تراشق حكومي لخطف كرسي الرئاسة في الجزائر

الجزائر

تراشق حكومي لخطف كرسي الرئاسة في الجزائر


12/11/2018

عادت الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقرّرة ربيع العام المقبل، لتؤجج حالة التململ التي تطبع المشهدين؛ الرسمي والسياسي في البلاد، إثر التراشق بين مؤيدي الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة.

وفي تصريحات حصرية لــ "حفريات"، ربط السيناتور عبدالوهاب بن زعيم، والمعارض لخضر بن خلاّف والمحلّل عبدالعالي رزاقي، ما يحصل في الجزائر، بنوايا التموقع على عدة صعد.

اقرأ أيضاً: هل انتفت صلاحية الإسلاميين في الجزائر؟

ويقرأ بن زعيم الموقف على أنّه غير مفصول عن ثلاثة أهداف بارزة، في حين يشدّد بن خلاف ورزاقي على أنّ توتر محور الموالاة – الحكومة، ناجم أصلاً عن هوس الرئاسيات التي سيُعرف فارسها قبل نهاية العام.   

وفي منعرج جديد من "سباق" كسر العظام في الحكومة الجزائرية، وجّه وزير العدل، طيب لوح، اتهامات خطيرة للوزير الأول، أحمد أويحيى، هذا الأخير ردّ فصيله بقوة، في تصعيد موصول بصراع حزب جبهة التحرير الحاكم وغريمه الحميم التجمع الديمقراطي، للتموقع على أهبة الترشح للاقتراع الرئاسي القادم.

أحمد أويحيى

لكن السيناتور عبدالوهاب بن زعيم، لا يعتقد أنّ ما حدث يندرج ضمن صراع حزبيْ الغالبية جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي على التموقع تحسباً لاقتراع رئاسيات 2019، ويرى بن زعيم أنّ وزير العدل طيب لوح عضو في اللجنة المركزية لجبهة التحرير، وملتزم بما يصدر عن الحزب الحاكم.

خروقات محفورة

يرى بن زعيم، أنّ وزير العدل، طيب لوح، استذكر خروقات محفورة في ذاكرة الجزائريين، وهناك عدة مسؤولين عن تلك الخروقات وليس الوزير الأول الحالي فحسب، هذا الأخير شعر أنّه معني بهذه التصريحات واعتبرها مسيئة، لذا ردّ عليها عبر بيان لحزبه التجمع الوطني الديمقراطي، لكن هذه الوقائع ثابتة في التاريخ، وحصلت فعلياً.

عبدالعالي رزاقي: ما حصل من تراشق بين الوزير الأول ووزيره للعدل، يعني "عدم وجود حكومة، وكل واحد يريد أن يترشح للرئاسيات

ونوّه عضو جبهة التحرير في مجلس الأمة، بأنّ وزير العدل أراد الإشادة بالسياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية، وبأنّ هناك دولة قانون ومؤسسات في مرحلة تشييد صرح العدالة، على حد تعبيره.

ويستدل بن زعيم بأنّه بعد يوم واحد من تصريح لوح، التقى أويحيى نظيره الأمين العام لجبهة التحرير، جمال ولد عباس، فضلاً عن قائديْ الحزبين الحليفين تجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية.

وعن صلة تصريح لوح بمحاولة قطع الطريق على أويحيى المهتمّ بكرسي الرئاسة، يستبعد بن زعيم هذا الطرح، بقوله: "رسمياً، أعلن أويحيى تأييده للرئيس ودعمه لاستمراريته، أما إن كان يُضمر شيئاً آخر في قلبه، فذلك في علم ربي". 

اقرأ أيضاً: هل لعزل جنرالات الجزائر علاقة بالفساد أو قرب الانتخابات أو الكوكايين؟

وسجّل بن زعيم، أنّ أويحيى لم يُخفِ طموحه، وسبق له التصريح مباشرة عبر التلفزيون الرسمي، أنّه "سيُصبح مرشحاً رئاسياً في يوم من الأيام، إذا أراد القدر ذلك".

تموقع بـ 3 أهداف

في إفادته لـ"حفريات"، وصف بن زعيم، ما تشهده الساحة السياسية الجزائرية بـ "الحراك العادي قبل موعد الرئاسيات"، ويشير إلى أنّ التموقع لا يخصّ كرسي الرئيس، طالما أنّ منصب الرئيس غير مطروح للنقاش، وإلى حد الآن الجميع يدعمونه، بل هذا التموقع مرتبط برغبة هذا الطرف أو ذاك في الاستحواذ على الوزارة الأولى، والظفر بأكبر عدد ممكن من الوزراء، ومناصب سياسية أخرى في الدولة، فضلاً عما تثيره انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة (الغرفة البرلمانية العليا) والمزمعة في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

وصف بن زعيم ما تشهده الساحة السياسية الجزائرية بالحراك العادي قبل موعد الرئاسيات

ويُبقي بن زعيم، احتمال تغيير الحكومة خلال الأسابيع المقبلة، في خانة الممكن جداً، ويتوقع أنّ مرحلة ما بعد المصادقة على قانون الموازنة 2019، ستشهد تعيين حكومة تكنوقراطية أو حكومة ائتلاف من أجل دعم الرئيس.  

من جانبه، يشير القيادي في جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاّف، إلى أنّ الجزائريين تعوّدوا على التراشقات بين المسؤولين على أعلى مستوى عشية المواعيد الانتخابية المهمة، لكن واقعة الثلاثاء الأخير أتت خارج المعتاد، خاصة عندما يكون التراشق بين وزراء السيادة، وزير العدل والوزير الأول.

لا قيمة ولا صلاحيات

يلاحظ بن خلاّف بأنّ "ما حصل، بيّن أنّ الوزير الأول في الدستور الجديد، لا قيمة له ولا صلاحيات، بحيث يتجرّأ عليه وزراؤه"، وهذه ليست المرة الأولى، فهناك حادثة أخرى لوزير الداخلية، نور الدين بدوي، في الانتخابات التشريعية (4 آيار/ مايو 2017)، والانتخابات المحلية (23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017)، وخاصة في اقتراع تجديد المجالس البلدية والولائية، حين اشتكى أويحيى وقتئذ من الولاة لدى وزير الداخلية، واحتجّ على التزوير لصالح حزب معيّن.

يتوقع بن زعيم أنّ مرحلة ما بعد المصادقة على قانون الموازنة ستشهد تعيين حكومة تكنوقراطية أو حكومة ائتلاف لدعم الرئيس

ويعتبر بن خلاّف، التراشق بين الوزير الأول ووزيره للعدل، سابقة، خصوصاً وأنّهما ينتميان إلى حزبي الموالاة، ويعتقد أنّ هذا التراشق متعلق بالانتخابات الرئاسية القادمة، ومرتبط أيضاً بخريطة الطريق التي وُضعت من طرف حزبيْ جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي، تحسباً لانتخابات الرئاسة.

وينفي بن خلاّف، معرفة تفاصيل خريطة الطريق هذه، في المقابل، يشدّد محدثنا على عدم وجود ثقة بين تشكيلتي الغالبية، وهو ما يفسّر كل التراشق.  

إجهاض مرشح الكواليس

يُقحم بن خلاّف الأمر رأساً بمسعى فريق من أتباع جبهة التحرير لقطع الصلة على الوزير الأول أحمد أويحيى الذي يتمّ تسويقه في الكواليس كــ"مرشح محتمل للرئاسة".

اقرأ أيضاً: هل يستمرّ بوتفليقة برئاسة الجزائر؟

ولا يفصل بن خلاّف، الأمر أيضاً عن الصراع الموجود بين جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي بشأن مرشحهما المحتمل (الرئيس الحالي أو شخصية أخرى) لأجل تجسيد "مزاعمهما عن الاستمرارية".

ولأنّ جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي لا يثقان في بعضهما، ويرى كل حزب في الآخر، منافساً، بدأت تصفية الحسابات من الآن.

لخضر بن خلاّف القيادي في جبهة العدالة والتنمية

وبمنظور القيادي في حزب جبهة العدالة والتنمية، يؤشر ما تقدّم على ما يلي:

1 – احتدام الصراع الموجود في هرم السلطة.

2 – غياب المسؤول الأول في البلاد الذي من المفروض أن يتحكم في مثل هذه الصراعات، على منوال ما شهده المجلس التشريعي مؤخراً، مؤكداً غياب الحكم الذي يحسم الانحرافات.

اقرأ أيضاً: "جيل" الحظ العاثر في الجزائر: أبناء "جهاديي" الجبال

وعن القادم، يُبقي النائب عن الاتحاد من أجل النهضة العدالة والبناء، الباب مشرّعاً على كل الاحتمالات، بما فيها إسقاط الحكومة الحالية، والاطاحة بأحمد أويحيى التي ظلّت مبرمجة منذ مدة، لكن تسارع الأحداث وأزمة البرلمان الأخيرة أجّلت الموضوع.

خلاف الترشح ومن يترشح!

عن مآلات الرئاسيات بين مرشح التوافق والرؤوس المتعددة، يتوقع بن خلاّف أن يُصبح الخلاف في قمة هرم الحكم واضحاً للعلن، بشأن الفصل في موضوع الترشح ومن يترشّح، لذا سيبقى السجّل بهذا الشكل ويتصاعد أكثر في الأيام المقبلة.

بن زعيم: توتر محور الموالاة – الحكومة ناجم أصلاً عن هوس الرئاسيات التي سيُعرف فارسها قبل نهاية العام الحالي

ويعزو بن خلاّف، إلى أن "الجزائر اعتادت على أنّ العملية الانتخابية لا تحكمها الإرادة الشعبية، أو التنافس على البرامج السياسية، بل تضبطها مثل هذه الممارسات لتدوير الأشخاص على المناصب، ولا يتم هذا وفق الانتخابات النزيهة والحرة والديمقراطية التي تحترم فيها الإرادة الشعبية". 

بدوره، يؤكد المحلل السياسي عبدالعالي رزاقي، أنّ ما حصل من تراشق بين الوزير الأول ووزيره للعدل، يعني "عدم وجود حكومة، وكل واحد يريد أن يترشح للرئاسيات"، مضيفاً: "هذا التراشق يفيد أنّ وزير العدل يريد الترشح للرئاسيات، والوزير الأول أحمد أويحيى يريد الترشح للرئاسيات، وعليه فالصراع حول الرئاسيات، وليس له أي معنى آخر".

ويستطرد رزاقي: "بعد خروج بوتفليقة بتلك الصورة غير الواضحة لرئيس يبدو مريضاً، صار الكل يتمنى أن يُصبح رئيساً".

المحلل السياسي عبدالعالي رزاقي

أويحيى الأقرب إلى قصر الرئاسة

يجزم رزاقي، بأنّ أويحيى صار الأقرب إلى قصر الرئاسة، ويربط محدثنا هذا السيناريو بــ"التكريم" الذي حظي به رجل الأعمال الجزائري المعروف يسعد ربراب، في فرنسا من طرف الرئيس إيمانويل ماكرون، مُبرزاً أنّه من الممكن قيام ربراب، بتمويل حملة أويحيى الرئاسية.  

محلل سياسي لـ "حفريات": بعد خروج بوتفليقة بتلك الصورة غير الواضحة لرئيس يبدو مريضاً، صار الكل يتمنى أن يُصبح رئيساً   

ويبرّر رزاقي، توقعه لأويحيى كـ "رئيس قادم للجزائر"، بكونه "الاسم الأقرب لأن يحظى برضى فرنسا"، علماً أنّ عبد العزيز زياري الرئيس السابق للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية السفلى) لم يتردد عن التصريح علناً أنّ "أويحيى بات الأقرب للرئاسة".

رزاقي يرفض رأساً توصيف "التحالفات"، ويقول: "ليس هناك تحالفات، فهي وهم فقط، وكل واحد يعلن مساندته لترشح الرئيس بوتفليقة لفترة خامسة، وهي طريقة الجميع للدفاع عن أنفسهم للبقاء في الساحة السياسية فقط".

اقرأ أيضاً: القصة الكاملة للصراع بين السلطات الجزائرية والأحمدية

وعن إمكانية إبقاء الأمور عالقة إلى غاية آخر أنفاس الاستحقاق الرئاسي، يوقن رزاقي بأنّ الأمور ستُحسم قبل نهاية الخريف.

ويوضح: "الحسم سيكون بعد توقيع الرئيس الحالي على قانون الموازنة لعام 2019، وهي خطوة مرتقبة يوم 25 من الشهر المقبل، وستشهد حسم الكثير من الأمور".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية