تصاعد أزمة الصيد بين فرنسا وبريطانيا

تصاعد أزمة الصيد بين فرنسا وبريطانيا


31/10/2021

اتهمت فرنسا بريطانيا بعدم الالتزام ببنود الاتفاق الخاص بانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، على خلفية الخلاف الذي اندلع بين الدولتين بشأن الصيد البحري قبالة جزيرة جيرسي.

ويتبادل الطرفان الاتهامات بانتهاك الاتفاق التجاري لما بعد بريكست، الذي تم التوصل إليه نهاية العام الماضي بشأن "رخص الصيد" في المياه البريطانية.

وتفاقم الخلاف بعدما احتجزت فرنسا سفينة بريطانية، وهددت لندن بتفتيش سفن الصيد الفرنسية، في أحدث خلاف بين الجانبين بعد صفقة الغواصات الاسترالية.

ويُعد التصعيد الجديد جزءاً من نزاع أوسع بشأن الترتيبات التجارية لما بعد خروج بريطانيا من التكتل، والتي يمكن أن تعرقل سير التجارة عبر بحر المانش (جزء من المحيط الأطلسي الذي يفصل بريطانيا عن فرنسا)، حيث كانت مسألة الصيد من أصعب الملفات التي تعثر حلها على مدى 10 شهور من المفاوضات، وهددت أحياناً بنسف فرص التوصل إلى اتفاق.

وينص الاتفاق على فترة انتقالية حتى صيف 2026، في هذا التاريخ يتخلى الصيادون الأوروبيون عن 25% من صيدهم في المياه البريطانية؛ أي ما يعادل 650 مليون يورو سنوياً. ثم ينص الاتفاق على إعادة التفاوض بشأن هذه المسألة سنوياً.

الاتفاق يمكّن الصيادين في الاتحاد الأوروبي من الوصول إلى المناطق الواقعة بين 6 و12 ميلاً بحرياً قبالة السواحل البريطانية، حيث كانوا يصطادون تقليدياً حتى صيف 2026، ومع ذلك عليهم الحصول على تراخيص جديدة.

فرنسا وبريطانيا تتبادلان الاتهامات بانتهاك الاتفاق التجاري لما بعد بريكست بشأن "رخص الصيد" في المياه البريطانية

في أيار (مايو) الماضي بدأت بريطانيا في فرض قيود أكثر صرامة على سفن الصيد الفرنسية في الوصول إلى مناطق الصيد البريطانية وتعقيد إجراءات التراخيص؛ ممّا دفع حوالي 100 سفينة فرنسية إلى التجمع في ميناء سانت هيلير بجزيرة جيرسي لتسجيل احتجاجهم.

وقد ردّت لندن بإرسال سفينتي حراسة تابعتين للبحرية الملكية لمراقبة الاحتجاج، لتقوم البحرية الفرنسية بإرسال زورقين إلى المياه المحيطة بجزيرة جيرسي.

وزادت حدّة الخلاف منذ إعلان فرنسا أول إجراءات مضادة شملت تشديد الضوابط، وفرض حظر على السفن البريطانية، وعلى إفراغ حمولاتها في الموانئ الفرنسية، اعتباراً من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، إذا لم يحصل الصيادون الفرنسيون على رخص صيد في هذه المياه.

وأعادت فرنسا سفينة صيد بريطانية يشتبه في أنها اصطادت من مياهها الإقليمية دون ترخيص، وسيخضع قبطانها في آب (أغسطس) 2022 للمحاكمة، وقد يدفع غرامة تقدّر بـ 75 ألف يورو، إضافة إلى عقوبات إدارية.

وأوضحت اللجنة الوطنية للصيد البحري بفرنسا أنه للحصول على التراخيص يجب على السفن أن تثبت للسلطات البريطانية أنها كانت تصطاد في هذه المنطقة خلال الفترة المرجعية الممتدة بين 2012-2016.

وتابعت: "لا مشكلة من حيث المبدأ بالنسبة إلى المراكب الكبرى المجهزة بنظام مراقبة السفن الذي يسجل مواقع السفن، لكنّ الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة إلى القوارب التي يقل طولها عن 12 متراً، وليس تحديد الموقع الجغرافي إلزامياً لها".

وأشارت إلى أنّ "المأزق الآخر عندما يكون المركب جديداً وانضم إلى الأسطول مؤخراً منذ 2016، يجب إثبات أنّ المركب الذي حل مكانه كان يبحر في المياه البريطانية".

وإثر ذلك، استدعت لندن سفيرة فرنسا لدى المملكة المتحدة كاثرين كولونا أول من أمس في إجراء نادر جداً بين الدولتين الحليفتين، وغادرت السفيرة بلا أي تعليق بعد مقابلة في وزارة الخارجية استمرت 20 دقيقة.

وأعربت وزيرة الخارجية البريطانية وندي مورتن "عن خيبة أملها من لهجة المواجهة التي تستخدمها الحكومة الفرنسية باستمرار، والتي لا تجعل حل الموقف أكثر سهولة".

ودعا وزير البيئة البريطاني جورج أوستيس إلى "الهدوء" و"وقف التصعيد"، مؤكداً أنّ الباب لدى حكومته "ما يزال مفتوحا"، وقد عبّر رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس عن "انفتاحه لإجراء محادثات" بشرط أن تحترم لندن "تعهداتها".

لكنّ لندن اعتبرت أنّ الإجراءات الفرنسية المعلنة "غير متكافئة"، وحذرت من أنها ستكون موضع "رد متناسب ومدروس".

وسط هذه الأجواء يلتقي الرئيس الفرنسي ماكرون رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في روما على هامش قمة مجموعة الـ20.

وقال جونسون لصحفيين خلال توجهه إلى روما: "سنفعل ما هو ضروري للدفاع عن المصالح البريطانية، فرنسا هي أحد أفضل وأقدم وأقرب حلفائنا وأصدقائنا وشركائنا، والروابط التي توحدنا أقوى بكثير من الاضطرابات الحالية التي تشهدها علاقتنا".

ويبدو أنّ بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي يتخذون موقفاً حذراً في مواجهة هذا النزاع، وقد دعت الحكومة الألمانية كلا الجانبين إلى التفاوض.

وكانت فرنسا قد لوّحت قبل أيام بفرض حزمة من العقوبات على بريطانيا ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 2 تشرين الثاني (نوفمبر)، في حال استمرار الخلاف حول حقوق الصيد البحري بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أنّ من بين العقوبات الواردة إعادة النظر في إمدادات الكهرباء.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية