"الناخب التركي" يدفع حكومة أردوغان إلى تحسينات اقتصادية فهل تنطلي الحيلة عليه؟

"الناخب التركي" يدفع حكومة أردوغان إلى تحسينات اقتصادية فهل تنطلي الحيلة عليه؟


03/11/2021

يتوقع مراقبون أن يشهد العام ونصف العام المقبل، الذي يفصل الناخب التركي عن صندوق الاقتراع  بما يمثله من فرصة لمعاقبة نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على سياساته، تبدلاً في تلك السياسات، حيث ترتفع نبرة "التركي أولاً"، ومحاولة تخفيف الأعباء الاقتصادية، لتجنب التعرض لذلك العقاب، والفوز بفترة جديدة. 

اقرأ أيضاً: بعد زيارته 3 دول أفريقية.. ماذا يريد أردوغان من القارة السمراء

ويبقى التساؤل حول جدوى تلك المحاولات في ظل تراجع تظهره استطلاعات الرأي في شعبية الرئيس وحزبه، وفي ظل استعداد المعارضة للإطاحة بالرئيس، ومن جهة أخرى في ظل إرث طويل من السياسات المتراكمة للنظام التركي، سواء بالتوسعات الخارجية أو الأزمات الاقتصادية الداخلية، أو قمع حرية الرأي والتعبير. 

وفي باكورة القرارات التي تسعى الحكومة إلى اتخاذها، وعينها على الناخب وصندوق الاقتراع، رفع الحد الأدنى للأجور وتخفيض الضرائب، وقال مسؤولان تركيان كبيران لوكالة "رويترز": إنّ هذه الإجراءات تأتي محاولة لكسب تأييد الشعب التركي في الانتخابات القادمة.

وأضاف المسؤولان، بحسب ما نقلته جريدة زمان التركية، أنّ الدعم المالي الذي ستقدمه الحكومة سيكون لتخفيف الضغط على الأسر الأكثر تضرراً من التضخم.

 

باكورة القرارات التي تسعى الحكومة إلى اتخاذها، وعينها على الناخب وصندوق الاقتراع، رفع الحد الأدنى للأجور وتخفيض الضرائب

وأشاروا إلى أنّ من بين الخيارات التي نظر فيها حزب العدالة والتنمية رفع الحد الأدنى للأجور أعلى من معدل التضخم، وخفض أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي، ورفع رواتب موظفي الخدمة المدنية.

وأكد أحد المسؤولين وجود شح في الميزانية أكثر ممّا ينبغي، وبالتالي يجب إنهاؤه بطريقة ما، وستُتخذ خطوة في هذا الاتجاه العام المقبل. 

وذكر المسؤول أنّ الرئيس سيواجه انتخابات صعبة في منتصف عام 2023 على أبعد تقدير، حيث انخفض التأييد له مع زيادة التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية والغاز.

اقرأ أيضاً: الليرة التركية: قصّة سقوط حرّ

ولا تُعدّ صعوبة الانتخابات المقبلة ومفصليتها بالأمر المفاجئ، لذا فمن غير المستغرب أيضاً أن تبدأ الحكومة التركية في محاولات مغازلة مواطنيها وكسب ودّهم، مع أنها على بعد شهور طويلة من تلك الانتخابات. 

وتتمثل تلك المحاولات أيضاً في مسارها الذي يُغلّب البراغماتية على الإيديولوجية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، بحسب ما سبق ووصفه كبير باحثي مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD التي تتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقراً لها الدكتور آيكان أردمير، وذلك عند تعليقه على التقارب التركي من مصر ودول الخليج، وذلك للحصول على مزايا اقتصادية بتعزيز التجارة الدولية مع تلك الدول، وتقليل غربتها. 

 

تؤكد استطلاعات الرأي المتوالية تراجع شعبية الرئيس التركي وحزبه عن ذي قبل، وتقفز بعضها إلى تجاوز شخصيات معارضة شعبية الرئيس

ورغم تلك المحاولات، يثق آدمير، بحسب حوار مع صحيفة "المصري اليوم" في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، في قدرة المعارضة على الإطاحة بالنظام التركي.

وقال آدمير: تركيا لديها معارضة قوية، وقد أثبتت قدرتها على التوحد في ظل ائتلاف كبير وهزيمة مرشحي أردوغان في الانتخابات البلدية عام 2019، وحاولت الحكومة ملاحقة المعارضة والضغط على وسائل الإعلام والناخبين، ولكنها أتت بنتائج عكسية.

اقرأ أيضاً: ما دور تركيا وقطر في إفشال لقاء مقديشو وصومالي لاند؟

ولفت إلى أنّ "المعارضة ستشارك في ائتلاف انتخابي ضخم لهزيمة الحزب الحاكم، وتظهر استطلاعات الرأي أنّ أصوات المعارضة آخذة في الارتفاع، وإذا استمر المسار الحالي، فستفوز المعارضة بالأغلبية البرلمانية ومنصب رئيس تركيا في انتخابات 2023، ومن ثم يمكننا أن نتوقع تحسناً سريعاً في سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان". 

مؤشر استطلاعات الرأي

وتؤكد استطلاعات الرأي المتتالية تراجع شعبية الرئيس التركي وحزبه عن ذي قبل، وتقفز بعضها إلى تجاوز شخصيات معارضة شعبية الرئيس، ففي حزيران (يونيو) الماضي، قال رئيس مؤسسة "أوراسيا" لاستطلاعات الرأي في تركيا كمال أوزكيراز: إنّ رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يتمتع بشعبية أكبر من أردوغان، ممّا يجعله أقرب إلى رئاسة البلاد في الانتخابات المقبلة في عام 2023، بحسب موقع "تركيا الآن".

وأشار أوزكيراز في مقابلة له مع موقع "ديكان" الإخباري التركي إلى أنّه في حال السباق الرئاسي بين المرشحين، سيحصل إمام أوغلو على أصوات أكثر بنسبة 6.5 بالمائة من أردوغان، وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة التي أجرتها مؤسسته.

 

قال مسؤول حكومي لـ"فايننشال تايمز": الرئيس لا يحب الأشخاص الأقوياء من حوله، الجميع يعرف هذا، لذلك لا أحد يريد أن يقول الحقيقة 

وفي استطلاع آخر أجرته مؤسسة (ORC Research) المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، أظهر أنّ الحزب سيحصل فقط على ما نسبته 11.4 بالمائة من أصوات الأجيال الشابة، التي لم تشارك في انتخابات من قبل، وهي نسبة ضئيلة تظهر تراجع شعبية الحزب بين المراهقين والشباب. 

وفيما تستطيع إجراءات تحسين الدخول وتخفيض الضرائب التأثير على قطاعات بعينها من الناخبين، مع شعارات المخاطر والمؤامرات التي تتعرض لها تركيا، فإنّ ذلك الخطاب يظل قاصراً عن إقناع الشباب والمراهقين، لا سيّما في ظل التضييقات الأمنية التي يعيشونها. 

الرئيس يخيف وزراءه 

وفي تقرير تحليلي لـ"صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تحت عنوان "هل يؤدي تدهور الاقتصاد التركي إلى نهاية أردوغان؟" ذكرت الصحيفة أنّ الوزراء في ظل نظام الحكم الرئاسي الحالي يترددون في نقل الوضع السلبي إلى أردوغان خوفاً منه.

وفي حديثه للصحيفة، قال رجل أعمال تركي: إنّ الوزراء يطالبون رجال الأعمال بنقل الوضع السيّئ للرئيس، فيردّ عليهم رجال الأعمال: "لماذا ينبغي لنا أن نفعل ذلك؟ هذه وظيفتكم".

ووفقاً لرواية أخرى نقلتها الصحيفة، فإنّ أحد مسؤولي حزب العدالة والتنمية قال: إنّ أردوغان يعتقد أنّ بعض الأشخاص في الحزب والحكومة يبالغون عند الحديث عن مشاكل.

وأكد بعض مسؤولي حزب العدالة والتنمية الذين قدّموا معلومات للصحيفة أنّ بعض كبار المستشارين في محيط أردوغان يعارضون هوس زعيم حزب العدالة والتنمية بخفض أسعار الفائدة، لكنهم لم يتمكنوا من إخباره.

اقرأ أيضاً: حقيبة زوجة الرئيس التركي تزجّ بالصحفيين خلف القضبان

وقال مسؤول حكومي: "الرئيس لا يحب الأشخاص الأقوياء من حوله، الجميع يعرف هذا، لذلك لا أحد يريد أن يقول الحقيقة ".

وقد علّق دبلوماسي أوروبي على افتراض المعارضة بأنّ أردوغان عازم على عقد انتخابات مبكرة: "إنهم يحلمون فقط، كم يبلغ عدد المستبدّين الذين تركوا مناصبهم دون مشكلة؟".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية