بأيادٍ إيرانية.. ماذا يحدث في سامراء العراقية؟

بأيادٍ إيرانية.. ماذا يحدث في سامراء العراقية؟


28/05/2019

أبدى سكان مدينة سامراء، ذات الأغلبية السنّية، تخوّفهم من التغيير الديموغرافي الممنهج الذي تسعى أطراف طائفية نافذة لتنفيذه حتى تصبح المدينة مكاناً مقدساً جديداً لدى الشيعة في العراق، بالاستعانة بالعائلات الشيعية التي قدمت للمدينة والتي تعمل على تربية الجواميس.

مدينة سامراء العراقية تشهد عملية تغيير ديموغرافي ممنهج وتقسيم طائفي على يد إيران ووكلائها

وعلى إثر ذلك، قرر مجلس محافظة صلاح الدين العراقية، أمس، ترحيل عوائل شيعية من مناطق سامراء وتل الذهب وسيد غريب والدجيل الواقعة شمال بغداد، وإعادتهم إلى مناطق سكناهم في جنوبي العراق، وفق ما أورد موقع "ميديل إيست اون لاين".

وقال المجلس، في بيان صحفي، إنّه "صوت بالإجماع على مصادرة المواشي التي تتجول داخل المدن أو على طرقها الخارجية وفرض غرامة قدرها 20 ألف دولار بحق المتسببين بحوادث السير من أصحاب المواشي".

ووجه المجلس، في بيانه، قيادة عمليات سامراء والأجهزة الأمنية كافة بتنفيذ ما جاء في القرار ابتداء من اليوم.

ويبدو القرار، الذي أصدره مجلس قضاء سامراء بترحيل مربي الجاموس، قد اتخذ على خلفية الأضرار التي لحقت بالبيئة، فضلاً عن العديد من الحوادث التي راح ضحيتها مواطنون، لكن سكان المدينة ذات الأغلبية السنية يبدون تخوفهم من التغيير الديموغرافي الممنهج الذي تسعى أطراف طائفية لتنفيذه.

وكانت السلطات المحلية في قضاء سامراء أمهلت يوم الخميس الماضي، عوائل شيعية من مربي الجاموس، ثلاثين يوماً لمغادرة المنطقة والعودة إلى مناطق سكناهم في منطقة الأهوار جنوبي العراق.

مجلس محافظة صلاح الدين العراقية يقرر ترحيل عوائل شيعية قدمت الى مناطق سامراء عام 2014

وشدد البيان على أن" بقاء مربي الجاموس يخالف قرارات لجان المصالحة المجتمعية التي تمنع التغيير الديموغرافي تحت أي ظرف وهو ما لم يلتزم به مربو الجاموس في شمالي سامراء".

وقال أحد أعضاء مجلس المحافظة من قضاء سامراء، طلب عدم ذكر اسمه، إنه "لا يتوقع أن ينفذ مربو الجاموس القرار؛ لأنهم يلقون دعماً من المراجع الدينية الشيعية والحكومة المركزية، وجميع القوات الأمنية تخشاهم لأنهم مرتبطون بجهات متنفذة".

وكانت نحو 300 عائلة من مربي الجاموس تمتلك نحو 10 آلاف جاموسة قد استقرت في قضاء سامراء الواقعة على بعد 120 كم شمال بغداد منذ عام 2014، تحت ذريعة انخفاض مناسيب المياه في الأهوار الأمر الذي عده أبناء القضاء محاولة للتغيير الطائفي بإسكان مواطنين شيعة في منطقة سنية خالصة.

وخلال سيطرة تنظيم داعش في 2014 على مدن عراقية كان أهمها الموصل، أغلقت "العتبة العسكرية" في سامراء العائدة إدارياً إلى ديوان الوقف الشيعي، متاجر ومنازل مملوكة لسكان سنّة يمثلون أغلبية في المدينة وسط مخاوف من إجبارهم على النزوح وتقسيم المنطقة على أساس طائفي.

وتحت ذريعة محاربة داعش عمدت "العتبة العسكرية" إلى طرد أصحاب المحال التجارية ومنع دخولهم إلى مناطق عملهم، ما تسبب بخسائر مادية هائلة ألحقت ضررا كبيرا بالأهالي على مدى سنوات.

وفي كانون الثاني (يناير) الماضي قدم رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أحمد عبدالجبار الكريم دعوى قضائية، ضد رئيس ديوان الوقف الشيعي ورئيس العتبة العسكرية (مرقد الحسن العسكري وعلي الهادي) بالمدينة ذات الأغلبية السنية.

وقال الكريم آنذاك إن ضرراً كبيراً لحق بأهالي سامراء، نتيجة قطع الطرق وإغلاق المحال، ما تسبب بخسارة مادية كبيرة لسكان سامراء .

وأكد رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أنه تعرض للتهديد بعد رفعه الدعوى القضائية من قبل بعض الميليشيات الموالية لإيران.

يذكر أن نظام الحكم في العراق شهد تغييراً بعد الغزو الأميركي وسقوط نظام صدام حسين، حيث تغيرت صلاحيات الوزارات وكيفية عمل بعضها، كما تم استحداث وزارات جديدة يعتبرها اليوم أغلب العراقيين أولى الخطوات التي سهلت المشروع الطائفي التقسيمي الذي سعت لتكريسه إيران لحماية نفوذها في البلاد.

وكانت أهم هذه التغييرات استحداث الوقف الشيعي والوقف السني بدلاً عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي ألغيت، ليصبح الفصل الطائفي تحت الراية الرسمية للدولة.

 وتضم مدينة سامراء واحدة من أهم العتبات الشيعية المقدسة هي ضريح الإمامين حسن العسكري وعلي الهادي.

وفي العام 2006 حصلت عملية تفجير إرهابية استهدفت ضريح الإمامين وسط مدينة سامراء، وأدى إلى إشعال فتنة طائفية في العراق.

تضم مدينة سامراء واحدة من أهم العتبات الشيعية المقدسة هي ضريح الإمامين حسن العسكري وعلي الهادي

وأخذت الميليشيات المدعومة من إيران وأبرزها الحشد الشعبي من المشاركة في القتال ضد تنظيم داعش، ذريعة لتبرير وجودها في المدينة، حيث أصبحت تروج إلى أن مهمتها فقط حماية الأماكن الدينية من داعش والمتطرّفين.

ويتوجس سكان سامراء من التعرض إلى نفس مصير سكان محافظات أخرى مثل ديالي ونينوى التي تعرضت لأعمال إرهابية وتهجير، وكانت ذريعة طرد داعش سبباً في سيطرة الميليشيات الشيعية عليها خصوصاً في مدينة الموصل.

ويرفض المسؤولون الشيعة في الحكومة الحديث عن التقسيم وينفون أي نوايا لتغيير التركيبة السكانية للعراق، لكن عدم السماح لسكان سامراء بالعودة إلى مناطقهم بعد طرد تنظيم داعش يؤكد محاولات توطين منسقة للشيعة في المدينة ذات الغالبية السُّنية.

كما يتهم العراقيون السنة إيران بالتدخل في التخطيط الإداري للمحافظات العراقية، وأهم وآخر هذه المحاولات تجزئة محافظة صلاح الدين إلى محافظتين، لتكون إحداها محافظة دينية جديدة باسم محافظة سامراء أو "سامراء المقدسة".

وقالت مصادر عراقية إن السفير الإيراني عقد اجتماعاً في شباط (فبراير) الماضي، مع محافظ صلاح الدين عمار جبر وعدد من المسؤولين والمدراء العامين في المحافظة لبحث مشروع تجزئة صلاح الدين إلى محافظتين، على أن تضم المحافظة الجديدة أقضية سامراء والبلد والدجيل (ذات أغلبية شيعية) وصولاً لحدود العاصمة العراقية بغداد.

وتأتي المحاولة الإيرانية لتقسيم المحافظة بهدف استغلال الأهمية الدينية لمدينة سامراء لدى الشيعة، وفصلها عن محافظة صلاح الدين ذات الغالبية السنية.

وتعتبر سامراء من أهم المدن العراقية تاريخياً وهي تقع على ضفاف نهر دجلة في محافظة صلاح الدين، وكانت عاصمة الدولة العباسية بعد بغداد.

 

الصفحة الرئيسية