"برميل بارود جهادي": مخيم الهول يجدد مخاوف عودة داعش

"برميل بارود جهادي": مخيم الهول يجدد مخاوف عودة داعش


16/04/2022

ما يزال مخيم الهول، الذي يضمّ عائلات مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي (حوالي 10 آلاف شخص)، شمال شرق سوريا، يبعث بمعضلات أمنية جمّة، سواء في سوريا أو بين دول الإقليم، ومنها العراق، لا سيما أنّ المنطقة التي يقع فيها المخيم في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية تتاخم الحدود العراقية، وذلك بنحو أقل من 10 كيلومترات.

داعش.. أبعد من مجرد أزمة أمنية

المخيم الذي يوصف بأنّه "برميل بارود جهادي"، بحسب الأمم المتحدة، يقطن فيه 65 ألف شخص من جنسيات وقوميات مختلفة، ويمثل بقاؤه في هذه النقطة الجغرافية، الرخوة أمنياً، على خلفية الحرب في سوريا، والتي تشترك مع بغداد في حدود تمتد لأكثر من 600 كم، هاجساً لحكومات المنطقة ودولها، على المستويين الأمني والسياسي، خاصة مع تنامي الهجمات المسلحة، التي يتم تنفيذها بين الحين والآخر، بهدف تحرير العناصر الإرهابية، كما حدث في الشهور القليلة الماضية.

وأكّد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أنّ تنظيم داعش "ما يزال يشكّل خطراً حقيقياً في مخيم الهول"، ومن ثم، يتعين بناء "عمل جادّ وحقيقي لتفكيك المخيم ونقل كلّ الإرهابيين ومحاكمتهم، حتى تكون المنطقة آمنة ونظيفة"، كما لفت إلى أنّ هذه القضية "تشكّل تهديداً للأمن القومي العراقي، ولن نرضى بذلك".

المخيم يوصف بأنّه "برميل بارود جهادي" بحسب الأمم المتحدة

وفي مؤتمر دشّنه "مركز النهرين" ببغداد، ضمّ سفراء دول غربية وممثلين عن وكالات الأمم المتحدة، قال الأعرجي: "كلّ يوم يطول البقاء (بقاء عائلات داعش في مخيم الهول) يعني يوماً من الكراهية والحقد وتمويل الإرهاب". وتابع: "تشير التقديرات إلى أنّ عدد إرهابيي داعش المعتقلين في سجون قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حوالي 12 ألفاً، وهو ما يمثّل تحدياً، حتى الآن. كما أنّ هناك محاولات مستمرة من قبل داعش لكسر هذه السجون. داعش يفتقر للقيادات، وقياداته في السجون".

وبالتزامن مع تصريحات مستشار الأمن القومي العراقي، شدّدت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" على ضرورة إيجاد صيغة لإنهاء ملف مخيم الهول، وحسمه بصورة شاملة، حسبما أوضحت رئيسة البعثة، جينين بلاسخارت، خلال مؤتمر نظّمته الحكومة العراقية بالعاصمة بغداد، مطلع الأسبوع، لجهة بحث ملف المخيم.

تهديد داعش للعراق مستمر.. ما القصة؟

وقالت بلاسخارت إنّ تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى وجود ما يزيد عن 70 ألف شخص يعيشون في المخيم، الذي يتسع لـ 10 آلاف شخص فقط، 90% منهم أطفال ونساء، كما يؤوي المخيم عدة آلاف من الإرهابيين من 50 دولة تقريباً، إضافة إلى العديد من الإرهابيين السوريين والعراقيين.

وأردفت: "يجب أن يكون هناك تصرف شامل وحاسم في ملف مخيم الهول؛ فهناك 30 ألف عراقي ممن لديهم ارتباط بداعش وبعض ضحاياهم في مخيم الهول وأوضاعهم سيئة".

بالتزامن مع تصريحات مستشار الأمن القومي العراقي، شدّدت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، "يونامي"، على ضرورة إيجاد صيغة لإنهاء ملفّ مخيم "الهول"، وحسمه بصورة شاملة

ووفق بلاسخارت فإنّ "ثلاثة من خمسة عمرهم أقل من سبعة عشر عاماً في مخيم الهول، وكثيرون منهم محرومون من أبسط الحقوق، ومنها التعليم، الوضع الحالي في مخيم الهول غير مستقر، وإبقاء الناس في هذا الوضع يشكل تهديداً وخطراً كبيرَين".

وتابعت: "الأمم المتحدة مستعدة لتأمين الدعم الإنساني إلى العراق لاستقبال المزيد من العراقيين من مخيم الهول".

ويرى مدير تحرير صحيفة "ليفانت" اللندنية، شيار خليل؛ أنّ مخيم الهول يعدّ بمثابة أزمة معقدة متعددة الجوانب، بينما تحتاج إلى جهود أممية لإيجاد صيغة مناسبة لحلّ هذه القضية المركبة، الإنسانية والسياسية والأمنية، مضيفاً لـ "حفريات": "المخيم، الذي يضمّ عراقيين وسوريين وكذا جنسيات أوروبية، تحوّل إلى مربع مخيف ومعقل أساسي لعناصر التنظيم، من جهة، فضلاً عن إمكانيات التواصل مع خلاياه النائمة في الخارج، من جهة أخرى، الأمر الذي يؤشر إلى احتمالية أن يصبح نقطة لإعادة تموضع التنظيم الإرهابي، مجدداً، وتنفيذ عمليات مسلحة".

شيار خليل: تتواصل عمليات التجنيد ونقل الأفكار المتشددة والراديكالية داخل المخيم وخارجه

ويوضح خليل؛ أنّ عدم وجود بنية تحتية قوية في مناطق شمال شرق سوريا، نتيجة ضعف الموارد والإمكانيات المالية والاقتصادية واللوجيستية، يفاقم من أزمات المخيم الذي يقع في مناطق وسط المدنيين، فضلاً عن التوترات والصراعات في المنطقة، ومنها الغزو التركي لمناطق شرق الفرات، الذي شكّل بيئة مواتية لظهور عناصر التنظيم الإرهابي.

وبالتالي، تتواصل عمليات التجنيد ونقل الأفكار المتشددة والراديكالية داخل المخيم وخارجه، الأمر الذي يمكن ملاحظة تأثيراته من الناحية التنظيمية والحركية مع تكرار حوادث الهجوم على المخيم، أو كما جرى في سجن غويران، وذلك في فترة زمنية لا تتجاوز الثلاثة أشهر الماضية، حسبما يشير مدير تحرير صحيفة "ليفانت" اللندنية، حيث تتحين هذه المجموعات الإرهابية الفرصة لتحقيق أهداف بالوكالة لصالح قوى خارجية.

ورقة الإرهاب في الصراعات الإقليمية

ومن جهته، يقول الصحفي السوري الكردي، باز علي بكاري: "بكل تأكيد، مخيم الهول يشكّل خطراً على سوريا ومنطقة شرق الفرات بالدرجة الأولى، وعلى العراق أيضاً، كون البلدان ما يزالان تحت تأثير ضربات الخلايا النائمة للتنظيم، ويواجه كلّ منهما خطر عودته في أيّة لحظة تسمح له الظروف بذلك".

مدير تحرير صحيفة "ليفانت" شيار خليل لـ "حفريات": مخيم الهول تحوّل إلى مربع مخيف ومعقل أساسي لداعش، ما يؤشر إلى إمكانية أن يصبح نقطة لإعادة تموضع التنظيم مجدداً

لكن، أيضاً، لا يمكن تجاهل أنّ التنظيم في ظهوره الأول، حين بسط سيطرته على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، قد استفاد من الخلافات بين القوى المسيطرة على العراق وداعميها، الإقليميين والدوليين، بحيث أضحى تنظيم داعش "شركة مساهمة دولية"، وفق توصيف علي بكاري، في حديثه لـ "حفريات"؛ إذ وظّفت تركيا التنظيم الإرهابي لحساباتها الإقليمية، كما قدمت الدعم والتسهيلات لمرور الجهاديين القادمين من أوروبا إلى سوريا، والأمر ذاته، قام به النظام السوري بدمشق، والأخير استخدم التنظيم لمواجهة المعارضة السورية المسلحة وأيضاً قوات سوريا الديمقراطية".

باز علي بكاري: مخيم الهول يشكّل خطراً على سوريا ومنطقة شرق الفرات بالدرجة الأولى

ويتابع: "حتى الآن، ما يزال ظهور التنظيم الإرهابي بالعراق وتقهقر الجيش العراقي المجهز بأفضل العتاد أمامه، وترك آلاف الأسلحة لعناصره، بمثابة لغز، خاصة أنّ هذا اللغز يعد النقطة التي شكلت الانعطافة الأكبر في تطور التنظيم وتغوّله".

وبحسب الصحفي السوري الكردي، تحاول أطراف سياسية عراقية استخدام "ورقة داعش"، خاصّة في ظلّ الأزمة السياسية التي تقع تحت وطأتها، وعدم قدرة الكتل البرلمانية على تشكيل الحكومة، واختيار رئيس للبلاد، الأمر الذي يماثل الأجواء التي رافقت ظهور التنظيم في المرة الأولى.

وفي المحصلة؛ فإنّ مسألة مخيم الهول أصبحت ورقة ضغط سياسية بالنسبة لجميع الأطراف، بحسب المصدر ذاته، الذي يؤكّد أنّ الأكثر تضرراً، في الوقت الراهن ومستقبلاً، هم سكان شمال شرق سوريا من المدنيين.

لم يعد مخيم الهولا مجرد مخيم يضمّ بضعة آلاف من المعتقلين، بل نتحدث، كما يؤكد الصحفي الكردي، عن مدينة "تضمّ نحو ستين ألف شخص، غالبيتهم متشددون وتابعون لتنظيم داعش الإرهابي".

مواضيع ذات صلة:

هل لهجوم داعش على مخيم الهول علاقة بالحرب في أوكرانيا؟

فوضى وانفلات أمني وتجنيد.. مخيم الهول "قنبلة موقوتة" تُهدّد المنطقة

هل تحول مخيم الهول إلى ملجأ لتفريخ الإرهاب؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية