داعش ينتحر في مصر: لماذا الآن وما دلالات ما جرى في كنيسة العذراء؟

مصر والإرهاب

داعش ينتحر في مصر: لماذا الآن وما دلالات ما جرى في كنيسة العذراء؟


13/08/2018

أحبطت قوات الأمن المصرية قيام إرهابي يرتدي حزاماً ناسفاً بتفجير نفسه في مستودعات بالقرب من كنيسة مسطرد بمحافظة القليوبية، أثناء احتفال أقباط بعيد السيدة العذراء، أول من أمس. ولولا اليقظة الأمنية، لكانت مصر على موعد مع كارثة ستخلّف مئات الضحايا، لو تم تفجير القنبلة الموقوتة قرب مستودع الأنابيب، بجوار الكنيسة، ما كان سيؤدي إلى احتراق المنطقة بالكامل. وتبين عقب التحقق من شخصية الانتحاري، أنه برفقة اثنين كانا يعاونانه في تنفيذ مهمته، كما أنّ مجموعة أخرى من التنظيم سهلت لهم مهمة التمويل والتدريب.

وزارة الداخلية ذكرت في بيان لها، نشرته صفحتها الرسمية، أنّ شخصين من المارة أصيبا فيما تحولت جثة الانتحاري إلى أشلاء، وأنّ سيدتين ضمن المقبوض عليهم بتهمة التورط في حادث محاولة تفجير كنيسة العذراء بمسطرد، وهما رضوى عبدالحليم سيد، حاصلة على ليسانس آداب، ونهى أحمد عبدالمؤمن عواد، 38 عاماً، وتقيم بالزاوية الحمراء، وهي شقيقة المضبوط محمد عواد.

اقرأ أيضاً: تفاصيل إحباط عملية تفجير إرهابية بكنيسة العذراء في مصر

بحسب بيان الوزارة مساء أمس، فإنّ الانتحاري هو عمر محمد أحمد مصطفى، 29 عاماً، مقيم بشارع مكة، عين شمس، حاصل على معهد فني تجاري. وبتفتيش مسكنه عثر على فرد سلاح روسي و27 طلقة آلي، وأوراق تتضمن شرحاً تفصيلياً لكيفية تصنيع المتفجرات، كما عثر على مبلغ مالي قدره 71 ألفا و300 جنيه مصري، وكمية من المشغولات الذهبية، وسائل الكلوروفورم المستخدم في تصنيع المتفجرات، وأنه مرتبط بـ6 من العناصر الإرهابية الأخرى، وهم: محمد أحمد عبد المؤمن عواد، واسمه الحركي "زيزو المنياوي"، مقيم بشارع الجمهورية بمنطقة الزاوية الحمراء، ويعمل موظفاً بشركة بترول، سبق توليه مسؤولية إحدى البؤر الإرهابية عام 1999، ويحيى كمال محمد دسوقي، مقيم بالقاهرة بمساكن الزاوية الحمراء ويعمل ميكانيكي سيارات، وصبري سعد موسى، مقيم بمحافظة القليوبية، ويعمل موظفاً بشركة بترول، وسبق انضمامه لإحدى البؤر الإرهابية عام 1999، وهيثم أنور معروف ناصر، مقيم بشارع أحمد رمضان بمنطقة الزاوية الحمراء، وحسني مرشود حسن، من العريش، وعبدالرحمن جمال أمين محمد علي، السويس، محمود كمال الدين محمود، الهرم الجيزة.

كانت مصر على موعد مع كارثة ستخلف مئات الضحايا لو تم تفجير القنبلة قرب مستودع الأنابيب بجوار الكنيسة

من جانبه، كشف كاهن كنيسة العذراء، عبد المسيح بسيط، بمسطرد، في تصريح نقله موقع "اليوم السابع" المصري، تفاصيل انفجار الانتحاري، وقال إنّ "الإرهابي كان على الكوبري المواجه للكنيسة قبل محاولته التسلل وسط الأقباط المحتفلين بمولد العذراء بكنيسة السيدة العذراء، وإنه كان متنكراً في زي عامل بشركة مقاولات، لكن يقظة قوات الأمن المكثفة لتأمين المنشآت الحيوية والمهمة، أجبرته على التراجع مما أسفر عن انفجار الحزام الناسف فيه قبل القبض عليه".

"الإرهابي كان على الكوبري المواجه للكنيسة قبل محاولته التسلل وسط الأقباط

داعش يلملم جراحه

حاول داعش بمصر لملمة جراحه، بعد مقتل قائده أبو أسامة المصري، ونائبه محمد سعد الصعيدي، وتلك الهزائم الثقيلة التي تلقاها عقب العملية العسكرية الشاملة، التي أطلقها الجيش المصري بسيناء يوم 9 شباط (فبراير) 2018، فدشن مجموعة كان هدفها استهداف مجموعة من كنائس الأقباط.

كان لدى داعش مجموعة قديمة لاستهداف الأقباط تضم نحو 48 عنصراً، ويعد زعيم الخلية عمرو سعد عباس، من محافظة قنا، ضمن قائمة أبرز المطلوبين أمنيّاً، وتتدرب الخلية داخل الأراضي الليبية، وكذلك في شبه جزيرة سيناء (شمال شرق)؛ من أجل استهداف وتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر، في مقدمتها الكنائس.

حاول داعش لملمة جراحه بعد مقتل قائده أبو أسامة المصري ونائبه محمد سعد الصعيدي عقب عمليات الجيش المصري

ووفق اعترافات مقبوض عليهم من الخلية، نشرتها صحيفة "المصري اليوم"، في 22 أيار (مايو) 2017 فإنها كانت تحصل على تمويل خارجي، عبر تهريب الأموال من ليبيا إلى مصر؛ حيث اعترف الإرهابي الداعشي "وليد أبوالمجد عبدالله"، واسمه الحركي "كريم"، خلال تحقيقات "حادث الواحات" أنّ تلك الخلية اعتمدت في تمويلها على ما أمدها به المتهمان "عزت محمد، وعمرو سعد" من أموال وآلات ومعلومات ومواد تُستخدم في تصنيع المفرقعات، وكذلك تم توفير نحو سبعين ألف دينار ليبي، وأسلحة نارية وقذائف آر بي جي، هُرِّبت إليهم عبر الحدود الغربية للبلاد، بواسطة أعضاء من جماعة ولاية طرابلس بدولة ليبيا.

ونفذت "خلية استهداف الكنائس" أكثر من عملية إرهابية ضد الأقباط على مدار العامين الماضيين، أبرزها تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية في 11 كانون الأول (ديسمبر) 2016؛ ما أسفر عن مقتل 25 شخصاً وإصابة 31 آخرين، هذا بجانب استهداف كنيسة مارجرجس بالغربية، والمرقسية بالإسكندرية يوم 9 نيسان (أبريل) 2017؛ ما أسفر عن مقتل 45 شخصاً، وإصابة عشرات آخرين، هذا بجانب استهداف أتوبيس للمسيحيين في المنيا يوم 26 أيار (مايو) 2017؛ ما أسفر عن مقتل 26 شخصاً وإصابة 25 آخرين.

اقرأ أيضاً: "كرداسة" قرية مصرية وأحد مصانع "الإخوان" على خطى داعش

استطاع الأمن أن يفكك خلية استهداف الكنائس، التي يقودها عمرو سعد عباس، الهارب الآن للأراضي الليبية، وفق تصريحات وزارة الداخلية المصرية؛ حيث شكل مجموعة جديدة، من محافظة القليوبية، والسويس، والجيزة، تضم عناصر نسائية.

نحن أمام مواجهة جيل إرهابي عشوائي يتم تجنيده باستمرار عبرالإنترنت

لماذا الآن؟

لماذا الآن؟ وما دلالة هذا التوقيت، جرى توجيه هذا السؤال إلى العميد خالد عكاشة، عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب، الذي قال في تصريح لـ"حفريات" إنّ "هزائم التنظيم المتتالية في سيناء، جعلته يحاول القفز إلى محافظات الدلتا، وحاول أن يقوم بعملية قليلة الإمكانات لكنها كانت ستحدث أكبر تأثير، يؤثر على سمعة الجهاز الأمني".

ولفت إلى أنه "نحن أمام مواجهة جيل إرهابي عشوائي يتم تجنيده باستمرار عبرالإنترنت، فيما يعرف باسم الجهاد الإلكتروني، وهم الجيل الذين وجدوا ملاذاً آمناً في فضاء العالم الإلكتروني، ييسر لهم الحديث مع بعضهم البعض دون عائق من العالم الواقعي، الأمر الذي دشن مجموعات مسلحة تتوالد وتتكاثر كل يوم، وهي أكثر خطورة لأنه يصعب تتبع مساراتها".

اقرأ أيضاً: بعد انكسار أجنحته الإعلامية في معاقله الرئيسة.. داعش ينقل ثقله الإعلامي لأفغانستان

أما الخبير الأمني، العميد حسين حمودة فأبلغ "حفريات" بأنّ "وجود كمين ثابت أمام الكنيسة، دفع الإرهابي إلى تغيير مساره، وبعدها انفجرت القنبلة قبل وصوله إلى هدفه، ومن هنا يجب أن ندرك أهمية وجود الأمن، والارتكازات الثابتة، التي ينبغي أن تستمر لوقت طويل؛ لأنّ هذا العنف وتلك التنظيمات لن تنتهي في وقت قصير".

الأسباب التي يراها المراقبون لمحاولة داعش إحياء نفسه من جديد بالقاهرة، هي تطهير سيناء، ونجاح الجيش والشرطة في القضاء على الإرهاب، ما أدى إلى تراجع العمليات الإرهابية لأدنى مستوياتها، لتجيء محاولة الانتحار لتؤكد أنّ التنظيم لا يزال موجوداً في مصر.

وما تجدر ملاحظته أنّ عملية استهداف "كنيسة العذراء"، جاءت بعد أيام من فيلم "حروب التيه"، الذي عرضته قناة "الجزيرة" القطرية، يوم الأحد 29 تموز (يوليو) الماضي، والذي يقلل من مجهودات الجيش المصري في القضاء على الجماعات الإرهابية بسيناء، وكذلك تأمين حدود مصر خاصة مع ليبيا، كما أنها تجيء قبيل عيد الأضحى المبارك، وفي أيام أعياد قبطية.

اقرأ أيضاً: الشوقيون: من إمارة الكحك إلى خلافة داعش

وتعمل كل التنظيمات والمجموعات الإرهابية، والجيوب المسلحة، سواء في سيناء أو غيرها، في إطار سياسة وإستراتيجية واحدة تقوم على تشتيت جهود وقوات الجيش والداخلية، واستنزاف قدراتها المالية والعسكرية، والعمل بإستراتيجية إعلامية تستهدف وتركز على فئتين؛ فئة الجماهير المصرية، بحيث تدفع أكبر عدد منهم للانضمام للجهاد والقيام بالدعم الإيجابي أو التعاطف السلبي ممن لا يلتحق بالصف، والفئة الثانية الجنود لدفعهم إلى الانضمام للتنظيمات أو على الأقل الفرار، وفي كل هذه المراحل دائماً الأقباط هم الورقة الأرجح للاستخدام، وهم يبررون لأتباعهم عقلياً وشرعياً لماذا تكون عملياتهم الإرهابية، وهي تبريرات مستقاة من فقه إخواني قديم.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية