تصعيد التوترات والرسائل قبل قمة سوتشي... لماذا تركيا في مأزق؟

تصعيد التوترات والرسائل قبل قمة سوتشي... لماذا تركيا في مأزق؟


28/09/2021

ارتفعت حدة التوترات والرسائل المعلنة والمستترة قبل انطلاق قمة سوتشي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين الأربعاء، وهي القمة التي من المتوقع أن تمثل رقماً حيوياً في رسم مستقبل سوريا.

تأتي القمة في الوقت الذي استطاع فيه النظام السوري استعادة غالبية الأراضي السورية، ما عدا المناطق التي تسيطر عليها المعارضة والفصائل الموالية لتركيا والأكراد في الشمال، وفيما تكثف القوات السورية والروسية غاراتها على تلك المناطق، وفي الوقت نفسه مسبوقة بتشديدات من قبل النظام السوري على أنه عازم على استعادة كافة الأراضي السورية، ومصمم على إخراج القوات الأجنبية وفي مقدمتها قوات تركيا، لا يبدو أنّ موازين قوتها (القمة) تصب في صالح تركيا.

اقرأ أيضاً: تصاعد التوترات في سوريا قبل لقاء أردوغان وبوتين... ماذا جرى؟

وعلى الرغم من محاولات تركيا ضبط ذلك الميزان، سواء بالهجوم على قاعدة حميميم الروسية في الشمال السوري، ولو على نحو غير مباشر، إذ تم استهدافها من قبل طائرة مسيرة مجهولة، أو عبر إدخال مزيد من القوات التركية إلى الشمال السوري، فإنّ مدير منتدى شرق المتوسط محمد حامد ما يزال يرى أنّ تركيا في مأزق.

استُهدفت قاعدة "حميميم" الروسية في سوريا بطائرة مسيّرة، بحسب ما أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية في بيان نقلته قناة "روسيا اليوم"، وقالت وزارة الدفاع في بيانها الإثنين 27 أيلول (سبتمبر): إنّ القاعدة استُهدفت بطائرة مسيّرة أُطلقت من الأراضي الواقعة في منطقة إدلب، ولفتت إلى أنّ وسائل المراقبة في القاعدة رصدت الطائرة المسيّرة عبر نظام "بانتسير إس" للدفاع الجوي، الذي دمّر الطائرة المسيّرة على مسافة بعيدة عن القاعدة.

يقول حامد لـ"حفريات": من المتوقع أن تُجبر روسيا تركيا على الانسحاب من بعض الأماكن تنفيذاً لرغبة سوريا التي أعلنتها في أكثر من محفل دولي، وكان آخرها على منصة الأمم المتحدة، حيث شددت على ضرورة خروج القوات غير الشرعية التي لم تسمح لها الحكومة السورية بالقدوم إلى سوريا.

اقرأ أيضاً: هل تعود روسيا إلى أفغانستان؟.. هذا رد بوتين

ويضيف: تركيا بين شقي رحى، ما بين الانسحاب بضغوط روسية أو البقاء برغبة وطنية لمواجهة العناصر الكردية التي تتهمها تركيا بالإرهاب، وبأنها مدعومة من إدارة بايدن التي تتوتر علاقتها مع تركيا، لذا اعتبر حامد أنّ الزج بقوات تركية جديدة هي رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وكان الرئيس التركي قد دعا أول من أمس إلى انسحاب القوات الأمريكية من سوريا والعراق كما انسحبت من أفغانستان.

مدير منتدى شرق المتوسط: تركيا بين شقي رحى؛ ما بين الانسحاب بضغوط روسية أو البقاء برغبة وطنية لمواجهة العناصر الكردية التي تتهمها تركيا بالإرهاب

ويتابع حامد أنّ تركيا في موقف حساس للغاية في حسم خياراتها، خصوصاً أنّ أردوغان مقبل على انتخابات في 2023، ولا يبدو أنّ في جعبته شيئاً يقدّمه لروسيا، أو يساومها عليه في الملف السوري، لذا من المرجح أن تجبره الضغوط على الخروج، لأنّ سوريا ستدخل خلال العامين المقبلين في التسوية النهائية للنزاع برعاية إقليمية ودولية.

من جانبه، قال الكاتب الروسي إيغور سوبوتين، في مقال بـ"نيزافيسيمايا غازيتا"، بحسب ما نقله موقع "روسيا اليوم": إنّ لدى روسيا وتركيا عدداً متزايداً من الملاحظات والمطالب المتبادلة بشأن سوريا، على خلفية الزيارة المرتقبة للرئيس رجب طيب أردوغان إلى روسيا.

وأشار نقلاً عن خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي كيريل سيميونوف إلى تقارير صادرة عن المعارضة السورية تتهم القوات الجوية الروسية بقصف منطقة عملية نبع السلام التركية في شمال سوريا.

اقرأ أيضاً: قمّة بايدن – بوتين والورقة السوريّة

وقال: "إذا تأكد ذلك، فهذا يعني أنّ تغييرات حدثت في مناطق السيطرة الجوية على شمال شرق سوريا، فعلى الرغم من سحب قواتها من بعض المناطق الشمالية الشرقية في سوريا، إلا أنّ الولايات المتحدة احتفظت بالسيطرة على المجال الجوي فوقها".

وعلى وجه الخصوص، وفقاً لسيمونوف، يجب تنسيق رحلات المركبات الجوية والطائرات المقاتلة فوق هذه المناطق مع الأمريكيين، وقال: "لا يمكن استبعاد أن تكون هذه التغييرات ثمرة مشاورات روسية أمريكية".

وبحسب سيمونوف، من المستبعد أن تؤدي عملية عسكرية محتملة في إدلب، حتى في حال حدوث صدام مباشر بين قوات دمشق المسلحة الرسمية وبين القوات التركية، إلى أزمة خطيرة وتؤدي إلى قطع العلاقات وإنهاء الشراكة بين موسكو وأنقرة، و"لكنّ التصعيد في إدلب يمكن أن يكون الجزء الطافي فقط من جبل الجليد، ويعكس تناقضات عميقة بين روسيا وتركيا لم يتم الإعلان عنها رسمياً بعد، ولا يمكن للطرفين إيجاد حلول وسط بشأنها"، في هذه الحالة "يمكن توقع انهيار كامل للعلاقات الثنائية والاتصالات عبر كامل طيف التفاعل".

اقرأ أيضاً: لقاء بايدن وبوتين... ماذا ستحقق قمة جنيف؟

ومع ذلك، تحاول كل من أنقرة وموسكو، حتى الآن، عدم إظهار مدى الخلافات بينهما، ومن شأن الوضع "على الأرض" أن يكشف الكثير بعد المحادثات في سوتشي".

وفي السياق ذاته، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار: إنّ بلاده تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في مناطق شمالي سوريا، وذلك خلال اجتماع افتراضي عقده الإثنين 27 أيلول (سبتمبر).

 

من المستبعد أن تؤدي عملية عسكرية محتملة في إدلب إلى أزمة خطيرة، حتى في حال حدوث صدام مباشر بين قوات دمشق المسلحة الرسمية وبين القوات التركية

 

وأكد أكار التزام تركيا بالمبادئ المنصوص عليها في مذكرة التفاهم الروسية- التركية حول إدلب شمال غربي سوريا، بحسب ما أورده موقع عنب بلدي السوري، قائلاً: "كان هناك تصاعد بالهجمات الجوية في الآونة الأخيرة، وقلنا إنّ ذلك لا يتوافق مع مذكرة التفاهم".

وأضاف: "ينبغي أن نحقق النجاح من أجل أمن إخواننا السوريين هناك من جهة، ومن أجل أمن قواتنا وحدودنا وحماية بلادنا التي لا تتحمل موجة هجرة جديدة من جهة أخرى".

وتابع أنّ الجيش التركي يواصل بحزم مكافحة الإرهاب، لا سيّما في سوريا والعراق، مع احترام أمن حدود الدول الجارة وحقوقها السيادية"، بحسب تعبيره، وقد حضر الاجتماع نائب وزير الدفاع التركي يونس إمره قره عثمان أوغلو، ورئيس هيئة الأركان يشار غولر، وقادة القوات البرية موسى أوسوار، والبحرية عدنان أوزبال، والجوية حسن كوجوك آق يوز.

اقرأ أيضاً: أردوغان يثير غضب بوتين

ومن المفترض أنّ منطقة التوتر تخضع لآخر اتفاق توصل إليه الجانبان التركي والروسي في 5 آذار (مارس) العام الماضي، حين اتفق الرئيسان على وقف إطلاق النار في مدينة إدلب، على خط التماس الذي أُنشئ وفقاً لمناطق "خفض التصعيد"، وإنشاء ممر آمن بطول 6 كيلومترات إلى الشمال والجنوب من طريق M4 في سوريا، وتسيير دوريات تركية وروسية على امتداد طريق حلب- اللاذقية.

وقد وُقّعت اتفاقية "سوتشي" بين الرئيسين التركي والروسي في أيلول (سبتمبر) 2018، وهي تحكم مصير محافظة إدلب وحدودها الجغرافية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية