تركيا وسياسة التتريك.. ماذا يحدث في شمال سوريا؟

تركيا وسياسة التتريك.. ماذا يحدث في شمال سوريا؟


09/03/2019

تقوم تركيا بتعزيز نفوذها في أجزاء من شمال غرب سوريا، منذ بضعة أعوام، وهو أمر يُنظر إليه على أنه محاولة منها إلى إلحاقها بتركيا بغرض تتريكها تمهيداً لضمها نهائياً إليها في المستقبل.

وتسيطر تركيا حالياً على الأراضي الواقعة غرب نهر الفرات، المحاذية لحدودها الجنوبية الشرقية، ابتداء من بلدة جرابلس من الشرق، وانتهاء بعفرين، ذات الغالبية الكردية في شمال غرب البلاد.

القضاة والمحامون السوريون لا يُعيّنون في عفرين إلا بالتنسيق مع وزارة العدل التركية

لا يقتصر الوجود التركي في المناطق الشمالية في سوريا على الجانب العسكري فقط؛ بل تعمل السلطات التركية بالتعاون مع الفصائل السورية المعارضة الموالية لها على نشر الثقافة واللغة التركية، إلى جانب احتكار المشاريع الاقتصادية الرئيسة في المنطقة، وفق تقرير أعدّته قناة "بي بي سي" العربية.

وقالت لجنة حقوق الإنسان المستقلة، التابعة للأمم المتحدة، في تقرير أصدرته في الـ 31 من كانون الثاني (يناير) 2019؛ إنّ أكثر من 50 جماعة مسلحة منتشرة في شمال سوريا، ويعاني سكان تلك المناطق، خاصة عفرين، التي كانت ذات غالبية كردية قبل سيطرة تركيا عليها، من أعمال النهب المستمرة من قبل من يُفترض بهم أن يكونوا في خدمة وحماية المواطنين، كما أنّ غياب القانون والانضباط وتكرار حالات الاختطاف والتعذيب وانتشار العصابات، حوّل حياة الناس إلى جحيم لا يطاق.

ولاحظ بعض السكان استمرار وجود القوات العسكرية التركية في عفرين واعزاز واستخدام المدارس لأغراض عسكرية في عفرين، رغم ادّعائها الانسحاب منها، بحسب ما جاء في تقرير مجلس حقوق الإنسان .

وقال سكان المنطقة؛ إنّهم غير قادرين على التحرك ضمن عفرين والمناطق المجاورة لها، ما لم يمتلكوا أوراقاً ثبوتية صادرة عن السلطات التركية.

سكان شمال سوريا تقدموا بطلب الحصول على بطاقات هوية جديدة صادرة عن السلطات التركية

وأشار السكان في عفرين إلى أنّ القضاة والمحامين السوريين لا يُعيّنون إلا بالتنسيق مع وزارة العدل التركية، وأن ضباط الشرطة المدنية وغيرهم من العسكريين يتم تدريبهم من قبل السلطات التركية.

وتشرف تركيا بشكل مباشر على المجالس المحلية التي تدير المناطق الواقعة بين جرابلس والباب وعفرين، وتتبع هذه المجالس لما يسمى بـ "الحكومة السورية المؤقتة" التي تتخذ من تركيا مقرًا لها، وتستلم رواتب موظفيها من الحكومة التركية.

وقال مسؤول من الجماعات المعارضة الموالية لتركيا، في آذار (مارس) الماضي؛ إنّ مجلس عفرين يتبع إدارياً لمقاطعة أنطاكيا (هاتاي) التركية المجاورة.

وجاء في تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في حزيران (يونيو) 2018؛ أنّ حاكم هاتاي قد عيّن اثنين من المسؤولين الأتراك للإشراف على الحكم في منطقة عفرين.

وفي منطقة الباب؛ تقدم السكان بطلب الحصول على بطاقات هوية جديدة صادرة عن السلطات التركية، وفي حال نجاح هذا المشروع، سيُطبق في المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرتها.

أما من الناحية الاقتصادية؛ فلا يُسمح للمنظمات غير المسجلة في تركيا بالعمل في عفرين أو مناطق أخرى خاضعة لسيطرتها، وفتحت تركيا مركزين للخدمة البريدية التركية؛ في كلّ من بلدتي جرابلس والباب، ومن المتوقع افتتاح مركز ثالث في عفرين قريباً.

لا يُسمح للمنظمات أو مؤسسات غير المسجلة في تركيا بالعمل في عفرين أو مناطق أخرى خاضعة لسيطرتها

وافتتحت تركيا، في أواخر عام 2018، فرعاً لجامعة حران في الباب؛ تُدرس فيها اختصاصات الهندسة الكهربائية والزراعة والبناء باللغات العربية والتركية والإنجليزية.

أما في عفرين؛ فقد تمّ افتتاح مدرسة ثانوية إسلامية تركية، شبيهة بمدارس "إمام خطيب"، إلى جانب مدارس أخرى جميعها ممولة من تركيا.

ويتهم الناشطون تركيا باتباعها سياسة التتريك في عفرين على وجه الخصوص، عبر إزالة أي رمز كردي في المدينة، وتغيير أسماء الشوارع والساحات الرئيسة، وتجريدها من أيّة إشارة إلى هويتها الكردية، وانتشار الأعلام التركية وصور أردوغان في الدوائر الرسمية والمدارس والأماكن العامة.

 

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية