بعد أزمة تركيا.. هل تقود الخلافات داخل الإخوان إلى عزل إبراهيم منير؟

بعد أزمة تركيا.. هل تقود الخلافات داخل الإخوان إلى عزل إبراهيم منير؟


07/07/2021

ككرة الثلج، تزداد أزمة جماعة الإخوان تعقيداً يوماً تلو الآخر، خاصة بعد قرار القائم بأعمال المرشد العام، إبراهيم منير بحل مكتب إدارة شؤون التنظيم في تركيا، تأجيل انتخابات مجلس شورى القُطر، وما تبعه من رياح غاضبة عصفت بالبيت الداخلي للجماعة التي ظلت متماسكة نسبياً حتى وقت قريب بالرغم من الضربات المتلاحقة التي تعرضت لها منذ سقوطها عن الحكم في مصر العام 2013.

الأزمة الحالية للتنظيم بدت مختلفة وأكثر تعقيداً عما سبقها على مدار عقود

والمتابع لتاريخ جماعة الإخوان، يمكنه أن يستنبط قدرتها على التمحور والتكيف دائماً لتجاوز الأزمات، خاصة ما يتعلق بقرارات حظر نشاطها أو ملاحقة عناصرها، لكن الأزمة الحالية للتنظيم بدت مختلفة وأكثر تعقيداً عما سبقها على مدار عقود، ووفق مراقبين، يمر التنظيم بمرحلة خانقة وغير مسبوقة، قد تضطره إلى تغيير إيدلوجيته بشكل كامل والتنصل من أفكاره القديمة وكذلك قياداته وأيضاً مساحات سيطرته الجغرافية داخل المنطقة العربية، من أجل الحفاظ على ما تبقى من هيكله.

لكن هذا الحل، وإن كان الوحيد والأخير أمام التنظيم المأزوم، سيظل مرهوناً بمدى قدرة المرشد الحالي، والذي يقود حرباً داخلية ضد جبهة القيادات التاريخية للجماعة وعلى رأسهم محمود حسين الأمين العام السابق، وحلمي الجزار رئيس مكتب إدارة الجماعة المنحل بتركيا، من أجل حسم الملفات العالقة لصالحه، وأبرزها وضع آليات جديدة لاختيار القيادات بالاعتماد على ضخ دماء شبابية جديدة، وكذلك السيطرة على مصادر التمويل والأذرع الإعلامية لتبني استراتيجية جديدة.

ماذا يعني قرار الحل؟

يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي، عماد علي، إنّ "أوضاع جماعة الإخوان وتطوراتها الأخيرة في تركيا والتي كان آخرها قرار القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير بحل المكتب الإداري بتركيا وحل مجلس الشورى وتأجيل الانتخابات ساهم فيه أمران؛ الأول هو التطور في ملف العلاقات التركية المصرية وسياسة التقارب التي بدأ اتخاذ إجراءات مهمة فيها منذ فترة، وهذا الأمر قد حال بين قدرة الجماعة على إجراء الانتخابات التي كان من المفترض إجراؤها قبل ستة أشهر لتكوين مجلس شورى جديد ووضع لائحة جديدة واختيار هيئة عليا للجماعة، حيث من الواضح من خلال تصريحات بعض أعضاء الجماعة أن الحكومة التركية رفضت إجراء مثل هذه الانتخابات حتى لا يؤثر ذلك على التقارب المأمول مع الدولة المصرية".

وأضاف علي في تصريحه لـ"حفريات" أنّ الأمر الثاني يتمثل في "سيطرة مجموعة صغيرة بقيادة محمود حسين على الجماعة والتحكم فيها نتيجة قدرتها على السيطرة على أموال الجماعة والتمويلات التي تحصل عليها من جهات عديدة، وفي سبيل هذه السيطرة تقف تلك المجموعة دائماً حجر عثرة أمام أي تغيير في قيادة الجماعة ولذلك ترفض منذ فترة إجراء أي انتخابات جديدة وتسعى لتجميد عدد من الملفات المهمة من أهمها ملف لم شمل الجماعة الذي كان الهدف الرئيسي للجنة التي شكلها منير منذ عدة أشهر، وقد تسبب الأمران وهما؛ عجز المكتب الإداري الحالي على إنجاز بعض الملفات الرئيسية بسبب تحكم تلك المجموعة، وكذلك رفض الحكومة التركية إجراء الجماعة للانتخابات في الوقت الحالي في ذلك القرار الصادر من إبراهيم منير بحل المكتب وتأجيل الانتخابات".

سيناريوهات أكثر تعقيداً

ويتوقع الباحث المصري أنّ "يستمر هذا الوضع المتأزم للجماعة ويزداد مع الوقت ولن تستطيع القيام بالانتخابات بعد مدة الستة أشهر بسبب صعوبة أوضاعها في تركيا والتي ربما تتجه للتعقيد أكثر في الفترة القادمة، كما أنّه في ظني أنّ بعض قيادات وشباب الجماعة الرافضين لسياسة محمود حسين ومجموعته لن تستطيع التخلص أو التقليل من تلك السيطرة بسبب استيلاء هذه المجموعة على ميزانية الجماعة، مما سوف يزيد من حالة الضعف والانقسام الداخلي في الجماعة".

تغيير الأيديولوجيا والآليات

يرى مراقبون أنّ جماعة الإخوان باتت أمام خيارات محدودة جداً إذا أرادت أن تحافظ على ما تبقى لها خلال الفترة المقبلة، أبرزها، هو أن تضطر للإعلان عن تغيير الأيديولوجيا وتخفيف حدة الاعتماد على العمليات الإرهابية للضغط على الأنظمة العربية، والاعتماد آليات بديلة للتأثير تستهدف الشعوب دون الاعتماد على السياسات العدائية سواء من خلال الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.

ويربط المراقبون بين التضييق الذي تواجهه الجماعة مؤخراً في تركيا، وبين التحركات الشعبية في عدة دول لمناهضة الإخوان، وأبرزها ما يحدث في تونس من تظاهرات ترفض استمرار حركة النهضة في البرلمان والحكومة، وكذلك حالة الغضب الشعبي في ليبيا واليمن، إضافة إلى مصر والإمارات والبحرين التي تصنف الإخوان "إرهابية" منذ سنوات، بحيث تمثل التحركات الأخيرة ضغطاً إضافياً على التنظيم الذي لم ينجح حتى اليوم في إنقاذ إخوان مصر.

أزمة التنظيم مرهونة بمدى قدرة المرشد الحالي الذي يقود حرباً داخلية ضد جبهة القيادات التاريخية

يذكر أنه منذ آذار (مارس) الماضي، شرعت الحكومة التركية رسمياً في عدة إجراءات ضد جماعة الإخوان، كان أبرزها وقف الخطاب السياسي المحرض من الفضائيات الإخوانية، والذي ظل يبث من على أراضيها نحو 7 سنوات، وقالت إنّ الخطوة تأتي في إطار الرغبة في التفاهم مع مصر.

اقرأ أيضاً: وداعاً للإخوان: هل باعت أنقرة "الإسلام السياسي"؟

وبعد أقل من أسبوعين أعلن الإعلامي الإخواني معتز مطر وقف برنامجه نهائياً على قناة الشرق، وقال إنه ربما يغادر تركيا إلى دولة أخرى، وكذلك محمد ناصر المذيع الإخواني على قناة مكملين.

اقرأ أيضاً: ما الأسباب وراء الإجراءات الإخوانية الجديدة في تركيا؟.. ما علاقة أردوغان؟

وبالتزامن، تحدثت تقارير عن نية أنقرة تسليم عدد من قيادات التنظيم المطلوبين لدى جهات القضاء المصري، وأشارت تقارير أخرى إلى تحركات مكثفة من جانب قيادات التنظيم للبحث عن ملاذات بديلة آمنة للهروب إليها، بعد التضييق التركي.

عماد علي: أوضاع الجماعة وتطوراتها الأخيرة في تركيا ترتبط بالتطور في ملف العلاقات مع مصر

ووفق مصادر قريبة من التنظيم، ‏فوجئت قيادات الجماعة بالقرارات التي من شأنها تضييق الخناق عليها، وأوضحت أنّ تلك القيادات لا ترغب في حدوث تفاهم بين القاهرة وأنقرة وتعوّل على فشل هذه الخطوة، وتحاول بشكل بائس عرقلتها وإطالة أمد الأزمة، لتأثيرها على مصير إخوان تركيا.

وأكدت المصادر التي تحدثت لمواقع صحفية عربية، أنّ التنظيم الدولي لم يكن طرفاً في المفاوضات، ولم يتواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو أي مسؤول تركي مع قياداته بشأن التطورات الأخيرة، ما دفع القيادي إبراهيم منير للظهور على قناة الجزيرة بعد إعلان الإجراءات التركية بشأن إعلام الإخوان، والقول إنّ "مصر تعتبر تركيا عدواً وليس حليفاً"، وإنّ "الإخوان هو الحليف الأقرب للقرار التركي"، في محاولة منه للتذكير بالخلافات بين البلدين وحث تركيا على التراجع.

وفي الوقت الحالي يسعى التنظيم الدولي جاهداً لتخليص قيادات الجماعة المتواجدين على الأراضي التركية من خطر التسليم لبلدهم، كما يعكف على وضع خريطة جديدة لعمل الجماعة لم تتضح ملامحها بعد. 

الصفحة الرئيسية