تهديدات إيران في الخليج: سياسة حافة الهاوية لإخافة بايدن

تهديدات إيران في الخليج: سياسة حافة الهاوية لإخافة بايدن


17/01/2021

تعمد إيران، مؤخراً، وبالتحديد إثر انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى تكثيف خروقاتها لبنود الاتفاق النووي، والتصعيد بشأن هذا الملفّ، الأكثر تعقيداً مع واشنطن، حيث قامت بالإعلان عن رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى نحو 20%، ثمّ التهديد بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما رآه مراقبون بمثابة تنفيذ لـ "سياسة الانتظار"، بحسب توصيف معهد واشنطن؛ إذ إنّ موقف طهران يعني أنّ "الاتفاق النووي ظلّ قائماً بانتظار عودة رئيس مستقبلي، للنظر فيه مرة ثانية، وأنّ الدول الأخرى كانت أكثر تركيزاً على الحفاظ على الوضع الراهن، بدلاً من الانضمام إلى الولايات المتحدة في معاقبة إيران".

حيلة إيران الأخيرة

يشير الباحث المتخصص في الشأن الإيراني بالمعهد الأمريكي، مايكل سينغ، إلى أنّ الهدف الرئيس لإيران من تجاوزاتها بخصوص الملفّ النوويّ، طوال الوقت، كان غير مؤكّد؛ فهي "ربما تحاول تعزيز نفوذها قبل المفاوضات المحتملة، أو ربما تسعى لتخويف الولايات المتحدة، كي تخفّف من حدّة العقوبات، وتتمكن من العودة إلى اتّباع سياسة الانتظار (حتى انتهاء فترة ولاية ترامب)، ويعلم مسؤولو النظام أنّ القادة الغربيين قلقون من نتيجتين في الخليج، هما: تطوير إيران لسلاح نووي أو حرب مع إيران، ومن خلال جعل إحدى النتيجتين، أو كلتيهما، تبدوان أكثر ترجيحاً، تأمل إيران، على ما يبدو، في إرغام القادة الأمريكيين والأوروبيين على إعادة النظر في سياساتهم، والبحث عن مخرج للأزمة المتصاعدة".

وعندما يتعلق الأمر بانتهاكات الاتفاق النووي، يأمل المسؤولون الأمريكيون، بغضّ النظر عن وجهة نظرهم بشأن الزوال المحتمل للاتفاق، أن تؤدي الإجراءات الإيرانية إلى إدانات من قبل الأطراف الأخرى الموقّعة على "خطة العمل الشاملة المشتركة"، والشركاء ذوي الآراء المشابهة، حسبما يوضح الباحث معهد واشنطن، بيد أنّ "العديد من الدول دانت، حتى الآن، الانتهاكات الإيرانية، إلا أنّها أرجأت أيّة عقوبة بموجب "خطة العمل الشاملة المشتركة"، ناهيك عن بذل أيّ جهود للتخلي عن الاتفاق بذاته، أو الردّ بقسوة من خلال فرض عقوبات متعددة الأطراف".

سياسة الهاوية الإيرانية

وفي ظلّ تنامي التوترات بين واشنطن وطهران، أعلنت الأخيرة، قبل أيام قليلة، قيام الجيش بمناورات بحرية بالصواريخ قصيرة المدى في الخليج، وقد بدأت منذ الأربعاء الماضي، ومستمرة ليومين آخرَين؛ إذ تشارك في التدريبات السفينة الحربية "مكران"، محلية الصنع، كما تضمّ منصة لطائرات الهليكوبتر، وكذا سفينة الصواريخ "زره"، حسبما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء.

الاتحاد الأوروبي طالب بضرورة تراجع إيران عن تخصيب اليورانيوم، بنسبة 20 في المئة، وإعطاء الدبلوماسية الدولية فرصة لإنقاذ الاتفاق النووي

ووصف محللون وسياسيون غربيون الصواريخ الإيرانية بأنّها تمثل "تهديداً عسكرياً تقليدياً للاستقرار الإقليمي"، فضلاً عن كونها وسيلة محتملة لحمل الأسلحة النووية إذا طوّرتها طهران.

وبالتزامن مع التحركات الميدانية الإيرانية في الخليج، وتصعيدها العسكري، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة على 3 أفراد و16 كياناً، مرتبطين بالمرشد الإيراني، علي خامنئي.

اقرأ أيضاً: هل ربطت واشنطن الصراع اليمني بالبرنامج النووي الإيراني؟

وخضعت منظمتان إلى العقوبات الأمريكية، حسبما ذكر وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، وقال إنّهما "منظمتان تمكنان النخبة الإيرانية من الاستمرار في نظام الملكية الفاسد بقطاعات كبيرة من الاقتصاد الإيراني".

وفي غضون ذلك، كشفت الحكومة في طهران "خفض مستوى تعاونها" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك فيما يتّصل بمهام التفتيش التي يقوم بها مراقبون أمميون، وذلك في حال لم ترفع واشنطن عقوباتها؛ إذ أقرّ البرلمان الإيراني، نهاية العام الماضي، قانوناً ينصّ على طرد المفتشين الدوليين.

اقرأ أيضاً: هل تدخل إيران النادي النووي؟

وعلّق على ذلك، وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بأنّ تهديدات طهران "تذهب إلى ما هو أبعد من انتهاك الاتفاق النووي"، وقال إنّ إيران "لديها التزام قانوني بموجب المعاهدة للسماح لمفتشي الوكالة الدولية بالوصول، وفقاً لاتفاقية الضمانات الإيرانية التي تتطلبها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية".

بين المفاوضات والتهديدات

وتابع وزير الخارجية الأمريكي: "البرلمان الإيراني كان قد أقرّ، في كانون الأول (ديسمبر)، قانوناً يطالب بطرد المفتشين الدوليين النوويين، ما لم ترفع جميع العقوبات، وهو ما كرره عضو في القيادة البرلمانية، ما يثبت أنّ المجتمع الدولي كلّه، وليس فقط الولايات المتحدة، عليه التزامات لإجبار إيران على الامتثال لالتزاماتها".

اقرأ أيضاً: إيران تواصل "الابتزاز النووي" وتتحدى بايدن

وشدّد بومبيو على أنّ "سياسة حافة الهاوية التي تتبعها إيران لن تعزز موقفها، بل ستؤدي بدلاً من ذلك إلى مزيد من العزلة والضغط"، مضيفاً: "هذا التهديد الأخير يأتي في أعقاب إعلان النظام الإيراني، أنّه استأنف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة في منشأة فردو، المحصنة تحت الأرض، والتي شيّدتها إيران في الأصل سرّاً، وهو ما يمثّل انتهاكاً إضافياً لاتفاقها النووي".

ومن جانبه، طالب الاتحاد الأوروبي بضرورة "تراجع إيران عن تخصيب اليورانيوم، بنسبة 20 في المئة، وإعطاء الدبلوماسية الدولية فرصة لإنقاذ الاتفاق النووي"، بيد أنّ الناطق باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، قال: "سنخفض مستوى من التفتيش، لكنّ أصل تفتيش الوكالة سيبقى على ما هو عليه، لأنّ عدم وجوده سيعني الخروج من اتفاقية حظر الانتشار".

الباحث المصري د. سامح مهدي لـ"حفريات": إيران تمهد لاستكمال سياستها التقليدية، للضغط على إدارة بايدن، لإنّها تدرك أنّ الأمور تجاوزت الاتفاق النووي

وفي حديثه لـ "حفريات"؛ يوضح الباحث المصري في العلوم السياسية الدكتور سامح مهدي؛ أنّ إيران تمهد لاستكمال سياستها التقليدية، للضغط على إدارة الرئيس المنتخب، جو بايدن، حيث إنّها تدرك جيداً أنّ الأمور قد تجاوزت الاتفاق النووي إلى ما هو أعقد من ذلك، والمتمثل في سلوكها العدائي بعدد من مناطق النزاع بالدول العربية، وكذا انخراطها في الصراعات الإقليمية، ثم تهديداتها المستمرة بالخليج، وتضاف إلى ذلك مخاطر الصواريخ الإيرانية والباليستية.

ما وراء إنتاج يورانيوم معدني؟

وإلى ذلك، فقد أبلغت الحكومة الإيرانية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنّها شرعت في أنشطة إنتاج وقود اليورانيوم المعدني لمفاعل أبحاث في طهران، وذلك في أعقاب إعلانها رفع مستوى نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20%، في مخالفة لبنود الاتفاق النووي، وعليه؛ قال مبعوث إيران الدائم لدى الوكالة الدولية، كاظم غريب آبادي، إنّ بلاده "بدأت في أنشطة البحث والتوسع بغية تشكيل نوع متقدّم من وقود اليورانيوم لمفاعلها البحثي في طهران".

الباحث المصري في العلوم السياسية الدكتور سامح مهدي

وغرّد آبادي، عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "إيران قدمت معلومات عن الخطوة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وفي بيان رسمي، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية: "أبلغ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، الدول الأعضاء في الوكالة بالتطورات الأخيرة المتعلقة بخطط إيران لإجراء أنشطة البحث والتطوير بخصوص إنتاج يورانيوم معدني، في إطار هدفها المعلن لتصميم نوع مطور من الوقود لمفاعل الأبحاث في طهران".

اقرأ أيضاً: تجليات الصراع السياسي بين أجنحة النظام الإيراني حول الاتفاق النووي

ويلفت مهدي إلى وجود تقارير، كشفتها مصادر صحفية أجنبية، تفيد بأنّ "الحكومة في إيران بصدد إنتاج يورانيوم معدني من اليورانيوم الطبيعي، تمهيداً لتدشين عملية تخصيب، بمعدل نقاء 20 في المئة، وذلك لتوفير الوقود اللازم لمفاعل طهران للأبحاث".

يتفق والرأي ذاته، ما كشف عنه المعهد الدولي للعلوم والأمن، من أنّ طهران "تجري حديثاً حفر ثلاثة أنفاق في جبل بالقرب من منشأة نطنز النووية"، بحسب صور رصدتها الأقمار الصناعية، مطلع العام الحالي".

اقرأ أيضاً: "رجل الظل".. من هو العالم النووي الذي اغتيل في إيران؟

وقد ذكر المعهد الدولي؛ أنّ السلطات الإيرانية "تبني منشآت جديدة تحت الجبل لتسريع عمليات تخصيب اليورانيوم"، وأضاف: "أعمال البناء شملت موقعاً للدعم الهندسي المستقبلي، وثلاثة أنفاق مرتبطة بخطوط الطاقة الكهربائية، وأسست مكاتب إدارية وهندسية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية