حصاد 2020.. سقوط ورقة التوت عن النظامين الإيراني والتركي

حصاد 2020.. سقوط ورقة التوت عن النظامين الإيراني والتركي


27/12/2020

غنوة كنان

انكشفت حيل النظامين التركي والإيراني لتغطية أطماعهما الإقليمية خلال عام 2020 تحت شعارات براقة، وسقطت أوراق التوت عن خطط النظامين للتوسع وكسب النفوذ في المنطقة.

وبعد أن قدم نفسه للاتحاد الأوروبي على أنه الحاكم الإسلامي المعتدل والمؤمن بالعديد من الحقوق كالمساواة واحترام الأديان وحرية الصحافة طمعاً بأن تصبح بلاده من أعضاء الاتحاد، سقطت ورقة التوت عن شخصية الرئيس التركي رجب أردوغان، في عام 2020 وظهر على حقيقته، كما كان عام العقوبات والأزمات الخارجية والداخلية بالنسبة لتركيا.

تسببت تصرفات أردوغان لهذا العام في ازدياد عزلة تركيا وانهيار اقتصادها وخسارتها للعديد من حلفائها، فلم يحسب أردوغان أي حساب لتصريحاته المثيرة للجدل وانتهاكاته للعديد من الصراعات في المنطقة، ولم يبقَ له سوى إيران وحماس، ليعود ويغازل الدول الأوروبية وإسرائيل، طالباً فتح صفحة جديدة.

أزمة اللاجئين

سمح أردوغان للاجئين بالتدفق إلى الشواطئ والحدود البرية مع أوروبا بعد إطلاقه لعدة تهديدات بأنه لن يمنع أولئك اللاجئين من مغادرة الأراضي التركية للاتحاد الأوروبي، في حين بقي اللاجئون في مخيمات على الحدود اليونانية التركية يعيشون في ظروف مأساوية وتقطعت بهم جميع السبل.

واستخدم أردوغان اللاجئين لسنوات كورقة ضغط وابتزاز ضد الاتحاد الأوروبي، على الرغم من اتفاق الجانبين الذي يقضي بمنع تدفق اللاجئين إلى الأراضي الأوروبية مقابل تقديم المساعدات من الاتحاد.

وباكتشاف لعبته الخبيثة، سقطت آخر وريقات التوت عن أردوغان الذي لعب على وتر الإنسانية والأخوة الإسلامية مع اللاجئين، وتحصن بهذه اللعبة لسنوات.

أزمة المتوسط

ارتكبت أنقرة انتهاكاً كبيراً آخر هذا العام بعد أن أرسلت سفناً للقيام بأنشطة التنقيب عن الغاز في مناطق متنازع عليها في شرق المتوسط مع اليونان وقبرص، وهو أمر واجه انتقادات كبيرة من الاتحاد الأوروبي.

وفي يوليو الماضي أرسلت أنقرة سفينة عروج ريس إلى المياه الإقليمية المتنازع عليها في شرق المتوسط الغنية بموارد الطاقة والغاز الطبيعي وذلك بحثاً عن أي ورقة ينقذ بها اقتصاد بلاده المنهار.

وأسهمت زيارة أردوغان لجمهورية قبرص الشمالية، غير المعترف بها دولياً، في تعزيز التوتر مع الاتحاد الذي رد أخيراً بفرض عقوبات على تركيا.

ناغورنو قره باغ

كشف الصراع في إقليم ناغورنو قره باغ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا ساحة أخرى للتوتر بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة، وفضح انتهاكاً آخر يكشف استغلال أردوغان للاجئين السوريين الذين حولهم لمرتزقة للقتال في الإقليم، حيث تدخلت أنقرة عسكرياً في النزاع لصالح أذربيجان.

واعتبر أعضاء البرلمان الأوروبي أن ما قامت به أنقرة هو محاولة أخرى لبسط نفوذها وطالبوا بفرض العقوبات على تركيا لردعها.

ودخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خط الأزمة ليندد بالتدخل التركي، ويدعو إلى تدخل دولي يقطع على تركيا طريق المشاركة في عمليات حفظ السلام.

الأزمة الليبية

أصبحت ليبيا خلال العام ساحة بارزة لانتهاكات أردوغان، فلطالما كان التدخل العسكري التركي في ليبيا سبباً يعرقل عدم التوصل إلى اتفاق.

كما انتقد الاتحاد الأوروبي مذكرة التفاهم بين أنقرة وحكومة طرابلس بشأن ترسيم الحدود البحرية، معتبراً أنها تنتهك الحقوق السيادية للدول الأخرى.

وصادق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم الدوري في سبتمبر الماضي على عقوبات أوروبية طالت شركة تركية بسبب خرقها حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.

ولم تكن إيران في وضع أفضل من تركيا، فقد كشف هذا العام هشاشة النظام الإيراني وميليشياته بعد عدة خسائر وانهيار اقتصادي، إضافة إلى الانتقادات الدولية لانتهاكاتها الإنسانية بحق معارضي النظام الإيراني والمحتجين.

قاسم سليماني

تلقت إيران في بداية العام الجديد ضربة قوية لنفوذها في الشرق الأوسط بعد مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بغارة أمريكية قرب مطار بغداد.

وبعد موجة تهديدات من قبل النظام الإيراني بالرد، لم تقوَ إيران سوى على ضربات صاروخية لأهداف أمريكية في العراق لم تسفر سوى عن خسائر مادية.

الطائرة الأوكرانية

وفي 8 يناير سقطت طائرة ركاب أوكرانية عقب إقلاعها من مطار الخميني في طهران متجهة إلى كييف، ما أسفر عن مقتل 176 شخصاً كانوا على متنها.

وأصيبت الطائرة بصاروخ أثناء الضربات الصاروخية الإيرانية لقاعدتين أمريكيتين في العراق رداً على مقتل سليماني.

انتهاكات حقوقية وإنسانية

أقدمت إيران هذا العام على العديد من الانتهاكات ضد معارضين لحكمها، ما تسبب بالعديد من الانتقادات الدولية والتنديدات، إذ قام النظام الإيراني بإعدام المصارع نافيد أفكاري لمشاركته في الاحتجاجات، كما قامت بإعدام الصحفي روح الله زم بسبب نشره حقائق عن رجال السلطة في إيران.

وإضافة إلى ذلك قام النظام الإيراني باعتقال العديد من النشطاء والمعارضين والصحفيين بما فيهم النساء، إلا أن حملة فضح الانتهاكات الحقوقية في إيران استمرت على قدم وساق في عام 2020 بقيادة نشطاء داخل إيران وجوقة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المؤسسات الدولية من منظمة العفو الدولية إلى الأمم المتحدة.

وأصدر الاتحاد الأوروبي قراراً بالإجماع يدين الاعتقالات التعسفية والتعذيب واحتجاز الرهائن السياسيين في إيران، كما أعطى الضوء الأخضر للدول الأعضاء في الاتحاد لمتابعة ما يسمى بعقوبات ماغنتسكي ضد الأفراد المتورطين بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران.

أزمة كورونا

لم تمر أزمة كورونا مرور الكرام في إيران، حيث كان سوء مواجهة النظام الإيراني للأزمة مكلفاً جداً، وكانت إيران المصدر الأساسي للوباء في الشرق الأوسط وبؤرة الوباء.

وأصاب وباء كورونا في إيران عدداً كبيراً من رجال السلطة والسياسيين ما كان تجسيداً لمرحلة الهشاشة التي وصل إليها النظام الإيراني، كما أصاب عدداً كبيراً من الإيرانيين وتسبب بالعديد من الوفيات وكان له العديد من التبعات على الاقتصاد المنهار جراء العقوبات الأمريكية.

وتشير الأدلة إلى أن أول حالة وفاة بكوفيد-19، حدثت في 21 يناير في مدينة «قم»، وعلى الرغم من ذلك فشل المسؤولون الإيرانيون في الاعتراف بتفشي المرض حتى 19 فبراير.

وتضاعف انتشار الوباء بسبب عدم فرض الحجر الصحي على «قم» لأسباب دينية واقتصادية وبسبب زيادة السفر إليها انتشر الفيروس بسرعة في المحافظات المجاورة، ثم في جميع أنحاء البلاد.

وأفسدت الضغوط المالية وسوء الإدارة والفساد منذ سنوات قدرة العاملين الصحيين على التعامل مع الأزمة، مع نقص في كل شيء من الأقنعة إلى أجهزة التنفس الصناعية إلى أسرة العناية المركزة.

ومع استمرار الوباء، يدور الجدل الآن حول ما إذا كان يمكن توفير لقاح مصنوع في الخارج للشعب الإيراني، ومتى؟

رفض إقليمي

كانت المظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت في العراق ولبنان، والتي نددت بالوجود للميليشيات الإيرانية كحزب الله والانتهاكات الإيرانية، أكبر تجسيد للرفض الإقليمي للتواجد الإيراني ودليلاً على الفشل الإيراني في تحقيق خطط التمدد الإقليمي.

حرية التعبير

في عام 2020 تراجعت إيران 3 مراكز في مؤشر حرية الصحافة العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدون، وتحتل الآن المرتبة 173 من أصل 180.

وأدى الوضع السياسي غير المستقر في بداية العام، والذي تفاقم بعد أن أسقط الحرس الثوري طائرة الركاب الأوكرانية في 8 يناير، إلى حملات قمع متتالية من قبل النظام الإيراني على وسائل الإعلام الرئيسية ووسائل التواصل الاجتماعي.

ووقعت سلسلة من المداهمات على منازل الصحفيين في جميع أنحاء إيران، حيث استولت السلطات على أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية الخاصة بالمراسلين ومقتنياتهم الشخصية الأخرى.

ومنذ تفشي فيروس كورونا، بذلت السلطات والحرس الثوري جهوداً متواصلة لخنق الإبلاغ الدقيق عن حقيقة الوباء.

عن "الرؤية" الإماراتية

الصفحة الرئيسية