تقرير: لهذه الأسباب توجه تنظيم داعش إلى أفريقيا

تقرير: لهذه الأسباب توجه تنظيم داعش إلى أفريقيا


28/03/2022

تصاعدت معضلة الإرهاب ذي المرجعية الإسلاموية الراديكالية مؤخراً في منطقة "وسط أفريقيا"، لا سيّما جمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية الكونغو برازافيل، التي تزايد ارتباطها بمواد التغطية الإخبارية عن التنظيمات المتطرفة.

وبعد الهزائم التي مُني بها طوال الأعوام الماضية في دول الشرق الأوسط، توجه تنظيم داعش الإرهابي إلى القارة السمراء، معتمداً على قوة الميليشيات المسلحة، والهشاشة الأمنية، والجغرافيا المتداخلة بين الدول.

يعتمد تنظيم داعش الإرهابي على الولايات الأفريقية لهدفين؛ أحدهما الإعلام للترويج لاستمرار قوته، والثاني التمويلات اللازمة لتنفيذ العمليات واستقطاب العناصر

ويعتمد تنظيم داعش الإرهابي الذي يمرّ بمرحلة جديدة في عمره الحركي، وذلك على إثر تولي قيادة جديدة له، على الولايات الأفريقية على أساسين؛ أحدهما الإعلام للترويج لاستمرار قوته، والثاني التمويلات اللازمة لتنفيذ العمليات العسكرية واستقطاب عناصر جديدة للتنظيم.

ووفقاً لتقرير مركز "المرجع" للدراسات والأبحاث الاستشرافية حول الإسلام الحركي، فإنّ "داعش" وجد في ولايته المزعومة بوسط أفريقيا متغيراً فاعلاً في استراتيجيته نحو الاستحواذ على الأضواء الإعلامية، كدلائل على وجوده سياسياً وحركياً، مستغلاً الهشاشة الأمنية والمجتمعية للمنطقة.

يستحوذ الملف الإعلامي على مكانة خاصة لدى "داعش"، فمنذ ظهور التنظيم على الساحة الدولية يهتم بوسائل الإعلام سواء عبر امتلاك منصات خاصة به، تنطلق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو الاهتمام بتوجيه رسائل مباشرة وغير مباشرة لوسائل الإعلام الغربية والعربية.

تنظيم داعش وجد في ولايته المزعومة بوسط أفريقيا متغيراً فاعلاً في استراتيجيته نحو الاستحواذ على الأضواء الإعلامية، مستغلاً الهشاشة الأمنية والمجتمعية

ويبقى تنفيذ الهجمات العنيفة الكبرى وقدرتها على حصد أكبر عدد من الأرواح أهم متغير في السلسلة الإعلامية، إذ يعتمد التنظيم على تلك الهجمات لجذب الأنظار إليه وتحريك الإعلام، وكذلك الحكومات والجهات السياسية لاستفزازها، سواء لاستهلاك قوتها في حالة الضعف، أو التوظيف في قتال بالوكالة في حالة القوة، إلى جانب المقايضة على مواطنيهم الأسرى أو استثماراتهم المهددة.

وقال مركز "المرجع" في تقرير له نشره عبر موقعه الإلكتروني: "تبدو منطقة وسط أفريقيا أكثر تناسباً لهذه الأهداف المعقدة لتنظيم "داعش"، إذ تعاني من الهشاشة الأمنية لقواتها وقدراتها العسكرية، فضلاً عن النزاعات السياسية التي تُعدّ من أهم العوامل في اجتذاب الإرهاب لبقعة جغرافية محددة، والصراعات الطائفية والعرقية المهددة لتماسك المجتمع، فضلاً عن الثروات الثمينة التي تطمع فيها الجماعات الإرهابية لتمويل احتياجاتها المعيشية والقتالية، مع التوظيف كأداة للدول الكبرى الطامعة في هذه المقدرات.

وتعاني جمهورية أفريقيا الوسطى، على سبيل المثال، من صراعات سياسية بلغت ذروتها منذ 2012 على خلفية صراعات مسلحة مع جماعة "سيليكا"، أدت لهروب الرئيس فرانسوا بوزيزي، وإعلان تنصيب زعيمها رئيساً للبلاد، وفي الكونغو الديمقراطية تنشغل البلاد بصراعات سياسية وطائفية تمزق استقرارها، بتحلفات بايعت التنظيم الإرهابي بشكل صريح، وأصبح هو مرجعيتها.

وتتميز منطقة وسط أفريقيا بثروات طبيعية تُعدّ مطمعاً للقوى الكبرى والإجرامية، إذ تُشكل "المناجم" والثروات المعدنية بمواردها الهائلة، وكنوزها المدفونة، المتغير الأهم، والبوابة الدافعة لاستقطاب مزيد من الجماعات الإرهابية للمنطقة، وخاصة في ظلّ إعادة تعديل التموضع الجغرافي لعناصر "داعش" في الشرق الأوسط.

تتميز منطقة وسط أفريقيا بثروات طبيعية، إذ تُشكل "المناجم" الكنوز المدفونة، المتغير الأهم، والبوابة الدافعة لاستقطاب مزيد من الجماعات الإرهابية

وتصنف جمهورية أفريقيا الوسطى بالمركز (14) دوليّاً من حيث إنتاج الألماس، وذلك وفقاً للمجلة البريطانية للتعدين (AZO mining) في تشرين الأول (أكتوبر) 2012،   وتتميز بامتلاكها مناجم للذهب الخام، وتستثمر به كبرى الشركات الكندية.

وتمتلك جمهورية الكونغو الديمقراطية 60% من الإنتاج العالمي لخام الكوبالت، مع احتياطات مرتفعة من الألماس والذهب والنحاس، وتتميز جمهورية الكونغو برازافيل بتصدير الحديد واحتياطيات الذهب.

لهذا وجد تنظيم داعش في الزحف إلى تلك المنطقة كنزاً حقيقياً، ففي 9 نيسان (أبريل) 2019 تبنّى داعش أول عملية إرهابية له في الكونغو الديمقراطية ضد حاجز أمني في شرق البلاد ممّا أدى إلى مقتل (8) جنود، وكان ذلك بمثابة إعلان عن ولادة فرع التنظيم بالمنطقة.

وتُعدّ جمهورية موزمبيق من أبرز البقاع الجغرافية لداعش في شرق أفريقيا، إذ استطاع التنظيم التمدد بداخلها محققاً شبه سيطرة على إقليم كابو ديلجاو بشمال البلاد.

وتحقق تلك المنطقة طموح داعش في السيطرة على الثروات الطبيعية عبر تهديد العمل في مناطق التنقيب عن الغاز وتعطيل استثمارات الشركات الكبرى كتوتال الفرنسية والمساهمات الروسية، كما يتميز شمال شرق موزمبيق بمناطق ساحلية تُعدّ مصدراً للدخل القومي عبر السياحة، ولكنّ تنظيم داعش يستهدف منتجعاتها بهجمات عنيفة ويهدد السائحين، ممّا أثر على الاقتصاد، وأدى إلى نزوح السكان إلى مناطق أكثر أماناً.

وكان الزعيم المقتول لتنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي قد أعلن في نيسان (أبريل) 2019 عن تأسيس ولاية جديدة سمّاها "ولاية وسط أفريقيا"، تقوم بعملياتها في جمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق، تجسيداً لزحفها المتواصل نحو مناطق جديدة.

ولا يخفى أنّ هذا التمدد الإرهابي لتنظيم داعش، وتزايد الجماعات الموالية له في جميع أنحاء أفريقيا، قد يُعقّد من جهود التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، فضلاً عن استقطاب وتجنيد أعداد متزايدة من المقاتلين الأجانب من الإقليم وما وراءه، بسبب جاذبية الخطاب الجهادي العنيف، في ظلّ بيئة أمنية مضطربة، وهو ما يهدد الاستقرار الإقليمي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية