اليمن.. معركة القبائل لدحر "الحوثي"

اليمن.. معركة القبائل لدحر "الحوثي"


17/10/2018

حسن قايد الصبيحي

ربما يكون هذا الموضوع أنّةَ حزنٍ لا تجتاح شخصي أو أفراد الأسرة فقط، ولكنه حزن عام لابد أن معظم ممن عانوا آلام الحرب الدائرة في اليمن والجنوب، وفقدوا أحبابهم فيها، أو تابعوا همجيتها وحزنوا على ضحاياها واعتصرهم الألم حزناً على هؤلاء الشهداء الذين قضوا وهم في ريعان الشباب واستبدت بهم النقمة على «الحوثيين» المتسببين بقتل الآلاف من شبابنا، بعضهم ترك أطفالاً زهوراً لم تتفتح بعد وبعضهم عاجله القتل حتى قبل أن يقترن بزوجته، فلعنة الله على المتسبب، ولعنة الله على من زرع الفتنة، ولعنة الله على من غذّاها وأغلق أبواب الحل أمامها.
ربما يحمل هذا الموضوع طابعاً شخصياً، وفي الأعراف الصحفية ليس مستساغاً أن يتم الحديث بصيغة الـ«أنا» كما يفعل بعضهم، ويمضي يكرر أنا وأنا، لكن مقتضيات الحال، وتنفيساً عن الآلام والجراح، وفقدان أسرتي خمسة من أبنائها لم يتجاوزوا سن العشرين أو تعدوها بقليل، وجدت نفسي مدفوعاً بإرسال تحية إعزاز وإجلال، مشفوعة بالدعاء من القلب لهم ولأقرانهم من رفقاء الشهادة جنوبيين وشماليين وإماراتيين وسعوديين وبحرينيين وسودانيين، وأشرك معي كل القراء بالدعوة لشهدائنا بالرحمة، وبأن يتبوؤوا في أبديتهم أعلى مراتب جنات النعيم.
تتساوق المصادفات في بعض الأحيان، وتفرض واقعاً لا يكون في حسبان أحد.

كانت عدن هدفاً رئيساً لجحافل «الحوثيين» وصالح في بداية الحرب، فينبري أبناؤها ومحبوها من الإمارات والسعودية، ويشرعون بدك «الحوثيين» والثأر لضحاياها من المدنيين وتطهيرها، وتطهير الجنوب بأكمله وإنزال الهزيمة بالغزاة ومطاردتهم في الأراضي الشمالية، وصولاً إلى حصارالحديدة الميناء الوحيد الذي تحصل العصابة منه على حاجتها من البضائع والأسلحة المهربة من إيران.
وقد تطلب سير المعارك المسارعة لتكوين جيش جديد وقوي يكون دعماً لقوات التحالف وللمقاومة الجنوبية، وصادف أن يكون معظم وحداته من القبائل الجنوبية، وبعد أن ارتفع مستوى التعليم أصبح الجيل المحارب الآن من المتعلمين من أبناء هذه القبائل يشغل العديد من المناصب القيادية وكل المنضويين في الجيش الوطني هم من حملة الشهادات الجامعية والثانوية العامة والمعاهد الفنية والصناعية اختاروا الجندية لارتفاع مستوى البطالة الذي تركه عهد صالح، ولحب قبائل الجنوب للجندية والسلاح، وخوض المعارك دفاعاً عن بلادهم في وجه همجية «الحوثي» البغيض، كما أن وجود هذه المعارك بمناطق الجنوب التي يسودها حب متجذر بين أبنائها للإمارات، دفع بالآلاف منهم للتجنيد في الجيش الوطني، وشكّلوا بأعدادهم الكبيرة مدماك القوة التي تطارد «الحوثي» في كل الجبهات.
هذه حقيقة يعرفها المشاركون في الحرب الدائرة الآن، ويشهدون على شجاعة المقاتلين الذين رصدوا ما يرتكبه «الحوثيون» من إزهاق لأرواح شباب من الشهداء أمثال: رافت الزنيط، وصدقي الزنيط، وأيهم الزنيط، وزيدالغبس، وجواد الغبس، ورأفت وأيهم الزنيط، وأخيراً الشاب الذي لم يتجاوز العشرين موسى وحيد القليع.. ذهبوا وهم في عمر الزهور على يد تجار الحرب من العملاء الإيرانيين خدمة لأجندتهم السياسية ولعقيدتهم العدوانية الخرقاء.
إن إصرار أبناء القبائل على قتال «الحوثي» حتى إلحاق الهزيمة دون النظر لحجم التضحيات التي يقدمها شباب هذا الجيل يزيد أهلهم وذويهم إصراراً على رفد المقاتلين بالمزيد من الشباب.
وفي حفلات العزاء يسمع الكثيرون عبارات الفخر والزهو والإصرار على المضي في قهر «الحوثي» العميل واجتثاثه من أرض اليمن نهائياً، بإذن الله. فالمشاعر التي ترافق استشهاد أبناء اليمن في ساحات الشرف من أجل دحر «الحوثي» لا تتجزأ، وما نشاهده من ردود أفعال من أقارب الشهداء داخل ليمن، وما يبدونه من إصرار على المضي في مواجهة الخطر الإيراني لا يضعف بثقل فراق الأحباء، بل على العكس يزيد اليمنيين يقيناً بعدالة القضية التي يحارب شبابهم العدو «الحوثي» من أجلها، (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون).
ويتصاعد الغضب لدى اليمنيين على «الحوثيين» من كل جانب، وبين الخوف والغضب تكمن المحفزات للانتفاض على الظلم، هي شعرة صغيرة تفصل بين الاستسلام والانتفاض، وقد تابعنا انتفاضة الجياع في صنعاء حين بلغ الظلم مداه، ورأينا أحد القادة الميدانيين «الحوثيين» يهدد نساء صنعاء بـ«الدعس»، أي الدوس على بطونهن حتى الاستفراغ. ورأينا كيف دخلوا إلى كليات البنات واحتجزوا الطالبات وشدوهم من شعورهن على يد (الزينبيات)، وسنسمع عن فرق الخمينئيات والنصرويات، وربما الكسرويات.
وطالما أن رصيد اليمن من الشباب الشجعان الذين يندفعون للجبهات كالأسود لإنقاذ بلدهم من التدخل الإيراني وثأراً للشهداء، فإن الأمور بخير والحلفاء بخير، ومستقبل اليمن والجنوب والخليج العربي بخير، وعلامات النصر تقترب، وما النصر إلا من عند الله.

عن "الاتحاد"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية