حماس تفجر معركة خلافة عباس

حماس تفجر معركة خلافة عباس


27/06/2018

فجّرت تصريحات رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المحسوب على حركة حماس عزيز دويك حول أحقيته بخلافة رئيس السلطة محمود عباس ردود فعل غاضبة في صفوف قيادات حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي اعتبرت أن إثارة هذه المسألة في هذا التوقيت هي محاولة لتأجيج الفتنة وحرف الأنظار عن صفقة القرن التي ينتظر أن تعلن عنها الإدارة الأميركية قريبا.

وقال عزيز دويك بعد غياب إعلامي طويل، إنه في حال تعذّر على الرئيس القيام بواجباته، أو في حال غيابه تحت أي عذر أو ظرف، أو وفاته، فإن الرئيس المقبل حسب القانون والدستور في هذه الحالات هو رئيس المجلس التشريعي.

وأضاف لوكالة سما الفلسطينية “أنا الآن رئيس المجلس التشريعي وبالتالي سأكون أنا أو أي شخص غيري يتقلد هذا المنصب هو الرئيس القادم”. وحذر دويك من أن الفوضى ستعمّ في حال تجاوز السلطة للدستور والقانون الأساسي.

ويرى مراقبون أن تصريحات دويك تطرح الكثير من التساؤلات، خاصة وأن الأخير لم يبد أي إشارة بشأن رغبته في التنحي رغم اشتداد مرضه، حيث أنه اضطر في الآونة الأخيرة إلى دخول المستشفى في أكثر من مناسبة وفي فترات متقاربة. ويشير هؤلاء إلى أن ما صرّح به دويك ليس بريئا من حيث توقيته وقد جاء في أعقاب جولة في المنطقة قام بها جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي والمبعوث الخاص للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، والتي ركزت على التسويق لخطة السلام الأميركية ودعم قطاع غزة.

وكان كوشنر صرّح قبيل مغادرته للمنطقة بأن خطة السلام التي تعدها الإدارة الأميركية ستعلن قريبا وسيتم المضي فيها مع الرئيس محمود عباس أو من دونه، موجها انتقادات للأخير متهما إياه بالتشبث برؤى الماضي حيال حل القضية الفلسطينية.

وتشهد العلاقة بين عباس والإدارة الأميركية حالة قطيعة على خلفية قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر ونقل السفارة إليها.

وشكّل تصريح كوشنر بمضيّ إدارته قُدما في ما يسمى صفقة القرن بعباس أو من دونه إشارة إلى البعض بأن الولايات المتحدة مستعدة لتجاوز السلطة الفلسطينية ولمَ لا قد تفكر في الرهان على طرف آخر، ومن هنا تحاول حركة حماس استغلال الوضع وتقديم نفسها على أساس أنها البديل الأفضل.

ويشير مراقبون إلى أن ما يجعل حماس متحمسة أكثر للعب دور متقدّم في عملية السلام الملغومة هو أن ما سرب عن صفقة القرن يتضمن إقامة كيان مستقل في قطاع غزة الذي تسيطر عليه الحركة الإخوانية، مع تمتّع الضفة الغربية (تستثنى منها المستوطنات) بما يشبه الحكم الذاتي.

وقال أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إن “هناك من أيقظ دويك ليتحدث بهذه اللغة بعد أن غاب طويلا ولم نسمع له ولو تصريحا واحدا خلال فترة الاشتباك الطويلة بين شعبنا وقيادته من جهة والاحتلال وداعمته أميركا من جهة ثانية”.  وأضاف مجدلاني أن “حماس مهّدت لما تريده مبكرا عندما أوقفت في شهر يناير كل ما تم التوصل إليه من اتفاقيات حول المصالحة”.

وتابع “حماس أخذت لاحقا موقفا انتظاريا من الاشتباك الذي خاضته القيادة مع واشنطن، وعندما اتضح لها طبيعة التحرك الأميركي وهو كيان سياسي في غزة وتقاسم وظيفي في الضفة سعت لتقدم نفسها كبديل”. واعتبر أن تصريحات دويك “تأتي في هذا السياق وليس في أي سياق آخر”.

وأعرب قاضي القضاة، مستشار الرئيس للشؤون الدينية محمود الهباش عن خشيته أن يكون كلام دويك جزءا من التمهيد لما يسمّى صفقة القرن، أو بمثابة رسائل اعتماد من حماس لدى الإدارة الأميركية مفادها أننا جاهزون للتفاوض بأقل ما يمكن من شروط بما فيها القبول بالدولة المؤقتة.

وينص القانون الأساسي الفلسطيني، على أن يتسلم رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة بشكل مؤقت، في حال غياب الرئيس لمدة لا تزيد على 60 يوما تجرى خلالها انتخابات رئاسية. وفي حين تقول حماس إن رئيس المجلس هو دويك، تصرّ فتح أن فترة رئاسة المجلس انتهت، ناهيك عن أن المجلس معطل منذ حوالي 10 أعوام، ويجب البحث في مصيره عبر المجلس المركزي.

ويرى البعض أن تفجير حماس لمسألة خلافة عباس قد يكون أتى بُعيد تفاهمات جرت بعيدا عن الأضواء مع الإدارة الأميركية.

وتتعزز هذه الفرضية مع ما أبدته إسرائيل من انفتاح على مطالب حماس ومنها إنشاء محطة للطاقة الشمسية -لكن على أراضيها- لتزويد قطاع غزة بالكهرباء وأيضا إمكانية بناء ميناء بحري في القطاع.

وذكرت السلطات القبرصية، الثلاثاء أنها تدرس طلبا إسرائيليّا ببناء مرفق بحري على الجزيرة لتوصيل البضائع إلى غزة مباشرة.

وعلّق مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على الطلب حيث قال متحدث باسمه إن “وزير الدفاع إضافة إلى عناصر من المجتمع الدولي يقودون العديد من المبادرات التي تهدف إلى تغيير الواقع في غزة”.

وقال أحمد فؤاد أنور، أستاذ العبري الحديث بجامعة الإسكندرية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن إطلاق واشنطن صفقة القرن، في هذا التوقيت رغم رفض السلطة الفلسطينية، يعني أن تفاهمات أميركية جرت مع حركة حماس.

وأكد فؤاد أنور لـ”العرب”، أن حركة حماس انقلبت على السلطة وانفصلت بغزة بعد رحيل ياسر عرفات، وتبدو كمن يعدّ سيناريو تراجيديّا مشابها لمدّ نفوذها للضفة الغربية بعد رحيل الرئيس محمود عباس، وهو احتمال غير مستبعد في ظل تقدّمه في السن ودخوله المستشفى عدة مرات وفي حالة صحية حرجة.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية