تعثر المحادثات في فيينا: ما "القرارات الصعبة" المطلوبة من إيران؟

تعثر المحادثات في فيينا: ما "القرارات الصعبة" المطلوبة من إيران؟


05/07/2021

في ظل التسريبات، أو بالأحرى التلميحات الأخيرة الصادرة عن مسؤولين أمريكيين بخصوص مراجعة العقوبات الأمريكية على إيران، خاصة المفروضة على المرشد الإيراني، علي خامنئي، والتي تعتبرها طهران "إهانة" للنظام، فإنّ ثمة تقديرات أخرى تستبعد حدوث تنازلات جديدة من الإدارة الأمريكية والتي عمدت منذ وصولها إلى رفع بعض العقوبات، بهدف حلحلة أزمة الاتفاق النووي، والتعقيدات التي ترافق المسار التفاوضي في فيينا لإحياء الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

الاتفاق النووي يراوح مكانه

وبالتزامن مع الجولة السابعة من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، المتوقعة خلال الأسبوع الحالي، عاد الحديث، مجدداً، حول تحركات محتملة لجهة رفع العقوبات الأمريكية عن المرشد الإيراني، وسط تهديدات متبادلة من الطرفين بالانسحاب من المحادثات النووية.

 وكشفت قناة "إن بي سي" الأمريكية عن نية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن رفع العقوبات عن خامنئي، موضحة أنّ "المفاوضين الأمريكيين والإيرانيين بحثوا التحركات المحتملة في المحادثات غير المباشرة في فيينا كجزء من مجموعة أوسع من التنازلات التي من شأنها إعادة الأطراف المختلفة إلى اتفاق 2015 النووي، وأن تلتزم إيران مرة أخرى بالقيود المفروضة على برنامجها النووي".

ونقلت الشبكة الإخبارية الأمريكية عن متحدث باسم الخارجية الأمريكية، أنّ "الطبيعة الدقيقة للخطوات المتعلقة بالعقوبات وتتابعها، والتي يتعين على أمريكا اتخاذها لتحقيق عودة ثنائية إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة، هي موضوع المحادثات، بين واشنطن وطهران". وشدد على أنّه "لا اتفاق على أي شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء"، لكنه، في الوقت ذاته، ألمح إلى وجود مراجعة لملف العقوبات، وقال: "ما زلنا نعمل على كل هذه القضايا، وهذا يشمل قضايا العقوبات التي ذكرتموها".

الباحث المصري مصطفى صلاح لـ"حفريات": هناك تحول في الموقف الأمريكي، باتجاه التعامل مع إيران؛ حيث بدأت في التصعيد بعد تخفيض مستوى الصراع الذي بدأ مع ترامب

ويعقّب المحلل السياسي الإيراني مهيم سرخوس على ذلك، بأنّ الإدارة الأمريكية الديمقراطية بحاجة إلى الوصول لاتفاق نهائي وتام بخصوص "خطة العمل الشاملة المشتركة"، لمنع إيران من امتلاك القنلة النووية، وعليه؛ فنّ واشنطن، على ما يبدو، بصدد دراسة ملف العقوبات وتحديداً ما يتصل بالمرشد الإيراني نظراً لرمزية المسألة لدى النظام وليس لانعكاساتها أو تأثيراتها على الاقتصاد في طهران.

اقرأ أيضاً: المعارضة الإيرانية توجه رسالة إلى بايدن.. ماذا جاء فيها؟

 سرخوس أبلغ "حفريات" بأنه "رغم الضغوطات من بعض الأطراف التي تسعى لإحياء الاتفاق النووي؛ فإنّ التكتل الجمهوري، في الكونغرس، يتصدى لتحركات إدارة بايدن، وينتقدون رفع العقوبات التي فرضها ترامب، خاصة بعد مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في نهاية حزيران (يونيو) الماضي، رفع العقوبات".

رفع العقوبات عن طهران

وفي تقرير لمجلس الأمن، طالب غوتيريش إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن "تمديد الاستثناءات المرتبطة بالتجارة في النفط مع إيران وتجديد الاستثناءات كاملة لمشروعات منع الانتشار النووي"، وتابع: "أناشد الولايات المتحدة رفع أو استثناء عقوباتها المتضمنة في الخطة".

ومن جانبه، اعتبر المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، أنّ المفاوضات في فيينا بلغت مرحلة "يتعين فيها على الأطراف الأخرى أن تتخذ القرار"، في إشارة إلى إمكانية تعليق المحادثات وعدم الوصول إلى جولة سابعة، كما هو مقرر؛ وهو الأمر الذي يتفق واتجاهات التيار المحافظ القريب من المرشد، والذي يرى بتأجيل المفاوضات لحين الانتهاء من فترة ولاية الرئيس الإيراني حسن روحاني.

اقرأ أيضاً: أعضاء في الكونغرس: انفصام في سياسة بايدن ضد الميليشيات الموالية لإيران في العراق

وأضاف ربيعي: "تم التفاوض حول كل ما يجب طرحه على طاولة المفاوضات بين الطرفين. وجهة نظرنا واضحة تمام الوضوح لجميع الأطراف ونؤكد عليها"، واستدرك: "ما لم نتوصل لاتفاق حول كل الموضوعات التي على جدول أعمال المفاوضات، لن نتوصل لاتفاق عملي، وإذا تم التوافق على جميع القضايا يمكننا أن نتحدث عن تبلور اتفاق. ولقد اتخذنا قراراتنا وأعلناها، ننتظر الأطراف الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، لإعلان قراراتهم السياسية لكي نتمكن من التحدث على أساسها في الجولة المقبلة من المفاوضات".

سياسة "العصا والجزرة"

ويلفت الباحث المصري في العلوم السياسية، مصطفى صلاح، إلى أنّ ثمة تحولاً في الموقف الأمريكي، باتجاه التعامل مع إيران؛ حيث بدأت في التصعيد بعد تخفيض مستوى الصراع الذي بدأ مع الرئيس السابق دونالد ترامب، ووصل لذروته مع اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني بالعراق، مطلع العام الماضي، موضحاً لـ"حفريات" أنّ "تعثر المفاوضات والتي كشفت عن تعقيدات جمة تحول دون الوصول لاتفاق مع القوى الكبرى، ومن بينها الإصرار على رفع كافة العقوبات أولاً، ثم مراوغات طهران المستمرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنع مفتشيها من الوصول للمواقع والمنشآت النووية، دفع إدارة بايدن نحو تنفيذ مجموعة من الخطوات التصعيدية مثل ضرب المواقع العسكرية التابعة للميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق".

بيد أنّ الباحث المصري في العلوم السياسية، يؤكد أنّ إدارة بايدن تواجه انتقادات عنيفة من الجمهوريين، حيث نفى نائب رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس الأمريكي، السيناتور الجمهوري، ماركو روبيو، وجود مبررات لتخفيف الضغط عن طهران، بأي حال من الأحوال، وقال: "‏لا مبرر حالياً لتخفيف العقوبات على خامنئي ونظامه الوحشي الراعي للإرهاب. نظام طهران يستمر في تهديد القوات الأميركية ومصالح أمننا القومي".

مناورات السياسة الإيرانية إلى أين؟

اللافت أنّه مع الجولة السادسة للمحادثات النووية في فيينا، قامت وزارة الخزانة الأمريكية بإلغاء مجموعة هائلة من العقوبات المفروضة على عدد من كبار المسؤولين السابقين في شركة النفط الوطنية الإيرانية، بالإضافة إلى الشركات المشاركة في شحن وتجارة المنتجات البتروكيماوية، بحسب صلاح، لكنها، في المقابل، أدرجت مجموعة من الأفراد والشركات المتورطين في تمويل الحوثي في اليمن على لائحة العقوبات الأمريكية، حيث تستخدم "العصا الجزرة"، طوال الوقت.

مع الجولة السادسة للمحادثات النووية في فيينا، قامت وزارة الخزانة الأمريكية بإلغاء مجموعة هائلة من العقوبات المفروضة على عدد من كبار المسؤولين السابقين الإيرانيين

وإلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان رسمي، نهاية الأسبوع الماضي، إنّ "طهران لم تخرج من الاتفاق لتعود إليه، بل على واشنطن العودة إلى الاتفاق ورفع عقوباتها"، وتابعت: "إيران أبقت الاتفاق حياً على الرغم من الانسحاب الأمريكي منه وعدم التزام الأوروبيين".

ولفت البيان إلى أنّ "إيران مستعدة للتراجع عن خطواتها في تقليص التعهدات شرط تنفيذ واشنطن التزاماتها. واستمرار الاتفاق النووي ممكن في حال اتخاذ واشنطن قرار تنفيذ التزاماتها". كما حث كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، القوى الكبرى المشاركة في الاتفاق النووي بـ"اتخاذ القرارات الصعبة" في ما يتصل بالأمور التي تم الاتفاق عليها بالمفاوضات في فيينا، وقال: "لقد أجرينا، حتى الآن، ست جولات من المفاوضات مع مجموعة 4+1. واقتربنا من المرحلة الأخيرة".

وبحسب وكالة "إيسنا" الإيرانية، فقد نقلت عن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي، النائب محمد عباس مشكيني، أنّ "أعضاء لجنة الأمن القومي، غير راضين تماماً عن تقرير السيد عراقجي حول عملية التفاوض"، وشددوا على ضرورة التأكد من "رفع العقوبات، بحسب توصيات المرشد الإيراني وقرارات البرلمان".

وأردف المتحدث باسم لجنة الأمن القومي: "مقاومة الجانب الغربي خصوصاً الأمريكيين لعدم تقديم ضمانات والعمل بالتزاماتهم بالكامل، تثير الشكوك. وبطبيعة الحال، إذا تهيأت ظروف رفع العقوبات البرلمان لن يقبل حتى بتأخير يوم واحد".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية