خبراء إسرائيليون: خطة الضمّ قد تشعل الضفة الغربية

خبراء إسرائيليون: خطة الضمّ قد تشعل الضفة الغربية


كاتب ومترجم فلسطيني‎
24/06/2020

ترجمة: إسماعيل حسن

يحذّر خبراء ومراقبون إسرائيليون من أنّ خطة الضمّ قد تشعل الضفة الغربية، وهم يقدمون للقوى السياسية الخيارات والسيناريوهات القاتمة كافة لما يمكن أن يحدث إذا تمّ الضم، ورغم أننا أمام أسبوع ونصف فقط من الموعد المحدد، مطلع تموز (يوليو) المقبل؛ لبدء الضمّ الفعلي لـ 33% من الضفة الغربية؛ فليس لدى قادة الجيش والأمن أيّة فكرة أرضية عمّا سيحدث، وإذا كان سيتم ذلك على الإطلاق، وقد رأى أمنيون أنّ إطلاق الصاروخ، في 15 يونيو (حزيران) من غزة، بعد فترة طويلة من الهدوء، نحو إسرائيل، هو بمثابة رسالة أولية لأيّ تحرك يجعل الضم وتطبيق السيادة واقعاً على الأرض، ووفق تقديرات المخابرات العسكرية والشاباك؛ فإنّ ردّ حركة حماس سيأتي بعد مواجهات في الضفة، ما يدفع حماس إلى دعوة الغزيين إلى التظاهر والاحتجاج في المناطق الحدودية، ومن ثمّ استئناف مسيرات العودة مجدداً.

 

التداعيات الأمنية للضم

جهاز الأمن لم يعرض بعد تقديراً مرتباً وفتوى مهنية دقيقة بالنسبة إلى التداعيات الأمنية المحتملة لضمّ إسرائيل لأجزاء من يهودا والسامرة، لكنّ "معاريف" علمت بأنّ معظم أذرع الأمن ستقول إنّ هناك احتمالية عالية للعنف في أعقاب خطوة أحادية الجانب كهذه، جهاز الأمن العام "الشاباك"، سيقود التقدير المتشدد؛ ففي المداولات التي أجريت مؤخراً بين الشاباك والجيش الإسرائيلي، وفي مداولات أمنية داخلية، رفع تقدير الشاباك وبموجبه؛ فإنّ ضماً إسرائيلياً أحادي الجانب لمناطق في يهودا والسامرة سيوقظ موجة من العنف ستنشأ على ما يبدو في الجبهة الجنوبية، وبحسب هذا التقدير؛ فقد ينتقل العنف إلى الضفة أيضاً، وفي الحالة الأسوأ سيتحول إلى جولة عنف شاملة بين إسرائيل والفلسطينيين، ربما حتى إلى انتفاضة ثالثة، ومن بين السيناريوهات حلّ السلطة الفلسطينية أيضاً، وإن كان الشاباك وشعبة أمان الاستخبارات العسكرية موحّدين في الرأي؛ بأنّ عباس لا يرغب في إنهاء حياته هكذا؛ فالزعيم الفلسطيني يفكر الآن بإرثه، وحقيقة أنّه سيسجل في التاريخ بأنّ الفلسطينيين انقسموا في عهده إلى كيانين منفصلين، الضفة وغزة، والتقدير هو أنّ        الشاباك سيصدر تحذيراً صريحاً من جولة عنف قد تخرج عن السيطرة، والسؤال هنا: ما تقدير الجيش الإسرائيلي؟

هناك حاجة إلى شعار قوي؛ لهذا فإن السلطة تسير هذه المرة نحو عنوان عاطفي جارف، وهو سلب الأراضي

في أغلب الظنّ مشابه؛ فقد أعدّت شعبة الاستخبارات وثائق يظهر فيها تقدير مشابه لتقدير الشاباك؛ إن بسط السيادة الإسرائيلية على أجزاء من المناطق سيتسبّب بردّ عنيف من الجنوب، وسيبدأ بما يسمى المنظمات المارقة، وبالطبع الجهاد الإسلامي أيضاً، أما حماس فلن تتمكن من الوقوف جانباً، بينما تحتج المنظمات الأخرى على الضمّ وستنضمّ إلى العنف.

هل سينتقل العنف إلى الضفة؟

السؤال الأهم: هل سينتقل العنف في الجبهة الجنوبية إلى الضفة أيضاً؟ يقدّر الشاباك، باحتمالية عالية، أنّ الجواب هو "نعم"، ويميل الجيش الإسرائيلي إلى التقدير أنّ "نعم"، وعلامة الاستفهام الكبرى هي: كيف سيتصرف التنظيم والميليشيا الفلسطينية التي تضمّ عشرات آلاف الأعضاء المسلحين القادرين على إشعال الضفة كلّها بين ليلة وضحاها.

استطلاعات داخلية وأحاديث مع محافل أمنية إسرائيلية تظهر صورة واضحة عن أنّ الجمهور الفلسطيني لا يثق برئيسه عباس

 لقد شكّل انضمام التنظيم إلى العنف، عام 2000، تحوّل الاضطرابات إلى الانتفاضة الثانية؛ فليس على التنظيم سيطرة واضحة، وفي الأسابيع الأخيرة سجلت عدة احتكاكات بين التنظيم وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية، وإذا ما انجرف التنظيم بالفعل إلى العنف كي لا يترك الصدارة لحماس، فسنجد أنفسنا في انتفاضة ثالثة.

 وبحسب التقدير؛ سيكون هذا هو السطر الأخير لدى الشاباك، كذلك لدى الجيش الإسرائيلي، فمن علامات الإستفهام البارزة إضافة إلى انتقال العنف المحتمل إلى الضفة، وانضمام الأردن للمظاهرات، ما الذي سيكون عليه الوضع في الشارع الأردني في مواجهة اضطرابات محتملة في المناطق؟ هل ستجبر الأغلبية الفلسطينية في الأردن الملك على قطع العلاقات مع إسرائيل؟ هل ستنتقل الاضطرابات إلى الأردن أيضاً؟ ما الذي ستكون عليه السياسة العملية لدول الخليج؛ هل تقتصر تصريحات هذه الدول الحازمة على أغراض تصريحية فقط، أم إنّها سياسة حقيقة وجوهرية ستلحق بإسرائيل ضرراً إستراتيجياً لقاء خطوة الضمّ؟ هذه الأسئلة ما تزال مفتوحة وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ما تزال تدرسها في محاولة لبلورة سياسة مرتبة.

اجتماعات سرية

مصادر إسرائيلية كشفت النقاب عن اجتماعات سرية عقدها مسؤولون أمنيون بعيداً عن أيّ مسؤول سياسي, تباحثوا خلالها المخاطر الكامنة في تنفيذ الخطة قريباً من دون أيّ استعداد لذلك، بينما انتقد أمنيون تجاهل المسؤولين السياسيين الجانب الأمني وعدم إطلاعهم على تفاصيل الخطة، لا سيما المواعيد، بغية إشراك الجيش والأجهزة الأمنية لوضع إستراتيجية لمواجهة ردود الفعل الفلسطينية المتوقعة، وبحسب التقديرات الواردة لجهاز الأمن؛ فإنّ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، سيحاول أن يخرج الجماهير إلى الشوارع، ولن ينتظر الإعلان الإسرائيلي الرسمي عن الضم، وإلى جانب المعركة الدبلوماسية، سيخرج في حرب على الوعي، ووجه تعليماته، منذ الآن، لرجاله؛ بأن يخرجوا بمظاهرات منظمة إلى الشارع, بمعنى مظاهرات يقرر مستوى لهيبها الحكم في رام الله، وفي قلب كل مظاهرة كهذه سيتواجد رجال فتح المنظمون في أطر مثل التنظيم، على أمل أن تنضم إليهم جموع أوسع.

إسرائيل ما تزال تتابع منذ زمن تلك الاستعدادات التي تقوم بها السلطة ردّاً على الضم، وعيّن أبو مازن مسؤولين لإدارة أعمال الإخلال بالنظام, ووجههم لبناء خطة لإشعال احتجاج شعبي تحت السيطرة، وتقوم الخطة على أساس قوات موالية، في كلّ واحدة من محافظات السلطة، والفكرة هي إخراج الجماهير إلى نقاط الاحتكاك الدائمة مع الجيش الإسرائيلي، وإغلاق الطرق وخلق صور من الغضب الشعبي تبثّ على كلّ الشاشات، من السعودية حتى واشنطن، وكلّ ذلك منسق مع الملك عبد الله، ملك الأردن؛ إذ إنّ الاشتعال في الضفة سيؤدي إلى اضطرابات في الشارع الفلسطيني وبالأردن.

لا للعب في خدمة السلطة الفلسطينية

 أما الجيش الإسرائيلي فلا يعتزم حالياً اللعب في خدمة السلطة، والتعليمات هي عدم تغيير مشهد القوات في الميدان، ما يعني أنّه لا توجد تعزيزات للقوات، وعلى أيّ حال يوجد في الضفة أكثر من عشر كتائب لحماية المحاور والمستوطنات، تقدر إسرائيل أنّه حتى لو لم يعلن عن الضمّ؛ فإنّ لعباس مصلحة واضحة في استمرار الاضطرابات حتى انتخابات الولايات المتحدة, كي يبثّ لإسرائيل أنّه ليس مجدياً لها تنفيذ الضم، وإذا ما انتخب جو بايدن فكلّ شيء سيتغير.

 على أيّ حال عباس ليس كالراحل، ياسر عرفات، ولا يقترب من قدرة وصورة أبو الأمة الفلسطينية، فقيادة احتجاج الشارع ضدّ الضم تحدٍّ هائل من ناحيته، وقد يجد صعوبة في تحقيق إجماع من قبل قيادة السلطة، مسؤولون مثل حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية، وماجد فرج رئيس المخابرات العامة، لا يريدون المواجهة مع إسرائيل، ويفضّلون استئناف التنسيق الأمني، كما أنّه لم ينجح في تجنيد حماس والجهاد الإسلامي لصالحه، ورغم مساعي عباس لإشعال الضفة، إلا أنّه قلق من عدم استجابة كل الشارع له، فمن استطلاعات داخلية وأحاديث مع محافل أمنية إسرائيلية تفحص الأمزجة في المناطق، تظهر صورة واضحة عن أنّ الجمهور الفلسطيني لا يثق برئيسه عباس، ولا يعوّل عليه في المواظبة على هذا الكفاح، بالتالي؛ لن يسارع للمخاطرة بحياته، والخطاب الآن داخل الشبكات الاجتماعية في الضفة، يركّز على عدم دفع الرواتب لآلاف الموظفين عن شهر أيار، لوجود أزمة مالية، وحتى خطابات عباس الملتهبة عن موت فكرة الدولتين للشعبين لا توقظ الشارع الفلسطيني للانتفاض.

الثقة بعباس

 نسبة معينة من الجمهور الفلسطيني يئست من خيار الدولة المستقلة، وتؤيد صيغة الدولة الواحدة للشعبين، ولن يخرجهم للشارع سوى العنصر الديني، مثل الاستفزاز في الحرم، أو الأزمة الاقتصادية الحادة، وبالفعل خلق عباس، عن عمد، أزمة اقتصادية عسيرة ستشجع الناس على الخروج إلى الشوارع؛ فتخليه عن استردادات الضرائب من إسرائيل، وعن القرض الذي عرضته عليه، تركه مع صندوق تبلغ قيمته 250 مليون شيكل في الشهر، ومن أجل أن يدفع الرواتب لموظفيه يحتاج إلى ثلاثة أضعافه، وليس أقل أهمية من أجل تحريك الجماهير، هناك حاجة إلى شعار قوي؛ لهذا فإن السلطة تسير هذه المرة نحو عنوان عاطفي جارف، وهو سلب الأراضي، وأنّ إسرائيل تواصل سلب أراضينا بخطة الضمّ.

مصدر الترجمة عن العبرية:

https://www.maariv.co.il/news/politics/Article-772673



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية