تقارير دولية: الحريات غائبة في تركيا والقضاء منحاز ومسيس

تقارير دولية: الحريات غائبة في تركيا والقضاء منحاز ومسيس


01/10/2020

تواصل حكومة "العدالة والتنمية" برئاسة رجب طيب أردوغان ممارساتها التضييقية على الشعب التركي، وذلك بالتنكيل والانتهاكات المستمرة، سواء بالقتل أو الاعتقالات أو الفصل التعسفي من الوظائف، بسبب معارضتهم للنظام الحاكم في تركيا، أو بسبب آرائهم السياسية أو توجهاتهم الحزبية.

تلك الممارسات لنظام أردوغان لقيت إدانات وانتقادات واسعة من المجتمع الدولي، ما دفع البعض للقول: إنّ ما يحدث في تركيا "يجعل حقوق الإنسان كلمة لا وجود لها في ظل نظام أردوغان".

 

أنقرة تتصدر قائمة الدول التي يتعرّض شعبها لانتهاك حقوق الإنسان، حيث ازدادت الانتهاكات العام الماضي بنسبة 20% عن العام الذي سبقه

 

فقد تصدّرت تركيا قائمة الدول التي يتعرض شعبها لانتهاك حقوق الإنسان؛ حيث ازدادت الانتهاكات العام الماضي بنسبة 20% عن العام الذي سبقه، وجاءت تركيا في المرتبة الرابعة من حيث عدد الملفات الخاصة بالانتهاكات. 

وتسعى السلطات التركية إلى تفنيد تصريحات المعارضين بهذا الخصوص، وتكذيب تقارير إعلامية تطرّقت إلى المأساة الحقوقية للأتراك، منذ محاولة الانقلاب المزعومة قبل سنوات، إلا أنّ الحجج والبراهين ما تنفك بدورها تفند أقوال أردوغان وحاشيته.

وتشير إحصاءات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، نشرت نهاية شهر آب (أغسطس) الماضي، إلى انتهاك تركيا المادة العاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الخاصة بحماية حرية الفكر والتعبير عن الرأي خلال 40 دعوى قضائية.

 

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تشير إلى انتهاك تركيا لاتفاقية حقوق الإنسان الخاصة بحماية حرية الفكر والتعبير وبحقّ المحاكمة العادلة

 

وفيما يخصّ انتهاك بنود مختلفة من المادة السادسة المتعلقة بحقّ المحاكمة العادلة، احتلت تركيا المرتبة الثانية بواقع 53 إدانة، كما تصدّرت تركيا القائمة من حيث انتهاك مواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، داعية تركيا إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان، ودولة القانون. 

وفي بيان صادر عنه يوم 28 آب (أغسطس) الماضي، نقله الموقع الإلكتروني لصحيفة "سوزجو"، قال الاتحاد الأوروبي: "ندعو تركيا إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان ودولة القانون".

اقرأ أيضاً: تركيا الأسيرة في عهد أردوغان: تقييد الحريات والمتاجرة بالشعارات الدينية

كما أكد أنّ "احترام حقوق الإنسان ودولة القانون جوهر العلاقة مع تركيا"، معرباً عن انتقاده الشديد لانحياز القضاء التركي، ووصفه بـ"المسيّس".

وصدر مؤخراً أيضاً تقرير أمريكي لحقوق الإنسان، نشرته شبكة "سي إن إن"، استعرض لمحة من انتهاكات أنقرة بطرد الآلاف من أفراد الشرطة والعسكريين بحجّة الإرهاب، وباستخدام مراسيم حالة الطوارئ وقوانين مكافحة الإرهاب الجديدة، كجزء من ردها على محاولة الانقلاب.

وفي سياق متصل، أشارت تقارير للمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى استمرار عمليات التعذيب وسوء المعاملة والمعاملة القاسية وغير الإنسانية والمهينة في مقرات الشرطة والسجون التركية، فضلاً عن عدم وجود أي تحقيق ذي معنى، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس" مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي.

وفي الإطار ذاته، قالت الخارجية الألمانية: إنّ حرّية التعبير عن الرأي لم تعد فعالة داخل تركيا، وإنّ القضاء مسيّس ومنحاز.

اقرأ أيضاً: لجنة أمريكية تتهم تركيا بانتهاكات الحريات الدينية لهذه الأسباب

وأضافت في تقرير بعنوان "وضع اللجوء والترحيل": "على الرغم من أنّ الدستور التركي يضمن حرّية التعبير عن الرأي والصحافة، غير أنه من الناحية العملية تمّ إلغاء هذه الحقوق داخل البلاد على نطاق واسع، مفيداً أنّ الصحافة المكتوبة والمرئية أصبحت بأكملها منحازة لطرف واحد.

 

تقرير أمريكي لحقوق الإنسان استعرض لمحة عن انتهاكات أنقرة بطرد الآلاف من أفراد الشرطة والعسكريين بحجة الإرهاب

 

ويحمل التقرير تاريخ 24 آب (أغسطس) الماضي، ويتألف من 31 صفحة، يتناول خلالها الوضع في تركيا خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي.

وأوضح التقرير الذي نشرته وكالة الأنباء الألمانية (DPA) أنّ الاشتراك في مؤسسات إعلامية بعينها واستخدام بعض البنوك أو تطبيقات هاتفية ما، تُعدّ أدلة كافية لتصنيف المرء عضواً بحركة الخدمة التي تتهمها أنقرة، بلا أدلة واضحة، بتدبير انقلاب عام 2016، وأنّ الشخص الذي يتمّ تصنيفه هكذا يخضع للملاحقة القضائية.

اقرأ أيضاً: تقرير الحريات الدينية الأمريكي: إيران الأسوأ عالمياً

وذكر التقرير أيضاً أنّ السلطات التركية تراقب معارضيها بالخارج، وخصوصاً من تعتقد أنهم ينتمون لحركة الخدمة وتنظيم حزب العمال الكردستاني، كما تراقب أنشطة الجمعيات التركية المسجلة داخل ألمانيا، منوّهاً بأنّ القضاء التركي يوجه تهمة الإرهاب للأفراد بكل سهولة ويسر، وأنه قد يتمّ اعتبار انتقاد النهج الذي تتبعه قوات الأمن التركية في جنوب شرق البلاد (طريقة مكافحة عناصر العمال الكردستاني) بمثابة ترويج للإرهاب.

وأضاف التقرير أنّ القضاء التركي إمّا أنه معطّل، وإمّا أنه تحت تصرف السلطة السياسية.

وأكد التقرير أنّ قطاعات واسعة من القضاء التركي أصبحت غير فاعلة وتخضع لتصرف السلطة السياسية، مشيراً إلى فصل السلطات التركية القضاة الذين يتخذون قرارات مثيرة أو معارضة لوجهات نظر الحكومة أو نقلهم إلى مكان آخر، بينما يقوم البعض الآخر من القضاة بإصدار أحكام لصالح السلطة السياسية.

 

المفوضية السامية لحقوق الإنسان: استمرار عمليات التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية والمهينة في مقرات الشرطة والسجون التركية

 

من جهته، أعدّ نائب حزب الشعب الجمهوري التركي عن مدينة إسطنبول، سازجين تانريكولو، تقريراً في كانون الثاني (يناير) الماضي بعنوان "حطام انتهاكات حزب العدالة والتنمية للحقوق"، يفضح فيه انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة من 2002 إلى 2019 في ظل نظام الرئيس رجب طيب أردوغان.

وأكد التقرير انتهاك حياة المواطنين لعدّة أسباب منها: "الإعدام دون محاكمة، وعدم الامتثال لتحذيرات التوقف، وفتح النيران عشوائياً، وجرائم ضد مجهول، وهجوم المنظمات غير القانونية"، ونتيجة لذلك فقد 41 ألفاً و694 شخصاً حياتهم في آخر 17 عاماً في تركيا، من بينهم 875 طفلاً.

اقرأ أيضاً: أردوغان يواصل قمع الحريات واستهداف الحقوقيين في تركيا.. ما الجديد؟

وعلى الرغم من أنه حتى عام 2011 لم تكن هناك دراسة كافية حول الانتهاكات، لكن اعتباراً من هذا التاريخ ثبت انتهاكات لحقوق الإنسان، وخاصة انتهاكات حقوق الطفل، ففي 2011 توفي 815 طفلاً، وفي 2012 توفي 606 أطفال، ووصل العدد في 2013 إلى 633 طفلاً، وفي 2014 وصل إلى 627، وفي 2015 بلغ 875، بينما في 2016 قلّ هذا العدد بسبب إغلاق المؤسسات التي تصدر هذه البيانات بموجب مراسيم القانون، وتوفي 242 طفلاً، وفي 2017 توفي 138، بينما في 2018 توفي 88 طفلاً، وفي 2019 توفي 80

.

وذكر التقرير أنه في الفترة من 2002 إلى 2019 تمّ ارتكاب 59 جريمة كراهية، وبحسب المعلومات التي تمّ الوصول إليها بداية من 2008، فقد 367 جندياً حياتهم، وفي الفترة نفسها تعرّض 23 ألفاً و959 شخصاً للتعذيب، وأكبر حملة تعذيب حدثت في 2015 في الهجوم التفجيري الذي شنته داعش في فترة الانتخابات، وقد تمّ تعذيب 5 آلاف و671 شخصاً، كما تمّ اعتقال 721 صحفياً، وما زال يوجد 199 صحفياً في السجون، وأكثر عام تمّ فيه اعتقال الصحفيين هو 2017، حيث تمّ اعتقال 206.

 

الخارجية الألمانية: حرية التعبير عن الرأي لم تعد فعالة داخل تركيا، والقضاء مسيّس ومنحاز

 

يشار إلى أنه منذ انقلاب عام 2016 أغلقت الحكومة العديد من وسائل الإعلام غير الموالية لحزب العدالة والتنمية، ومن بينها صحيفة (زمان) ووكالة (جيهان)، واعتقلت عشرات الصحفيين والمذيعين، حتى صنفت التقارير الدولية تركيا بأنها أكبر سجن للصحفيين في العالم، وأنّ الحكومة تقمع حرّية الصحافة.

وبعد الانقلاب المزعوم، قادت السلطات التركية حملة مسعورة، حيث فصلت 130 ألف موظف مدني من عملهم، كما اعتقلت نحو 80 ألف مواطن، وأغلقت أكثر من 1500 منظمة غير حكومية.

اقرأ أيضاً: تقارير الحريات حول تركيا: كيف تجتمع الديمقراطية والاستبداد؟

أمّا التهمة، فتكاد تكون نفسها مع تغيير بسيط قد يشمل تفاصيل معينة وفق الشخص المستهدف، وهي الإرهاب، وحين يذكر الإرهاب في تركيا، فذلك يعني آلياً أحد أمرين: إمّا إلصاق تهمة الانتماء لـ"منظمة فتح الله غولن"، الداعية ورفيق أردوغان سابقاً، والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب، وإمّا الانتماء إلى حزب العمال الكردستاني، الذي تسمّيه أنقرة "منظمة بي كا كا"، وتصنفه تنظيماً إرهابياً.

ملف حقوق الإنسان في تركيا يشكّل إحدى العقبات الرئيسية أمام انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، حيث إنّ الخروقات الجسيمة المسجلة بهذا الصدد بدّدت آخر آمال أنقرة بالانضمام للتكتل الأوروبي، خاصة مع تأكيد البعض أنّ حقوق الإنسان لا وجود لها في تركيا في ظلّ نظام الرئيس رجب طيب أردوغان.

اقرأ أيضاً: الإسلام السياسي التركي.. انتهاكات للحريات وحقوق الإنسان

وفي الواقع، زادت حدة المعارضة داخل الاتحاد الأوروبي لعضوية تركيا جرّاء الحملات والانتهاكات ضد المعارضين وجميع منتقدي النظام، وفي ظلّ مخاوف جدّية من أنّ تركيا تسير نحو حكم الرجل الواحد.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية