بعد مرور 20 عاماً.. هل تغيرت نظرة الأمريكيين لهجمات 11 سبتمبر؟

بعد مرور 20 عاماً.. هل تغيرت نظرة الأمريكيين لهجمات 11 سبتمبر؟


12/09/2021

بعد 20 عاماً على هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، وفي أجواء من الحزن والعواطف وسط إجراءات أمنية مشددة جداً، أقيمت في نيويورك‏ أمس، مراسم مهيبة لإحياء ذكرى هذه الهجمات المروعة بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعدد من الرؤساء الأمريكيين، بالتزامن مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وعودة حركة طالبان إلى الحكم، وإعلان بايدن نيته رفع السرّية عن التحقيقات الاستخبارية حول ملف الهجمات.

اقرأ أيضاً: كيف أحيت الولايات المتحدة الذكرى الـ 20 لأحداث 11 سبتمبر؟

لقد انشغل المحللون والخبراء ـ وسائل الإعلام الغربية والأمريكية تحديداً ـ بهذه الذكرى وتقييم تأثيراتها ونتائجها، وسط حالة لا تخفى من الانقسام السياسي في الولايات المتحدة حاول الرئيس بايدن التقليل من شأنها عبر التركيز على الوحدة الوطنية في كلمته في المراسم، ووسط إجماع على أنّ هذه الهجمات غيّرت وجه السياسة العالمية، وغيّرت من بنية وسلوك الولايات المتحدة إلى الأبد، حسب استطلاعات الرأي العام الأمريكية. 

 

استطلاع "بيو": تراجعت بشكل حاد نسبة الأمريكيين الذين يشيرون إلى الإرهاب على أنه مشكلة وطنية كبرى

 

تجاوزت أهمية 11 أيلول (سبتمبر) العمر والجنس والاختلافات الجغرافية وحتى السياسية الداخلية وتنافس الأحزاب، فقد أشارت دراسة عام 2016 نشرها مركز (بيو) بتاريخ 2 أيلول (سبتمبر) 2021 إلى أنه في حين أنّ الحزبين اتفقا على القليل من القضايا، فإنّ أكثر من 7 من كل 10 من الجمهوريين والديمقراطيين وصفوا الهجمات بأنها واحدة من أهم 10 أحداث تاريخية لهم.

وفي هذا السياق، أشار الدكتور (وليام غالستون) في مقال نشر في مركز بروكينغز 9  أيلول (سبتمبر) 2021 إلى هذه الملاحظة الخطيرة عندما قال إنه في استطلاع لمركز (بيو) نشر في 2 أيلول (سبتمبر) 2021، قال 93% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 وما فوق إنهم يستطيعون تذكر مكانهم بالضبط أو ما كانوا يفعلونه لحظة علمهم بالهجمات الإرهابية في 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وخلال العقود الـ6 الماضية، كان لاغتيال كنيدي فقط مثل هذا التأثير الواسع النطاق والدائم.

اقرأ أيضاً: عشرون عاماً على أحداث 11 سبتمبر.. البداية أسوأ أم النهاية؟

ليس من المستغرب إذن أنه في عام 2016 اعتبر أكثر من ثلاثة أرباع البالغين الأمريكيين 11 أيلول (سبتمبر) حدثاً تاريخياً مهماً في حياتهم؛ أي ما يقرب من ضعف ما حدث في ثاني أكثر الأحداث التي يتم الاستشهاد بها.

وقد تحوّل الأمريكيون إلى الدين والإيمان بأعداد كبيرة، ففي الأيام والأسابيع التي تلت 11 أيلول (سبتمبر) قال معظم الأمريكيين حسب استطلاع مركز (بيو) إنهم كانوا يصلون أكثر، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) ‏‏2001 قال 78% إنّ تأثير الدين في الحياة الأمريكية آخذ في الازدياد؛ أي أكثر من ضعف ‏نسبة الذين قالوا ذلك قبل أشهر، وهو أعلى مستوى منذ 4 عقود.

اقرأ أيضاً: أحداث 11 سبتمبر: أي درس على العالم أن يتذكره؟

وخضعت آراء العديد من الأمريكيين حول المسلمين والإسلام لتغيير طويل الأمد، ففي آذار (مارس) 2002 اعتقد 25% من الأمريكيين، بما في ذلك 23% من الديمقراطيين و32% من الجمهوريين، أنّ الإسلام من المرجح أن يشجع على العنف بين أتباعه أكثر من الديانات الأخرى.

واليوم، حسب استطلاع بيو، تضاعفت نسبة الأمريكيين الذين يؤيدون هذا الرأي إلى 50%، لكنها على عكس ما كانت عليه قبل عقدين من الزمان، أدت إلى انقسام الأحزاب، 72% من الجمهوريين (بزيادة 40 نقطة منذ 2002) يرون الآن ارتباطاً قوياً بين الإسلام والعنف، مقارنة بـ 32% من الديمقراطيين.

اقرأ أيضاً: بعد 20 عاماً من 11 سبتمبر: الإرهاب يتصاعد في أفريقيا

ويضيف غالستون أنه تحت قيادة جورج دبليو بوش، الذي ألقى كلمة في مراسم السبت،  ردّت الولايات المتحدة على هجمات 11 أيلول (سبتمبر) بشن "حرب على الإرهاب" بداية من أفغانستان، وفي حين أنّ هذا المشروع العسكري والغزو اللاحق لأفغانستان حظي في البداية بدعم شعبي قوي، إلّا أنّ هذا الدعم تآكل مع استمرار الحروب على الأرض لفترة أطول ممّا كان متوقعاً. وبعد مقتل أسامة بن لادن عام 2011، قال 56% من الأمريكيين إنهم يؤيدون الآن سحب القوات الأمريكية  من أفغانستان.

 إذن؛ وبعيداً عن الانطباعات الشخصية والتحليلات المرسلة أعيد الإشارة والتأكيد على أهمية استطلاع مركز (بيو) السابق، الذي يقول إنه في الأعوام الأخيرة تراجعت بشكل حاد نسبة الأمريكيين الذين يشيرون إلى الإرهاب على أنه مشكلة وطنية كبرى، وقد ظهرت قضايا مثل الاقتصاد ووباء COVID-19 والعنصرية باعتبارها مشاكل أكثر إلحاحاً في نظر الجمهور.

 

جعلت هجمات 11 سبتمبر وتداعياتها الأمريكيين أكثر خوفاً في الداخل، وأكثر سلبية بشأن تأثير قرارات القادة على مدى العقدين الماضيين

 

في عام 2016، قال حوالي نصف الجمهور الأمريكي (53%) إنّ الإرهاب مشكلة وطنية كبيرة جداً في البلاد، وانخفض هذا إلى حوالي 4 من كل 10 من 2017 إلى 2019، وفي 2020 قال ربع الأمريكيين فقط إنّ الإرهاب مشكلة كبيرة للغاية.

هذا العام 2021، قبل سحب الولايات المتحدة لقواتها من أفغانستان وسيطرة طالبان اللاحقة على البلاد، قالت نسبة أكبر إلى حدٍّ ما من البالغين إنّ الإرهاب المحلي يمثل مشكلة وطنية كبيرة جداً (35قالوا الشيء نفسه عن الإرهاب الدولي).  

ومع ذلك، فإنّ الأحداث الأخيرة في أفغانستان تثير احتمال أنّ الرأي العام الأمريكي قد يتغير على الأقل في المدى القصير، ففي استطلاع أجري في أواخر آب (أغسطس) 2021م قال 89% من الأمريكيين إنّ سيطرة طالبان على أفغانستان كانت تهديداً لأمن الولايات المتحدة، بما في ذلك 46% قالوا إنّ ذلك يمثل تهديداً كبيراً.

اقرأ أيضاً: كم أنفقت الولايات المتحدة على الحروب بعد هجمات 11 سبتمبر؟

في الوقت الحالي، على الأقل، جعلت هجمات 11 أيلول (سبتمبر) وتداعياتها الأمريكيين أكثر خوفاً في الداخل، وأكثر سلبية بشأن تأثير قرارات القادة على مدى العقدين الماضيين، وأقل استعداداً لنشر القوات البرية الأمريكية في قتال طويل في الخارج.

لقد غيّرت هجمات 11 أيلول (سبتمبر) وتداعياتها السياسة العالمية، وأظهرت أنّ الجماعات الإرهابية فاعلة في صناعة السياسة العالمية، ومن الحرب العالمية على الإرهاب إلى غزو أفغانستان واحتلال العراق إلى ظهور داعش وصولاً إلى عودة طالبان لحكم أفغانستان، ليس هناك من حدث قادر على نسيان ذكرى هجمات 11 أيلول (سبتمبر) سوى هجوم أكثر قسوة وتأثيراً ومأساوية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية