حركة النهضة سجينة تحالفاتها

حركة النهضة سجينة تحالفاتها


03/01/2021

عبدالجليل معالي

حركة النهضة التي لم تدخر أي جهد يمكن أن يبذل من أجل الإطاحة بحكومة إلياس الفخفاخ، من أجل شبهة تضارب المصالح، إذْ أصدرت بياناً عبّرت فيه عن مساندتها لحزب «قلب تونس» ورئيسه «نبيل القروي» الموقوف على خلفية تهم فساد وتبييض أموال.

مفارقة سياسية تختصر ازدواجية معايير النهضة ولعبها على كل الحبال السياسية من أجل البقاء في السلطة، على أن المفارقة لا تكتمل إلا حين تسفر عن نتيجة جديدة مفادها: أن النهضة أصبحت هذه المرة سجينة تحالفاتها، التي تدعي دائماً أنها نابعة من إكراهات السياسة.

إيقاف القروي وضع النهضة أمام خيارين، كلاهما يستتبع مآلات مخيفة على الحركة، الأول: أن تفك ارتباطها مع قلب تونس وبالتالي خسارة حليف أنقذها مرتين، الأولى: حين نزل الحزب بكل ثقله من أجل تصعيد راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان، والثانية: حين صوّت الحزب ضد لائحة سحب الثقة من الغنوشي.

أما الخيار الثاني، فهو مواصلة الذود عن القروي وحزبه، وبالتالي تأكيد عدم انسجامها السياسي، وتعريض مصداقيتها المهتزة للمزيد من الخدوش.

إيقاف القروي لن يؤدي فقط إلى تهديد مستقبل الحزب باعتباره متمركزاً على شخصية مؤسسه، بل يهدد أيضاً بنسف التحالف القائم بين النهضة وقلب تونس، وهو تحالف هجين أدى إلى بعثرة كثير من التوازنات السياسية القائمة.

النهضة بصدد خسارة حليف قوي، لا بالمعنى السياسي، بل بالمعنى النفعي القائم على الاعتماد المتبادل، خاصة أنها أثبتت خلال التجارب السابقة أنها تتقن تدمير الحلفاء مثلما تجيد صنع الخصوم، ما جعلها تبدد أغلب فرص بناء تحالفات سياسية حقيقية.

وبالمعنى العملي فإن أيّ مساءلة مقبلة لرئيس البرلمان يمكن أن تمر بكل يسر، خاصة أن الحليف المتبقي، ائتلاف الكرامة، لا يمثل حليفاً مفيداً على المدى الطويل، بما يقدمه من خطاب متشنج وبما ينتج عن سلوكيات نوابه من معارك وخصومات.

في الظروف الراهنة، تعيش النهضة أزمة متعددة الأوجه، أزمة داخلية عاصفة في ظل تواصل امتعاض الكثير من النهضويين من أداء الغنوشي وجناحه، وأزمة سياسية حادة زادها إيقاف القروي صعوبة، ما جعل الحركة تحاول الذود بكل قوتها عن حليفها.

تضع النهضة أقدامها على ألغام زرعتها بنفسها في طريق العملية السياسية التونسية، وقيادتها لا تعرف مآل خطوتها القادمة، ولأنها نظرت إلى التحالف مع قلب تونس، على أنه صفقة، فإنَّ فشل الصفقة سيكون باهظاً على الحركة أكثر من كلفته على قلب تونس المهدد بالاندثار.

عن "الرؤية" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية