حزب الله يصف الانتخابات النيابية اللبنانية بـ"معركة وجود" ويعلن الاستنفار

حزب الله يصف الانتخابات النيابية اللبنانية بـ"معركة وجود" ويعلن الاستنفار


17/03/2022

مع إغلاق باب الترشح الذي شهد مشاركة قياسية لم يعهدها لبنان منذ ستينيات القرن الماضي، أعلن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، الاستنفار لما أطلق عليه "المعركة الانتخابية".

وتعكس الانتخابات النيابية، التي ستُجرى بعد نحو شهرين من الآن، أهمية استثنائية بالنسبة إلى الحزب الموالي لإيران وحلفائه، باعتبارها محدداً رئيسياً لخريطة توزيع السلطة السياسية في لبنان خلال الأعوام الـ4 المقبلة، ووفقاً لصحيفة "العرب اللندنية".

ويخشى الحزب وحلفاؤه "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" من تعرّضهم لانتكاسة انتخابية، تفقدهم السيطرة على مفاصل القرار السياسي، على ضوء تراجع شعبيتهم؛ بسبب ما خلفته سياسة الثلاثي، ولا سيّما حزب الله والتيار الوطني الحر، من أزمة لم يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية، ودفعت بغالبية اللبنانيين إلى حافة الفقر.

أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، الاستنفار لما أطلق عليه "المعركة الانتخابية"، في إشارة إلى الانتخابات النيابية

 ويحرص حزب الله وحلفاؤه على خوض الاستحقاق صفاً واحداً، رغم التباينات التي برزت في الأشهر الماضية، ويرى هذا التحالف أنّ أيّ تراجع قد يصيب أحد أضلاعه، ستكون له ارتدادات على باقي الأطراف، وبالتالي يسعى للتماسك ما أمكن في مواجهة هذا التحدي.

خوض الانتخابات ضرورة لحماية المقاومة

وفي لقاء داخلي لكوادر الحزب، رأى نصر الله أنّ خوض حزب الله للانتخابات أمر لا مفرّ منه لـ"حماية المقاومة"، على الرغم من وجود من سمّاهم بالـ"خصوم".

وقال نصر الله: إنّ "معركتنا في الانتخابات المقبلة هي معركة حلفائنا، وسنعمل لمرشحي حلفائنا كما نعمل لمرشحينا"، مشدداً على أنّ "التجربة علّمتنا أنّه لا يمكن أن نغيب عن أيّ حكومة في لبنان".

ولفت إلى أنّه "أثناء حرب تموز (يوليو) 2006، وبسبب الطعن السياسي والنكد في الحكومة، كنّا على حافة أن نقوم بما يشبه 7 أيار (مايو) في ظلّ الحرب مع إسرائيل، لذلك، فإنّ وجودنا في الحكومة والمجلس ضرورة لحماية المقاومة، حتى ولو كنّا في حكومة فيها خصوم ورئيس خصم، وحتى لو تعرّضنا لاتهامات بوجودنا مع فاسدين"، مشدداً: "هدفنا أن نربح، ويجب أن نربح، لنكون موجودين في كلّ الاستحقاقات".

أخطر المعارك السياسية

وصف نصر الله الانتخابات النيابية المزمع عقدها بعد شهرين بأنّها "مفصلية ومن أهمّ وأخطر المعارك السياسية التي تُحدّد على ضوء نتائجها بقية المعارك".

وأشار إلى أنّ "البديل من الانتخابات هو عدم وجود مجلس نيابي، ولذلك، يجب شحذ الهمم وعدم الاستهتار واعتبار المعركة تحصيل حاصل، والبقاء حذرين حتى إعلان النتائج، والتعاطي بجدية مع الاستحقاق، هذه المعركة أساسية ككلّ المعارك التي خضناها".

غياب الزعامات ووجوه جديدة

تُجرى الانتخابات التشريعية في منتصف شهر أيار (مايو) المقبل، وسط غياب أبرز الوجوه السياسية التي تصدّرت المشهد اللبناني منذ الستينات من القرن الماضي، بعد عزوف كلٍّ من سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة عن المشاركة.

ويأتي عزوف الزعماء الـ4 وسط ترجيحات بأن تشهد الساحة السنّية صراعاً قوياً بين القوى المتنافسة في الاستحقاق، وإن كان مراقبون يرون أنّ جزءاً كبيراً من الشارع السّنّي سيعزف عن المشاركة، بينما سيدعم جانب مهم منه الوجوه الجديدة، لا سيّما من منظمات المجتمع المدني التي تنزل هذه المرّة بكلّ ثقلها.

وعن ذلك، قال موقع "المركزية" اللبناني: إنّ "انكماش التمثيل السنّيّ المستقبلي، وتحديداً بعد الخسارة التي تلقّاها الحريري في انتخابات 2018، وأسهمت في كسر قاعدة الاحتكار الأزرق للتمثيل السنّيّ، مُعرّض لمزيد من التشتّت في انتخابات 2022؛ ممّا يؤكد على قلب مشهديّة 2018 رأساً على عقب، بفعل التراجع المتوقّع في نسبة الاقتراع، وخلطة التحالفات الجديدة، وغياب تيار المستقبل ككتلة تنظيمية وشعبية ناخبة."

ونقل الموقع اللبناني عن أحد المرشحين السنّة: "قررت العزوف لأنّني مدرك أنّ التغيير في ظلّ هذا الواقع صعب جداً. المهم أن يكون المرشحون من ذوي الكفاءات والنزاهة، أمّا النتائج، فتتوقف على الشارع السنّي. لكنّ الثابت أنّ نسبة الاقتراع ستكون متدنية جدّاً، ليس في أوساط الطائفة السنّية وحسب، وإنّما على مستوى كلّ الطوائف".

ووفقاً لموقع "السهام" اللبناني، فإنّ حزب الله وحركة أمل سوف يكونان أوّل المستفيدين من عزوف تيار المستقبل عن الترشيح، خصوصاً أنّ لائحتهما حصدت عام 2018 بالتحالف مع الأحباش والتيار الوطني الحر (45) ألف صوت تقريباً، أي (4) مقاعد نيابية.

حصص الحلفاء

دعا نصر الله إلى ضرورة "العمل على رفع نسبة التصويت، ولو اقتضى الأمر إلى زيارة الناس في المنازل وعدم الاكتفاء باللقاءات العامّة"، مضيفاً: إنّ الهدف "ليس فوز مرشحي الحزب، بل بلوغ حواصل لتعزيز وضع حلفائنا في جبيل وكسروان والشوف وعاليه وفي كلّ الدوائر. نريد أن ينجح كلّ الحلفاء معنا، لأنّ المعركة اليوم ليست ضدّ الحزب فقط، بل لأخذ حصص من الحلفاء، لذلك العمل يجب أن يكون للحلفاء كما نعمل لأنفسنا. علينا أن ننجح كلّ نوابنا وكلّ حلفائنا، وحتى لو كان هناك مرشح عليه نقاط هدفنا أن ننجحه".

وتعكس تصريحات حزب الله مخاوف من انحسار لحليفه التيار الوطني الحر، في ظلّ صعود كبير في شعبية حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، الذي يُعدّ أحد أبرز خصوم التيار الوطني الحر، والذي من المتوقع أن يحقق مفاجأة في الاستحقاق المقبل.

 ولم يتطرّق الأمين العام للحزب إلى اللوائح الانتخابية، مكتفياً بالإشارة إلى أنّه في دائرة بيروت الثانية "حزب الله سيخوض المعركة مع أمل والتيار الوطني الحر فقط". وأكّد "أنّنا، حتى إشعار آخر، لم نُعطِ وعداً لأيّ حليف بالصوت التفضيلي، لأنّنا بذلك نقطع الطريق على بقية أعضاء اللائحة، ونحن ليس لدينا كلام فوق الطاولة، وآخر تحت الطاولة".

عدد المرشحين خالف التوقعات

نقلت "العرب" اللندنية عن محمد شمس الدين، الباحث في الشركة الدولية للمعلومات (غير حكومية، مقرّها بيروت) قوله: إنّ عدد المرشحين هذا العام جاء مخالفاً للتوقعات، حيث لم يتوقع أحد أن يتجاوز العدد إجمالي المرشحين في انتخابات 2018.

ورجّح شمس الدين (3) أسباب لزيادة عدد المرشحين هذا العام؛ وهي وضوح الرؤية السياسية حيال لوائح الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وإمكانية إقامة تحالفات انتخابية، إلى جانب توفّر التمويل للمرشحين المستقلين والممثلين لمنظمات المجتمع المدني، موضحاً: "عدد المرشحين ارتفع بسبب إقبال مرشحي المجتمع المدني، لا سيّما أنّ الأحزاب اللبنانية أعلنت مرشحيها وتحالفاتها، بعكس غالبية منظمات المجتمع المدني التي لم تُعلن عن تحالفاتها."

وقد أغلق مساء الثلاثاء الماضي باب الترشيح للانتخابات، وبلغ إجمالي عدد المرشحين (1043) مرشحاً في جميع الدوائر الانتخابية، بينهم (155) امرأة، بنسبة ترشيح نسائي بلغت نحو 15%.

وفي مقابل طفرة عدد المرشحين، يرجح محللون، وبينهم عبدو سعد رئيس مركز بيروت للبحوث والمعلومات (غير حكومي)، أن تواجه الانتخابات سلاح المقاطعة من قبل شريحة واسعة من الناخبين. وأوضح: "اللبنانيون هذا العام منشغلون بتأمين احتياجاتهم الأساسية، في ظلّ أزمة اقتصادية طاحنة، وندرة في فرص العمل، وشحّ في الوقود والسلع والمنتجات الأساسية". وأضاف: "الانتخابات المقبلة لن تشهد إقبالاً كبيراً، وسيكون حجم المشاركة السياسية أقلّ من انتخابات عام 2018 التي بلغت نسبة المشاركة فيها 49.7%".

وتُجرى الانتخابات البرلمانية في لبنان كلّ (4) أعوام، وفق التوزيع المعتمد منذ اتفاق الطائف في العام 1989، بواقع (128) مقعداً، بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في عموم البلاد.

وتتوزّع المقاعد الـ128 على النحو الآتي: (28) للسنّة، و(28) للشيعة، و(8) للدروز، و(34) للموارنة، و(14) للأرثوذكس، و(8) للكاثوليك، و(5) للأرمن، ومقعدان للعلويين، ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.

وقد جرى تمديد البرلمان منذ عام 2009 أكثر من مرّة على وقع ظروف أمنية وسياسية، أبرزها اندلاع الثورة السورية في 2011، ووقوع عمليات إرهابية على يد تنظيم داعش، وعدم الاتفاق على قانون انتخابي في لبنان، لتُعقد أوّل انتخابات لاحقة في عام 2018 بدلاً من 2013.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية