تصعيد فرنسي تجاه العدوان التركي على ليبيا .. ما هي خيارات باريس؟

تصعيد فرنسي تجاه العدوان التركي على ليبيا .. ما هي خيارات باريس؟


16/06/2020

في ظل إصرار تركيا على دعم حكومة الوفاق والجماعات المسلحة ومحاولة استغلال التموضع الجديد للميليشيات على  الأرض عقب التقدم ميدانياً على حساب الجيش الوطني الليبي، يبدو أنّ الصبر الفرنسي على تركيا قد نفد، الأمر الذي انعكس في تصاعد حدة التوترات بين الدولتين وتوجّه فرنسا إلى "الناتو"، حيث هاجمت الدور التركي في ليبيا ووصفته بـ "العدواني".

اقرأ أيضاً: أردوغان الباحث عن النفط والغاز... عن أيّ خليفة يتحدّثون؟

ومن المتوقع أن يُلحق التصعيد الفرنسي عدة تغيرات على الأرض في ليبيا، خصوصاً إذا نجحت في قطع الطريق على التفاهمات التركية – الروسية، ما يعني إعادة التوازن في ميزان القوى الدولي بين الفريق الداعم للجيش الليبي والآخر المصطف خلف حكومة الوفاق والمرتزقة.

 

 

وتقف تركيا وقطر خلف حكومة الوفاق التي تسيطر على طرابلس وتسعى نحو التقدم إلى سرت، فيما تدعم مصر وفرنسا وإيطاليا وروسيا الجيش الوطني الليبي.

من المتوقع أن يُلحق التصعيد الفرنسي عدة تغيرات على الأرض في ليبيا، خصوصاً إذا نجحت في قطع الطريق على التفاهمات التركية الروسية

وسرت هي المدينة التي تقع في المنتصف من بنغازي معقل الجيش الوطني، فيما تعتبر طرابلس معقل حكومة الوفاق، ويسيطر عليها حتى اللحظة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وصرّح مسؤول في قصر الإليزيه لوكالة "رويترز" للأنباء ليل الإثنين الثلاثاء أنّ فرنسا تريد إجراء محادثات مع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ظل تنامي الدور التركي العدواني وغير المقبول في ليبيا.

ووصفت الخارجية الفرنسية، في بيان، التدخل التركي بـ"غير المقبول... ولا بد أن ينتهي". وأضافت أنّ حكومة الوفاق تواصل الهجوم بدعم تركي "هائل" رغم الموافقة على بحث وقف إطلاق النار.

وكانت مصر قد أطلقت مبادرة للحل السلمي في ليبيا غداة سيطرة الميليشيات المسلحة لحكومة الوفاق والمدعومة من مرتزقة أردوغان على الحدود الإدارية لمدينة طرابلس، تضمنت الوقف الفوري لإطلاق النار، وانتخاب مجلس رئاسي يقود ليبيا إلى الاستقرار.

وفيما سارعت فرنسا وروسيا بدعم المبادرة المصرية، لم تقدم تركيا رداً في شأنها حتى الآن.

 

 

ويعقد وزراء خارجية الناتو اجتماعاً في 18 و19 من الشهر الجاري عن بعد.

وتخلّت فرنسا بذلك التصعيد عن سياسة ضبط النفس، التي انتهجتها خلال الأسابيع الماضية، ودفعتها إلى نفي صلتها بطائرات "رافال" الفرنسية وهي تحلق فوق سرت عقب تقدم للميليشيات المسلحة المدعومة من تركيا. وطائرات رافال الفرنسية حصل عليها الجيش المصري خلال إحدى صفقاته.

تسعى فرنسا لإجراء محادثات مع الدول الأعضاء في حلف الناتو في ظل الدور التركي العدواني وغير المقبول في ليبيا

ولطالما كانت فرنسا لاعباً رئيسياً في الأزمة الليبية على مدار الأعوام الماضية، في ظل مصالح استراتيجية تتعلق بالأمن القومي والمصالح الاقتصادية والنفوذ الفرنسي في أفريقيا، غير أنّ تلك التغيرات غلب عليها الطابع التنافسي مع الجارة إيطاليا، قبل أن يقلب التدخل التركي بالدعم السافر لحكومة الوفاق الموازين.

وفي كانون الثاني (يناير) الماضي، هاجم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تركيا، واتهمها بخرق التعهدات التي قطعتها على نفسها خلال مؤتمر برلين، بإرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق، لافتاً إلى رصد بلاده سفناً تركية في السواحل الليبية.

اقرأ أيضاً: العثمانية الجديدة وأحلام التوسع المستحيلة.. أيّ وهم يعيشه أردوغان؟

وتسعى فرنسا الآن إلى خلق اصطفاف أوروبي وتنحية الخلافات مع الجارة إيطاليا من أجل موقف واحد لمواجهة التدخل التركي في ليبيا، والذي يهدد المصالح الاستراتيجية الأوروبية ككل، وليس فرنسا فقط، ويضع غاز ليبيا في أيدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

 

 

كما يساور فرنسا قلق أكبر من أن تصبح تركيا المتحكم في "بوابة الهجرة" عبر المتوسط، ما يعني ابتزازاً تركياً إضافي للقارة الأوروبية، وفق صحيفة "الشرق الأوسط". وسبق واستخدمت تركيا حدودها مع اليونان لابتزاز أوروبا في ملف المهاجرين السوريين، كما عُدّت بوابة لنقل المتشددين إلى سوريا.

يتقاطع الملف الليبي مع عدة ملفات أخرى تعمق الخلافات بين فرنسا وتركيا، في مقدمتها شبهات دعم تركيا للإرهاب في القارة الأفريقية

وجاءت التصريحات الفرنسية في شأن ليبيا، عقب إرجاء زيارة لوزيري الدفاع والخارجية الروسيين؛ سيرغي شويغو وسيرغي لافروف إلى أنقرة، كان مقرر عقدها الأحد الماضي، للنقاش حول ليبيا، ما عدّه البعض توتراً بين الدولتين على صعيد الملف الليبي، في الوقت الذي تشهد فيه اتفاقيتهما حول إدلب في سوريا توتراً مماثلاً، وخرقاً لوقف إطلاق النيران.

وقالت صحيفة "العرب اللندنية" إنّ اصطفافاً جديداً يحدث على الساحة الليبية، بعدما قطعت فرنسا الطريق على تحالف تركي – روسي، حول سرت.

فيما أكد وزير الخارجية التركي مولود أوغلو أنّ المباحثات بين بلاده وروسيا مستمرة حول ليبيا على مستوى الخبراء، لافتاً إلى أنّ الدولتين تسعيان لوقف إطلاق النار.

ويتقاطع الملف الليبي مع عدة ملفات أخرى تعمق الخلافات بين فرنسا وتركيا، في مقدمتها شبهات دعم تركيا للإرهاب في القارة الأفريقية، ومحاولة أنقرة التمدد في أفريقيا ضمن السعي التركي لاستعادة نفوذ الإمبراطورية العثمانية، فيما تعد أفريقيا الساحة الرئيسية للنفوذ الفرنسي الخارجي.

وبدا الحراك الفرنسي في الملف الليبي، جزءاً من توجه فرنسي أشمل لتحجيم التواجد التركي في أفريقيا، بعدما أعلنت فرنسا الجمعة الماضي إطلاق تحالف دولي للقضاء على الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي بدعم الجيوش النظامية.

 

 

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، في تغريدة، الجمعة الماضي، "نعرب عن تصميمنا على العمل من أجل أمن وتنمية الساحل الأفريقي من خلال دعم جهود مجموعة الخمس".
كما يعد ملف الأكراد ضمن الملفات شديدة الحساسية بين أنقرة وباريس؛ إذ تتصدر فرنسا الآن دعم الأكراد بعدما تخلّت عنهم الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا لصالح تفاهمات مع تركيا. ويعد ملف الأكراد الأكثر إزعاجاً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي يعتبره تهديداً لأمن تركيا، فيما تتواصل أعمال قمعه صوبهم.

اقرأ أيضاً: ليبيا: متى تدرك حكومة الوفاق عواقب رهاناتها الخاسرة؟

كما يأتي ملف "غاز المتوسط" على قمة التوترات، في ظل سعي تركيا لفرض أمر واقع شرق المتوسط، والسيطرة على حقول النفط فيها، فيما يعد غاز المتوسط منهل رئيسي لفرنسا.

وسبق وطالبت فرنسا الانضمام إلى منتدى غاز شرق المتوسط والذي أُطلق في كانون الثاني (يناير) 2019، ويضم "مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية