تونس.. شبهات تستر على الفساد تحوم حول حركة النهضة

تونس.. شبهات تستر على الفساد تحوم حول حركة النهضة


25/04/2020

كشفت الناطقة باسم الرئاسة التونسية رشيدة النيفر، الجمعة، وجود تلاعب في توزيع المساعدات الاجتماعية العينية على ضعاف الحال بسبب أزمة كورونا، ما يدعم الشكوك بتدخل أطراف سياسية نافذة في تحديد وجهة هذه المساعدات.

وقالت النيفر في تصريحات لوسائل إعلام محلية الجمعة إنه “تم التلاعب بتوزيع المساعدات الاجتماعية” وهو ما “دفع الرئيس قيس سعيّد إلى الإشراف بنفسه على توزيع المساعدات في عدد من المناطق”.

وينزّل مراقبون تصريحات الناطقة باسم الرئاسة ضمن خانة شبهات الفساد التي يجب فتح تحقيق فيها وتحميل المسؤوليات بدل الاكتفاء بالتلميح، فيما يشتكي مواطنون من عدم حصولهم على المساعدات الحكومية نتيجة تدخل الأحزاب السياسية الحاكمة في تغيير وجهتها.

وكان القيادي في حركة نداء تونس منجي الحرباوي قد كشف في تصريح لـ”العرب” عن ضلوع معتمدين (مسؤولين محليين) منتسبين إلى حركة النهضة في تقديم المساعدات المالية للعائلات المعروفة بولائها للحركة، مؤكدا “النهضة تتحرك على مستوى جهوي لكسب الولاء سواء عبر الإعانات الاجتماعية أو عبر توزيع المواد الغذائية”.

ووجه ناشطون وإعلاميون إلى عدد من قيادات حركة النهضة اتهامات بممارسة ضغوط على المسؤولين الحكوميين الموكل إليهم تحديد وجهة المساعدات الاجتماعية وصلت إلى حد التهديد بإقالتهم.

ونقلت وسائل إعلام تونسية عن شهود عيان أن القيادي في حركة النهضة ورئيس كتلتها بالبرلمان نورالدين البحيري هدّد بإقالة معتمد فوشانة عفيف زوينخ (مسؤول محلي) من منصبه بسبب رفضه إشراف الحركة الإسلامية على توزيع المساعدات الحكومية والحال أن توزيع هذه المساعدات هو من مهام المعتمد.

وتنص التراتيب القانونية في تونس على أن يتولى المسؤول الحكومي المحلي دون غيره الإشراف على توزيع المساعدات الاجتماعية على منظوريه في الدائرة الترابية التابعة له، فيما يعتبر أي تدخل في شؤونه شبهة فساد يعاقب عليها القانون.

وتختبر مثل هذه الممارسات مدى مصداقية الحكومة التونسية في تتبع المخالفين للقانون والضرب على أيادي الفساد داخل المؤسسات العمومية خاصة وأن رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وضع شعار محاربة الفساد أولوية مطلقة.

وتأتي هذه الحادثة في وقت تعيش فيه حركة النهضة على وقع تراجع حادّ لشعبيتها، وفي ظل أزمة داخلية، كما يحمّلها طيف واسع من الشارع مسؤولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، على خلفية سوء إدارتها للأزمات منذ مشاركتها في الحكم في أعقاب ثورة يناير، وهو ما يدفع منتقديها إلى القول إن توجيه المساعدات إلى مقربين منها محاولة لاستعادة دعم أنصارها.

وفي حادثة مشابهة، كشف الصحافي التونسي منجي الخضراوي أن النائبة عن حركة النهضة محرزية العبيدي تدخلت لفائدة محتكر ينتمي إلى حزبها بولاية نابل بعد تغريمه من طرف فريق المراقبة الاقتصادية التابع لوزارة التجارة بسبب احتكاره للمواد الغذائية، في وقت تعاني فيه السوق من شحّ في المواد الأساسية المدعمة بينما تؤكد الحكومة على أن ضخها في الأسواق منتظم وليس هناك نقص من حيث كميات التزويد.

وأفاد الخضراوي في تدوينة نشرها على صفحته بالفيسبوك أن “النائبة محرزية العبيدي هي من تدخلت لفائدة المحتكر” مضيفا “اتصلت بي السيدة محرزية العبيدي وقالت إنها تدخلت لفائدة التاجر بعد إعلامها بتغريمه من قبل فرق الرقابة التابعة لوزارة التجارة وطلبت التخفيف عنه”.

وأصدرت الحكومة التونسية مؤخرا مرسوما شدّدت فيه عقوبات زجر المحتكرين للسلع الأساسية المدعمة لتتراوح بين شهر وعامين سجنا إضافة إلى غرامة مالية تصل إلى 300 ألف دينار (100 ألف دولار).

ورغم أهمية هذه العقوبات، تبقى مسألة التطبيق، وتنفيذ هذه الأحكام الجديدة محل تشكيك، في ظل التدخلات السياسية لفائدة المحتكرين، فيما تشير مصادر إلى أن هؤلاء محميون من طرف أحزاب سياسية شاركوا في تمويل حملاتها الانتخابية. وأكد رئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب أن المحتكرين يستغلون أزمة كورونا للقيام بجرائم في حق المواطنين، موضحا أنه لا يمكن إنهاء الاحتكار والفساد إلا عبر محاسبة الفاسدين وتفكيك منظومة الفساد.

وكشف الطبيب أن الهيئة تلقت منذ 20 مارس الماضي إلى غاية 12 أبريل الجاري 6263 بلاغا عن شبهات فساد، حيث تصدرت العاصمة المرتبة الأولى بنسبة 12 في المئة.

وجاء الاحتكار في المرتبة الثانية من حيث عدد البلاغات بنسبة 23.73 في المئة من جملة البلاغات، أما المرتبة الأولى فتعلقت بالزيادة في الأسعار بنسبة 33.55 في المئة، والبيع المشروط بنسبة 5.62 في المئة وأغلب المبلغ عنهم هم التجار بنسبة 56.58 في المئة ثم شركات البيع بالجملة.

ودعا الرئيس التونسي قيس سعيّد في وقت سابق إلى مقاومة الاحتكار حيث إنه “فضلا عن أنه مرفوض في الحالات العادية فإنه يرتقي في ظل الأوضاع الحالية إلى جريمة حرب”.

ورغم حديث سعيّد عن اعتبار المحتكرين مجرمي حرب ووجوب التعامل معهم وفق هذا الأساس ووعيد رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ للمحتكرين بتشديد العقاب، إلا أن هذا الخطاب لا يتماشى مع النص القانوني الذي يتم تطبيقه حاليا، حيث إن القانون ووفق الكثير من الآراء، لا يرتقي إلى الجرائم التي يقوم بها المحتكرون.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية