بالأرقام... معاناة الصحفيين تحت حكم أردوغان

بالأرقام... معاناة الصحفيين تحت حكم أردوغان


22/01/2020

ترجمة: محمد الدخاخني


في كانون الثّاني (يناير) 1961، دخل القانون الذي ينظّم حقوق الصحفيين حيّز التّنفيذ في تركيا. ومنذ ذلك الحين، استخدمت البلاد شهر كانون الثّاني (يناير) للاحتفال بالصحافة وحرية تداول المعلومات، وكذلك لتكريم المراسلين الذين أُصيبوا أو قُتلوا أثناء أداء واجبهم.

تمتلك شركات كبرى متزايدة الحجم أصحابها غالباً حلفاء لحزب العدالة والتّنمية الحاكم العديد من وسائل الإعلام الرّئيسة في تركيا

الرّئيس رجب طيّب أردوغان احتفل بالذّكرى السّنويّة ليوم الصحفيين العاملين في تركيا، يوم الجمعة، قائلاً إنّه من الضّروريّ أن تكون الصّحافة حرّة وغير مكمّمة خلال نقلها للوقائع. وصرّح في بيان صدر يوم الخميس: "إنّ وجود وسائل إعلام متعدّدة الأغراض وفعّالة وقادرة على إعلام الجمهور دون التّعرّض لأيّ قيود، شرط لا غنى عنه لمجتمع ديمقراطيّ وشفّاف".
هذا البيان من المرجّح أن يكون غير مقنع للصحافيين الأتراك الذين واجهوا حملة أردوغان على وسائل الإعلام منذ محاولة الانقلاب التي وقعت في تمّوز (يوليو) 2016. فقد تآكلت حرية الصحافة في ظلّ حكم الرّئيس، مع زيادة الضّغط الحكوميّ ومشهد إعلاميّ أقلّ تنوّعاً فأقلّ. ووفقاً لجمعيّة الدّراسات القانونيّة والإعلاميّة في تركيا، هناك حوالي 11,000 صحافيّ عاطل عن العمل، و114 قيد الاحتجاز، و1,500 يواجهون المحاكمة.

مناخ خانق

من الصّعب على الصحفيين في تركيا الكتابة عن قضايا مثل؛ الفساد أو نزاع الحكومة مع الأكراد، كما يقول جلال باسلانغيتش من قناة "آرتي تي في"، وهي محطّة بثّ مستقلّة مقرّها ألمانيا. وكما يضيف، "الأهم هو مقاومة الحرب والنّضال من أجل السّلام. لكن، في الوقت الحاليّ في ذلك البلد، أولئك الّذين يريدون السّلام يُعاملون معاملة الإرهابيّين".

اقرأ أيضاً: تركيا تواصل قمع الحريات تحت هذه الذريعة
أيدين إنجين، وهو كاتب عمود في جريدة "جمهوريّت" اليوميّة، يمتلك رأياً مماثلاً. يقول إنّ وسائل الإعلام لم تكن حرّة منذ الاستفتاء الدّستوريّ عام 2017، الّذي أبطل صلاحيّات مكتب رئيس الوزراء وركّز السّلطة في الرّئاسة بدلاً من البرلمان. وبالكاد توجد وسيلة إعلاميّة حرّة والمناخ العامّ خانق، كما يضيف.
ووفقاً للإحصاءات الرّسميّة، فإنّ واحداً من كلّ أربعة صحفيّين في تركيا عاطل عن العمل. وجرى إغلاق العديد من وسائل الإعلام بعد محاولة الانقلاب. وفي عام 2018، بعد العاملين الاجتماعيّين، كان الصّحفيّون هم الأكثر تأثّراً بالبطالة، وفقاً للمعهد الإحصائيّ التّركيّ.

في عام 2019 صنّفت منظّمة "مراسلون بلا حدود" تركيا في المرتبة 157 ضمن مؤشرها لحرية الصحافة العالمية

وقد تفاقم الوضع بسبب ضعف النّقابات العماليّة. ففي عام واحد فقط، ارتفعت نسبة الصّحفيّين العاطلين عن العمل بـ 4.7 نقطة مئويّة، لتصل إلى 23.8 في المائة. وفي عام 2019، صنّفت منظّمة "مراسلون بلا حدود" تركيا في المرتبة 157 ضمن مؤشّرها لحرّيّة الصّحافة العالميّة. "لقد وصلت سياسة مطاردة السّاحرات الّتي شنّتها حكومة الرّئيس رجب طيّب أردوغان ضدّ منتقديها في مجال الإعلام إلى ذروتها منذ الانقلاب الفاشل في تمّوز (يوليو) 2016. وبعد القضاء على العشرات من وسائل الإعلام والاستحواذ على أكبر مجموعة إعلاميّة في تركيا على يد شركة موالية للحكومة، تشدّ السّلطات الخناق على القليل المتبقّي من التّعدديّة - الحفنة القليلة من وسائل الإعلام الّتي تتعرّض للمضايقة والتّهميش. إنّ تركيا هي أكبر سجّان للصّحفيّين الاحترافيّين في العالم".

تحت سيطرة الحكومة

تمتلك شركات كبرى متزايدة الحجم، أصحابها غالباً حلفاء لحزب العدالة والتّنمية الحاكم وأقارب لقادته، العديد من وسائل الإعلام الرّئيسة في تركيا.

اقرأ أيضاً: الحريات في تركيا.. إلى أين؟!
وليس الضّغط على الصّحافيّين في تركيا بالأمر الجديد. فمنذ فترة طويلة تخضع وسائل الإعلام الكرديّة للرّقابة والإغلاق. تقول صفيّة ألاغاس، وهي صحافيّة كرديّة، إنّ ضغوط الحكومة أضرّت بالعلاقات المهنيّة. "في عامي 2010 و2011، كان الصّحفيّون ما يزالون يقفون جنباً إلى جنب"، تقول. "الآن، هناك استقطاب خطير... وهذا يجعلني حزينة جدّاً، حيث أودّ مزيداً من التّضامن".
من جانبه، بدا أردوغان أقلّ حزناً في بيانه بمناسبة يوم الصّحفيّين العاملين. "لقد مرّت بلادنا بفترات توقّفت فيها ديمقراطيّتنا ووضعت عقبات في طريق التّنمية"، يقول. "واستغرقت الصّحافة ومجتمعنا وقتاً طويلاً للتّغلب على الآثار السّلبيّة لهذه الفترة. وفي ضوء الدّروس الّتي تمّ تعلّمها من المشكلات الّتي واجهتها، فإنّني أعتقد أنّ وسائل الإعلام في بلدنا سوف تأخذ بعين الاعتبار حساسيات المجتمع، وتمنع قوى الظّلام من تحقيق أهدافها، ولن تحترم منظور الوصاية الّذي يتجاهل إرادة الأمّة، وتفي بواجب إعلام مواطنينا بدقّة ونزاهة".


بيلين أنكر ودانيل بيلوت، دويتشه فيله

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:
https://www.dw.com/en/tough-times-for-journalism-in-recep-tayyip-erdogans-turkey/a-51988660



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية