خبراء يكشفون لـ"حفريات" تفاصيل عن شبكة الموساد في تركيا

خبراء يكشفون لـ"حفريات" تفاصيل عن شبكة الموساد في تركيا


كاتب ومترجم فلسطيني‎
14/11/2021

عبّرت إسرائيل عن قلقها إزاء كشف السلطات التركية خلية عملاء تعمل لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي داخل أراضيها نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وما يترتب على ذلك من أزمة سياسية محتملة بين الجانبين، على اعتبار أنّ كليهما يعيشان أزمة دبلوماسية لم تتعاف منها، رغم الجهود المبذولة منذ حادثة الاعتداء الإسرائيلي على سفن اسطول الحرية، التي كانت متجهة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة أواخر أيار (مايو) 2010.

اقرأ أيضاً: لماذا يستميت الموساد في حل هذا اللغز الأقدم في إسرائيل؟

وسائل إعلام تركية أفادت بأنّ جهاز الاستخبارات التركية ألقى القبض على 5 شبكات تجسس تابعة للموساد الإسرائيلي، بواقع كل شبكة مكونة من 3 أفراد، وذلك بعد متابعة دقيقة استمرت نحو عام، حيث شكل جهاز الاستخبارات فريق مكون من 200 عنصر أمن، من أجل متابعة تحرك العملاء داخل الأراضي التركية.

ورفضت الرقابة العسكرية الإسرائيلية السماح لوسائل الإعلام الإسرائيلية بالنشر حول قضية ضبط خلية التجسس في تركيا، في المقابل سمحت للصحف باقتباس ما ورد فقط في الصحافة التركية، وذلك لأسباب حساسة من شأنها أن تلحق الضرر بالأمن القومي الإسرائيلي.

مهام شبكة التجسس

ونشرت تركيا خفايا عمل شبكة الموساد في الأراضي التركية، والتي تهدف إلى تتبع طلاب فلسطينيين وعرب، والتجسس على الصناعات الدفاعية التركية، والحصول على معلومات بشأن شخصيات فلسطينية ذات صلة بالمقاومة الفلسطينية، إضافة إلى أنّ التحقيقات مع العملاء أظهرت ارتباط بعض العملاء بالعمل مع الموساد منذ عام 2000، ولقاء بعضهم ضباط في الموساد ونقل معلومات لهم.

الخبير العسكري الإسرائيلي، أمير شالوم، قال إنّ "إسرائيل لم تخفِ استياءها من استضافة تركيا لمسؤولين من حركة حماس على أراضيها، في حين إنّ الأشخاص المتورطين الذين تم القبض عليهم بحسب الاستخبارات التركية ليسوا إسرائيليين، وهذا أمر مهم يحول دون تطور شدة الأزمة وحدتها بين إسرائيل وتركيا خلال المرحلة المقبلة".

تمكّن المخابرات التركية من القبض على شبكة كبيرة من عملاء الموساد، سيمنح أنقرة مزيداً من المعلومات عن مهام هذه الشبكة، ما سيشكل ضربة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية

وبين شالوم، أنّ "التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أنّ أي تصريح من أردوغان حول القضية سيخلق أزمة فورية مع إسرائيل، لذلك فهو يرغب بالحفاظ على مساحة من تجاهل الأمر ولو مؤقتاً، بينما يريد أردوغان في المقابل فضح إسرائيل، بعدما منح ضوءاً أخضر لأجهزة الأمن في تسريب مزيد من التفاصيل عن القضية على نطاق واسع".

اقرأ أيضاً: كيف نقرأ اختراقات الموساد الإسرائيلي لإيران؟

أما الخبير الأمني الإسرائيلي، يوسي ميلمان، فقد أوضح أنّ "التقارير التركية التي تتحدث عن ضبط خلية تتبع للموساد قريبة للحقيقة"، مشيراً إلى أنّ "التعتيم الإعلامي في إسرائيل يبقى سيد الموقف، خاصة وأن القضية تعتبر حساسة بالنسبة لإسرائيل، ولا تريد الحكومة أي مساس بالأمن القومي في البلاد".

ضربة قوية لإسرائيل

في سياق ذلك، قال الباحث في الشأن الدولي هاني سليمان إنّ "كشف الاستخبارات التركية شبكة التجسس التابعة لإسرائيل يشكل ضربة مدوية لإسرائيل، على اعتبار أنّ الخلايا الخمس التي ألقي القبض عليها في عدة مناطق تركية، من الخلايا المهمة التي عملت إسرائيل كثيراً على تجهيزها، وتقدم معلومات لصالح إسرائيل منذ سنوات".

وأشار سليمان في تصريحه لـ"حفريات"، إلى أنّ "نشاط شبكات التجسس التابعة للموساد موجه بالدرجة الأولى إلى الجانب التركي، وبالتحديد بالتجسس على الأنشطة الدفاعية التركية، حيث إنّ بعض المرتبطين بالموساد هم طلبة فلسطينيون وسوريون، يدرسون في مجالات الصناعات الدفاعية التركية، إضافة للتجسس على تحركات قادة حماس، وارتباطهم بجماعات الإسلام السياسي وعناصر من جماعة الإخوان المسلمين داخل الأراضي التركية".

وأوضح أنّ هذه القضية "ستؤزم العلاقات الدبلوماسية بشكل أوسع بين الجانبين، خاصة في ظل ما ستسفر عنه نتائج التحقيق الجارية مع المتورطين، كما أن ذلك سيؤثر سلباً على مستقبل التعاون الاقتصادي القوي بين تركيا وإسرائيل، وسيؤثر أيضاً على حركة التمدد الإسرائيلي في الشرق الأوسط، على اعتبار أنّ ذلك سيؤدي إلى فقدان الثقة بالجانب الإسرائيلي".

 الباحث في الشأن الدولي هاني سليمان: نشاط شبكات التجسس التابعة للموساد موجه بالدرجة الأولى إلى الجانب التركي، وبالتحديد بالتجسس على الأنشطة الدفاعية التركية

اقرأ أيضاً: ديدي في مواجهة النووي الإيراني: ماذا نعرف عن رئيس الموساد الجديد؟

ويعتقد الباحث سليمان أنّ "الجانب التركي سيتعامل مع إسرائيل بشكل قوي وسيكون هناك رسائل صارمة وواضحة، وسيمنح ذلك تركيا المساومة والضغط على إسرائيل في قضايا مهمة بين الجانبين، وربما أنّ إسرائيل ستقدم مرونة وتنازلات كبيرة في العديد من الملفات العالقة مع الجانب التركي خلال المرحلة القادمة، وذلك في محاولة من قبل إسرائيل لغلق القضية حفاظاً على سمعتها دولياً".

ولا تخفي الأوساط الأمنية الإسرائيلية، القدرات التركية الاستخباراتية التي تمتاز بحرفية ودقة عالية، وهذا بالتأكيد مكنها من الصمود كثيراً أمام جملة من التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية، في حين توصلت المخابرات التركية إلى معلومات مهمة، تفيد بأنّ شبكة العملاء استخدمت تطبيق بروتون ميل لإرسال التقارير إلى الموساد، حيث يقوم هذا التطبيق بتشفير الملفات حتى لا يتمكن أحد من اعتراضها".

صعوبة إسرائيلية في التجسس

بدوره بيّن المختص في الشأن الإسرائيلي فتحي بوزية أنّ "تمكن المخابرات التركية من القبض على شبكة كبيرة من عملاء الموساد، سيمنح تركيا مزيداً من المعلومات عن مهام هذه الشبكة والتي ستشكل ضربة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إضافة إلى أنّ إسرائيل ستجد بعد ذلك صعوبة كبيرة جداً في التجسس على تركيا، بعد كشف هذه الشبكة المهمة بالنسبة لإسرائيل، والتي يعمل بعض أفرادها منذ سنوات طويلة".

وأوضح بوزية لـ"حفريات" أنّ "إسرائيل غير راضية عن المشهد السياسي القائم في تركيا، في ظل احتضان أردوغان لشخصيات معادية لإسرائيل، ومؤسسات تابعة لقوى سياسية تعتبرها إسرائيل إرهابية وأبرزها فلسطينية، لذلك إسرائيل تعول من خلالها تدخلها بالشأن الداخلي التركي، على تغير المشهد السياسي القائم خلال الفترة المقبلة".

لمختص في الشأن الإسرائيلي فتحي بوزية: إسرائيل غير راضية عن المشهد السياسي القائم في تركيا

وأضاف أنّ "إسرائيل وفي ظل تعمد تركيا فضحها على المستوي الدولي واستغلال الموقف كورقة ضغط، ستعمل على تهدئة الأجواء مع تركيا ولكن بشكل غير معلن، ربما سيتم ذلك من خلال جهازي الاستخبارات بين الدولتين، لأنّ العقلية الإسرائيلية تهتم بالحفاظ على شكل وسمعة الدولة، ولا تسمح لتركيا استغلال الموقف من أجل كسب تنازلات إسرائيلية في العديد من المصالح المشتركة".    

الجانبان لديهما مصالح مهمة

ولا يرى المختص في الشأن الإسرائيلي أن "يكون هناك قطيعة بين إسرائيل وتركيا على خلفية هذه القضية، لأنّ الجانبين بينهما مصالح مهمة على الصعيد التجاري، كما أنّ تركيا لن تكون معنية بتصعيد العلاقات خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل جهود تركيا في ترميم علاقاتها السياسية في الشرق الأوسط، ومواصلة البحث عن مصالحها في التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط".

الباحث هاني سليمان لـ"حفريات": شبكة عملاء الموساد استخدمت تطبيق بروتون ميل لإرسال التقارير إلى الموساد، حيث يقوم هذا التطبيق بتشفير الملفات حتى لا يتمكن أحد من اعتراضها

وبسؤاله عن عدم تعليق إسرائيل حتى اللحظة على القضية والتزامها الصمت، وفرض رقابة على الإعلام الإسرائيلي بالتزامن من محاولات تركيا فضح إسرائيل، أجاب بوزية: بأنّ "عدم وجود شخصيات إسرائيلية من ضمن شبكة التجسس، أمر مهم جداً، وهذا أيضاً يشكل فرصة لاحتواء الأزمة بين الجانبين خلال الفترة القادمة، فإسرائيل غير مكترثة للتدخل أو المطالبة بالإفراج عن المتورطين، وربما ستنفي أي علاقة بهم خاصة وأنهم من جنسيات عربية، وهذا يقلل الضرر بالنسبة لإسرائيل التي تبدي انزعاجها من أساليب أردوغان العدائية في المنطقة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية