تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي

تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي


10/02/2022

"شكون قتل شكري؟"(مَن قتل شكري؟)، سؤال ظلّ يهتف به التونسيون المحسوب أغلبهم على اليساريين خلال السنوات التسع الماضية، أي منذ اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد رمياً بالرصاص في شباط (فبراير) 2013، وهتفوا أيضاً في عدّة مناسبات مطالبين بحلّ المجلس الأعلى للقضاء؛ بسبب تعثّر المسار القضائي طيلة السنوات الماضية، في كشف حقيقة الاغتيال.

اقرأ أيضاً: "النهضة" في مرمى نيران هيئة الدفاع عن بلعيد... العويني: الإخوان يتجسسون على التونسيين

سؤال أجابت عنه هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بمناسبة الذكرى التاسعة لاغتيال الأول، تحت عنوان "الجهاز السري المالي لراشد الغنوشي والسقوط المدوّي للحماية القضائية"، مؤكّدة وجود وثائق تكشف تورّط زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، وبعض من مساعديه، من داخل الحركة ومن خارجها، في الاعتداء على أمن البلاد والتخابر مع "جهات أجنبية".

يذكر أنّ جريمة اغتيال أخرى بشعة أعقبت عملية اغتيال بلعيد بالأسلوب نفسه، طالت المناضل القومي محمد البراهمي.

الغنوشي متورّط

وقالت هيئة الدفاع عن الشهيدَين، خلال مؤتمر صحفي انعقد الأربعاء 09 شباط (فبراير)، بمناسبة الذكرى التاسعة لاغتيال بلعيد؛ إنّ لديها وثائق تكشف تورّط رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، بـ "التخابر مع جهات أجنبية".

معطيات خطيرة حول تورّط الغنوشي والنهضة في اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي

كما لفتت الهيئة إلى وجود وثائق أيضاً تورّط الغنوشي بالاعتداء على أمن الدولة التونسية، متهمة إياه بتبييض الأموال، برفقة ابنه معاذ، إضافة إلى وجود جهاز سرّي ماليّ يتعلق برئيس النهضة.

وكشفت الهيئة تلقّي الغنوشي أموالاً ضخمة من الديوان الأميري في قطر، نقداً، كانت تصله عبر مطار تونس قرطاج عندما كان علي العريض في الحكم.

كشفت هيئة الدفاع عن الشهيدين تلقّي الغنوشي أموالاً ضخمة من الديوان الأميري في قطر، كانت تصله عبر مطار تونس قرطاج عندما كان علي العريض في الحكم

وذكرت الهيئة أنّ هذه الأموال استُخدمت في تمويل عمليات تسفير الشباب للالتحاق بمعسكرات داعش في ليبيا وسوريا، لافتةً إلى أنّها قدمت شكاية جزائية أمام المحكمة العسكرية الدائمة لتونس ضدّ الغنوشي، منذ شهر، بتهمة وضع النفس على ذمة دولة أجنبية والتجسس على تونس والاعتداء على أمنها الداخلي، إلى جانب شكاية ضدّ ابنه معاذ، وضدّ بشير العكرمي وقيادات أمنية متورطة في التستر على التدفقات المالية المشبوهة.

وأوضح رضا الردواي، عضو هيئة الدفاع في القضية، خلال المؤتمر الصحفي بالعاصمة أمس الأربعاء؛ أنّ رئيس الحركة هو محلّ بحث أمام المحكمة العسكرية إلى جانب قضاة، من بينهم وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي، ومسؤولون في وزارة الداخلية، على خلفية جرائم ارتكبها "تتعلق بالخيانة والتجسس ووضع النفس على ذمة دول أجنبية واستخلاص مبالغ مالية لقاء ذلك".

اقرأ أيضاً: تونس: بودربالة يدعو القضاء النزيه إلى التقاط مجهودات هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي

وتحدث الرداوي عن شبكة الجمعيات التي ترعى الإرهاب وتتيح التمويلات، ومن بينها جمعية "نماء تونس"، التي قال إنّها في الظاهر تسعى إلى جلب الاستثمارات إلى تونس ومساعدة رجال الأعمال الأجانب، والحال أنّ دورها الرئيس يتمثّل في غسيل الأموال والإشراف على عمليات التسفير إلى ليبيا وسوريا.

حقائق صادمة

الرداوي تحدّث أيضاً عن عثور هيئة الدفاع على وثائق تتعلق باختراق حركة النهضة لحركة نداء تونس منذ اللحظات الأولى لتكوينه، وهي عبارة عن وثائق أصلية أرسلها المدعو ناجح الحاج لطيف إلى رياض الشعيبي، تتعلق بتكوين حركة نداء تونس، ويطلب منه عدم كشفها؛ لأنّها وثائق سرية خاصة بالدائرة الضيقة المكونة من القيادة التأسيسية للحزب، ولم يطلع عليها حتى أبناء الحزب، وهو ما يكشف، بحسب تقديره، اختراق النهضة للنداء منذ بداية تأسيسه.

للاطلاع على النظام الداخلي لحزب نداء تونس: انقر هنا

من جانبه، أكّد لطفي بلعيد، شقيق الشهيد شكري بلعيد، في تصريح لـ "حفريات"؛ أنّه لم يستغرب المعلومات التي تم الإعلان عنها اليوم؛ لأنّه كان يعرفها من قبل، مشدّداً على أنّه اطلع على معلومات صادمة ولا تُصدق لأدوار حركة النهضة في تونس، فضلاً عن معطيات غريبة.

ولم يبدِ بلعيد تفاؤلاً باستكمال المسار القضائي في قضية اغتيال الشهيدين؛ لأنّ القضاء تسلّم معطيات خطيرة بخصوص مصطفى خضر رجل حركة النهضة، لكنّه لم يحرّك ساكناً، ولم يبدِ جديّة في التعامل مع الوثائق التي سُلمت له.

وثيقة جواز سفر الغنوشي‎

بلعيد قال أيضاً إنّه يتحدّى أيّ شخص يستطيع محاكمة راشد الغنوشي في تونس، لأنّه متغلغل في كلّ مرافق السلطة وله دواليب دولة موازية من أمن وقضاء ومؤسسات، كما أنّه يحظى بدعم خارجي رهيب، داعياً إلى ضرورة محاكمته شعبياً، لتتخلص منه البلد، بحسب تعبيره.

الغنوشي مذكور بالاسم في الوثائق

وأكد عدنان البراهمي، ابن الشهيد محمد البراهمي؛ أنّ من بين الوثائق التي استطاعت هيئة الدفاع الوصول إليها، كان الغنّوشي مذكور فيها رأساً، وتتضمن معلومات جديّة عن تورّطه في الدعم اللوجيستي والمادي للإرهاب المرتبط عضوياً بالإرهابيين، وفي التخابر مع جهات أجنبية، وفي التجسّس على الشخصيات السياسية المعارضة، حيث كانت تصله يومياً تقارير مفصّلة من جهازه السرّي عن التجسس.

لطفي بلعيد، شقيق الشهيد شكري بلعيد، لـ "حفريات": أتحدّى أيّ شخص يستطيع محاكمة راشد الغنوشي في تونس، لأنّه متغلغل في كلّ مرافق السلطة وله دواليب دولة موازية

كما ذكر البراهمي، في تصريح لـ "حفريات"؛ أنّ الوثائق تتضمّن أسماء قيادات أخرى من حركة النهضة، لكن تم الاتفاق على عدم ذكرها حالياً، على أن يتمّ الكشف عنها تباعاً في الوقت المناسب، لافتاً إلى أنّ عائلات الشهيدين على تواصل مستمر مع هيئة الدفاع عنهما، وأنّها تأمل في أن تُكشف الحقيقة في أقرب وقت.

ابن الشهيد البراهمي قال أيضاً إنّ عائلته تعرّضت، في كثير من المناسبات، إلى مضايقات أمنية واعتداءات، بسبب إصرارها على كشف الحقائق، كما واجه محامو هيئة الدفاع عدّة عراقيل، وتعرّضوا لاعتداءات على مكاتبهم، إلى جانب التعتيم والتلاعب بالأدلّة.

اقرأ أيضاً: تونس.. زلزال يضرب الإخوان بعد ثبوت تجسس الغنوشي على الأمن

ويشار إلى أنّ عائلتَي البراهمي وبلعيد لطالما أكّدتا اتهام حركة النهضة بالتورّط في عملية اغتيال أبنيهما، كما دعا عبد المجيد بلعيد، شقيق الراحل بلعيد، في ذكرى وفاته قبل أشهر، جميع التونسيين إلى التعبير عن غضبهم بسبب عدم محاسبة القتلة حتى اليوم.

من جانبه، أكّد زهير حمدي، الأمين العام لحزب التيار الشعبي (حزب محمد البراهمي)؛ أنّ الوثائق التي تحصّلت عليها هيئة الدفاع لا يمكن أن تكون غير صحيحة، لأنّها صادرة عن جهاز المخابرات العسكرية الذي أرسلها إلى المحكمة العسكرية، وأنّ هذا الجهاز ليس له أيّة مصالح حزبية أو تسويات سياسية.

زهير حمدي، الأمين العام لحزب التيار الشعبي: الوثائق التي تتحدث عنها الهيئة، ذُكر فيها اسم الغنوشي وابنه معاذ، وأطراف نهضاوية أخرى

وقال حمدي، لـ "حفريات"؛ إنّ الوثائق التي تتحدث عنها الهيئة، ذُكر فيها اسم الغنوشي وابنه معاذ، وأطراف نهضاوية أخرى، أحدها يشرف على جمعية تدّعي أنّها تنموية، إلى جانب ذكر اسم شركة اتصالات قطرية منتصبة بتونس (أوريدو) مهمتها تسهيل عمليات التجسس والتنصت.

ويستبعد حمدي أن يتم الكشف قريباً عن الحقائق المتعلقة بالاغتيالات، لأنّ حركة النهضة ما تزال تقاوم، وما تزال تتلقى تمويلات من الخارج.

النهضة تردّ

مباشرة، بعد المؤتمر الصحفي التي عقده هيئة الدفاع عن الشهيدَين، تفاعلت حركة النهضة وقالت إنّها ستعقد مؤتمراً صحفياً في اليوم نفسه للردّ على الهيئة وما نشرته من معلومات، حيث أكّد ناطقها الرسمي عماد الخميري، أنّ ما وصفها بهيئة "الخداع" للدفاع عن الشهيدَين "تعوّدت الخداع والتلفيق وتخوض حرباً بالوكالة ضدّ حركة النهضة".

عدنان البراهمي، ابن الشهيد محمد البراهمي لـ "حفريات": الوثائق تتضمّن أسماء قيادات أخرى من النهضة، لكن تم الاتفاق على عدم ذكرها حالياً، على أن يتمّ الكشف عنها تباعاً

وأضاف خلال المؤتمر؛ أنّ الهيئة أثبتت امتلاكها لأدوات التسلل لأجهزة الدولة الصلبة، وأنّ الندوة الصحفية التي عقدتها هيئة الدفاع تأتي في إطار استمرار حملة الشيطنة لحركة النهضة، وتحويل وجهة الصراع ضدّ الانقلاب بالحديث عن قضايا كشف الاغتيالات السياسية، في حين أنّ الهيئة لم تُقدّم أية معطيات جديدة بخصوص قضايا الاغتيال.

وأعلنت النائبة عن حركة النهضة، يمينة الزغلامي، أنّ الحركة سترفع قضية عاجلة في كلّ الاتهامات الموجّهة إليها، وقالت في تدوينة على حسابها الرسمي في فيسبوك: "النهضة عاينت فيديو ندوة هيئة الدفاع عن الشهيدين عن طريق عدل تنفيذ وستقدم قضية عاجلة في كل الاتهامات الموجهة لها وأبرزها الدعوة لمحاصرة مقر الحزب السبت القادم".

وكان لاغتيال شكري بلعيد وقع كبير في نفوس التونسيين، دخلت إثره البلاد في حالة كبيرة من الغليان والغضب، وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل على إثره الإضراب العام، يوم 8 شباط (فبراير) 2013، وتواترت الأزمات السياسية، وكانت أولها استقالة رئيس الحكومة حمّادي الجبالي (حركة النهضة) من منصبه، ليخلفه علي العريض.

وأثار هذا الاغتيال موجة تنديد دولية، من عدة دول ومنظمات عالمية، مستنكرين هذه الجريمة التي وصفوها بـ "الفعل الشنيع" و"الجبان" و"الجريمة النكراء" وبـ "العمل الإرهابي"، داعين إلى محاسبة الفاعلين وتقديمهم إلى العدالة.

وثائق المراسلات:

وثيقة
وثيقة1.pdf722.88 كيلوبايت
وثيقة
وثيقة2.pdf856.41 كيلوبايت
وثيقة
وثيقة3.pdf70.08 كيلوبايت
وثيقة
وثيقة4.pdf283.43 كيلوبايت
وثيقة
وثيقة5.pdf660.97 كيلوبايت
وثيقة
وثيقة6.pdf668.04 كيلوبايت
وثيقة
وثيقة7.pdf309.23 كيلوبايت
وثيقة
وثيقة8.pdf309.23 كيلوبايت
وثيقة
وثيقة9.pdf719.48 كيلوبايت


انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية