ترامب لمسيحيي إيران: تظاهروا لكن لا تأتوا إلى حدودنا

ترامب لمسيحيي إيران: تظاهروا لكن لا تأتوا إلى حدودنا


01/03/2018

قامت إدارة ترامب برفض طلبات لجوء أكثر من 100 مسيحيّ إيرانيّ وغيرهم من الّلاجئين الّذين يواجهون اضطّهاداً محتملاً في موطنهم الأصليّ، بالرّغم من وعود البيت الأبيض بتخفيف محنة الأقلّيّات الدّينيّة في منطقة الشّرق الأوسط.

وتنبغي الإشارة إلى أنّ مجموعة الّلاجئين هذه، ومعظمها من المسيحيّين، وغيرهم من غير المسلمين، قد تقطّعت بها السُبُل في فيينا منذ أكثر من عام، في انتظار الموافقة النهائيّة لتوطينهم في الولايات المتّحدة. ويواجهون الآن احتمال ترحيلهم إلى إيران؛ حيث يقول مدافعون عن حقوق الإنسان إنّهم يواجهون انتقاماً أو سجناً محتملين على يد النّظام في طهران من جرّاء طلبهم اللجوء في الولايات المتحدة.

مسيحيات إيرانيات

أمريكا: تدعم الاحتجاجات وترفض الّلاجئين

كان نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس، قد تعهّد باتّخاذ إجراءات للتّخفيف من معاناة مسيحيّي المنطقة وأدانت الإدارة معاملة طهران للأقليّات الدينية. لكن يقول نقّادٌ إنّ القرار الخاصّ بالمسيحيّين الإيرانيّين يدلّ على أنّ الإدارة قد فشلت في تحقيق كلامها.

يقول هانز فان دي ويرد، وهو نائب رئيس برامج الولايات المتّحدة في لجنة الإنقاذ الدّوليّة: "إنّ نفاق هذه الإدارة لا حدود له". ويتابع: "فهي تنتقد النّظام الإيرانيّ، وشجّعت الاحتجاجات، لكنّها ترفض توفير الأمن لأولئك الّذين يفرّون من الحكومة الإيرانيّة وليسوا في مأمن من أفعالها".

تقدّم هؤلاء الإيرانيّون بطلبات للحصول على تأشيرات بموجب قانون أمريكيّ يعرف باسم تعديل لوتنبرغ، وهو قانون يهدف إلى توفير وضعيّة اللاجئ الخاصّ للأقليّات الدينيّة المضطّهدة، على نحو يسمح بتوطينهم في الولايات المتّحدة. وكان القانون، الذي يعود إلى عام 1989، مكتوباً في الأصل لمساعدة يهود الاتّحاد السوفيتيّ السّابق، وجرى توسيعه لاحقاً ليشمل الأقليّات المسيحيّة وأقليّات أخرى في الدّول السوفيتيّة السّابقة وإيران.

نقّاد: القرار الخاصّ بالمسيحيّين الإيرانيّين يدلّ على أنّ الإدارة فشلت في اتخاذ إجراءات تخفف من معاناتهم

وقبل أن يتولّى الرئيس دونالد ترامب منصبه، كانت حالات الّلاجئين المُمَاثلة الّتي تخضع لتعديل لوتنبرغ تحظى بمعدّل موافقة يقارب 100 في المائة. وقبل وصولهم إلى فيينا، يمرّ الّلاجئون بفحص أوليّ، ثم تُصدِر النّمسا تأشيرات المرور العابر (ترانزيت) بناء على طلب وزارة الخارجيّة. وبمجرّد وجودهم في النّمسا، تجري السُلُطات الأمريكيّة مقابلات مع الّلاجئين.

وكان هذا الإجراء يستغرق في الماضي بضعة أسابيع أو بضعة أشهر. لكنّ العمليّة قد توقّفت فعليّاً في فترة حكم ترامب، وتقول جماعات حقوق الإنسان إنّ الإدارة قد تكون في موضع من ينتهك القانون الأميركيّ.

اتهامات حقوقيّة والحكومة تردّ

يُلزم تعديل لوتنبرغ الحكومة الأمريكيّة بتفسير سبب رفض وضع الّلاجئ "إلى أقصى حدّ ممكن". لكن يجري إخبار مقدّمي الطّلبات بأنّ الرّفض مسألة تقديريّة، وفقاً لمدافعين عن حقوق الإنسان.

إلى هذا، قال متحدّث باسم وزارة الخارجيّة لفورين بوليسي إنّ وزارة الأمن الدّاخليّ قد رفضت طلبات التّوطين لكنّه تجنّب تقديم سبب أو تفاصيل أخرى. ولم تردّ وزارة الأمن الدّاخليّ على طلبات التّعليق.

وفي رسالة بالبريد الإلكترونيّ لفورين بوليسي، قال المتحدّث: "إنّ هؤلاء الأشخاص قد خضعوا للعمليّة الصّارمة نفسها لطلب التّوطين الّتي يخضع لها جميع الّلاجئين، وبعد الحصول على معلومات من جميع الإدارات والوكالات المعنيّة، رفِضت طلبات التّوطين".

ووفقاً له، تعمل الولايات المتّحدة والنّمسا وحكومات أخرى على خيارات ممكنة للّاجئين، ومنها التّوطين أو الّلجوء في أماكن أخرى. وقد تابع قائلاً: "لن تُجبِر الولايات المتّحدة أحداً على العودة إلى إيران".

الايرانيّون في فيينا يعيشون بظروف قاسية فدون دخل أو حقّ بالمكوث ليس أمامهم غير التّرحيل إلى إيران

ويقول مدافعون عن حقوق الإنسان وخبراء يراقبون معاملة الجاليات المسيحيّة في الخارج إنّ الإيرانيّين لديهم خيارات قليلة وسيجبرون على الأرجح على العودة إلى إيران حيث سيواجهون انتقاماً وسجناً محتملين.

وقال فان دي ويرد، من لجنة الإنقاذ الدّوليّة، إنّ "الايرانيّين في فيينا يعيشون في ظروف ميئوس منها. فدون دخل أو حقّ بالمكوث في النّمسا، ليس أمامهم أيّ خيار آخر غير التّرحيل إلى إيران، ما لم تقدّم دولة أخرى نفسها أو تمنحهم النّمسا حقّ الّلجوء".

ويجري تسجيل أكثر من 4,500 إيرانيّ آخر في البرنامج ولديهم رعاة في الولايات المتحدة. لكنّهم ينتظرون في إيران الموافقة على السّفر إلى فيينا، وفقاً لفان دي ويرد.

وكان ترامب قد اتّخذ موقفاً قاسياً بشأن الهجرة، فارضاً قيوداً على عدد الّلاجئين الّذين ستقبلهم الولايات المتّحدة وساعياً إلى فرض حظر سفر على مواطني عدد من الدّول ذات الأغلبيّة الإسلاميّة، ومنها إيران. لكنّه وعد أيضاً بتقديم يد المساعدة لمسيحيّي الشّرق الأوسط. وأثار التّحوّل الواضح في كيفيّة قيام واشنطن بفرض الحماية لفئات معيّنة من الّلاجئين المخاوف من أن تسعى الإدارة إلى وضع حدود أوسع على توطين الّلاجئين.

الرئيس الإيراني حسن روحاني مع بابا الفاتيكان

الكونغرس يدخل على الخطّ

وأعرب مشرّعون من كلا الحزبين عن قلقهم الشديد إزاء القضيّة. فالنّائب الجمهوريّ راندي هولتغرين، من إلينوي، والنّائب الديمقراطيّ جيم ماكغفرن، من ماساتشوستس، قد كتبا الشّهر الماضي خطاباً لنائب الرئيس، بينس، يوجّهان فيه الاتّهام لوزارتي الأمن الدّاخلي والخارجيّة لـ"إعاقة الغرض من هذا القانون من خلال عدم منح افتراض جدارة القبول لهؤلاء المتقدّمين بالطّلبات".

وذكر الخطاب أنّ مجموعة المتقدّمين الّذين تقطّعت بهم السُبُل في فيينا تضمّ كبار سن وذوي احتياجات خاصّة، وكان من الصّعب رؤية أيّ تهديد أمني من جانبهم. وقال عضوا الكونغرس: "إنّ هذا التّغيير المفاجئ في السّياسة - من معدّل قبول يصل إلى مائة في المائة تقريباً إلى رفض شِبه تامّ - غير منطقيّ، حتّى على أسُس أمنيّة".

وعلاوة على ذلك، ذكر الخطاب أنّ الإيرانيّين الّذين سُمح لهم بالدّخول سابقاً في إطار البرنامج وكانت لهم خلفيّات مماثِلة لم يشكلوا تهديداً على الولايات المتّحدة.

مجموعة من الّذين تقطّعت بهم السُبُل بفيينا هم  كبار سن أو ذوي احتياجات خاصّة وما من تهديد أمني من جانبهم

ومنذ تعديل قانون لوتنبرغ في عام 2004 ليشمل الإيرانيين، جرى توطين حوالي 30,000 شخص في الولايات المتّحدة. وفضلاً عن المسيحيّين الآشوريين والأرمن في إيران، حصل أيضاً أعضاء من مجتمعات يهوديّة ومندائيّة وزرادشتيّة وبهائيّة على وضعية لاجئ وجرى توطينهم في الولايات المتّحدة بموجب القانون.

ويعترف الدّستور الإيرانيّ، الّذي يصوّر الجمهوريّة الإسلاميّة كأداة للإرادة الإلهيّة، بالإسلام الشيعيّ باعتباره الدّين الرسميّ للدّولة. لكن في حين يتضمّن القانون الإيرانيّ أحكاماً تعزّز الحريّة الدّينيّة، فإنّه يضع أيضاً قيوداً على حقوق الأقليّات الدّينيّة ويعامِل البهائيّين كهراطقة.

ومن جانبها، ترفض الحكومة الإيرانيّة الدّعاوى الّتي تقول إنّ هذه الأقليّات الدّينيّة تواجه الاضطّهاد. ولم تكن بعثة البلاد في الأمم المتّحدة، في نيويورك، متاحة لِوَقته للتّعليق على الموضوع.

دان دي لوس، فورين بوليسي


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية