حين تكون آخر دعواهم: "الله يرحم لبنان"

حين تكون آخر دعواهم: "الله يرحم لبنان"


15/01/2022

تختصر عبارة "الله يرحم لبنان" المآسي التي يتعرض لها هذا البلد الذي تعصف به الأخطاء والسياسات الارتجالية والفوضى. وليس وضع علم الكويت مكان علم الإمارات إلا واحداً من أخطاء "السيستم" الذي يعاني من أدنى المهارات، وهي البروتوكول.

الأسبوع الماضي، أعرب مغردون إماراتيون عن استيائهم من إهمال الدولة اللبنانية، جراء تثبيت علَم الكويت بدلاً من علَم الإمارات خلال الاحتفال بافتتاح مستشفى محمد بن زايد في البيال في وسط بيروت.

علم الكويت مكان الإمارات

وظهر في الصورة التي نقلتها وسائل إعلام إماراتية، علَم الكويت بدلاً من علَم الإمارات مثبتاً الى جانب العلَم اللبناني في حفل افتتاح المستشفى برعاية رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، وحضور وزير الصحة فراس الأبيض.

وتداول مغردون إماراتيون صورة للعلَم، وأعربوا عن استيائهم من "الإهمال" و"تخويل أشخاص غير مؤهلين في تفاصيل الدولة". وقال أحدهم: "الله يرحم لبنان".

يشترك غالبية الساسة على أنّ معضلة لبنان لا يمكن حلها بدون حل وجود السلاح بيد حزب الله، وبدون إلزام الحزب بالتقيد بالتقاليد السياسية والابتعاد عن استفزاز الدول العربية

ونشرت سفيرة لبنان السابقة لدى الأردن ترايسي شمعون تغريدة على "تويتر"، قالت فيها: "وضع علم الكويت بدل الإمارات. هالشي لا بدو مازوت، ولا دولار، ولا اجتماع الحكومة، ولا طاولة حوار ولا استراتيجية دفاعيّة. بدّو مخّ. للأسف بعض يللي عم بيديروا الدولة اليوم بلا مخّ".

وفي وقت لاحق، عصر الخميس، أصدرت مديرية المراسم والعلاقات العامة في رئاسة مجلس الوزراء بياناً توضيحياً، جاء فيه: "رداً على ما يتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي لجهة وضع علم دولة الكويت، بدلاً من علم الإمارات العربية المتحدة، أنه خلال التحضير لافتتاح مركز الشيخ محمد بن زايد الاستشفائي، الذي تبرعت به مشكورة دولة الإمارات العربية المتحدة، نُشرت أعلام دولة الإمارات الشقيقة داخل المركز وخارجه وعلى لوحة الإعلان الأساسية على النحو الذي تظهره الصور الموزعة، إلا أنّ خطأ حصل نتيجة التباس لدى أحد الموظفين لجهة العلم الذي وضع على المنصة بجانب العلم اللبناني، بحيث وضع علم دولة الكويت، بدلاً من علم دولة الإمارات، فاقتضى التوضيح والاعتذار".

أزمات متدحرجة بلا هوادة

هذه أقل الأخطاء التي يقع فيها لبنان، الذي ما انفك يعاني من أزمات متدحرجة بلا هوادة، إذ انخفض الدولار، نهاية الأسبوع الماضي، بمعدّل كبير مبتعداً بنحو 5500 ليرة عن المستوى الأعلى الذي سجّله منذ أيام. وضمن سلسلة تراجعاته، وصل الدولار الجمعة 14 الجاري، إلى نحو 28000 ليرة للشراء، ونحو 28100 ليرة للمبيع.

اقرأ أيضاً: خميس الغضب: اللبنانيون يعودون إلى الشوارع... فهل من تغيير؟

ومن المتوقع أن يشهد الدولار بعض الانخفاض الطفيف، من دون التخلّي عن احتمال الارتفاع في أي وقت، على وقع استمرار الأجواء السياسية السلبية.

وفي غضون ذلك، تسلك أسعار المحروقات طريق الارتفاع المتواصل، ولا يوقفها بعض الانخفاض بمستويات ضئيلة. وبعد ارتفاعها الخميس، سجّلت الأسعار تراجعاً طفيفاً بلغ 2200 ليرة على صفيحتيّ البنزين من عيار 95 و98 أوكتان، و11600 ليرة على صفيحة المازوت، و9800 ليرة على قارورة الغاز، لتصبح صفيحة البنزين من عيار 95 أوكتان بـ375600 ليرة، والصفيحة من عيار 98 أوكتان بـ388400 ليرة. أما صفيحة المازوت فأصبح سعرها 398400 ليرة، فيما قارورة الغاز باتت بـ349700 ليرة.

اقرأ أيضاً: لبنان: في الجدل حول "الاحتلال الإيراني"!

ويقدر محللون اقتصاديون أنه وبعد تحرّك الأسواق العالميّة والخروج تدريجياً من المحنة الاقتصاديّة التي رافقت تفشّي وباء كورونا، تستعد المصارف المركزية في الدول المتطورة لرفع معدلات فوائدها، لاستيعاب معدلات التضخّم المرتفعة التي غالباً ما تصاحب الارتفاع السريع في معدلات النمو الاقتصادي. وهذا التطور، سيكون له آثار كارثيّة على الدول النامية، ومنها لبنان الذي بات يعتمد في اقتصاده على حركة الدولار النقدي، وتدفّقه إلى السوق المحلية، عوضاً عن حركة السيولة داخل النظام المالي.

تغريدة للسفيرة اللبنانية ترايسي شمعون: وضع علم الكويت بدل الإمارات. هالشي لا بدو مازوت، ولا دولار، ولا اجتماع الحكومة.. بدّو مخّ. للأسف بعض يللي عم بيديروا الدولة بلا مخّ

ويرى المحلل الاقتصادي اللبناني علي نور الدين أنّ أي ضمور في حركة النقد بالعملات الأجنبيّة وتدفّقها إلى الأسواق، نتيجة ارتفاع معدلات الفوائد، سيكون له أثر بالغ على ما تبقى من تحويلات نقدية وافدة إلى السوق اللبنانية، بما فيها تلك يجنيها المغتربون العاملون في البلدان النامية.

الإصلاح يبدأ بحزب الله

وفي غمرة هذه الاختناقات، يعتقد سياسيون لبنانيون أنّ الطريق إلى إصلاح الوضع في لبنان يبدأ بسلاح حزب الله؛ حيث يقول رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة: "لديّ قناعة بأنّ مشروع حزب الله اقترب من نهايته، وهناك مجموعتان من الشيعة: مجموعة تزهو بالسلاح وغلوّه، ومجموعة تسأل عن مصير البلد وإلى أين يأخذه حزب الله ويأخذ الشيعة ويضعهم في مواجهة اللبنانيين والعرب".

اقرأ أيضاً: لبنان.. التصدع يضرب بيت حلفاء حزب الله

ويشدّد السنيورة على ضرورة إصلاح الخلل في السياسة الخارجية، والحرص على العلاقة بالمجتمعين العربي والدولي، والتوقف عن استفزاز العرب ودول الخليج بما يعتمده حزب الله من سياسات.

وفي سياق متصل، يحدّد رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، معيارين أساسيين سيخوض حزب الكتائب الانتخابات اللبنانية المقبلة على أساسهما، أولاً "موضوع السيادة وموضوع حزب الله، لأنه لا يمكن بناء دولة بوجود سلاحين، ولا يمكن ترك حزب الله مسيطراً بهذا الشكل على المجلس". وأوضح الجميّل، في حوار مع موقع "المدن": الهدف أولاً "هو سحب الشرعية من حزب الله الذي يمسك الآن بالشرعية. اليوم، لسنا قادرين على إنهاء ظاهرة السلاح، إلا أننا قادرون على سحب هذه الشرعية". والمقصود هو الشرعية التي يعطيها مجلس النواب ومجلس الوزراء لحزب الله وسلاحه، فـ"السلاح يسيطر على الدولة، وبالتالي، الدولة تعطي الشرعية لهذا السلاح. يهمنا سحب الشرعية الرسمية". وهذا "أول عمود فقري في هذه المعركة، المعركة السيادية وإسقاط شرعية السلاح في الحكومة والمجلس".

اقرأ أيضاً: حاكم المصرف المركزي اللبناني ممنوع من السفر... ما القصة؟

ويشترك غالبية الساسة في لبنان على أنّ معضلة بلدهم لا يمكن حلها بدون حل وجود السلاح بيد حزب الله، وبدون إلزام الحزب بالتقيد بالتقاليد السياسية والابتعاد عن استفزاز الدول العربية، وبخاصة دول الخليج الذي يمعن الحزب في الإساءة إليها.

آخر إساءات حزب الله

وكان آخر إساءات حزب الله تجاه السعودية، رعايته لما يسمى "لقاء المعارضة في الجزيرة العربية"، الذي نظمه الحزب في معقله بضاحية بيروت الجنوبية، "لإحياء ذكرى إعدام رجل الدين الشيعي، نمر باقر النمر".

وفي تعليقه على إقامة هذا المؤتمر، قال المحلل السياسي اللبناني أسعد بشارة، لموقع "الحرة": "نحن نشهد على فصل جديد من فصول تدمير علاقات لبنان مع السعودية وباقي دول الخليج، وتأكيد آخر على أنّ لبنان في حضن إيران"، في حين رأى المحلل السياسي والإستراتيجي السعودي، محمد الحربي، في هذا المؤتمر، "خطوة أخرى تثبت أنّ حزب الله يتغاضى عن الحقيقة والواقع اللبناني الصعب، لأنه قوة ظلامية تسيطر على منطق الدولة ومفاصلها، حيث لا قدرة للحكومة على تغيير شيء".

اقرأ أيضاً: لا خبز في لبنان اليوم ... هل تستمر الأزمة؟

من جهته، أعرب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي عن أسفه لعقد المؤتمر، معتبراً أنه يُلحق الضرر بمصالح لبنان واللبنانيين، ويدل على التدخل في شؤون الدول العربية، مشيراً إلى أنه لا يمكنه منع إقامة مجلس عزاء، ولكن يمكن مطالبة القائمين عليه بعدم الإساءة إلى علاقات لبنان وإلى دول شقيقة وصديقة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية