بعد دراستها سحب الجنسية من الدواعش.. هل تهرب بريطانيا من مواجهة الإرهاب؟

بعد دراستها سحب الجنسية من الدواعش.. هل تهرب بريطانيا من مواجهة الإرهاب؟


22/11/2021

تتجه الحكومة البريطانية لإجراء تعديل قانوني يسمح لها بسحب الجنسية من الدواعش البريطانيين في سوريا والعراق دون إنذار مسبق، بحيث لا تجد نفسها مضطرة أمام الضغوط الدولية، ومحاولة فكّ معضلة معسكر الهول، إلى استقبال المئات من عائلات الدواعش المتشربين للفكر المتشدد.

اقرأ أيضاً: "حماس" وبريطانيا… والبعد الإيراني

وعلى الرغم من أنّ مشكلة معسكر الهول أو أطفال وعائلات الدواعش مشكلة لا تؤرق بريطانيا وحدها، بل كثيراً من الدول الغربية والعربية، وسط القلق من استعادة قنابل موقوتة قادرة على الانفجار في أيّ لحظة، أو الفشل في احتواء أفكارهم وإعادة تشكيلها ودمجهم في المجتع، غير أنّ بريطانيا الدولة الأكثر ميلاً إلى الانسحاب من المسؤولية والأزمة ككل، وكأنّ الخطر الإرهابي يكمن فقط في هؤلاء العائدين.

ويحذّر مراقبون من أنّ استمرار الأوضاع في معسكر الهول الذي يضم أكثر من (62) ألف شخص، على تلك الصورة، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، في ظل تعنت من الدول في استعادة مواطنيها، يهدد بانفجار الأوضاع في أيّ لحظة، خصوصاً في ظل ارتفاع درجة التوحش الملحوظة بارتفاع جرائم القتل والنهب داخل المعسكر، والتعرّض للحرس، أو إعادة إقامة سنن التنظيم الإرهابي وأحكامه داخل المعسكر.

 

يُحذّر مراقبون من أنّ استمرار الأوضاع في معسكر الهول الذي يضم أكثر من (62) ألف شخص، على تلك الصورة، يهدّد بانفجار الأوضاع في أي لحظة

 

ونقلت جريدة "واشنطن بوست" عن مسؤولين في المخيم أنّ أكثر من (70) شخصاً قُتلوا هذا العام داخل المعسكر، حيث يسعى المتشددون لفرض قيود وتصفية حسابات. ولا يستطيع القائمون على المعسكر التوصل إلى الفاعل، ويقول الحرّاس، بحسب ما نقله موقع ميادين: إنّه لا أحد يعترف بسماع عمليات القتل، ناهيك عن معرفة من المسؤول.

اقرأ أيضاً: بعد حظر بريطانيا حركة حماس.. التنظيم الدولي للإخوان يترقب

وذلك إضافة إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة، ويشير تقرير صدر في أيلول (سبتمبر) الماضي، عن منظمة "أنقذوا الأطفال"، إلى أنّ (62) طفلاً توفوا ذلك العام داخل المخيم؛ أي بمعدّل طفلين كل أسبوع، بحسب ما أورده موقع "يورونيوز". وذكرت المنظمة أنّ "الكثير من الدول الأغنى في العالم فشلت في إعادة غالبية الأطفال المتحدرين منها، العالقين في مخيمي روج والهول".

الانسحاب البريطاني

في غضون ذلك، أعلنت الحكومة البريطانية مؤخراً تقديم مشروع قانون لإدخال تحديث على قانون سابق يمنح وزارة الداخلية صلاحية سحب الجنسية من مثل هؤلاء المقاتلين دون سابق إنذار، في وقت يواجه فيه المقترح انتقادات لاذعة داخل بريطانيا، فقد وصف بعض الحقوقيين والقانونيين الخطوة بـ"الانتهاك الصارخ" لحقوق الأشخاص الذين يخضعون لهذا القانون من جانب، وتوسّعاً في صلاحيات الداخلية البريطانية من جانب آخر، بحسب ما أورده موقع "سكاي نيوز".

وأمام الانتقادات، دافعت الداخلية البريطانية عن القانون قائلة: إنّ تجريد الشخص من الجنسية حقّ للسلطات تنفذه ضد من يشكّل تهديداً على البلاد، مشددة على أنّ الجنسية البريطانية ليست حقاً أصيلاً، بل هي امتياز. ويعود قانون تجريد الجنسية من البريطانيين إلى عام 2005، حين منحت السلطة للداخلية البريطانية لتجريد المواطنين الذين ثبت تورطهم في عمليات إرهابية من الجنسية عقب وقوع تفجيرات لندن في العام نفسه. وتدريجياً توسعت الحكومة في استخدام القانون ما بين عامي 2010 و2014، وأصبح إشعار الشخص بسحب الجنسية يتمّ عبر وضع نسخة في ملفه الشخصي، في حال تواجده بمكان غير معلوم.

 

باحثة: قرار بريطانيا الأخير يأتي في إطار ردود الفعل الأمنية، عقب هجوم ليفربول الذي نفذه المهاجر عماد جميل السويلمين، في محاولة لمعالجة الانتقادات الموجهة إليها بعدم ترحيله

 

من جانبها، قالت الباحثة في الإرهاب الدولي في مرصد الشرق الأوسط للدراسات نهلة عبد المنعم لـ"حفريات": إنّ المملكة المتحدة تتبنّى استراتيجية صارمة في التعامل مع ملف (عودة الدواعش)، فاتجاهها الأخير لتعديل القانون الخاص بسحب جنسية مواطنيها العائدين من التنظيم الإرهابي دون إخطار مسبق يُعدّ حلقة جديدة في منهجيتها حيال الملف، ويعكس رغبتها في تجاوز العقبات القانونية التي تعرقل تنفيذ هذه المنهجية.

اقرأ أيضاً: بعد حظرها.. الكشف عن نشاطات حركة حماس في بريطانيا

وتشير الباحثة إلى أنه "سبق للمحكمة العليا البريطانية في تموز (يوليو) الماضي أن ألغت قرارات للحكومة بتجريد حوالي (150) بريطانياً من جنسيتهم، معللة ذلك بأنّ الحكومة لم تخطرهم كما هو معروف بالقانون، وبالتالي فإنّ الحكومة البريطانية أرادت باتجاهها الأخير نحو تعديل القانون أن تتجاوز تلك العقبات، حتى تتمكن من التعامل مع ملف الدواعش الخطيرين، إلى جانب العناصر التي فقدت الحكومة مواقعهم الجغرافية، ولم يعد بإمكانها تتبعهم، وهو المتغير الأخطر في تلك الأزمة".

أمّا عن الجدل المثار حول المعالجة الحكومية لملف عودة الدواعش، وعلاقته بحماية حقوق الإنسان، فتقول نهلة: من وجهة نظري تُعدّ بريطانيا من أبرز الدول الأوروبية التي تواجه إشكاليات قانونية ومجتمعية غير متوازية مع رؤية الحكومة لمفهوم الأمن القومي بالبلاد، وظهر ذلك في أكثر من مناسبة، أبرزها الاتفاق بين الحكومتين البريطانية والأمريكية حول تخلي الأولى عن مواطنيها في خلية البيتلز الداعشية ممّن قُبض عليهم في سوريا لصالح واشنطن التي تجيز الإعدام، تخوفاً من استقبالهم في بريطانيا التي تلزمها القوانين بسجنهم لفترة محددة، ثم إدماجهم في المجتمع، وهو ما تتهرّب منه الحكومة البريطانية، وتُعدّل لأجله القوانين.

كما أنّ قرارها الأخير يأتي في إطار ردود الفعل الأمنية، عقب هجوم ليفربول الذي نفذه المهاجر عماد جميل السويلمين، في محاولة منها لمعالجة الانتقادات الموجهة إليها بعدم ترحيل عماد، المتورط من قبل في حوادث تهديد بالعنف.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية