفارس. خرجوا جميعاً من إقليم كتالونيا، باستثناء ابن توماسا الشهير بلقب القرطبي، إذ تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً وقد أمضوا مرحلة مراهقتهم في إسبانيا، رغم أنّهم ليسوا جميعاً يحملون الجنسية.

اقرأ أيضاً: "جهاد النساء" .. لماذا اخترن داعش؟

تشكّل هذه المجموعة جزءاً من 100 "إسباني" ما يزالون على قيد الحياة ويعيشون في مناطق مختلفة من الحدود بين سوريا والعراق. تقول وزارة الداخلية الإسبانية إنّ هناك 234 جهادياً انطلقوا من البلاد للانضمام إلى صفوف تنظيم داعش، من بينهم 60 فرداً يحملون الجنسية الإسبانية- مثل فارس- قُتل 57 شخصاً في جبهات القتال بينما يُعتقد أنّ 44 آخرين عادوا.

ومن بين (الموتى الأحياء) يظهر أيضاً الأخوين غبريط. ففي أيلول (سبتمبر) 2018 وردت أنباء إلى وزارة الداخلية حول مصرع محمد ومروان أثناء معارك في إدلب، خرج شقيقهما الأصغر إحسان قبل أسبوعين محاولًا تأكيد نبأ وفاتهما حيث صرّح "نعم، لقي شقيقاي مصرعهما"، دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل.

اقرأ أيضاً: هجمات سريلانكا ودور "داعش" في آسيا
لكن ورغم البيانات التي وصلت إلى الجهات الرسمية، يشكّك المحقّقون الإسبان ليس فقط في صحة هذه الرواية، بل يؤكّدون أنّهم غير مقتنعين على الإطلاق بمقتل الأخوين حيث قالوا "نحن واثقون أنّهما ما يزالان على قيد الحياة، محمد هو واحد من الذين زيّفوا مصرعهم كي يستطيع العودة على الأرجح إلى أوروبا دون أن يتعرّض للملاحقة وشنّ هجمات مع الإفلات من العقاب".

 رحل محمد غبريط إلى سوريا عام 2015

كان محمد غبريط قد وصل أثناء فترة مراهقته إلى إسبانيا وكان عامل طلاء بمنطقة سان خابيير في مدينة مورسيا. ثم رحل إلى سوريا عام 2015، ذهب لرؤية والدته في تطوان حيث اعترف لها بأنّه ينوي الانخراط في صفوف تنظيم "داعش". وعلى جبهات القتال وجد شقيقه مروان الذي كان قد سبقه في الانضمام للمعارك بأشهر. تمكّن جيل جاري من التواصل مع غوريط عام 2016، حيث يسرد "إذا ظهرا غداً بينما يطلقان النار فلا ينبغي أن نندهش. إذا ظهرا حليقي اللحى وجاءا إلى هنا، فسيمرّان دون أن ينتبه لهما أحد. أبلغني بأنّه يريد استرداد الأندلس وأنّه يعيش حياة الملوك في سوريا".

تهديدات

تمكّن جيل جاري من إجراء مقابلات مع 100 مقاتل كانوا في سوريا أو العراق، وبسبب عمله هذا تلقّى تهديدات مثل تلك التي وصلته من أبو ضياء، جهادي آخر خرج من إسبانيا وتحديداً من سبتة، حيث ما تزال عائلته تعيش، ورد في البيان الذي وصله من أبو ضياء "أنت كلب كاذب، أنت هدفنا هذه المرة ونحن قريبون للغاية منك، سنعثر عليك وسنجعلك تعاني، لدينا رخصة بسفك دمك".

بحسب وزارة الداخلية الإسبانية فإنّ هناك 234 جهادياً انطلقوا من البلاد للانضمام إلى صفوف تنظيم داعش

لقي أبو ضياء مصرعه أواخر العام 2017 أثناء قصف على مدينة الرقة ثم عاد للحياة مطلع العام الماضي، وتضيف مصادر من أجهزة الاستخبارات "هذا هو ما حاول ادعاءه عن طريق حسابات زائفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي حيث قدّم نفسه على أنّه شهيد؛ لأننا شاهدناه فيما بعد بمقطع فيديو جرى خلاله تصوير عمليات إعدام بمعسكرات تدريب".

وصل أبو ضياء سوريا عام 2017، وبنى شهرته من توجيهه تهديدات بالقتل عبر المنصات الاجتماعية إلى شخصيات بعينها في إسبانيا. كما كان يتباهى برفع مقاطع فيديو لعمليات إعدام، وتحوّل أبو ضياء إلى مدرّب ويتحدّث عنه الخبراء في مجال الإرهاب الجهادي بوصفه ينتمي إلى فئة النخبة من محترفي التجنيد واستقطاب المقاتلين "كما أنّه يحظى بخبرة قتالية عريضة".

اقرأ أيضاً: معارك ضارية بين طالبان وداعش.. الأسباب

وفي الرقة، التقى أبو ضياء بجهادي آخر ينحدر من أسرة أندلسية يدعى محمد طارق الذي عاش في سانتوميتا بمدينة مورسيا وكذلك في جيرونا، دأب محمد طارق على رفع صور شخصية (سيلفي) مع رؤوس الجنود الذين قتلهم عبر حساباته على الشبكات الاجتماعية، واستناداً لمعلومات من على الأرض، ساد الاعتقاد في إسبانيا بأنّ طارق لقي مصرعه، لكن مصادر استخباراتية تؤكّد "ليس ثمة أي بيانات تثبت صحة هذه الفرضية، بل إن كل شيء يشير إلى النقيض تماماً".

اقرأ أيضاً: هجمات سريلانكا.. "داعش" تطل بقسوة مرة أخرى

جهاد الأندلسي، هو الآخر جاءت أنباء بمصرعه خلال عمليات قتالية في 2017، حتى ظهر من جديد بعدها بأشهر، عاش في أندلوسيا، بمدينة كوردوبا على الأغلب، أما في سجّلات الشرطة، فهو مصنّف كمحرّض عبر الشبكات الاجتماعية وقد تواصل مع عدة نساء إسبانيات، وفقاً لتقرير أجهزة الأمن فإنه "وبالإضافة إلى دعايته، فإنّه يميل للمغازلة والعلاقات الجنسية عبر الإنترنت".

ويوضّح جيل جاري "ينتمي لهذه الفئة من الجهاديين الذين نشأوا في إسبانيا وعاشوا في أجواء من الحرية، كانوا يحبّون مشاهدة مباريات كرة القدم ومواعدة الفتيات وتدخين الماريجوانا هنا، وبعد أن قضوا 3 أشهر في سوريا، أصبحوا يفتقدون لبعض الأمور التي كانوا يفعلونها في إسبانيا، لذا يصابون بالإحباط، ويلجؤون إلى موقع (فيسبوك) ويعاودون بسرية أفعالهم..".

اقرأ أيضاً: تركيا وداعش: نهاية اللاعبين بالنار

أما القرطبي، أو محمد ياسين أهرام بيريز، فعلاوة على كنيته التي يحملها نظراً لأنّه كان يعيش بمدينة كوردوبا (قرطبة)، فقد أصبح الجهادي الإسباني الأشهر على الإطلاق منذ 2017، حين وقعت هجمات برشلونة، وخرج حينها ليهدّد البلاد بأسرها عبر مقطع فيديو انتشر انتشار النار في الهشيم. وحتى ذلك الوقت، بحسب الشرطة، كانت كل المؤشرات تصب في اتجاه وفاته، فقد سبق له القتال في عدة معارك بالموصل في العراق ثم الرقة بسوريا حيث تعرض لقذيفة مدفعية، نجا أهرام بيريز رغم أنّه بالكاد يستطيع تحريك ذراعيه.

وفي أواخر العام 2014، تعرّفت والدته- توماسا بيريز- التي وُلدت كمسيحية قبل أن تتحوّل إلى الإسلام حين أتمّت 17 عاما، إلى عبد الله أهرام الذي يقبع بأحد سجون طنجة، وعكفت على رعاية أبناءه الستة (ياسين وموسى وقدامة وإسلام والخنساء ويونس). ذهبت إلى الدار البيضاء في المغرب ومنها إلى سوريا. وتؤكّد المصادر الأمنية "لطالما كانت الأم هي الأكثر تطرّفا بين أفراد الأسرة. لا نعلم أين مثواها حاليًا، لكنّنا نعتقد أنّ الشقيقين الأكبر ياسين وموسى منفصلان عن والدتهما وباقي أخوتهما".

تتعامل السلطات الإسبانية بالقدر الأكبر من الاهتمام مع احتمالية عودة بعض هؤلاء المقاتلين الجهاديين العائدين للحياة، فقد أشار تقرير الأمن الوطني في نسخة عام 2018 إلى أنّ "إمكانية عودة مقاتلين إرهابيين أجانب إلى أراضي البلاد بعد اكتسابهم معرفة وخبرات في مجال الأسلحة الكيماوية ما تزال قائمة".

اقرأ أيضاً: تحذيرات.. تنظيم داعش يتمدّد في هذه الدول
ويتحدّث التقرير على وجه التحديد عن أسماء مثل أبو ياسر الإسباني، الذي سافر إلى سوريا عام 2014 وما يزال مصيره غير معلوم. أو أبو ذر، الشهير بالتجنيد عبر المواقع الاجتماعية وبتر الرؤوس، والذي تنقّل بين أقاليم أندلوسيا ومدريد وكتالونيا قبل أن يشترك في القتال عام 2016، ويروي المحقّقون "كان على وشك تجنيد فتى من أسرة مسيحية من برشلونة".

وتضمّ القائمة أيضاً إسماعيل إدريسي الذي ترعرع في مورسية وسافر إلى سوريا قبل 7 أعوام، ويقول عنه الخبير جيل جاري بأنّه "من النوع الذي يلتقط الصور مع الرؤوس المبتورة بينما يتساءل عن كيفية سير الأزمة في إسبانيا".

إسبان سجناء
أحد المُكلّفين باستقبال وإيواء وتدريب هؤلاء الجهاديين لدى وصولهم من إسبانيا كان بلال وهابي (المغربي الذي كان يعيش في كاستييخوس رغم أنّه أمضى الجزء الأكبر من حياته في سبتة)، يتواجد وهابي حالياً كمُعتقل بأحد السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة. وفي السجن أيضاً، بزنزانته في تركيا، يقبع عماد جبر، والذي أُلقي القبض عليه العام المنصرم بينما كان يحاول العودة إلى إسبانيا، صدر بحقّه أمر ضبط وإحضار من قبل المحكمة الوطنية الإسبانية.

اقرأ أيضاً: ملامح إستراتيجية داعش الجديدة في أفغانستان

قبل أيام، وبعد اختفاء دام 5 أعوام، أصدر تنظيم داعش مقطع فيديو يظهر فيه زعيمه أبو بكر البغدادي أكّد فيه أنّ هجمات سريلانكا هي انتقام من انهيار خلافته، يقول جيل جاري "يخرج في التوقيت المناسب ليقول: نحن هنا وسنواصل ضربكم بهجمات متزامنة سعياً وراء الفوضى".

يضيف المحلّل "تمتلك الحركة الجهادية آليتها الخاصة بها، نحن بصدد تهديد حقيقي ومستمر سيواصل توجيه الضربات، لديهم نيجيريا ومالي والصحراء الإفريقية والصومال والفلبين، فضلاً عن خلايا "داعش" في أوروبا. نتحدّث عن إرهاب يأخذ طابعاً عالمياً، يستفيد من الشبكات الاجتماعية لتحقيق الدعاية وما يزال يستغل وسائل التواصل، لأنّ هدف (داعش) هو العالم أجمع".
إنّه العالم الذي يرغب في مهاجمته المقاتلون الإسبان الثمانية الذين زيّفوا وفاتهم بغرض الاختفاء والعودة للحياة بهوية أخرى. إنّهم الموتى الأحياء.


المصدر: تحقيق حول المقاتلين الإسبان في تنظيم داعش الذين يزيّفون وفاتهم، إعداد الصحفي لوكاس دي لا كال ونشر بصحيفة "الموندو" الإسبانية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية