حشود على ضفاف النيل... هل تحرك المفاوضات أم تنذر بالحل العسكري؟

حشود على ضفاف النيل... هل تحرك المفاوضات أم تنذر بالحل العسكري؟


23/05/2021

في تطور جديد، انتقلت أزمة سد النهضة من مرحلة التلويح بالحل العسكري إلى الحشد، في مؤشر يعكس تصاعد التوتر في الأزمة، والمرجح زيادتها وبعث مزيد من الرسائل بين الدول الـ3، في الوقت الذي تفشل فيه الأطراف الدولية في التوصل إلى حلٍّ مُرضٍ لكافة الأطراف. 

وتحت اسم "حماة النيل" وصلت قوات مصرية بحرية وجوية وبرية إلى السودان الجمعة، للقيام بمناورات عسكرية مشتركة براً وبحراً وجواً، بهدف "تأكيد مستوى الجاهزية والاستعداد للقوات المشتركة وزيادة الخبرات التدريبية للقوات المسلحة  لكلا البلدين، والذي يأتي استمراراً لسلسلة التدريبات السابقة (نسور النيل -1، نسور النيل -2 )" بحسب بيان للجيش المصري. 

الحدود السودانية الإثيوبية بالفشقة الكبرى والصغرى شهدت حشوداً كبيرة وتحركات لقوات إثيوبية قادمة من عاصمة إقليم بحر دار ومدينة قندر

في وقت أشاد فيه مدير إدارة التدريب بهيئة الأركان السودانية اللواء ركن مالك الطيب بما تتسم به القوات المصرية من كفاءة وجاهزية عالية وخبرات تدريبية وقتالية متميزة، مؤكداً أنّ التدريب يهدف إلى تبادل الخبرات وتعزيز سبل التعاون العسكري بين البلدين.

ويتفوق الجيش المصري من حيث القدرات والعتاد على الجيش الإثيوبي، إذ يحتل الجيش المصري المرتبة الـ13 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم، لعام 2021، فيما يحتل الجيش الإثيوبي المرتبة 60 عالمياً من بين 140 دولة.

وصول قوات مصرية للمشاركة في تدريب حماة النيل بالسودان

ويصل عدد أفراد الجيش المصري إلى 930 ألف جندي، بينهم 450 ألف جندي فاعل و480 ألف جندي في قوات الاحتياط، بينما يبلغ مجمل عدد أفراد الجيش الإثيوبي 162 ألف جندي، بحسب تقرير سابق لـ"سي إن إن". 

في المقابل، واجه الجيش الإثيوبي الحشد المصري - السوداني بحشد مضاد على الحدود السودانية - الإثيوبية، وداخل بعض المناطق السودانية التي تتغلغل فيها إثيوبيا.

وبجانب أزمة سد النهضة، تشتعل أزمة حدودية قديمة بين السودان وإثيوبيا منذ شهور، في ظل إعادة الجيش السوداني انتشاره في إقليم الفشقة الذي تغلغت داخله ميليشيات إثيوبيا على مدار أعوام بدعم من الجيش.

 

الحشد والحشد المضاد مؤشر على توتر الأوضاع وارتفاع حدة تلك التوترات، وينذر بالخطر، غير أنه خطر سيدفع الأطراف الدولية إلى تسريع جهودها لامتصاصه والتوصل إلى حل مُرضٍ

ومؤخراً، دفعت إثيوبيا بحشود عسكرية وميليشيات من الأمهرا إلى الأراضي السودانية، وذلك نحو مستوطنة قطراند الواقعة داخل أراضي منطقة الفشقة السودانية، بحسب ما أورده موقع المصري اليوم. 

وأكدت مصادر مطلعة لصحيفة "سودان تربيون" أنّ "الحدود السودانية الإثيوبية بالفشقة الكبرى والصغرى شهدت حشوداً كبيرة وتحركات لقوات إثيوبية قادمة من عاصمة إقليم بحر دار ومدينة قندر". 

