حزب الله جعل اللبنانيين وقودَ حروبه وقدّم المقاومة قرباناً للولي الفقيه

حزب الله

حزب الله جعل اللبنانيين وقودَ حروبه وقدّم المقاومة قرباناً للولي الفقيه


13/11/2017

يعيش لبنان حالةً مختلفة كبلدٍ يجمع أكثر من 15 طائفة دينية، ويُشار تاريخياً إلى أنه شكل منذ ما لا يقل عن قرن من الزمان، مأوىً لكل طائفة لاذت بجبالهِ من حربٍ أو إبادة، كالأرمن والعلويين وبعض الطوائف المسيحية، واليوم، توجد طوائف ثلاث بارزة في لبنان، اكتسبت شرعيّتها من التقسيم الديني لنظام الحكم، إلا أنّ منها من حاول تعزيز شرعيته مستخدماً السلاح، متذرعاً بالعدو، متشحاً بعباءة الدين، ولم يترك حرباً أصابت لبنان إلا استثمرها، لأجل شرعيته هذه.

ولا يبدو أنسب من اسم كاسم "حزب الله" لمن يريد الاتشاح بالدين، معتبراً أنّ الله اصطفاه دون غيره، وهو الاسم الذي خرج إلى العالم عام 1982، بعد ثلاث سنواتٍ على انتصار ثورة الخميني في إيران، وصعود مفهوم "الصحوةِ الإسلامية" على طريقة آية الله الخميني الذي قال مرة: "لا تقل (أنا) بل قل ديني". وإن كان الخميني لا يعترف بالأنا؛ بل بما تعتنقه من دين، فإنّ حزب الله طبق هذه المقولة باتخاذه من شيعة الجنوب عماداً لبنيته السياسية والحزبية على أساس طائفي.

حزب الله يزعم امتلاك الحق الإلهي، في الحرب والسلم، ونشر تعاليم "ولاية الفقيه"، ويعتبر نقده إعلان حرب

وبمشاركته في حرب لبنان ضد "إسرائيل" عام 1982، التي ضمت أحزاباً وقوى لبنانية وعربية من مختلف الطوائف والأفكار، ضمن حزب الله مثله مثل بعضِ هذه القوى، وجوداً سياسياً شرعه "النضال ضد إسرائيل"، كما أنّه لم يوفر جهداً لاجتذاب شيعة جنوب لبنان من خلال الأفكار الوطنية والدينية التي روّجها منذ نهاية السبعينيات، ليعطي جنوب لبنان خصوصية طائفيةً أيضاً، كان أسس لها "بالدعوة الدينية" الإمام الإيراني موسى الصدر منذ قدومه إلى لبنان عام 1955، ثم ألحقها بأفواج مسلحةٍ عام 1975، سميت بـ"حركة أمل"، وانبثق عنها فيما بعد حزب الله.
 

صعود حسن نصر الله
وفي عام 1992، اغتالت "إسرائيل" الأمين العام الثاني لحزب الله، عباس الموسوي، ليخلفه الشاب المسمى حسن نصر الله الذي ومنذ توليه أمانة الحزب صرح بوضوح: "مشروعنا الذي لا خيار لنا أن نتبنى غيره كوننا مؤمنين عقائديين، هو أن يكون لبنان جزءاً من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق: الولي الفقيه".
وبعد شن حزب الله حرب عصاباتٍ في جنوب لبنان، انسحبت إسرائيل من الأراضي التي كانت تحتلها هناك عام 2000، ليقوم حزب الله عام 2006، بخوضٍ حرب مع إسرائيل، بعد عام تقريباً على اتهامه هو ونظام الأسد من قبل المحكمة الجنائية الدولية، باغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري في بيروت.
وسرعان ما كشف الحزب عن جانبه الخفيّ، فبانقضاء البطولات التي ضخمها وروج لها الإعلام العربي في حينه مثلما فعلت قناة "الجزيرة" القطرية وغيرها، إضافة إلى تبرع دولة قطر بإعادة بناء الضاحية الجنوبية من بيروت بعد الحرب، واعتماد نصر الله على خطابٍ وطني عاطفي تجاه فلسطين، اتّجه الحزب لحصد ثمار ما "قدمه من نضال"، فقام العام 2008، بحربٍ داخلية، موقناً أن لا قوة عسكرية أو قانونية، تستطيع صده داخل لبنان.
وبالتهديد ونشر مظاهر العنف، تمكّن الحزب من احتلال عاصمة بلاده ضمنياً يوم 7 أيار (مايو) بعد مساءلاتٍ حكومية عن تركيب الحزب لكاميرات مراقبة في مطار بيروت الدولي، وصدور قرارٍ رسمي بتفكيك شبكة اتصالاته آنذاك باعتبارها غير قانونية، وأن لإيران دوراً في وجودها، حيث علق حسن نصر الله على أحداث العنف التي مارستها "المقاومة" آنذاك رفضاً للقرار، وأدت لسقوط قتلى وأعمال تخريب وانقسام البلاد إلى "معارضة" و"موالاة" أنّها "أحداث مجيدة للمقاومة، في يومٍ مجيد"!
 

إيران تموّل حزب الله
ولا يخفي نصر الله، أنّ "أموال وأسلحة ومصاريف ورواتب حزب الله كلها من إيران"، وفق فيديو من إحدى خطاباته، نشرته قناة "العربية" على صفحتها بموقع يوتيوب بتاريخ 24 حزيران (يونيو) 2016. ولعلّ كلام نصر الله هذا، يعيد إلى الأذهان السؤال حول الحرس الثوري الإيراني ومفهومه لتصدير الثورة الإيرانية ومد أذرع له في العالم العربي، وهو ما اعتبره الوزير اللبناني السابق محمد بيضون "قراراً إيرانياً وجد أرضاً خصبة لتنفيذه أثناء حرب عام 1982"، كما أوضح خلال حلقة من برنامج "عن قرب" لمحطة سكاي نيوز عربية، والمسجلة على موقع يوتيوب بتاريخ 11 آذار (مارس) 2016.
ويتضح أنّ حزب الله، ومنذ عام 1990، وهو عام اتفاق الطائف الذي جرى بوساطة سعودية، وأنهى ما يقارب الـ 25 عاماً من الحرب الأهلية في لبنان، كانت له علاقة بكل اضطراب داخلي لبناني تقريباً، فهو "الحركة الوحيدة التي رفضت نزع سلاحها بعد الاتفاق"، وهو الذي يفتخر بتناقضه كحركةٍ إسلامية وطنية عربية، تدين بالولاء لإيران ومصالحها في الوقت ذاته، حتى إنّه قاتل في سوريا إلى جانب النظام السوري، وحليفته إيران، ولم يخف دعمه لجماعة الحوثي الإرهابية في اليمن.

حسن نصر الله يقبّل يد آية الله خامنئي في مؤتمر بطهران، مؤكداً أنّه "جندي الثورة الإسلامية"

وفيما تظهر صورة نصر الله يقبّل يد آية الله خامنئي في مؤتمر بطهران في نيسان (أبريل) 2001 ليقول بعد ذلك أنه "جندي الثورة الإسلامية" مقنعاً قوى عربية وشعوباً عربية في الوقت ذاته أنّه "جندي يقاتل لأجل فلسطين" يشير برنامج قناة "سكاي نيوز" ذاته، إلى تحول الحزب من "المقاومة"، إلى" المشاركة في الحرب السورية وقتل سوريين، ودوره في تراجع نمو اقتصاد لبنان الذي لا يحتاجه بفضل دعم إيران". كما أنّه "على تقارب مع الحوثيين المدعومين من إيران أيضاً، ويتدخل في العلاقات العربية العربية".
ماذا بقي من المقاومة التي استهلكها حزب الله في خدمة مصالح إيران؟
إنّ الجواب يكمن ربما، في الكلام الذي قاله رئيس الخكومة اللبنانية سعد الحريري في خطاب استقالته من منصبه، بسبب ما وصفه بـ"رغبة إيران الجامحة في تدمير العالم العربي"، إضافة إلى تغولها من خلال حزب الله في لبنان، رافضاً أن يشكل الحزب قاعدة انطلاقٍ من لبنان، لتهديد العالم العربي، بحسب ما نقلته صحيفة "النهار" اللبنانية يوم 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017.
وكان رد حسن نصر الله على ما قاله الحريري، هو ما يتقنه حزبه بشكلٍ دائم؛ الحرب، حيث اعتبر وفق ما نشره موقع "بي بي سي" يوم 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، أنّ استقالة الحريري هي "إعلان حربٍ من السعودية على لبنان وحزب الله".
هذه الجملة، تبدو غريبة، بربط نصر الله مصير لبنان كله، بطوائفه الدينية والسياسية والفكرية المختلفة، بحزب الله، المسمى كأنه وحده يمتلك الحق الإلهي، في الحرب والسلم، ونشر تعاليم ما يسمى "ولاية الفقيه"، واعتبار أي نقد له، أو مطالبة بالإصلاح، على أنه إعلان حرب!
 

 

الصفحة الرئيسية