النساء اليمنيات متحدات للإفراج عن ضحايا الاختفاء القسري

النساء اليمنيات متحدات للإفراج عن ضحايا الاختفاء القسري


كاتب ومترجم جزائري
20/10/2020

ترجمة: مدني قصري

في اليمن؛ تمكّنت رابطة الأمهات المختطفات "abductees mothers association" من إيجاد حقوق ضحايا الاختطاف القسري وتحريرها وتأكيدها، في سياق الصراع الذي بدأ عام 2015؛ ففي بلد تلعب فيه المرأة دوراً ثانوياً في الحياة العامة، تمثّل هذه الرابطة المجموعة الوحيدة المنبثقة من المجتمع المدني، التي يمكنها التباهي بنجاح ملحوظ في تعزيز حقوق الأفراد المختطفين قسراً.

اقرأ أيضاً: تجنيد الأطفال.. سلاح حوثي يقتل حاضر اليمن ومستقبله

 فيما يلي توضيح لهذه الرابطة غير السياسية مع أنوشكا لينغلارت "Anouchka Linglart"(1)، بالشراكة مع مرصد "Pharos" لتعددية الثقافات والأديان.

نادراً ما تحتل المرأة في المجتمع اليمني دوراً بارزاً في الحياة العامة، لكنّ رابطة أمهات المختطفين"Abductees’ Mothers Association" ، التي أطلقتها النساء، تمثل استثناءً من لأنّها مجموعة المجتمع المدني الوحيدة التي يمكنها التباهي بنجاح ملحوظ في تعزيز حقوق الأفراد المختطفين قسراً.

 

‏التعريف برابطة أمهات المختطفين.. #حرية_ولدي_أولا

Posted by ‎رابطة أمهات المختطفين - Association of Abductee's mothers‎ on Sunday, March 29, 2020

 في سياق الصراع الذي مزق البلاد منذ عام 2014؛ بلغ عدد حالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية الآلاف، وترتكبها جميع أطراف النزاع، سواء كانوا حوثيين، أو القوات الموالية للحكومة.

ظهرت رابطة أمهات المختطفين، وهي مجموعة من النساء المقربات من معتقلي صنعاء، تجمّعن على أبواب السجون في العاصمة اليمنية، التي سقطت في أيدي الحوثيين الانقلابيين

وهكذا تضمّ رابطة أمهات المختطفين؛ أمهات المدنيين وزوجاتهم وبناتهم، من الذين لم يشاركوا في الصراع، والذين تم اختطافهم بسبب مهنتهم، أو آرائهم السياسية، أو نشاطهم، أو معتقداتهم الدينية، وبذلك يكون من بين الضحايا عدد كبير من الطلاب والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان المختطفين من منازلهم، وأماكن عملهم، ومساجدهم وجامعاتهم، على مرأى ومسمع من أقاربهم.

وعادة ما يتمّ احتجاز هؤلاء الرجال في أماكن لا يتم الكشف عنها لأهاليهم، بالتالي؛ لا يمكنهم زيارتهم، وتستنكر التقارير المعاملة الوحشية للغاية للمعتقلين، والتي تُستخدم "كورقة مساومة" في المفاوضات بين الخصوم، بالتالي؛ تتكفل الرابطة بإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها هؤلاء الرجال المسجونون دون محاكمة، وتعمل على إطلاق سراحهم.

من مجموعة محلية إلى منظمة كبيرة

في نيسان (أبريل) 2016؛ ظهرت رابطة أمهات المختطفين، وهي مجموعة من النساء المقربات من معتقلي صنعاء، تجمّعن على أبواب السجون في العاصمة اليمنية، التي سقطت في أيدي الحوثيين، في أيلول (سبتمبر) 2014، للمطالبة بالإفراج عن المخطوفين.

اقرأ أيضاً: اليمن: رسالة إيرانية ناعمة لأمريكا عبر الحوثيين

 في عام 2017؛ وسّع التنظيم نطاقه بسرعة ليشمل الحديدة ومأرب وحجة وذمار، أو حتى تعز وإب، بواسطة الفروع المستقلة في كل محافظة، بعد وفاة 49 مختطَفاً في السجن، بعد ذلك، في منتصف عام 2018، انضم تحالفٌ نشطٌ بشكل خاص، من أمهات المفقودين في عدن، إلى المجموعة.

 تضمّ رابطة أمهات المختطفين؛ أمهات المدنيين وزوجاتهم وبناتهم

من خلال توحيد قواها في جبهة موحّدة والتعاون مع النشطاء والصحفيين؛ فإنّ هؤلاء النساء، اللواتي اختارت بعضهن الانخراط في التضامن، يعزّزن حمايتهن المتبادلة خلال المسيرات، وهكذا فإنهنّ يجعلن محاولات الاعتداء، كالتي تعرّضن لها في السابق، أكثر صعوبة.

اقرأ أيضاً: هل تتخلى الأمم المتحدة عن جياع اليمن؟

شهدت المنظمة، اليوم، نمواً كبيراً لدرجة أنّه تمّ إنشاء دائرة مخصصة للبحث، مزوّدة بفريق مسؤول عن تحديد مكان المخطوفين وإبلاغ الأقارب، حتى يتمكنوا من الذهاب إلى أماكن الاحتجاز، كما تمّ إنشاء مكتب علاقات عامة لتنويع الحملات، المحلية والدولية، الداعية إلى التضامن، وقد تمّ، على وجه الخصوص، تكثيف استخدام الشبكات الاجتماعية من أجل تسليط الضوء على حالات الاختفاء القسري، غير المعترف بها في بعض الأحيان.

تعبئة دائمة ومتعددة الأوجه

إضافة إلى رصد انتهاكات حقوق الإنسان وتوثيقها؛ فإنّ جوهر نشاط الرابطة يجري في الميدان؛ حيث نظمت أكثر من 200 مظاهرة، وغالباً ما تكون مهمة جداً، فعلى سبيل المثال؛ تسير النساء وهنّ يحملن أجساداً وهمية على نقّالات، ويحملن معهنّ أطفال المفقودين، كما تنعكس التعبئة في تنظيم الاعتصامات، كما هو الحال في عدن؛ حيث سمح اعتصام استمرّ 20 يوماً بالإفراج عن 83 شخصاً اعتقلهم النائب العام بشكل تعسفي.

في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال البلاد، اضطرت العديد من المنظمات المسؤولة عن الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات المدنية إلى إغلاق أبوابها

إضافة إلى ذلك؛ تنظّم العضوات في الرابطة أيضاً اجتماعات مع ممثلي منظمات حقوق الإنسان، على المستويين الإقليمي والدولي، على أمل أن يصل نضالهنّ إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن.

إضافة إلى ذلك؛ تحرص هؤلاء النساء على زيارة عائلات المفقودين بانتظام، الذين يستفيدون، بمجرد إطلاق سراحهم، من الدعم النفسي والقانوني والمالي المستمر، بفضل الجهود التي تبذلها عضوات الرابطة لتسهيل إعادة تأهيلهم.

تضامن يتجاوز الانقسامات الخاصة بالنزاع

من اللافت للنظر بشكل خاص؛ أنّ رابطة أمهات المختطفين لا تنتمي إلى أيّ حزب، فيما يتّسم الصراع اليمني بانقسامات طائفية أساسية، وتهدف الرابطة إلى الدفاع عن جميع المدنيين الموقوفين ظلماً، بغضّ النظر عن مطالبهم السياسية، وتسعى إلى تقديم جميع الجناة إلى العدالة، بغضّ النظر عن طرف النزاع الذي يمثلونه.

بالتالي، على الرغم من أنّ معظم التحقيقات التي تمّ إجراؤها حتى الآن تتعلق بحالات الاختفاء القسري التي دبرتها جماعات الحوثيين، حيث تمّ الحصول على ما يقرب من  600إفراج حتى الآن؛ فإنّ عمليات الاختطاف التي تحدث في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة تتمّ معالجتها معها أيضاً من قبل الرابطة.

الأعراف الثقافية التي تمنح المرأة وظائف وسيطة

ومن الجدير بالملاحظة أيضاً؛ استمرار التنظيم مع مرور الوقت، على الرغم من إداناتها المتكررة لجميع أطراف النزاع، لارتكابها مثل هذه الانتهاكات، في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال البلاد، اضطرت العديد من المنظمات المسؤولة عن الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات المدنية إلى إغلاق أبوابها، لكن منذ إنشائها، عام 2016، ظلت رابطة أمهات المختطفين تمثل استثناءً في مشهد المجتمع المدني اليمني.

تستفيد الرابطة من المعايير الثقافية اليمنية، التي بموجبها تتم حماية شرائح معينة من السكان غير المقاتلين، إنّ مهاجمة النساء، وكذلك الاعتداء على أحفاد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، أو القضاة، بدرجة أقل، يمثل ما يسمى "عيباً أسود"، وهو أمر يثير الاستياء في المجتمعات القبلية.

اقرأ أيضاً: الحوثيون يعيدون إحياء الإمامة الزيدية في اليمن بمواصفات إيرانية

لقد مكّنت هذه التقاليد النساء اليمنيات، تاريخياً، من التوسط ومساعدة الجرحى وتقديم المساعدة الإنسانية على نطاق أوسع، والتي لا يستطيع الرجال إنجازها دون التعرض لخطر الانتقام.

إضافة إلى هذه الحماية الثقافية، تؤدي شخصية هؤلاء النساء المحتشدات إلى نزع الطابع السياسي عن مشكلة المفقودين لصالح إنسانية المشكلة، لدرجة أنّه لا يمكن لجميع أطراف النزاع تجاهلها، في هذا المجال تمكّنهن معرفة الممارسات والقوانين الثقافية المحلية من اكتساب ثقة المجتمعات، بالتالي؛ الحصول على المعلومات الضرورية لتحقيق أهدافهنّ.

الدعم الدولي ما يزال غير كافٍ

ومع ذلك، تأسف رابطة أمهات المختطفين، لعدم حصول جهود أعضائها على دعم المجتمع الدولي، على الرغم من أنّ المنظمات غير الحكومية، مثل: منظمة العفو الدولية، و"هيومن رايتس ووتش"، ملتزمة بتوثيق مختلف انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في اليمن، إلا أنّ مكافحة الاختفاء القسري نادراً ما تكون أولوية في العمل متعدّد الأطراف في البلاد.

في الواقع، من أجل تعزيز قضية المعتقلين على أفضل وجه، تحتاج الرابطة إلى مساعدة مالية ولوجستية كبيرة، لكن قبل كلّ شيء إلى المشورة القانونية، التي ما تزال غير كافية حتى يومنا هذا.


يُعدّ اتفاقُ الهدنة الذي تمّ التوصل إليه في ستوكهولم تحت رعاية مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، في كانون الأول (ديسمبر) 2018، مثالاً بليغاً؛ فالاتفاق الذي ينصّ، تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، على الإفراج عن جميع المسجونين والمختفين قسرياً، والمعتقلين تعسفياً على خلفية الصراع بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين، أدّى في النهاية إلى ظهور تبادل للأسرى من الجنود المعتقلين يفوق بكثير تبادل المدنيين المعتقلين ظلماً.

اقرأ أيضاً: إيران تمنح "جائزة حقوقية" لجرائم الحوثيين في اليمن

بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، في 30 آب (أغسطس)، حثّت رابطة أمهات المختطفين، مرّة أخرى، المنظمات الدولية، على أن تدرج في أجندتها الخاصة باليمن وحلّ النزاعات، دعمَ جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً، ودعم أقاربهم.

هامش:
(1) أتيحت للطالبة أنوشكا لينجلارت في العلوم السياسية "ساينس بو ليل" في مجال ماستر الإستراتيجية والذكاء وإدارة المخاطر، التخصص في العلاقات الدولية، فمن خلال دروس في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط وتاريخ الإسلام، أطلت بتوسّع على التوترات الثقافية والدينية في المنطقة.

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

www.saphirnews.com

الصفحة الرئيسية