اقرأ أيضاً: شكري يحذر من الملء الثاني لسد النهضة... وهذا ما قاله

وأضافت المصادر أنّ القوات الإثيوبية المدعومة بميليشيات الأمهرا، اتجهت نحو مستوطنة قطراند وهي مزودة بعتاد حربي ورشاشات قناصة ومدافع ودبابات.

وكشفت المصادر عن تحرك جزء من هذه القوات نحو مدينة عبد الرافع الإثيوبية المحاذية لمحلية القريشة بجانب منطقتي ماي خدرة والحمرة اللتين تقعان في إقليم تغراي المحاذي لولاية القضارف بطول 110 كلم.

وأوضحت الصحيفة أنّ هذه التحركات العسكرية تأتي بعد معارك وقعت الثلاثاء الماضي بين الجيش السوداني والقوات الإثيوبية، حيث نجح الأول في استعادة 20 ألف فدان كان يسيطر عليها الإثيوبيون منذ عام 1995.

واجه الجيش الإثيوبي الحشد المصري - السوداني بحشد مضاد على الحدود السودانية - الإثيوبية

وتُعدّ مستوطنة قطراند الإثيوبية الواقعة داخل الأراضي السودانية معقلاً ومركزاً للقوات والميليشيات الإثيوبية، بحسب "سودان تربيون".

وسبق الحشد العسكري الإثيوبي تأكيدات على إتمام الملء الثاني في موعده في تموز (يوليو) القادم، متجاهلة التحذير المصري والرفض السوداني.

ويعرّض الملء الثاني أحادياً ملايين المواطنين في السودان ومصر لخطر نقص المياه، خصوصاً إذا ما تزامن مع موسم جفاف.

اقرأ أيضاً: السيسي يدعو المصريين إلى "الصبر والتأني" في ملف سد النهضة

ويستبعد مراقبون اللجوء إلى الحل العسكري قريباً، معتبرين أنّ الحشد والحشد المضاد مؤشر على توتر الأوضاع وارتفاع حدة تلك التوترات، وينذر بالخطر، غير أنه خطر سيدفع الأطراف الدولية إلى تسريع جهودها لامتصاصه والتوصل إلى حلٍّ مرضٍ.

وكانت الولايات المتحدة، عبر مبعوثها جيفري فلتمان خلال جولة استمرت 10 أيام بين الدول الـ3، قد اقترحت على مصر وإثيوبيا الموافقة على اتفاق مرحلي خاص بالملء الثاني، وهو ما رفضته دولتا المصب، وأصرّتا على اتفاق شامل. 

من جانبه، قال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي: إنّ أمريكا تستطيع حل مشكلة سد النهضة في أيام قليلة إذا توفرت لديها الإرادة، وإذا توافقت القيادات السياسية في مصر وأمريكا التي تسعى الآن بصورة عاجلة إلى تجنب تفاقم الموقف بسبب مضي إثيوبيا في طريقها نحو الملء الثاني.

اقرأ أيضاً: إثيوبيا لا ترغب في اتفاق شامل حول سد النهضة... ما القصة؟

وأوضح شراقي، بحسب ما أورده موقع مصراوي، أنه في الوقت نفسه يسعى الاتحاد الأفريقي لاستئناف المفاوضات بعد زيارة رئيس الاتحاد إلى الدول الـ3، مضيفاً: "إثيوبيا والاتحاد الأفريقي وأمريكا اقترحوا الاتفاق على الملء الثاني في الوقت الراهن، لكنّ مصر والسودان ترفضان الحل الجزئي وتصرّان على اتفاق شامل وملزم".

وقال شراقي، إنه أمام الإصرار المصري السوداني على توقيع اتفاق شامل سيعدّل الاتحاد الأفريقي وأمريكا من عرضهما في الأيام المقبلة، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ خطوات سريعة والتنسيق مع شركاء إقليميين ودوليين، حتى لا نتفاجأ بتحركات إثيوبية مباغتة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية