حين يسعى العالم إلى مساءلة فيسبوك

حين يسعى العالم إلى مساءلة فيسبوك


05/12/2018

عن دورهِ في "ترويج الأكاذيب والأخبار المزيفة"، عزّزت 9 دولٍ مؤثرة في عالمنا المعاصر، خطواتها الساعية إلى تحويلِ نقدها لـ "فيسبوك"، نحو اتخاذ خطواتٍ من أجل محاسبة عملاق التواصل الاجتماعي بسبب "إخفاقاته في حماية بيانات المستخدمين ووقف الأخبار المزورة"، لا سيما مع علامات الاحتقار التي يظهرها مؤسسُ الموقع ومديرهُ مارك زوكربييرغ لتلك الجهات الداعية لمساءلته، وإصرارهِ على عدم حضور جلسات استماعٍ ونقاشٍ في دول عدة خارج أمريكا.

اقرأ أيضاً: خاصيّة جديدة تنافس فيها فيسبوك يوتيوب... تعرّف إليها

الأسبوع الماضي، واجهت شركة "فيسبوك" هجوماً جديداً من منظمي اجتماع في لندن كانوا يمثلون كندا وفرنسا وبريطانيا وست دول أخرى، كشفوا فيه على انزعاجهم من عدم قدرة الموقع الأبرز بين شبكات التواصل الاجتماعي على وقف انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت، وحماية بيانات المستخدمين الشخصية.

وعكست سلسلةُ تعليقات التوبيخ والإدانة، في جلسةٍ مشتركة نادرة شهدتها لندن وضمت صنّاعَ السياسة من جميع أنحاء العالم، الحجمَ الهائل للقلق العالمي المتزايد من "ممارسات إدارة فيسبوك والإحباط المتزايد من الرئيس التنفيذي للشركة، مارك زوكربيرغ، الذي رفض المثولَ أمام المشرعين (في أوروبا بخاصة) ومعالجة تلك الانتقادات مباشرة.

لجنة الخصوصية العليا

وقال تشارلي أنجوس، نائب رئيس "لجنة الخصوصية العليا" في كندا: "بينما كنا نلعب على هواتفنا وتطبيقاتنا، يبدو أنّ مؤسساتنا الديمقراطية، وهي شكل حوارنا المدني، شهدتها تفتيشاً منظماً من قبل أصحاب الملايين من كاليفورنيا" في إشارة إلى زوكربيرغ ومقر شركته فيسبوك في كاليفورنيا، مشدداً "علينا أن نبدأ النظرَ في طريقة لمساءلة فيسبوك".

أشار أحد أعضاء البرلمان في سنغافورة، إدوين تونغ، إلى وظيفة انتشرت في سريلانكا عبر فيسبوك دعت إلى قتل المسلمين

عضو مجلس العموم البريطاني، داميان كولينز، الذي نظّمَ الاجتماعَ وترأسه، أعربَ عن أسفه "لنمط ثابت من فيسبوك كان يفشل دائماً في الحفاظ على معلومات المشتركين، أكانوا شخصيات أم هيئات وتجمعات وبما جعل تلك المعلومات عرضةً للسطوِ والتلاعب، كما حصل على يد ممثلي جهات روسية في عام 2014، وحينها سأل الشركة: "ألا ترون أنّ هذا قد تسبّب في خرقٍ كبيرٍ للثقة؟".

كان ريتشارد آلان، نائب رئيس "فيسبوك"، قد سجّل حضوره بديلاً لزوكربيرغ. وتحت حصار من المشرعين الدوليين، اعترف آلان بأنّ فيسبوك "أضرَّ بالثقة العامة بسبب بعض الإجراءات التي اتخذناها." وعندما سئل عن سبب غياب زوكربيرغ، اضطر آلان للاعتراف بأنّ ذلك "ليس جيداً".

اقرأ أيضاً: هل ينجح "هكر" في اختراق حساب مارك زوكربيرغ على فيسبوك؟

وإلى جانب ممثلي بريطانيا، كان هناك مشرّعون من الأرجنتين وبلجيكا والبرازيل وكندا وفرنسا وأيرلندا ولاتفيا وسنغافورة. وتمثل البلدان مجتمعة أكثر من 446 مليون شخص – في سعيها للتعامل مع "العواقب الواقعية للعلل الرقمية في وسائل الإعلام الاجتماعية".

المخاوف من التلاعب السياسي على وسائل التواصل الاجتماعي -خاصة خلال الانتخابات الوطنية- أصبحت عالمية

وبعض تلك الدول، بما في ذلك البرازيل، واجه الانتشار السريع للأكاذيب حول الانتخابات الوطنية على كلٍّ من شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك وخدمة  WhatsApp للاتصال الرقمي.

وقد هدد البعضُ الآخر من المشاركين (ينتمون  إلى الاتحاد الأوروبي)، بقانونٍ أكثر صرامة حول الطريقة التي تجمعُ بها عمالقة التكنولوجيا في وادي السيلكون (كاليفورنيا- أمريكا) البيانات الخاصة بالمشتركين وتراقب منصاتهم بما يجعلها عرضةً للإساءة.

وقال آلان، نائب رئيس "فيسبوك" رداً على ذلك: "نحن نفعل اليوم شيئاً جديداً. كانت هناك أشياء نفتقدها، أو أننا لم نركز بما يكفي على حماية الخصوصية أو كنّا بطيئين جداً في الاستجابة".

مبادئ دولية؟

وقع ممثلو الدول التسع في وقت لاحق مجموعةً من "المبادئ الدولية للقانون الذي يحكم الإنترنت"، مما يشير إلى مزيد من التدقيق في الفيسبوك وغيرها من شركات وسائل الإعلام الاجتماعية التي لا تزال تتطور وتنتشر وتتجدد.

وفي غضون ذلك، وتحديداً في الولايات المتحدة، عقد أعضاءٌ في مجلس الشيوخ جلسة استماع لأعضاء في لجنة التجارة الفيدرالية، وهي الهيئة التي تحقق في خروقات فيسبوك للخصوصية، وهو ما أدى إلى انخفاض جديد لسهم فيسبوك في البورصة الأمريكية ليصل إلى 135 دولاراً.

أعربت العديد من الدول عن مخاوفها من أنّ فيسبوك لا يزال غيرَ مجهّزٍ بمحاربة الجهات الأجنبية الفاعلة

على مدى أشهر، قاوم زوكربيرغ تقديم شهادته في بريطانيا، حيث قام أعضاء في البرلمان بالتحقيق في انتشار المعلومات الخاطئة والدور الذي أدته الاستشارات السياسية لشركة "كامبريدج أناليتيكا" حول تصويت بريطانيا على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وقد تمكنت الشركةُ بشكل غير سليمٍ من الوصول إلى البيانات الخاصة بالملايين من مستخدمي فيسبوك، مما دفع المنظّمين في بريطانيا إلى فرض غرامة على فيسبوك هذا العام بسبب الفشل الأمني، رغم أنّ الشركة قالت إنها تنوي الاستئناف.

لكن المخاوف من التلاعب السياسي على وسائل التواصل الاجتماعي - خاصة خلال الانتخابات الوطنية - أصبحت عالمية. في تشرين الأول (أكتوبر)، بدأت دول مثل الأرجنتين والبرازيل وكندا وسنغافورة تضيف أصواتها إلى الدعوات البريطانية إلى زوكربيرج للإدلاء بشهادته. لكن فيسبوك، على نحو متكرر، أكدت أنّ رئيسها التنفيذي لن يتمكن من الظهور، واختار هذا الشهر إرسال نائبه آلان بدلاً منه إلى بريطانيا.

تفكيك فيسبوك؟

وجاء المشرعون إلى أول جلسةٍ دولية مشتركة يستضيفها مجلس العموم البريطاني منذ عام 1933، وكانت غاضبةً ومسلحة بمجموعة من الشكاوى. وأعرب العديدُ من الدول عن مخاوفه من أنّ فيسبوك لا يزال غيرَ مجهّزٍ بمحاربة الجهات الأجنبية الفاعلة، بما في ذلك العملاء الروس، الذين يسعون إلى التلاعب بالانتخابات. واقترح أحد المشرّعين من كندا تفكيك الشبكة الاجتماعية والخدمات التي يمتلكها، بما في ذلك WhatsApp وخدمة مشاركة الصور Instagram.

اقرأ أيضاً: هكذا تتخلص من إدمان فيسبوك وإنستغرام..

وبالنسبة لممثلي سنغافورة، فقد كان المصدر الرئيسي للإحباط عندهم، هو نهجُ فيسبوك غيرُ المتسق تجاه خطاب الكراهية وقدرته على وقف إحداث العنف وثقافته في العالم الحقيقي. وأشار أحد أعضاء البرلمان في البلاد، إدوين تونغ، إلى وظيفة انتشرت في سريلانكا عبر فيسبوك، ودعت إلى قتل المسلمين.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية