حركة النهضة تتخفى وراء الدفاع عن الديمقراطية في مواجهة قيس سعيد

حركة النهضة تتخفى وراء الدفاع عن الديمقراطية في مواجهة قيس سعيد


26/05/2021

صغير الحيدري

تُحاول حركة النهضة الإسلامية في تونس التخفي وراء الدفاع عن الانتقال الديمقراطي والمؤسسات الديمقراطية في البلاد في مواجهة خصمها الأول الرئيس قيس سعيد الذي أجهض العديد من التحركات للنهضة التي تقود الحزام السياسي والبرلماني الداعم لرئيس الحكومة هشام المشيشي.

وفي بيان لمكتبها التنفيذي الثلاثاء أدانت الحركة الإسلامية بشدة ما جاء في وثيقة نشرها الموقع البريطاني المقرب من قطر “ميدل إيست آي” حول “مزاعم” انقلاب تدبره الرئاسة التونسية على الحكومة الحالية برئاسة المشيشي وعلى البرلمان.

وقالت الحركة في البيان الذي حمل إمضاء رئيسها الغنوشي إن “الحركة تدين بشدة ما ورد في الوثيقة المسربة مطلع هذا الأسبوع والتي يعود تاريخها إلى 13 مايو الجاري والموجهة إلى مديرة الديوان الرئاسي، وما تضمنته من توجيهات ومقترحات خطيرة تحت لافتة تفعيل الفصل 80”.

وأضافت الحركة “مما زاد من خطورة هذه الوثيقة أنّها تتساوق مع خطابات الأطراف المناوئة للمسار الديمقراطي والعاملة على إرباك الوضع العام بالبلاد، لكل هذه الاعتبارات فإن الحركة تدعو إلى فتح تحقيق جدي وسريع حول هذه الوثيقة لكشف جميع ملابساتها، وطمأنة الرأي العام الوطني والدولي”.

ويُثير تحميل حركة النهضة ضمنيا للرئيس سعيد ومؤسسة الرئاسة مسؤولية هذه الوثيقة تساؤلات، خاصة أنها لا تحمل أي إمضاء وليس معروفا الجهة التي تقف خلفها، علاوة على أنها تندرج في سياق حملة استهدفت الرئيس سعيد قادها بالأساس في وقت سابق النائب الإسلامي راشد الخياري الذي نشر تسريبات تشكك في نزاهة سعيد.

واعتبر المحلل السياسي التونسي خليفة بن سالم أن “النهضة دخلت مرحلة اليأس بشأن إمكانية القيام بمصالحة مع الرئيس واتهامها له بأنه يسعى لتقويض المسار الديمقراطي لا معنى ولا مبرر له، ولا نرى أن ما يقوم به الرئيس محاولة للالتفاف على الانتقال الديمقراطي، إلى حد الآن لم نر هذا”.

وتابع بن سالم في تصريح لـ”العرب” “أعتقد أن ملف الانقلاب هو مجرد زوبعة في فنجان، وعلى من سينقلب أصلا الرئيس؟ على نفسه؟ فكرة الانقلاب هي فكرة سخيفة خاصة وبهذا الإخراج تبدو أكثر سخافة لأن الانقلاب لا يمكن أن يكون في وثيقة.. لا تُكتب وثائق حول الانقلابات”.

وما يسترعي الانتباه في بيان حركة النهضة الإسلامية الثلاثاء أن الحركة لم تتردد في الدعوة مجددا إلى تشكيل جبهة لحماية المسار الديمقراطي، ما قرأته أوساط سياسية على أنه محاولة للخروج من العزلة السياسية التي تعانيها النهضة عبر حشد بقية الأحزاب.

وتبدو الحركة وكأنها دخلت في مواجهة مع سعيد، خاصة بعد تحركاته الأخيرة التي أجهضت أجندات الحزب الإسلامي على غرار محاولة تركيز محكمة دستورية على مقاسها وسعيها للمرور بقوة من خلال تمرير تعديل وزاري يرفضه الرئيس سعيد.

ودعت الحركة “كل المنظمات الوطنية والأحزاب ونشطاء المجتمع المدني وكل الديمقراطيين إلى تشكيل جبهة وطنية للدفاع عن المسار الديمقراطي والحقوق والحريات والوقوف سدا منيعا أمام كل مخططات الارتداد عن الخيار الديمقراطي وعن المكاسب التي حققتها الثورة في كل المجالات”.

ورأى المحلل السياسي بن سالم أن “دعوة النهضة إلى تشكيل جبهة لحماية المسار الديمقراطي تندرج في سياق سعيها للخروج من العزلة السياسية التي تعيشها حيث باتت تفتقر لحلفاء سياسيين، النهضة لا تملك الآن أي حليف ما عدا حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة في البرلمان فقط، ليست لها أحزاب حليفة في المشهد لذلك هي تدعو إلى جبهة وطنية للدفاع عن الانتقال الديمقراطي”.

وأضاف بن سالم أن “رئيس الجمهورية نجح في إرباك حركة النهضة على مستوى الشارع، هو يملك شعبية واسعة وهو يتحرك ضمن جغرافية سياسية قريبة من النهضة: جغرافية المحافظ لكنه يعلن عن عدائه للنهضة ويحملها مسؤولية ما لحق بالبلاد من أزمات على غرار الاقتصادية والاجتماعية والفساد وسوء الحوكمة وغيرها”.

في المقابل، رأت أوساط سياسية أخرى في تونس أن الانتقال الديمقراطي مهدد ليس من الرئيس سعيد، بل من فشل الطبقة السياسية الحاكمة التي أظهرت فشلا ذريعا في إدارة الشأن العام بعد انتفاضة 14 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وقال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي “نعم الانتقال الديمقراطي مهدد، لكن ليس من المؤسسة العسكرية أو من الرئيس سعيد أو غيره، هو مهدد نتيجة فشل من يمسكون بزمام الأمور ويديرون الشأن العام في البلاد”.

وأوضح الشواشي في تصريح لـ”العرب” أن “حركة النهضة باتت تحمل لواء معاداة سعيد، وهذا لا يساهم في حلحلة الأزمة الراهنة بل سيعمقها، هي تطلب تحقيقا لكن هذا التحقيق ينبغي أن يكون بعيدا عن مؤسسة الرئاسة والدولة، بيان النهضة سيعمق الأزمة وهو يعكس نقصا في النضج السياسي ما سيزيد من حدة الأزمة”.

وبالرغم من أن الحملات التي باتت تستهدف الرئيس سعيد قد تفاقمت مؤخرا، إلا أن الحزام السياسي الذي يدعمه والمتكون من عدة أحزاب وشخصيات سياسية على غرار حركة الشعب يبدو مترددا في مواجهة خصوم الرئيس وفي مقدمتهم حركة النهضة الإسلامية.

واقتصر دفاع تلك الأحزاب على تصريحات متقطعة تُهاجم حركة النهضة الإسلامية دون تحرك فعلي للتصدي للحملات التي باتت تهدد مصداقية مؤسسة الرئاسة، خاصة بعد اتهام الرئيس سعيد من طرف نائب إسلامي بتلقي أموال أجنبية في حملته الانتخابية.

والثلاثاء اتهم النائب البرلماني عن حركة الشعب (قومي) في تصريحات إذاعية حركة النهضة بأنها مساهمة في صياغة الوثيقة التي نشرها موقع “ميدل إيست آي” البريطاني قائلا “هذه أساليب حركة النهضة وغرفها المظلمة… الحديث مستمر عن الانقلابات من قبل الحركة في حين أن التاريخ الانقلابي الحقيقي عند حركة النهضة”.

وبالرغم من أن حزبه بات يُعد من المقربين من  سعيد، إلا أن الشواشي ينفي ذلك قائلا “نحن نقول له أحسنت عندما يحسن وعندما يخطئ نعارضه، نحن لسنا كتيار ديمقراطي تابعين أو ضمن حزام سياسي داعم للرئيس سعيد الذي نلتقي معه في العديد من الأفكار لكن لسنا مطالبين بالدفاع نيابة عنه، هو له كل الصلاحيات ليدافع عن نفسه”.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية